شاهد بالصورة والفيديو.. (فضحتونا مع المصريين).. رجل سوداني يتعرض لسخرية واسعة داخل مواقع التواصل الاجتماعي بعد ظهوره داخل ركشة "توك توك" بمصر وهو يقلد نباح الكلاب    بالصورة والفيديو.. شاهد ردة فعل شاب سوداني عندما طلب منه صديقه المقرب الزواج من شقيقته على الهواء مباشرة    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    قائد السلام    إذا كسب المرتزقة الفاشر يعني ذلك وضع حجر أساس دولة العطاوة    واصل تحضيراته في الطائف..منتخبنا يؤدي حصة تدريبية مسائية ويرتاح اليوم    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    عيساوي: البيضة والحجر    ماذا قال دكتور جبريل إبراهيم عن مشاركته في مؤتمر مجموعة بنك التنمية الإسلامي بالرياض؟    دعم القوات المسلحة عبر المقاومة الشعبية وزيادة معسكرات تدريب المستنفرين.. البرهان يلتقى والى سنار المكلف    انجاز حققته السباحة السودانية فى البطولة الافريقية للكبار فى انغولا – صور    والي الخرطوم يصدر أمر طواريء رقم (2) بتكوين الخلية الامنية    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    في اليوم العالمي لكلمات المرور.. 5 نصائح لحماية بيانات شركتك    جبريل: ملاعبنا تحولت إلى مقابر ومعتقلات    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    موعد مباراة الهلال والنصر في نهائي كأس الملك !    مسؤول أميركي يدعو بكين وموسكو لسيطرة البشر على السلاح النووي    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    السوداني هاني مختار يصل لمائة مساهمة تهديفية    ستغادر للمغرب من جدة والقاهرة وبورتسودان الخميس والجمع    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    وزارة الخارجية تنعي السفير عثمان درار    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    محمد وداعة يكتب: الروس .. فى السودان    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    السودان..اعتقال"آدم إسحق"    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    الحراك الطلابي الأمريكي    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مذكرة الشعبي (مافيش فايدة!!)
نشر في السودان اليوم يوم 01 - 08 - 2016


بسم الله الرحمن الرحيم
عبدالله مكاوي
مذكرة الشعبي (مافيش فايدة!!)
كلما أسمع بمحاولات الإصلاح والتجديد التي يقوم بها الإسلامويون السودانيون بمختلف تلوناتهم (شعبيون وإصلاحيون وسائحون وأكاديميون ومستقلون وغيرهم) من بقايا شظايا الجماعة الإسلاموية المتناثرة، بعد إصطدامها بعقبة السلطة وإختباراتها الكاشفة لحقائق الدعاوي وصدق الدعوات ومصداقية الشعارات! ينتابني إحساس بالإستخفاف والإستهبال والإستغلال، قبل الشعور بالهلع والذعر من عاقبة المآل (لأن من عاش مآسي التفاصيل وحرقة المعايشة ليس كمن سمع عن مر التجربة وقسوة التجريب، من دخلاء ليس علي المجتمع فقط، ولكنهم وبال علي الوطنية قبل الإستهانة بالسياسة والإمتهان لفنون الحكم). والأسوأ من ذلك، ضياع كل التضحيات الوطنية والخسائر السياسية والإنتهاكات الإنسانية والهدر الجيلي والمستقلبي للحقوق والفرص ووو وأوضاع التردي العام بصفة عامة، هباءً منثوراً، فقط لأن السوادانين غدوا حقلا للتجارب في مختبر الإسلامويين! ويا ليت منهجية التجارب وأغراضها مما يمت للمنهجية العلمية والأغراض الوطنية او الإنسانية او حتي المعرفية بصلة؟ وكأن الدولة السودانية المكلومة وشعبها الجريح، محكوم عليهم بالمراوحة الأبدية بين تيارات الإسلام السياسي، وبغض النظر عن حقيقة الخواء وأساليب التغبيش والخداع التي تكتنف بنية هذه التيارات وتسم طرائق عملها وتسمم نتائج حصادها الهشيمي! ومصدر كل هذا الألم والشقاء ليس لأن الخطأ وارد في التجارب الإنسانية، ولكن لأن إرتكاب الأخطاء والإصرار علي تكرارها جبلة او فطرة في الجماعات الإسلامية! والسبب أن مرجعيتها ليس الإسلام كما تزعم، ولكن مصالحها السياسية حصرا، وتاليا معاييرها تتكثف حول إشباع نهم السلطة، ولا يصدف أن تنحسر لتلبية طموحات فرد او مجموعة صغيرة متحلقة حوله. وكان الإعتقاد الشائع، أنه وبعد أن أخذت هذه التيارات نصيبها كاملا من السلطة والمساحة الكافية للتجريب، والفشل الذريع الذي لازم تجربتها كظلها! أنها قد إنتهي أمرها وطويت صفحتها رغم أكلافها الباهظة الي الأبد! بمعني، إستنفادها لأغراضها ومبررات بقاءها! أي كعقليات