"بناء الدولة وفق الأسس العلمية".. كامل إدريس يدعو أساتذة الجامعات للاسهام في نهضة البلاد وتنميتها    الجيش السوداني: كادوقلي تصد هجوم متمردي الحركة الشعبية    بلاغ بوجود قنبلة..طائرة سعودية تغيّر مسارها..ما التفاصيل؟    مونديال الأندية.. فرصة مبابي الأخيرة في سباق الكرة الذهبية    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    أكثر من 8 الاف طالب وطالبة يجلسون لامتحانات الشهادة الابتدائية بسنار    كيف تغلغلت إسرائيل في الداخل الإيراني ؟!    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    أردوغان: الهجوم الإسرائيلي على إيران له أهداف خبيثة    المتّهم الخطير اعترف..السلطات في السودان تكشف خيوط الجريمة الغامضة    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    "خطوة برقو" تفجّر الأوضاع في دارفور    الصادق الرزيقي يكتب: الدعم السريع وشهية الحروب التي فُتحت في الإقليم    أنباء عن اغتيال ناظر في السودان    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    افتتاح المرحلة النهائية للدوري التأهيلي للممتاز عصر اليوم باستاد الدامر.    فيكم من يحفظ (السر)؟    في السودان :كيف تتم حماية بلادنا من اختراق المخابرات الإسرائيلية للوسط الصحفي    من الجزيرة إلى كرب التوم..هل دخل الجنجويد مدينة أو قرية واستمرت فيها الحياة طبيعية؟    هيمنة العليقي على ملفات الهلال    نشاط مكثف لرئيس الوزراء قبل تشكيل الحكومة المرتقبة    الحرب الايرانية – الاسرائيلية: بعيدا عن التكتيات العسكرية    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    شاهد بالصور والفيديو.. الفنان حسين الصادق ينزع "الطاقية" من رأس زميله "ود راوة" ويرتديها أثناء تقديم الأخير وصلة غنائية في حفل حاشد بالسعودية وساخرون: (إنصاف مدني النسخة الرجالية)    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    شاهد بالفيديو.. الجامعة الأوروبية بجورجيا تختار الفنانة هدي عربي لتمثل السودان في حفل جماهيري ضخم للجاليات العربية    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    من حق إيران وأي دولة أخري أن تحصل علي قنبلة نووية    أول دولة عربية تقرر إجلاء رعاياها من إيران    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    بالصور.. زوجة الميرغني تقضي إجازتها الصيفية مع ابنتها وسط الحيوانات    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    وفاة حاجة من ولاية البحر الأحمر بمكة    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    محمد دفع الله.. (صُورة) تَتَحَدّث كُلّ اللُّغات    في سابقة تعد الأولى من نوعها.. دولة عربية تلغي شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام لهذا السبب (….) وتحذيرات للسودانيين المقيمين فيها    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    تراجع وفيات الكوليرا في الخرطوم    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود "إماراتية"    "الحرابة ولا حلو" لهاني عابدين.. نداء السلام والأمل في وجه التحديات    "عشبة الخلود".. ما سرّ النبتة القادمة من جبال وغابات آسيا؟    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البيان الختامي للمؤتمر الإسلامي العالمي للحوار

اختتمت أعمال المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار، الذي عقدته رابطة العالم الإسلامي في مكة وذلك في الفترة من الرابع إلى السادس من يونيو 2008م . وقد شارك في المؤتمر عدد كبير من العلماء والباحثين والدعاة ورؤساء المراكز والجمعيات الإسلامية؛ من مختلف مناطق العالم الإسلامي ومن الجاليات المسلمة، وكان من أبرز توصيات المؤتمر إنشاء مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز الدولي للتواصل بين الحضارات. وفيما يلى مقتطفات من البيان الختامي للمؤتمر:
تحديات
لقد انعقد المؤتمر في وقت يواجه فيه العالم تحديات كثيرة تهدد - بتداعياتها - مستقبل الإنسانية ، وتنذر بالمزيد من الكوارث الأخلاقية والاجتماعية والبيئية العالمية ، وهي صدى وإفراز متوقع لبعد الإنسانية عن ربها وتنكبها عن هديه. وأكد المؤتمر أن الإسلام يمتلك حلولا ناجعة لتلك الأزمات، وأن الأمة المسلمة مدعوة للإسهام مع غيرها في مواجهة هذه التحديات بما تملك من رصيد حضاري، لا غنى للبشرية عنه: (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين (15) يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم (16) (المائدة:15-16). كما أن الحضارات الأخرى تمتلك رؤى تجاه هذه التحديات التي تعصف بالجنس البشري برمته، وتشترك مع المسلمين في مسعاها لتقديم الحلول الناجعة لأزماته وتجاوز التحديات التي تواجهه، بما تمتلك من التجربة الإنسانية.
