الأحد الماضي، قام وفد من حزب المؤتمر الشعبي بقيادة أمينه السياسي كمال عمر بالتقاء مسئول قطاع الشمال بالحركة الشعبية ياسر عرمان. اللقاء وفقاً لما أشارت اليه الأنباء وأوردته بعض الصحف تم بسبب استفتاء جنوب السودان، فقد قدم وفد الشعبي (التهنئة) لعرمان (بنتيجة الاستفتاء)! و على الرغم مما فى هذه (التهنئة فى حد ذاتها) من تناقضات و شوائب نتعرض لها لاحقاً، إلا ان وفد الشعبي أضاف الى التناقض تناقضاً مضافاً قال فيه أمينه السياسي (ان الحركة و الشعبي قادران على تحقيق وحدة مستقبلية بين الشمال والجنوب)! و الأمر دون شك مثير للدهشة ، و يستدعي أسئلة عديدة حائرة، فالتهنئة بنتيجة الاستفتاء (من الشمال للشمال) و النتيجة كما هو معروف هى أن الانفصال أمر غير مألوف ، ذلك ان قطاع الشمال رغم عجزه وقعوده للست السنوات المنصرمة و الضربات التى وجهها المسئول عنه عرمان لمنسوبيه ثم الضربات التى تلقاها من قيادة الحركة يوم أن نزعت عرمان نزعاً من السباق الرئاسي و أوصلت له رسالة الانفصال الشهيرة ، القطاع رغم كل ذلك هو (أتعس التعساء بالانفصال) إن لم يكن لشئ فعلي الأقل لفشله البائن فى كبح جماح النزعة الانفصالية التى تمكنت من الحركة ، وبالتالي فان القطاع أصبح بحكم هذا الوضع (يتيماً سياسياً) كان الأجدي هو (تعزيته وتسريته) عما جري و ليس كما فعل الشعبي، تهنئته . ومن جانب ثانٍ وبغض النظر عن تعاسة أو فرح القطاع ومسئوله عرمان جراء نتيجة الاستفتاء فان وفد الشعبي – بتقدير سياسي خاطئ – التقي فصيلاً متضعضعاً لا يملك صفة حزب حتى الآن ، ولم يشكل حزباً جديداً ، ولا يعتقد أنه وعلى فرض تشكيله لحزب جديد ان يساوي سيئاً ذي بال ، فقد شاهدنا كيف تمزق هذا القطاع قبل سنوات وصار يبدأ و ينتهي بعرمان ، بل حتى حين جرت – قبل أيام – محاولة إنشاء حزب جديد يقوم على أنقاض القطاع ثارت المنازعات بين عرمان و عقار فى ظل فضيحة الدولارات التى قضت على القيادي الشاب بالقطاع (وليد حامد )، وجعلت عقار والي النيل الأزرق يلوِّح بأنه أصلاً جاء من الحزب الاتحاد يالديمقراطي فيما مضي وباستطاعته الذهاب الى اى حزب الآن. إذن لم يفعل الشعبي شيئاً سوي أنه (هنأ) عرمان و نكأ جرحه العميق قصد ذلك أم لم يقصد ! ومن جاب ثالث فان حديث الأمين السياسي للشعبي عن قدرة الحركة الشعبية و المؤتمر الشعبي على إقامة وحدة مستقبلية - وبصرف النظر عن مشروعية الأحلام و الأماني السياسية - فهو حديث بلا معطيات، فالشعبي نفسه لا يتجاوز وزنه أمينه العام الدكتور الترابي ، وخلا من القيادات ، دعك من الأعضاء ، ومن المؤكد ان أمينه السياسي ما كان سيكون فى مقعده هذا لو أن للشعبي قيادات حقيقة فعالة ، فالرجل صعد من آخر الصفوف للمقدمة حين خلت الصفوف الأمامية أمامه . والحال نفسه فيما يتعلق بقطاع عرمان، فيا تري ماذا بإمكان (ضعيفَين) لا يملكان فى الساحة السياسية قواعداً أو أرجلاً يسيران بها أن يفعلا فى المستقبل القريب أو البعيد ؟