الهلال يرفض السقوط.. والنصر يخدش كبرياء البطل    قصة أغرب من الخيال لجزائرية أخفت حملها عن زوجها عند الطلاق!    الجيش ينفذ عمليات إنزال جوي للإمدادات العسكرية بالفاشر    كيف دشن الطوفان نظاماً عالمياً بديلاً؟    محمد الشناوي: علي معلول لم يعد تونسياً .. والأهلي لا يخشى جمهور الترجي    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    تستفيد منها 50 دولة.. أبرز 5 معلومات عن الفيزا الخليجية الموحدة وموعد تطبيقها    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    حادث مروري بمنطقة الشواك يؤدي الي انقلاب عربة قائد كتيبة البراء المصباح أبوزيد    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالفيديو.. تاجر خشب سوداني يرمي أموال "طائلة" من النقطة على الفنانة مرورة الدولية وهو "متربع" على "كرسي" جوار المسرح وساخرون: (دا الكلام الجاب لينا الحرب والضرب وبيوت تنخرب)    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    برشلونة يسابق الزمن لحسم خليفة تشافي    البرازيل تستضيف مونديال السيدات 2027    السودان.."عثمان عطا" يكشف خطوات لقواته تّجاه 3 مواقع    ناقشا تأهيل الملاعب وبرامج التطوير والمساعدات الإنسانية ودعم المنتخبات…وفد السودان ببانكوك برئاسة جعفر يلتقي رئيس المؤسسة الدولية    عصار تكرم عصام الدحيش بمهرجان كبير عصر الغد    إسبانيا ترفض رسو سفينة تحمل أسلحة إلى إسرائيل    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    منتخبنا فاقد للصلاحية؟؟    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فِىْ أزِمَةِ جَنُوبِ السُودَانِ ،،، إبْحَثُوْا عَنْ وَكْرِ الشّيْطَانِ !!!
نشر في السودان اليوم يوم 22 - 12 - 2013

ثمة قاعدة جوهرية ، تؤكدها التجارب ، أن من يتواطأ مع الإسلامويين ويحتضنهم ، يتأذى منهم ، ومن يحالفهم يغدر به ، ومن يداعبهم يفقد أصابعه ، ومن يرضعهم يفقد ثديه ،،، ذلكم أن ميلهم الفطرى لتدبير المؤامرات وحياكة الخبائث وسوء النوايا ، يجعل منهم آلات لا تصلح إلا للفساد والإفساد والسرقة والغدر والخيانة ، وقد أثبتت الأيام والتجارب ، أنهم معاول هدم أكثر من كونهم أيدى بناء ، وأيدى عاملة ماهرة فى إدارة عمليات القتل والخراب والفوضى ، وخائبة فى مهمة رعاية الشعوب ، والأخذ بيدها للعبور بها إلى بر الأمان ،،،
هم مثقفون بثقافة الحرب والغنائم ، ولا مكان للسلم وجهاد التطوير فى برامجهم ، لقد أماتوا عقولهم ومواهبهم منذ فترة بعيدة ، وأصبحوا اليوم مجرد جيف ينبغى المسارعة إلى دفنهم ، قبل أن يؤذوا أحداً بقيحهم وزفارهم ،،، هم طيور شؤمٍ ما أن تطأ أرجلهم أرضاً ، إلا وحولتها لديار خرابٍ وموتٍ ودمار ،،،، هذه الصفات تنطبق عليهم جميعاً ، على إختلاف مسمياتهم ووجوههم ، وفى كل بقاع الأرض ، دون إستثناء ، وبصورة تدفعنا إلى الذهول !!
ومن جانب آخر ، فإن الحركة الشعبية منذ أيام الغابة ، كانت قد تبنت قيماً رفيعة ، وإجتهدت فى تطبيق بعضها ، كصون الأسرى ، وتفادى قتل المدنيين ، وإتباع النهج الديمقراطي فى إتخاذ القرارات ، بإشراك الجنود والضباط صغارهم وكبارهم ومواطنيهم ، خاصة عند المفاصل المصيرية ،،، وبالذات ، عند إشتداد وطأة الحصار المصحوب بالجوع والعطش والمرض والموت ،،، وعلى سوء حالهم كانوا يجتمعون ، لإختيار القرارات بصورة جماعية ، وبالتصويت إن دعت الضرورة ، ذلكم أن الديمقراطية تحمل فى طياتها القوة الدافعة للمشاركة فى التنفيذ ، حتى أنه فى بعض الحالات ، طرحت خيارات ما بين الإستسلام للعدو، أو مواصلة القتال والإستبسال والموت فى أرض المعركة ،، وتوجد العديد من القصص المؤكدة على وجود مثل هذه القيم ، ومن الجهلاء من يحتقرها ، إحتقاراً لأصحابها ،،، وذلك كمن يحتقر طفلاً شريداً لبؤسه ، فيتعلم من المعاناة،فيصبح فيما بعد شخصاً مرموقاً، !!
