فى الوقت الذى من المحتم فيه أن تنفصم عري العلاقة التنظيمية ما بين قادة الحركة الشعبية الموجودين فى المناطق ذات الخصوصية -(ولايتيّ النيل الأزرق و جنوب كردفان)- و قيادة الحركة فى الجنوب إذا ما قرّر الجنوب السوداني الانفصال ؛ فان من غير المعروف ما سوف تؤول إليه مصائر قادة الحركة فى هاتين المنطقتين، وما إذا كانوا سيحتفظون بعلاقات طبيعية مع قيادة الحركة التى ذهبت مع الدولة الجنوبية المرتقبة للتوّ. فعلي سيبل المثال وفيما يخص الفريق عقار والي النيل الأزرق فان الأمر لا يخلو من تعقيد ، ربما يشرع عقار نفسه فى (حلحلة عقده) ! فالفريق عقار عضو فى المكتب السياسي للحركة و يحمل رتبة الفريق التى تمنحه حق قيادة قوات تابعة للحركة ، تشير معلومات من منطقة الكرمك التى جعل منها عقار عاصمة لولايته ، إلى أن هذه القوات متمركزة هناك ، وفى بعض المناطق المجاورة لمدن الولاية و أطرافها و تعتبر هذه القوات – بحكم بنود الترتيبات الأمنية الواردة فى صلب اتفاقية نيفاشا – تابعة للجيش الشعبي و من ثم عليها أن تنسحب جنوب حدود 1956 أي خارج الشمال . الفريق عقار احتفظ بها و الحكومة المركزية لم تسع – مع أنها تمتلك الحق فى ذلك – للإصرار على سحب هذه القوات . غير أن الحركة ربما ساورها حرجاً سياسياً مؤخراً أو تخوّفت من استخدام الوطني لهذه الورقة لاحقا ًفى مناقشة القضايا عالقة ، طالبت الفريق عقار – بحسب أخبار أوردتها وكالات وصحف سودانية – بالعمل على الدفع بهذه القوات باتجاه الجنوب مكانها الطبيعي المنشود . عقار من جانبه لم يقبل القرار ولم يرفضه صراحة أو ضمناً ، ولكنه لوَّح – الخميس الماضي – بأنه سبق و أن خرج عن الحزب الاتحادي الديمقراطي قبل التحاقه بالحركة الشعبية و أنه أينما شعر بأن القيد الحزبي قد يعيقه فهو سوف يتحلل منه ، وهي أشارة بالغة الدلالة فحواها انه على استعداد لترك الحركة فى أي لحظة وهو أمر – فى الواقع – يبدو حتمياً فى ظل استحالة احتفاظ عقار بعضويته للحركة، وهى من المحتمل أن تكون حزباً فى دولة أجنبية حيث يحظر القانون الخاص بالأحزاب فى السودان الاحتفاظ بعضوية حزبية فى حزب أجنبي داخل السودان و ممارسة العمل السياسي استناداً على ذلك . وعليه فان السؤال الذى بات يتسيَّد الساحة هو هل يسحب عقار قوات الحركة من النيل الأزرق الى الجنوب؟ و كيف سيتعامل مع واقع انفصال الجنوب بالنسبة لوضعه السياسي الذى سوف يغشاه تغييراً كبيراً ؟ فيما يبدو أن عقار سوف يكون ضمن منظومة حزبية جديدة ثار بشأنها الجدل بسبب أن هذه المنظومة سوف تجمعه مع قادة آخرين فى مقدمتهم ياسر عرمان الذى لا يخلو من خلافات و مشاكل من المؤكد أنها قد تعيق الحزب الوليد ، وقد ظهرت هذه الإرهاصات بالفعل و إن نفاها عرمان ؛ أما بشأن سحب القوات فهذا أمر لا مناص منه مهما كان موقف عقار فهو فى النهاية مرتبط بمصير الحركة ولا يوجد سند قانوني يجعله يحتفظ بقوات جنوبية فى الشمال ، وليس من المستبعد على أية حال أن يختار عقار الانضمام الى أى حزب سياسي اذا ما وجد نفسه فى مأزق – وهو الآن بالفعل فى هذا المأزق – وليس من المستبعد ان يكون هذا الحزب الذي يضمن إليه عرمان بعيداً عن المتوقع !