رئيس وزراء الشاب ترودو تمكن من تحويل الحزب الذي هزمه المحافظون إلى آلة انتخابية وصلت عن جدارة إلى قيادة إحدى أكبر دول الكومنولث. العرب [نُشر في 29/10/2015، العدد: 10081، ص(12)] رئيس وزراء كندا الشاب يكسر نمط الحياة السياسية الجامد في بلاده أوتاوا- يرى الكنديون أن رئيس وزراء بلادهم الشاب سياسي محنك رغم صغر سنه لأنه متواضع وكريم وهو محب للسياسة، كما أن لديه صفة القيادة التي ورثها عن والده. وعلى الرغم من أنه لم ينم على الإطلاق، نزل ترودو إلى مترو الأنفاق لإلقاء التحية على المارة، وشكر الناس الذين صوتوا له، والتقط معهم صور "سيلفي" بدلا من الخلود إلى سريره والاستمتاع بانتصاره، وهذا ما يعتبر تواضعا في نظر مؤيديه. لكنه يعرف أيضا بنشاطه الخيري والعمل مع المنظمات الشبابية المختلفة، ولطالما جمع الأموال لعلاج الأطفال، أي أنه يهتم كثيرا بالفقراء والمرضى، وقام بالعديد من الأعمال التطوعية، وهذا ما يجعله يصل إلى مرتبة أكرم كرماء العرب في نظر آخرين. وقد اكتسح ترودو مواقع التواصل الاجتماعي في وقت قياسي بعد إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية، ليسطع نجمه عقب نجاحه في افتكاك زمام السلطة من المحافظين بعد 9 أعوام وتحويل كندا إلى الليبراليين. ترودو، صاحب ال43 عاما تمكن من الفوز على خصومه رغم النقد والسخرية اللذين واجههما مؤخرا، إذ غصت الشبكات الاجتماعية بصوره وأخباره خاصة بعد أن بات ينافس أكثر المشاهير وسامة في العالم بمن فيهم الممثل الأميركي جورج كلوني. من أول قراراته، قال جاستن إن بلاده تعتزم سحب طائراتها المشاركة في التحالف الدولي ضد داعش، وعلل خلال مؤتمر صحفي في العشرين من هذا الشهر قراره أنه جاء وفاء لوعود قدمها في حملته الانتخابية. ونجح نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار أليوت ترودو في تجاوز الهزيمة الساحقة التي لحقت بالليبراليين في انتخابات 2011، بعد عامين فقط على توليه قيادة الحزب. وخاض هذا الهاوي للملاكمة حملة لا يشوبها أي خطأ تقريبا وكان جيدا في كل المناظرات بما في ذلك على صعيد السياسة الخارجية التي يفترض أنها نقطة ضعفه. وركز في حملته على الدفاع عن الطبقة الوسطى ورغبته في تحسين صورة كندا في الخارج عبر تقديم نفسه على أنه يسعى إلى جمع الكنديين في بلد يشهد استقطابا كبيرا. وترودو معروف في الحياة العامة منذ ولادته في 25 يناير 1971 واحتل عناوين الصحف عندما كان والده في السلطة. وقد نشأ في المقر الرسمي لرئاسة الحكومة في أوتاوا الذي شغله والده بلا انقطاع من 1968 إلى 1984 ثم في مونتريال حيث استقر والده مع أبنائه الثلاثة بعد طلاقه. وفي العشرينات من عمره حصل على دبلوم في الأدب الإنكليزي وتقرب من والدته على الساحل الغربي للبلاد حيث عمل دليلا في رياضة التجديف في المنحدرات المائية (الرافتينغ) ثم مدربا للتزلج على الثلج بالألواح ونادلا في مطعم. وسببت له وفاة شقيقه الأصغر ميشال في انهيار ثلجي في 1998 صدمة كبيرة. وبعد سنتين ألقى كلمة مؤثرة جدا في جنازة الدولة التي أقيمت لوالده في مونتريال بحضور الزعيم الكوبي السابق فيدل كاسترو والرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر. غير أنه قاوم كل الدعوات إلى دخول الساحة السياسية إلى حين أن تزوج من مقدمة برامج تلفزيونية تدعى صوفي غريغوار صديقة طفولة أخيه ميشال في 2005 ورزق منها بثلاثة أولاد هم صبيان وبنت. وبعد عامين فقط من زواجه دخل معترك السياسة وسعى إلى الترشح عن دائرة في مونتريال لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون لبابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعا أثنيا في كندا وانتخب نائبا عنها في 2008 ثم أعيد انتخابه منذ ذلك الحين. وفي أبريل 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية وصلت عن جدارة إلى قيادة إحدى أكبر دول الكومنولث.