إن الرسالات الإلهية والفلسفات الوضعية المعتبرة تمتلك من المشترك الإنساني، ما يدعو إلى الالتزام بفضائل الأخلاق، ويرفض مظاهر الظلم والعدوان والانحلال الأخلاقي والتفكك الأسري والإضرار البالغ بالبيئة البشرية والإخلال بالتوازن المناخي. والحوار المعمق لاستثمار المشتركات الإنسانية ضروري للتعاون في برامج عمل مشتركة تطوق المشكلات المعاصرة، وتحمي البشرية من أضرارها.
محاور المؤتمر
وقد ناقش المشاركون المحاور الرئيسة الأربعة التالية :
1. التأصيل الإسلامي للحوار.
2. منهج الحوار وضوابطه ووسائله.
3. مع من نتحاور؟
4. أسس الحوار وموضوعاته.
وذلك على النحو الآتي:
أولا: التأصيل الإسلامي للحوار
أ. دعوة الإسلام إلى الحوار :
بحث المؤتمر مشروعية الحوار ودعوة الإسلام إليه، ومسوغاته والنصوص الشرعية الوفيرة التي تدعو إليه وتقعد له، وترسم آدابه، وتبين نماذج منه، وتوصل إلى ما يلي:
- الاختلاف بين الأمم والشعوب وتمايزهم في معتقداتهم وثقافاتهم واقع بإرادة الله ووفق حكمته البالغة، مما يقتضي تعارفهم وتعاونهم على ما يحقق مصالحهم، ويحل مشاكلهم في ضوء القيم المشتركة، ويؤدي إلى تعايشهم بالحسنى وتنافسهم في عمارة الأرض وعمل الخيرات: ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا )(المائدة: من الآية48).
- الحوار منهج قرآني أصيل وسنة نبوية درج عليها الأنبياء في التواصل مع أقوامهم، وتقدم السيرة النبوية العطرة منهاجا واضح المعالم لا تخطئه عين المتأمل في حوار النبي صلى الله عليه وسلم مع نصارى نجران ومراسلاته عليه الصلاة والسلام لملوك الأمم وعظمائها، فكان الحوار من أهم سبل بلوغ هداية الإسلام إلى العالمين.
- النظر إلى مجتمع المدينة المنورة الذي أقامه النبي صلى الله عليه وسلم على أنه الأنموذج الأمثل في التعايش الإيجابي بين أتباع الرسالات الإلهية، حيث تسمو وثيقة المدينة المنورة بسبقها؛ لتكون مفخرة تحتذى في التعايش الحضاري، فقد حددت أطر التعاون على تحقيق المصالح المشتركة، والتعاضد على إرساء قيم العدل والبر والإحسان وغيرها من القيم الإنسانية النبيلة.
ب. أهداف الحوار :
الحوار من أهم النوافذ التي يطل المسلمون من خلالها على العالم، و عن طريقه يمكن تحقيق جملة من الأهداف، من أهمها:
أولا: التعريف بالإسلام وشرائعه ومبادئه الإنسانية، وما يملكه من رصيد حضاري كبير يمكنه من الإسهام الفاعل في ترشيد مسيرة الحضارة الإنسانية.
ثانيا: الرد على الافتراءات المثارة عن الإسلام وتصحيح الصورة المغلوطة عنه، وعن دوله ومؤسساته في الأوساط الدينية والعلمية والإعلامية.
ثالثا: الإسهام في مواجهة التحديات وحل المشكلات التي تواجه البشرية بسبب بعدها عن الدين، وتنكرها لقيمه وأحكامه؛ مما أوقعها في براثن الرذيلة والظلم والإرهاب وهتك حقوق الإنسان وإفساد البيئة التي أنعم الله عز وجل بها على البشرية.