يجب أن نشيد بالموقف المسئول لأغلب الكتاب السودانيين ، ممن كفوا عن الخوض فى المواضيع المتعلقة بشئون الجنوب ، بعد إستقلاله ، بإعتبارها مسائل داخلية ، وليس من المناسب الخوض فيها ، وقد سجلوا بذلك نقاطاً مضيئة ،،، لكن ،،!! إما أن يُقدم حكام هذه الدولة الجديدة ، على عقد صفقات مضرة بالشعبين ، ومؤذية لكل من الشمال والجنوب ، فإن مضامين هذه الإتفاقات الشيطانية ومخرجاتها ، لن تكون مواضيع جنوبية فحسب ، بل ، وسودانية !! وتهم الشعب السودانى المتضرر من التيار الإسلاموى ، أكثر من أى فئة أخرى ، ومن حقنا ، وحق الكتاب السودانيين ، والسودانيين الجنوبيين ، الخوض فيها ، والبحث فى دقائقها ، وتستحق التجرد والمغامرة ، حتى إن كانت مصحوبة بالسجن والتضييق .
من كان يظن ، أن حكومة جنوب السودان ، يمكن أن تجلس على طاولة واحدة مع أئمة الإنحطاط الإسلاموى ، وهم من ودعوا المواطنين الجنوبيين بأسوأ ما يكون الوداع ؟ ،، ذبحوا الثيران السوداء إحتفالا بذهابهم ، سرقوا نفطهم ، وصفوهم بالحشرات ، ورئيسهم برئيس الحشرات ، ورفعوا عصيهم فى ترميزاً لعبودية يستحقونها ، وهاجموا بعضاً من مدنها بالبراميل المتفجرة ..وعقدوا المسائل المتعلقة بأبيي ، وقتلوا سلطان دينكا نقوك ؟؟
الشعب الجنوبى يعرف سوء الإسلامويين ، أكثر من أى فئة أخرى ، وأرضه كانت البقعة التى تجسدت فيها إنحطاطاتهم ، ومورست فيها أبشع إنتهاكاتهم ، وقد شاهد بأم عينيه ، عمليات القتل ، وبقر بطون الحوامل ، وتعليق الأطفال على أسنة الحراب ،،،
هو أكثر من سدد فواتير منهج الإسلام السياسى ، فقرر إختياراً إنقاذ نفسه ، بالخروج من دولة السودان ، تفادياً للمزيد من وقوع الأضرار ، وهو من قرن بقائه بالسودان الواحد ، بنهاية عصر الدولة الدينية ،،،
لكن ،،، !! ما بال حكومته تتواطأ مع من تسببوا فى بذر الأحقاد ، وأشعال الحروب بين القبائل الجنوبية ، بعد أن سلحت وحرضت بعضها على البعض الآخر فى فترات مظلمة سابقة ؟؟
ما بالها تعكف على تقوية وتمكين نفس الدولة الدينية التى هربوا منها ؟؟
ما بالها تهرب من السجن ، ثم تعكف على تقويته وترميمه ؟؟
ما بالها تزيد من محن السودانيين بدلاً عن مواساتهم ؟ ، أما كان عليها الإبتعاد فحسب ؟؟
ذكر سلفاكير فى إحدى لقاءاته ، إبان شغله منصب النائب الأول لرئيس جمهورية السودان ، نصيحة تلقاها من البشير ، بأن يلبس الكاكى حال عقده العزم على إتخاذ قرارات كبيرة ، وقد فعله كير أكثر من مرة ، متجاهلاً بذلك حقيقة الصفة المدنية لمنصبه ، الذى لم يعد فيه عسكرياً ، وآخرها عندما إشتدت الأزمة الأخيرة ، للحركة الشعبية فى جنوب السودان !
ما حدثت فى دولتى السودان من إضطرابات سياسية ، هى تداعيات الزيارتين الأخيرتين ، لرئيسى البلدين ، وقد إعتقد المراقبين حينهما ، أنهما ليستا ذوات قيمة ، فعند زيارته لوكر الإسلامويين فى سبتمبر 2013 ، وفى ظل الضغوط الداخلية ، الناتجة عن الأزمات الإقتصادية وإستشراء الفساد ، وسعياً منه للمحافظة على سلطته ، إقتنع سلفاكير بالتحليلات المخادعة لمردة الشياطين ، بأن مشاكل البلدين ناتجة عن معارضات ، وفساد رؤوس فى كل من الجنوب والشمال ، وغير حقيقية لوجود عناصر محرضة وفاسدة ، فى حكومتى الشمال والجنوب ، والحل يكمن فى التخلص منهم جميعاً ..!!
