"ماذا بعد يا أولمرت؟".. سؤال يطرح بقوة داخل إسرائيل على رئيس الوزراء إيهود أولمرت، مشككا في جدوى العدوان على لبنان، ويتطرق لتداعياته السلبية من النواحي الاقتصادية والعسكرية. فمع دخول العدوان يومه التاسع الخميس 20-7-2006 دون تحقيق أهدافه، سواء المتعلقة باستعادة الجنديين الإسرائيليين الأسيرين أو بالقضاء على قدرات حزب الله، تعالت الأصوات الإسرائيلية المشككة في جدواه على الصعيد الاقتصادي، حيث زاد الإنفاق على القطاع العسكري، وعلى الصعيد الميداني، حيث بدأ تورط الجيش في "مستنقع" الحرب البرية مع مقاتلي حزب الله. وفي عددها الصادر الخميس طالبت صحيفة "ذا ماكر" الاقتصادية أولمرت بوقف العدوان والتفكير جيدًا قبل المضي قدما في المزيد من أيام الحرب التي ستُكبد المجتمع الإسرائيلي خسائر اقتصادية تظل آثارها عشرات السنين. وجاءت المطالبة بعد أن رصدت صحيفة "جلوبس" الاقتصادية في تقرير لها أمس الأربعاء حجم الإنفاق المالي الهائل على تلك الحرب، موضحة أنه يبلغ نحو 150 مليون دولار يوميا. وأشارت "جلوبس" إلى أن التكلفة الكبيرة اضطرت أولمرت لإصدار قرار برفع ميزانية القطاع العسكري عن العام الحالي إلى 10.59 مليارات دولار، بعد أن كانت 10.2 مليارات دولار. وسارع حزب (كاديما) الذي يتزعمه أولمرت إلى مناشدة الولاياتالمتحدة تقديم الدعم اللازم لإسرائيل لمواصلة العدوان، حيث من المقرر أن يلتقي مسئول كبير بوزارة المالية خلال ال48 ساعة القادمة في واشنطن عددًا من كبار المسئولين بالإدارة الأمريكية لبحث الأمر. "المستنقع البري" وعلى الصعيد العسكري، شدد إليكس فيشمان، كبير المعلقين العسكريين بصحيفة "يدعوت أحرونوت" العبرية، على أن دخول الجيش الإسرائيلي الحرب البرية مع حزب الله، هو المستنقع الخطير الذي سيجبر أولمرت ووزير دفاعه، عامير بيرتس، على الرضوخ لمطالب حزب الله في نهاية الأمر، موضحًا أن الحرب البرية ستفقد إسرائيل خلالها مزيدًا من الجنود ما بين قتلى وأسرى. وهو ما شدد عليه، عاموس كرميل، في ذات الصحيفة، بتأكيده على أن إطالة أمد الحرب الإسرائيلية في لبنان ليس في صالح إسرائيل على الإطلاق. وأوضح أن خيار أولمرت وبيرتس بالحرب البرية يعني إطالة أمد الحرب، ويعني عدم تحقيق الأهداف المأمولة من هذه الحرب للإسرائيليين، مؤكدًا أن البنية التحتية لحزب الله لن يتم تدميرها بهذه الطريقة. ودعا كرميل أولمرت للصبر قليلاً والتريث والتفكير قبل اتخاذ مثل هذه القرارات التي ستلقي بجنود آخرين من الجيش لهاوية الموت أو الأسر. وقال: إن "الحل يكمن في استمرار الحرب الجوية على معاقل صواريخ حزب الله، وأن تكون هذه الحرب محددة الوقت لوقف نزيف الإسراف المالي على تلك الحرب، أو إعادة نشر قوات الجيش الإسرائيلي على امتداد هذه الحدود في منطقة خالية من السكان سواء كانت لبنانية أم لا. ضغط العسكريين وفي محاولة لتفسير تواصل هذه الحرب رأى حزب "ميرتس" اليساري بزعامة يوسي سريد، أنه نتيجة الضغوط التي يمارسها قادة الجيش وهيئة الأركان الإسرائيلية على أولمرت، ورغبتهم في استمرار الحملة العسكرية على لبنان وإلغاء القرار الحكومي السابق بتقليص ميزانية الأمن والدفاع إلى ملياري شيكل. ونقلت القناة الثانية الإسرائيلية عن سريد قوله: إن أولمرت خضع في نهاية الأمر لضغوط هؤلاء القادة، لكنه لا يعرف إلى أين ستنتهي هذه الحرب. وتساءل عن الخطوة القادمة في حال فشل الجيش الإسرائيلي في تحرير الجنديين الأسيرين. قرار مغلوط إستراتيجيا من جانبه، رأى الكاتب الإسرائيلي زئيف شيف-في مقال له بصحيفة "هاآرتس" العبرية الخميس- أن الحرب ضد حزب الله أخذت في التعقيد، مدللا على