رابعا: مساندة القضايا العادلة المتعلقة بحقوق الإنسان المشروعة والدفاع عنها ، وتكوين رأي عام عالمي يناصرها ويهتم بها ويتعاون على تحقيق مطالبها المشروعة.
خامسا: كشف دعاوى المروجين لصراع الحضارات ونهاية التاريخ، ورفض مزاعمهم بعداء الإسلام للحضارة المعاصرة؛ بهدف إثارة الخوف من الإسلام والمسلمين ، وفرض السيطرة على شعوب العالم، وبسط ثقافة واحدة عليه.
سادسا: التعرف على غير المسلمين وثقافاتهم، وإرساء المبادئ المشتركة معهم، مما يحقق التعايش السلمي والأمن الاجتماعي للمجتمع الإنساني، والتعاون في بث القيم الأخلاقية الفاضلة،ومناصرة الحق والخير والسلام، ومكافحة الهيمنة، والاستغلال، والظلم، والفساد الخلقي، والتحلل الأسري، وغيرها من الشرور، التي تهدد المجتمعات.
سابعا: حل الإشكالات والخصومات التي قد تقع بين المسلمين وغيرهم ممن يتشاركون معهم في الأوطان والمجتمعات بدرجتي الأكثرية أو الأقلية، وتوفير المناخ الصالح للتعايش الاجتماعي والوطني ؛ بلا مجافاة أو خصومات أو تباعد.
ثامنا: تحقيق التفاهم مع الحضارات والثقافات الإنسانية , وتأكيد انخراط المسلمين ضمن التعددية الحضارية لبني الإنسان , وتوظيف هذا التفاهم لتحقيق السلام العالمي وحمايته.
تاسعا: دعم التواصل بين أتباع المذاهب الإسلامية سعيا إلى وحدة الأمة , وتخفيفا من آثار العصبية والخصومة.
ثانيا : منهج الحوار وضوابطه ووسائله
أ. منهج الحوار وضوابطه:
تدارس المؤتمر منهج الحوار وضوابطه من خلال الآيات القرآنية التي تتضمن دروسا حوارية بين الأنبياء وأقوامهم، وترسم ملامح الحوار المشروع، وتوضح ضوابطه ومحظوراته، كما تدارس التطبيق العملي لهذا المنهج في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والعلماء المتمسكين بهديه: (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين) (يوسف:108).
وفي هذا الصدد أكد المؤتمر على ما يلي:
1. الالتزام بضوابط الإسلام وآدابه في الحوار؛ بأن يكون موضوعيا، وبالحكمة والحجة والبرهان، والجدال بالتي هي أحسن، دون إسفاف أو تطاول على معتقدات الآخرين، مما لا يرتضيه الإسلام ، ولا تقتضيه موضوعية الحوار: )ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون) (العنكبوت:46).
2. الحوار الهادف والتعايش السلمي والتعاون بين أتباع الرسالات وغيرهم لا يعني التنازل عن المسلمات، ولا التفريط في الثوابت الدينية، ولا التلفيق بين الأديان، وإنما يعني التعاون على ما فيه خير الإنسان وحفظ كرامته وحماية حقوقه، ورفع الظلم ورد العدوان عنه وحل مشكلاته وتوفير العيش الكريم له، وهي مبادئ مشتركة جاءت بها الرسالات الإلهية، وأقرتها الدساتير الوضعية وإعلانات حقوق الإنسان، فالحوار يجري وفق القاعدة القرآنية: (لكم دينكم ولي دين) (الكافرون:6).
ب. وسائل الحوار وآلياته:
أوصى المؤتمرون رابطة العالم الإسلامي بالاهتمام بآليات الحوار ومؤسساته ووسائله وبرامجه، ودعوا الرابطة إلى ما يلي:
1. تكوين هيئة عالمية للحوار ، تضم الجهات الرئيسة المعنية بالحوار في الأمة الإسلامية، وذلك لوضع استراتيجية موحدة للحوار ومتابعة شؤونه وتنشيطه والتنسيق والتعاون في ذلك مع الجهات المعنية به.
وقرر المؤتمر تكوين فريق متخصص تختاره الرابطة ممن شارك فيه؛ لدراسة الخطوات اللازمة لتكوين الهيئة العالمية للحوار ووضع تصور لها يعرض على اجتماع لاحق للجهات المعنية بالحوار في الأمة الإسلامية، وكذلك متابعة ما صدر عن هذا المؤتمر.