يرغبون فى التخلص من بعض الأشخاص فى الخرطوم ، لحسابات متداخلة ما بين الولاء الظلامى ، والقبلية النتنة ، والعسكرية العمياء ، لتأمين الكراسى التى يجلسون عليها حتى الممات ، لكنهم يريدون أيضاً توريط آخرين ، ليفعلوا الشيء نفسه فى بلدهم ،،، وقد بلعت حكومة الجنوب الطعم ، ودخلت فى الفخ وهى مطمئنة ،،، ففعلت الشيئ نفسه لاحقاً !!
حينها قال البشير "نحسب اننا الآن على أعتاب مرحلة جديدة ، يحدونا الأمل في أن نسلك طريقها القويم ، بتنفيذ كافة إتفاقيات التعاون بيننا ، بجدية ونزاهة وصبر" !!
( ولم الآن ؟؟ ).
وأكد سلفاكير فى تصريحه ، "على رغبة بلاده في فتح صفحة جديدة ، لعلاقاتها مع الخرطوم وإغلاق الصفحة القديمة ، بتنفيذ كل ما أتفق عليه الطرفان ، في مصفوفة التعاون التي وقعا عليها العام الماضي ، في العاصمة الاثيوبية أديس ابابا " !
( لم تطبق منذ العام الماضى ،، فما الجديد الآن ؟؟ ).
أما كرتي ، فقد رأى أن " زيارة يوم واحد ، ليست كافية لحلحلة كل القضايا ، وقال إن مثل هذه الزيارة مطلوب منها إبداء حسن النوايا ، وحلحلة بعض المسائل الأساسية ، وقال أن هناك أسباباً حقيقية ، تجعله اكثر تفاؤلا " !
( وما هى تلك الأسباب الحقيقية يا ترى ؟؟ ).
لعمرى ، فإن هذه التفاؤلات الفجائية فى التصريحات ، لا بد أنه كان وراءها الكثير ، والمثير!!.
وبالمقابل ، فإن زيارة البشير الى جوبا ، فى أكتوبر 2013 ، أتت متزامنة مع عمليات الإستفتاء حول أبيي ، وقد خدع أكثر المراقبين ، وظنوا يومها ، أنها بغرض إيقاف الإستفتاء ، خاصة فى الوقت الذى كان من يحرك ملف أبيي بقوة ، هو المغضوب عليه دينق ألور ، إلا أنه لم يكن الموضوع الرئيسى أو الوحيد على الأقل فى برنامج الزيارة ، ولم تكن فيها شيئ ، يقلق الزائر ، ولم تصدر تصريحات غاضبة بسببه ، حتى لا تتأثر مهمة وضع اللمسات الأخيرة على الملفات السرية ،،، أما ماهيتها ، فإن الإجابات قد تكشفت تباعاً ،، وبالتدريج لاحقاً ، وبالكامل فى الوقت الحالى !! ونجزم ، أنه قد وضعت مصفوفة ، حددت إزمان تنفيذ إلتزامات كل جانب !!
إلتزامات الجانب السودانى ، وفقاً لما وثقتها الأحداث هى : ( السماح بتدفق النفط ، الكف عن إتهام الجنوب بمساندة الجبهة الثورية ، إسكات الأصوات المناؤئة للجنوب فى الشمال ، فتح المعابر ، السماح بإجراء إستفتاء شكلى للدينكا فى أبيي )
أما الجانب الجنوبى فعليه ( تقديم مساعدات نفطية للشمال ، عدم تكرار الهجوم على هجليج ، السماح بالتحركات العسكرية عبر الأراضى الجنوبية إذا لزم ، لتطويق الجبهة الثورية ، التخلص من العناصر المتشددة ضد الإسلامويىن وإبدالهم ، وعدم الإعتراف بإستفتاء أبيي الأحادى الجانب حال الفشل فى إيقافه).
لقد كان هذا هو الصاعق ، الذى تسبب فى الزلزال الفجائى فى منبر السلام العادل ، وصحيفة الإنتباهة بقصد تحييدها ، فنزعت أسهمها من الطيب مصطفى نزعاً ، وتمت تتييسه (على حد تعبيره) فأضحى بذلك الثور الأسود الذى قُدم قرباناً ، لتحسين العلاقة بين الإسلامويين ، وحكومة جنوب السودان ، تمهيداً لتوريطها فى أزمات قادمة !!