ذلك بقرار "طرد المواطنين من قراهم في الجنوب اللبناني، وذلك فقط لأن حزب الله يخفي فيها الصواريخ". واعتبر الكاتب في مقاله الذي يحمل عنوان "الحرب في الشمال خطأ إستراتيجي" أن هذا "القرار مغلوط من الناحية الإستراتيجية، وإذا بقي هذا القرار على حاله فستكون هذه هي المرة الأولى التي يمكن فيها الادعاء ضد إسرائيل بأنها تتخذ ردود فعل عسكرية غير متوازنة". وتابع : "إذا ما استمر دفع جموع السكان إلى الفرار، فستترجم هذه الخطوة كعقاب للشعب اللبناني، وهذه صيغة لتعميق الكراهية". وأشار إلى أن هناك أفكارا خاطئة أخرى تدل على تعقد القتال، خاصة الاقتراحات المتزايدة من اتجاهات مختلفة، من سياسيين يمينيين، لا سيما عسكريين كبارا سابقين، بالشروع في عملية برية واسعة في لبنان. اتهامات مرفوضة في المقابل لاقت التحليلات المُنتقدة للجيش الإسرائيلي غضبا كبيرا من رئيس الأركان الجنرال، دان حالوتس، الذي طالب المجتمع الإسرائيلي بدعم الجيش معنويا قبل أن يكون ماديا، وحثهم على عدم الانصياع لاعتراضات وتحليلات بعض المعلقين السياسيين حول خسائر المجتمع جراء استمرار هذه الحرب. وطالب حالوتس الإسرائيليين بالصبر، خلال زيارته التي قام بها الأربعاء 19-7-2006 لمستشفى الحاخام موسى بن ميمون لتفقد الجرحى جراء قصف حزب الله. هدنة 3 أيام وفي خضم هذه الحرب الدائرة تعددت الاقتراحات الإسرائيلية للخروج من مأزق الحرب الدائرة ضد لبنان. فقد كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الخميس عن وجود اقتراح من قِبل مكتب أولمرت بعرض هدنة على حزب الله مدتها 3 أيام فقط، عن طريق وسطاء غربيين، يتم خلالها الاتفاق على وقف إطلاق النار بين الطرفين لمدة 3 أيام من أجل قيام الكنيست بتشكيل حكومة حرب جديدة توفر مزيدا من الأجواء لتوسيع الحملة العسكرية و تدمير حزب الله نهائيا، وإعادة احتلال جنوب لبنان. قوات دولية وفي الإطار نفسه طرح برنامج، "لندن وكرنشبوم"، الإخباري الشهير بالقناة العاشرة الإسرائيلية صباح الخميس فكرة الموافقة على اقتراح الأمين العام للأمم المتحدة، كوفي عنان، بوقف إطلاق النيران بين إسرائيل وحزب الله، وإرسال قوات دولية للمنطقة الواقعة على الحدود بين الطرفين. لكن العقيد، حجاي دفناه، أحد قادة ألوية سلاح الجو الإسرائيلي، رفض هذا الاقتراح، وقال: يجب إطلاق سراح الجنديين اللذين أسرهما حزب الله أولاً ونزع سلاحه ثانيا، ومن ثم الخوض في أية اتفاقات أخرى. توتر على الجبهة الفلسطينية وفي سياق متصل، أكد تحليل لموقع معهد "ريؤت" البحثي الإسرائيلي أن استمرار الحرب الإسرائيلية في لبنان سيؤدي لزيادة التوتر على المسار الإسرائيلي-الفلسطيني. ولفت إلى أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تعمل في الوقت الراهن على تأجيل صفقة بشأن إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي، جلعاد شاليت، الذي أسرته فصائل فلسطينية نهاية الشهر الماضي، مقابل إطلاق أسرى فلسطينيين في سجون إسرائيل، وذالك من خلال وساطة مصرية، انتظارًا لموقف حزب الله. فقد أكدت صحيفة "هاآرتس" الخميس أن مصر تستأنف وساطتها لقيام حماس بإطلاق سراح الجندي الأسير، في مقابل وقف إسرائيل عملياتها العسكرية في قطاع غزة. ورأت أن الصفقة ستتوقف من قبل حماس بسبب دعمها لحزب الله. وقال معهد "ريؤت": إن استمرار الحرب الإسرائيلية في لبنان سيؤثر بالسلب على صفقة الجندي شاليت، ومن ثم استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة أيضا، وبالتالي عدم وجود أية فرصة للحديث عن تسوية مستقبلية في الضفة الغربيةالمحتلة. المصدر: إسلام أون لاين الجمعة 21/7/2006