2. إنشاء "مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز الدولي للتواصل بين الحضارات"؛ بهدف إشاعة ثقافة الحوار ، وتدريب وتنمية مهاراته وفق أسس علمية دقيقة.
3. إنشاء "جائزة الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمية للحوار الحضاري"، ومنحها للشخصيات والهيئات العالمية التي تسهم في تطوير الحوار وتحقيق أهدافه.
4. عقد مؤتمرات وندوات ومجموعات بحث للحوار بين أتباع الرسالات الإلهية والحضارات والثقافات والفلسفات المعتبرة ، يدعى إليها أكاديميون وإعلاميون وقيادات دينية تمثل مختلف الثقافات العالمية.
وإذ يشكر المؤتمر الهيئات الإسلامية المختلفة على ما قدمته للحوار، فإنه يدعوها إلى المزيد من التعاون والتنسيق، في تطوير الحوار واستثماره في تحقيق مصالح الأمة الإسلامية، وذلك من خلال اتباع الخطوات التالية:
- ممارسة الحوار ضمن ضوابطه وأهدافه الشرعية، وفيما يحقق المصالح العليا للأمة الإسلامية، ودراسة كافة مسائله وتأصيلها والإعداد الجيد لها وفق الأطر الشرعية , والتحلي بآداب الإسلام في الحوار، والنأي عن التجريح والإسفاف، والوقوف فيه موقف الند، مع الاعتزاز بالخصوصيات الثقافية للأمة المسلمة ، وتمثيلها في اللقاءات الحوارية بما يليق بمكانتها الحضارية.
- توحيد الموقف الإسلامي من الحوار من خلال الهيئة العالمية المختصة بذلك في رابطة العالم الإسلامي ، واعتبار هذه الهيئة الملتقى التنسيقي الجامع لمؤسسات الحوار ولجانه، والالتزام بالرؤى الاستراتيجية التي تنبثق عنها.
- تركيز الحوار في المشترك الإنساني، والمصالح المتبادلة، والعمل على تحقيق التعايش السلمي والعدل والأمن الاجتماعي بين شعوب العالم وحضاراته المختلفة، والتصدي للتحديات المعاصرة.
- إشاعة ثقافة الحوار في المجتمعات الإسلامية والاهتمام بنشر كتبه وترجمتها، والتحذير من دعوات صراع الحضارات وانعكاساتها الخطيرة على السلم العالمي، والتعاون في ذلك مع وزارات الثقافة والإعلام والتربية في الدول الإسلامية.
- الإفادة من تجارب الحوار والسعي إلى تطويره واستثمار برامجه، بمزيد من التعاون مع حكومات الدول الإسلامية ومؤسساتها في برامجها الحوارية سعيا للنهوض بالمشروع الحواري للأمة المسلمة، واستثماره في تحقيق أهدافها.
- إعداد مجموعة من العلماء المتخصصين من ذوي الخبرة العالمية في الحوار في مختلف مجالاته وموضوعاته، وتدريبهم على المشاركة في المحافل الدولية للحوار، والمشاركة الإيجابية في اللقاءات الحوارية.
ثالثا: مع من نتحاور ؟
تدارس المؤتمر تجربة الحوار بين المسلمين وغيرهم خلال العقود الخمسة الماضية، واستشرف آفاق مستقبل الحوار مع مختلف أتباع الرسالات والملل والثقافات، ورأى ما يلي:
- فتح قنوات الاتصال والحوار مع أتباع الرسالات الإلهية والفلسفات الوضعية، والمناهج الفكرية المعتبرة؛ تحقيقا لعموم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم: (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون) (سبأ:28) ، مما يساعد على تحقيق المصالح الإنسانية المشتركة.
- الانفتاح في الحوار على كافة الاتجاهات المؤثرة في الحياة المعاصرة، سياسية وبحثية وأكاديمية وإعلامية وغيرها، وعدم الاقتصار على القيادات الدينية.
- شمول الحوار الجهات ذات المواقف المسيئة للإسلام؛ لبيان حقائق الإسلام وتوضيح المفاهيم الخاطئة التي قد تكون سببا في إساءتهم.
وإن المؤتمر ليؤكد حاجة العالم إلى المزيد من الحوار من أجل التفاهم والتوافق على صيغ تحول دون وقوع الصدام بين الحضارات.