هذه المؤامرة ، وإن كانت ذات أغراض متنوعة ، وحسابات أخرى عميقة داخل السودان ، هى التى أدت لتساقط القطط الإسلاموية الكبيرة ، لحساب العسكريين ، وذوى الإرتباطات الأمنية ، حتى تضمن عدم شذوذها ، مع تسهيل قيادتها بالتعليمات العسكرية !!
وهى نفسها التى تسببت فى التضييق ، على الصحافة والصحفيين فى جنوب السودان ، وحل حكومته ، والتخلص من نائب الرئيس ، وحصد رؤوس الحركة الشعبية ، التى لم تطمئن يوماً للتعامل مع الإسلامويين.
جنوب السودان ، صمم منذ البداية ، ليكون مؤسسة ديمقراطية ، ودولة حريات ، يتم فيها تداول السلطة سلمياً ، وقد شرع فى تحقيق ذلك رغم العثرات الناتجة عن حداثة التجربة ، ومن البديهى فى هذه الحالة ، أن يكون من حق الرئيس المنتخب ، عزل كل من يعوق تطبيق سياساته ،،، وقد حدث ، فعزل النائب ، والوزراء ، وكل من لا يتفق مع سياسة سلفاكير ، ومر الأمر ، دون مخاطبات إحتجاجية ، ولا بكاء ولا عويل ،،، ثم فى خطوة أكثر تعسفاً ، حُلت المؤسسات الحزبية للحركة الشعبية ، رغم عدم تبعيتها لدولة الرئيس ، وعدم سريان قرارات المؤسسات التنفيذية عليها ، إلا وفقاً لنصوص قانون الأحزاب ، فسجلت ذلك إنتهاكاً صارخاً لحقوق الأعضاء !! وسُكت عليها مرة أخرى ،، !!
لقد أوقد أسلوب تعامل سلفاكير ، وإثارته المتعمدة لحفيظة أعضاء مجلس التحرير، وإصداره أوامر الإعتقال ، فى حق بعضهم عقب الإجتماع مباشرة ، شرارة الإحتقانات المكبوتة ، جراء التراكمات ، بفعل الخضوع للخطط والسياسات النابعة ، من وكر الشياطين ،،، فكان الإنفجار الفجائى من القوة ، بحيث راح ما يفوق الخمسمائة شخص ، ضحية له فى ثلاث أيام ، وأوقدت النار فى ثلاث ولايات ، وسقطت ثلاث مدن بمتوالية سريعة ، وأخلى الأوربيون والأمريكان والصينيون سريعاً ، وكان من الخطورة بحيث دفع بالرئيس إلى طلب التفاوض بعد أيام قليلة ، من إجتماع حزبى ، كان يجد فيه إحتراماً من مرؤوسه مشار ..!!
لو عدنا بكم إلى الوراء قليلاً ، سنجد أن صراعات السودانيين ، ذات الطبيعة القتالية ، التى إنتهت إلى إستقلال الجنوب ، قد أخذت وقتاً طويلاً ، لتشكل طوقاً كبيراً ممتداً من همشكوريب ، مروراً بالنيل الأزرق وجبال النوبة وإنتهاءاً بدارفور ، قبل أن تخفت بإتفاقية السلام الشامل ، والتى بدورها ، صممت لأجل إيجاد تسوية لكل الصراعات ، بما فيها الإحتقانات السياسية الدائمة الحضور بالمركز ، كالحريات العامة ، وتمكين الديمقراطية ، ومعالجة مسائل قسمة الثروة والسلطة ،،، إلا أنه تم التراجع عنها ، عقب رحيل الدكتور جون قرنق ، وفى أعقابه ، توصل الحالمين بالإستقلال ، إلى إتفاق باطنى مخل ، يقضى بإنسحاب الجنوبيين من قضايا الشمال ، مقابل إنسحاب الشمال من قضايا الجنوب ، وهذا ما كشف ظهر أصحاب القضايا الأخرى غير الجنوب ، وهم الذين سيشكلون أزمة لاحقة ، فوضعهم تحت رحمة من هم أساس المشكلة ، فسجلت بذلك إخفاقات مبكرة ، فى أهم ركائز الإتفاقية ، كإطلاق الحريات والديمقراطية ، ومنها تمهدت الطرق المؤدية إلى العبث بتقسيم السلطة ، وتعليق العمل فى ملفى النيل الأزرق وجبال النوبة ، وتزوير الإنتخابات ، وتأخير البت فى قضية أبيي ، وتجاهل أزمة دارفور.
