في أجواء مكانية تختلف تماماً عما اعتاد عليه السياسيون في اجتماعاتهم ومن توقيع لاتفاقيات بينهم ،فقد التقى كل من المشير عمر البشير والسيد الصادق المهدي ببيت الاخير بام درمان وذلك في مساء الثلاثاء 02 مايو 8002م الموافق 31 جمادى الأولى 9241ه ،ليوقعا اتفاقا تاريخيا تبرز اهميته ليس في كونه اتفاقا بين حزبين كبيرين فحسب وانما بين حزبين كبيرين «وشماليين» ليتم التراضي بينهما على قضايا تعلو بكثير مصلحة حزبيهما مؤكدين بذلك ان لا خصام دائم في مسيرة السياسة والسياسيين وان لابد من اللقاء والالتفاف حول القضايا العظمى للوطن، متناولين في بنود ذلك الاتفاق من القضايا ما يخص السلام وبسط الحريات ومسألة التحول الديمقراطي والانتخابات وضرورة انعقاد المؤتمر الجامع لكل اهل البلاد لافساح المجال لمشاركة الجميع في هموم وقضايا البلاد. وقد حوى ذلك الاتفاق مباديء ستة بدءاً من الثوابت الوطنية وازمة دارفور وطرق معالجتها والانتخابات والاجراءات القانونية والتنفيذية التي تضمن نزاهتها والسلام واعتماد مبدأ الحلول الوسطى والتنازل المتبادل والتخلي عن الاملاء والمواقف الاقصائية انتهاءً بتحقيق الحريات، تمشياً مع مباديء الدستور الانتقالي مع الالتزام بالمواثيق والعهود الدولية التي وقع عليها السودان وضرورة الغاء القوانين الخاصة والاستثنائية المقيدة للحريات. والواقع ان كل تلك المباديء جميعها لا خلاف عليها لكن تبقى مسألة التنفيذ لهذه البنود واخراج ذلك الاتفاق لحيز الواقع والوجود ولاشك ان ذلك لن يتم الا من خلال اجماع وطني بارادة سياسية من القائمين على الامر بالبلاد. فاذا كان ذلك كذلك ربما صار ذلك الاتفاق خارطة لطريق تقود البلاد الى بر الامان. ومما يلاحظ على ذلك الاتفاق ورغم ثنائيته في الشكل الا والحق يقال ان كل بنوده تعلو المطلب الحزبي الضيق مما يجعلنا نقول ونحكم عليه بانه قومي في مضامينه وان كان ثنائيا في شكله. ولا شك ان ذلك الاتفاق لن يأخذ قوته المطلوبة الا اذا ما التف حوله الجميع من قوى سياسية مختلفة طالما ان الانتماء الوطني يعلو دائما الانتماء الحزبي واني اتوقع ان يتم ذلك. ويبدو ان الامر بدأ يسير كما كنا نتحدث ونطالب دوما في كتاباتنا ولقاءاتنا عبر اجهزة الاعلام المختلفة من ضرورة لمعارضة رشيدة تعمل دائما على التفريق بين الوطن والنظام الحاكم ،وان تنصب المعارضة ان كان لابد من ذلك على النظام وحده وبان لا يلحق الضرر بالوطن بسبب المعارضة وان يتفق الجميع على ان الانتماء الوطني يعلو دائما الانتماء الحزبي وان المعارضة العاقلة الرشيدة هي التي تقول للنظام: أحسنت ان احسن وتنصحه ان أساء وبذلك يكون الجميع حكومة ومعارضة في خدمة الوطن والشعب. رئيس حزب الوسط الإسلامي