ويوصي المؤتمر رابطة العالم الإسلامي والمنظمات الإسلامية الرسمية والشعبية بما يلي:
- إنتاج مواد إعلامية بمختلف اللغات ونشرها؛ تفند نظريات الصراع بين الحضارات، وتبين خطرها على المستقبل الإنساني، وعقد مؤتمر دولي حول : (أخطار نظريات الصدام بين الحضارات على الأمن والسلم في العالم)، وإشراك القيادات المؤثرة، الدينية والثقافية والسياسية والأكاديمية.
- مطالبة دول العالم والمؤسسات الدولية وفي مقدمتها هيئة الأمم المتحدة بالقيام بواجباتها، في مواجهة ثقافة الكراهية بين الشعوب، ومواجهة الدعوات العنصرية الفاسدة التي تحض معتنقيها على كراهية غيرهم والاستعلاء عليهم؛ مما يقوض الأمن والسلم العالميين، ويتنافى مع الرسالات الإلهية والمواثيق الدولية، والنظر إلى هذه الدعوات على أنها جريمة تهدد التعايش السلمي بين الشعوب.
- دعوة المسلمين في الدول التي يوجد فيها معهم مواطنون غير مسلمين بأكثرية أو أقلية متبادلة حسب الأحوال إلى إقامة حوارات لمعالجة ما قد يقع بينهم من خلافات ؛ لضمان حسن المعايشة بالسلام الاجتماعي, واعتبار الحوار الذي يحقق الوفاق الاجتماعي من أهم أنواع الحوارات .
- دعوة المسلمين في دول غير إسلامية إلى الحوار المستمر مع أهالي تلك البلاد,وتأكيد تحليهم بصفات المواطنة الصادقة , مع عدم التفريط في واجباتهم الدينية .
- التعاون مع حكومات الدول الإسلامية والمنظمات الإسلامية في مطالبة هيئة الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان العالمية الرسمية منها والشعبية بتجريم حملات الإساءة الموجهة إلى الإسلام ورسوله صلى الله عليه وسلم والقرآن الكريم , وإصدار القرارات التي تدين الإساءة إلى الأنبياء ورسالاتهم , وتحول دون استغلال الحريات الثقافية والإعلامية بطريقة تقوض التعايش والأمن الدوليين .
رابعا : أسس الحوار و موضوعاته
أ. أسس الحوار :
درس المؤتمر الأسس التي يقوم عليها الحوار الجاد حول المبادئ الإنسانية المشتركة، وأكد على أهمية المبادئ الإسلامية العامة للتعايش والحوار، والتي تعتبر بحق مبادئ إنسانية تسعد بها البشرية، وهي:
1. الإيمان بوحدة أصل البشر، وأنهم متساوون في الإنسانية والكرامة: (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا) (النساء:1).
2. رفض العنصرية والعصبية، والتنديد بدعاوى الاستعلاء البغيضة، فأكرم الناس عند الله أتقاهم، وفي الحديث الشريف يقول عليه الصلاة والسلام : ((يا أيها الناس، ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا أسود على أحمر؛ إلا بالتقوى)).
3. سلامة الفطرة التي فطر الله تعالى الإنسان عليها، فالله تبارك وتعالى خلق خلقه محبا للخير مبغضا للشر ، يركن إلى العدل، وينفر من الظلم , وأن بعد البشرية وإعراضها عن هدي الله عز وجل، وهدي رسله صلوات الله وسلامه عليهم، هو السبب الرئيس لما يرزح الجنس البشري تحته من الشقاء الذي يهدد مستقبله، ولا منقذ من ويلاته إلا أن يصيخ السمع للنداء الإلهي ( فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى(123) ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا)(طه: من الآية123-124).
ومما يشجع على حوار المسلمين مع أتباع الرسالات الإلهية السابقة أن الإسلام يعترف بها، وأن المسلمين يؤمنون بأن أساس الرسالات الإلهية التي أنزلها الله على أنبيائه واحد، وهو الدعوة إلى عبادته وحده، وأن المسلمين لا يفرقون بين أحد من رسله: )والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما) (النساء:152).
ومما يشجعهم كذلك عالمية رسالة الإسلام وإنسانية شريعته بما تفيض به من معاني البر والعدل والرحمة للجنس البشري برمته: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) (الأنبياء:107).