أن إنسحاب ياسر عرمان من إنتخابات ، كان هو الأقرب إلى الفوز ، تشير بوضوح ، إلى هذه الصفقة ، وهو من ، فى سبيل حمله على الإنسحاب ، صرح الإسلامويين ، بأن الإتفاق (؟) كان ينص على أن ندعم ترشيح سلفا لحكومة الجنوب ، على أن يقوم هو بدعم البشير لرئاسة الجمهورية ، ونقل عنه ،،، حقيقة كانت ، أم كذباً ،،، أنه يؤيد ترشيح البشير ،، وقد سارع لاحقاً إلى النفى ، لكنه عملياً سحب ترشيح عرمان ، وتولى مشار إعلان القرار ..
ولكن وفقاً لأيُ إتفاق ؟ ، وهل هناك إتفاق ، غير إتفاقية نيفاشا ؟؟ وأين هو ذلك الإتفاق ؟؟
لقد دفعت اللهفة إلى الإستقلال عن السودان بأى ثمن ، ببعض القادة الجنوبيين ، وفى خطوة غير أخلاقية ، إلى التخلى عن بعض إلتزامات إتفاقية السلام الشامل ، وخرقها ، وفقاً لصفقات ساعدت على تقوية قبضة الإسلامويين فى الشمال ، ظناً منهم أنهم لن يدفعوا ثمنها ، وها هى لعنتها تهاجمهم فى عقر دارهم.
ربما يكون الإسلامويون اليوم سعداء ، كونهم نجحوا فى إشعال الفتنة فى دولة جنوب السودان ، وهم من كادت الغيرة تقتلهم ، كونها ظلت مستقرة ومتمتعه بالسلام ، فى الوقت الذى يشتعل فيه السودان ، لكن ينبغى عليهم ألا يفرطوا فى السعادة ، فرجلهم الذى أعلنوه عشية الإنتخابات ، أنه مرشحهم لحكومة الجنوب ، ربما قد سلك الآن طريقاً يفقده سلطته إلى الأبد ،، حيث ما عاد صالح لتولى الحكم لدورة جديدة ، ومن سيخلفه لن يكون لهم صديقاً ، بأى حال من الأحوال ،،،
لم يعد سلفا صالحٌ ، لتسويق ملف أبيي ودينق ألور ممسك به ، ولن يسمح لمن رفض مخرجات الإستفتاء ، من الإستفادة منها فى الصراع الإنتخابى القادم ، كما أن المساعدات النفطية فى طريقها إلى النضوب ، وقد علمتم أن قتالاً يدور حول حقولها ، وأن آبارها توجد ، فى ولاية تعتبر معقلاً حصيناً ، لكل من ، تعبان دينق ورياك مشار ، وقد عرفا الآن أنهما ضحية مؤامرات إسلامويي الخرطوم ، وربما يغلقان صماماتها فى الأيام القادمة وبوسعهما فعل ذلك ، وأحدهما أعلن أنه لا يوافق على التفاوض ، إلا بشروط الرحيل ، وقائد الجيش فى ولاية الوحدة أعلن تمرده على كير ، ونصب نفسه والياً عليها !!
من سوء حظ الإسلامويين ، أن إستعادة الوحدة الوطنية فى جنوب السودان ، لن تتحقق إلا بظهور ، ما يمكن أن يلعب دور المهدد الخارجى ، والعدو المشترك ، وسيكونون الضحية المؤكدة ، فى أى مساعى جادة فى ذلك ، بمعنى آخر ،،، لن تكتب النجاح لأى مشروع للحل السياسى ، إن لم يطأوا بها على رقاب علاقتهم بإسلامويى الخرطوم ، ناهيكم عن صلاحهم فى لعب دور الوسيط المحايد ..!!
أيها الساسة الجنوبيون !!!
أرأيتم حجم الأزمة ، التى تسببتم فيها جراء إنسحابكم اللا أخلاقى ، من قضايا هامة ، وتعاملكم من تحت الطاولة ، مع من أصابتكم شرورهم ، وتعرفون سوءهم أكثر من غيركم ، وتطبيقكم الإنتقائى المخل ، لميثاق شهد عليه العالم ؟؟
أرأيتم كيف طالتكم لعنة حلفاءكم القدامى ، من أصحاب القضايا الأخرى كجبال النوبة والنيل الأزرق ، والحالمين بالديمقراطية ممن دفعوا معكم ثمن التضحيات فى الغابة ؟؟
أرأيتم حجم الكارثة التى يخلفها إحتضان الأفاعى ، وإطعام العقارب ، والتواثق مع الشيطان ؟؟
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.