سعت الولاياتالمتحدةالأمريكية بكل إمكاناتها السياسية والمادية واللوجستية لتحريض ودعم الحركة الشعبية " لتحرير " السودان والجنوبيين في السودان الشقيق للانفصال عن الشمال وتأسيس دولة مسيحية تابعة للغرب وللوبي الصهيوامريكي في قلب الوطن العربي . ويبدو من خلال النتائج المتوقعة للاستفتاء على انفصال جنوب السودان أن أمريكاوزعيمها الإفريقي اوباما الذي سرة كثيرا هذا الحدث " التاريخي " ليبادر بكتابةمقال " تاريخي " عن هذا الانجاز العظيم خص به دول وشعوب المنطقة من خلال صحيفةالشرق الأوسط ليؤكد أن مشروع الشرق الأوسط الجديد - تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ- يسير وفق ما خطط له منذ سنوات , وبالتالي هذا المشروع الصهيوامريكي الذي اعتبره البعض مشروع فاشل سقط بسقوط إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش ,وانهزام إسرائيل أمام صمود المقاومة اللبنانية عام 2006م ... ليتضح مع مرورالسنين والأيام بان هذا البعض قد خانته توقعاته وتحليلاته السياسية قصيرة النظر فهذا المشروع الخبيث اعُد جيدا وبإحكام وبدهاء سياسي غير عادي وهو لا يخص إدارة أمريكية بعينها ولا حزب بعينة ولا رئيس أمريكي سابق أو لاحق فالاستراتيجيات والمشاريع الكبرى للدول العظمى تبنى إجمالا بعيدا عن الفعل وردود الفعل وبعيدا عن البرامج السياسية للأحزاب الحاكمة وقريبا من مراكزالأبحاث العلمية والدراسات السياسية ومراكز القوى الفعلية . أمريكا نجحت بنسب متفاوتة وفق ما خطط له في هذا المشروع الغير عادي ساعدها في هذا النجاح بشكل مباشر أو غير مباشر العديد من الدول والأنظمة والأجهزة الاستخبارتية في المنطقة .... فمن الاحتلال والتقسيم الطائفي لأرض الرافدين إلى تمزيق أوصال دولة الصومال وارض الصومال مرورا باحتلال أفغانستان وزرع بذورالانقسام والتشرذم في العديد من الدول العربية والإسلامية كباكستان ولبنان والمغرب ومصر الكنانة لتدخل السودان في القائمة وبنسبة نجاح كبيرة تليها دولأخرى لا يستبعد أن تكون بلادنا ضمنها إذا تمادى الحراكيون في مطالبهم السياسية المقيتة وتمادت بعض أحزاب المعارضة الرئيسية في ممارسة الابتزاز السياسي الرخيص للسلطة عبر ورقة ما يسمى " بالقضية الجنوبية " . الوطن العربي يا حكام العرب سيفقد للأسف الشديد بعد أيام جزءا هام من تكوينه الجغرافي وأركانه القومية و أوراقة التاريخية والسياسية والاقتصادية والثقافيةالقوية . سيسجل التاريخ العربي المعاصر بان انفصال جنوب السودان وقع في ظل ضعف عربي غير مبرر وتضامن عربي غائب وإستراتيجية عربية مفقودة وصمت عربي مريب وموافقة عربية ضمنية سواء كانت بشكل مباشر أو غير مباشر , و الانكى من كل ذلك بموافقة وتأييدمصري رسمي وكأن السودان وارض السودان ككل تقع في قارة أخرى وفي وطن آخر وفي ضفةأخرى لنهر آخر غير نهر النيل العظيم ! خلاصة القول : بعد أن قص الشريط وافتتح " رسميا " مشروع الشرق الأوسط الجديد ما على العرب وتحديدا الأنظمة العربية - إن ظلت على هذا الوضع المخزي - سوى انتظار القادم الأسوأ , وما على القاهرة ومصر الكنانة بشكل خاص سوى الترحم على أيام زمان وانتظار القادم القريب فأقباط مصر يُهيئون للخطوة القادمة ودولة الأقباط قادمةلا محالة مادامت مصر مشغولة بأوضاع الحكم وتوزيع الرغيف وملاحقة أحزاب المعارضةوتنفيذ ما عليها من التزامات وقيود اتفاقية ( كامب ديفيد ) المشئومة التي أدخلتأقوى واكبر دولة عربية في غيبوبة سياسية وإستراتيجية الله العالم وحدة متى وكيفستستفيق منها . * كاتب يمني المصدر: القدس العربي 16/1/2011