ب. موضوعات الحوار :
استعرض المؤتمر موضوعات الحوار، ودعا مؤسسات الحوار الإسلامية والعالمية لإعطاء الأولوية في الحوار للموضوعات الآتية:
1. حماية القيم والأخلاق من دعوات التحلل الخلقي بدعوى الحرية الفردية .
2. ظواهر الإرهاب والعنف والغلو والتكفير، ودراسة أسبابها ووسائل القضاء عليها، والتعاون عالميا على مواجهتها عبر مختلف الوسائل ، ودحض شبهة إلصاقها بالإسلام والمسلمين.
3. مظاهر الظلم والقهر والبغي واستغلال مقدرات الأمم الفقيرة تحت ستار دعاوى تحرير الشعوب وحراسة حقوق الإنسان.
4. مظاهر العدوان على البيئة بكل مكوناتها، ومواجهة كل عدوان واقع أو متوقع عليها، لتلافي المخاطر والكوارث التي تعم الجنس البشري بكافة شعوبه: (ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها )(لأعراف: من الآية56).
5. مشكلات الأسرة وما لحق بنظمها المستقرة في الزواج المشروع والتكاثر من انهيار، والتعاون الدولي على حمايتها، وتوفير مقوماتها الأساسية ومساعدتها ماديا ومعنويا على إعداد جيل صالح يعمر الأرض وفق الهداية الإلهية.
6. الإعلام في الحياة المعاصرة، واتجاه بعض وسائله إلى إفساد القيم الأخلاقية وإثارة الفتن وتأجيج الصراع والترويج للانحراف والجريمة والإدمان، والتعاون دوليا على توجيهه لأداء واجبه الفعال في إشاعة القيم والأخلاق الفاضلة.
7. حقوق الإنسان وما لحقها من انتهاكات، والتعاون عالميا على حمايتها، ووضع آليات تكفل العيش الكريم للإنسان.
8. التحديات المختلفة التي يواجهها الإنسان على الصعد الثقافية والاجتماعية والأخلاقية والتربوية.
نداء المؤتمر إلى شعوب العالم وحكوماته ومنظماته
ومن خلال تدارس المؤتمر للتحديات التي تواجهها الإنسانية، وجه نداء إلى شعوب العالم وحكوماته ومنظماته؛ على اختلاف أديانهم وثقافاتهم.
ودعاهم إلى:
- التفاهم بيننا وبينهم بأن نؤمن بالله خالقنا، ونعبده وحده؛ ونتلمس هديه الذي أنزله على أنبيائه ورسله.
- أن نواجه متحدين مظاهر الظلم والطغيان والاستعلاء ، ونتعاضد في إنهاء الحروب والصراعات والمشكلات الدولية ، ونعمل سويا على إشاعة ثقافة التسامح والحوار ودعم مؤسساته وتطوير آفاقه ، واعتماده وسيلة للتفاهم والتعاون وتوطيد ركائز السلم العالمي، والكف عن هدر موارد الإنسانية ومواهبها في إنتاج أسلحة الدمار الشامل التي تتهدد مستقبل الأرض بالفناء.
- التعاون على إشاعة القيم الفاضلة وبناء منظومة عالمية للأخلاق، تتصدى لهجمة الانحلال الأخلاقي، وتواجه العلاقات غير الشرعية، خارج إطار الزواج، وتعالج الأخطار المحدقة بالأسرة بما يصون حق الجميع في العيش ضمن أسرة سعيدة.
- السعي معا في عمارة الأرض وفق مشيئة الخالق الذي أناط بأبينا آدم وذريته عمارتها وإصلاحها، ووقف الاعتداء على حق الأجيال القادمة في العيش في بيئة نقية من التلوث بأنواعه المختلفة، والحد من أخطاره بالسعي المشترك للتخفيف من آثاره، وترشيد التقدم الصناعي والتقني.
- التعاون في إصلاح الواقع الكوني الذي عم معظمه الفساد والشقاء ، وجعله واقعا تشمله رحمة الله، التي هي جوهر ما أرسل به نبينا محمد - عليه وعلى أنبياء الله الصلاة والسلام- (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) (الأنبياء:107).
صدر في مكة المكرمة
الجمعة 2/6/1429ه
الموافق 6/6/2008م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.