ونزعات ماضوية وجدت التربة الصالحة للنمو والإنتشار، في توازنات الحرب الباردة او التوظيفات المضادة! وساعدها أيضا ملأ الفراغ الناجم عن الفشل في تحديث هذه المجتمعات، مما جعلها تبدو وكأنها الرد العملي والقاسي، علي عجز النخب في إحداث التغيير والتحديث المطلوب! وعليه، يصبح وجودها ونجاحها رد فعل إنفعالي او عاطفي مجتمعي أكثر من كونه مطلب عقلاني يستجيب لتحديات الواقع، وتاليا وجودها ليس مُعيِّن علي الحداثة ولكنه مضاد لها تماما! أي وجود او تمدد الإسلاموية هو دلالة علي مرض المجتمع او تجذر عاهاته، وليس دلالة لا علي البعث الحضاري ولا العودة الي الأصول ولا مناهضة العالم المستكبر، بحال من الأحوال! أي بقدر طغيان الإسلاموية تقل فرص الحداثة وإمكانات التحديث والعكس صحيح؟! وهذا الأمر لا ينطبق علي السودان فقط، ولكن نجده يتكرر في تجربة أفغانستان وإيران، رغم الفروقات الطفيفة العائدة لتباين الظروف والبيئة والتجربة التاريخية والخلفية الحضارية! أما النتيجة المنطقية او الخلاصية لهكذا مشاريع ( او صناعة فرانكنشتانية)، ليس الفشل الذريع كما أسلفنا فحسب، وإنما خاتمتها الحزينة تصطبغ بلون الدم وطعم الخراب العميم؟! بل حتي ما أعتبرت تجربة ناجحة في حق الجماعات الإسلاموية، كتجربة تركيا مثلا، وهي بطبعها محكومة بالإطار العلماني للدولة التركية، بمعني أنها جارية في قنوات علمانية وليست صانعة لقنوات إسلامية، أي هيكل الدولة وتصميم معمارها او دستورها علماني خالص، وما الإسلاموية التركية إلا مجرد ديكور؟ مما يجعل نسبة النجاح للتجربة الإسلاموية بصورة حصرية، ما هو إلا تغبيش لحقيقة الصورة وتزييف لحقائق الواقع والتجربة! إن لم يكن العكس هو الصحيح، أي مرونة وصلاحية النظام العالماني هو ما أتاح الفرصة لنجاح التجربة الإسلاموية التركية. ولكن المفارقة أن مركز الخطر والتهديد علي هذا النظام العلماني الذي أتاح لها الفرصة للنجاح، يأتي من الإتجاه الإسلامي ذاته؟! ولكن المفارقة الأكبر أن النظام والتجربة الإسلاموية نفسها عندما تتاح لها الفرصة الكاملة للحكم، لا تهدد النظام العلماني وحده، ولكنها تهدد ذاتها وتهزم تجربتها بنفسها! والأغرب من ذلك، أن ما ينسب للجماعة الإسلاموية التركية من نجاح، لا يعود لمدي تطبيقها للدين او تمسكها بالشريعة او سعيها لأسلمة الحياة، ولكنه يعود حصرا للحقل الإقتصادي! وهو بطبعه ومرجعية طابعه غارق في الحياة الدنيا ومحكوم بقوانينها! والأخيرة كما علمتنا التجربة أقوي من كل العقائد والشرائع والقوانين النافية لها او المستهينة بها. أي الحياة/الواقع هما ما يحددان عقائدهما وشرائعهما وقوانينهما المناسبة، وليس بالضرورة أن تكون في حالة صدام مع غيرها (خارج العالم!) ولكن من الضروري أن تكون هنالك تسوية لا تحجر علي أحد او جهة او إتجاه او تجربة! أي بيد الإنسان والإنسانية أن يثروا تجاربهم ويعمقوا وجودهم في الحياة، وبنفس القدر لهم حرية أن يحطموا كل خبراتهم قبل تحطيم العالم. وبالرجوع للنموذج الإسلامي التركي، فهو إن كان يعاني من مشكلة، فهي تسلط الأردوغانية وسعيها لسلطنة (أردغة/أسلمة) الدولة والتجربة العلمانية التركية! وهو ما شجع علي المحاولة الإنقلابية الآثمة الأخيرة، والتي لو قدر لها النجاح، لأدخلت تركيا في نفق مظلم او أشد ظلاما من الأردوغانية وتهديداتها ذاتها، ولعمَّقت جرح الإنقلابات التي لم تتعافَ منها هذه المنطقة الموبوءة حتي الآن! ولكن يقظة الشعب التركي وطول عهده بالتحديث وتذوق طعم وثمار التجربة الديمقراطية ( وهو ما يعطي الثقة والشجاعة والقابلية للتضحية، والعكس صحيح في بيئة الإستبداد التي لا تكرس للخنوع فقط، ولكن قبل ذلك للبحث عن الخلاص الفردي، أي تسفيه المصلحة العامة!) حالت دون إكمال المخطط الإنقلابي، والذي مهما حكي من مبررات إلا أن طريقه وخاتمته مما لا يحتاج لتذكير او منح فرصة لإعادة التجريب! ولو أن ردة فعل أردوغان وحكومته (وهم شركاء في المحاولة بصورة غير مباشرة، لسوء إستخدام السلطة والإساءة للتجربة الديمقراطية والسعي لإفراغها من مضمونها!) تحمل من الطابع الشمولي (فرض حالة الطوارئ) أكثر من النفس الديمقراطي (الإكتفاء بتطبيق القوانيين والتقيُّد بالدستور) وهو علي كل حال (نفس ضيق) لدي الإسلامويين بصفة عامة وأكثر ضيقا وحرجا لدي القاعديين والدواعش بصفة خاصة! المهم، معالجة كل ذلك رهين بوعي ويقظة الشعب التركي، وما أظهره حتي الآن يؤكد أنه شعب شبَّ علي النصح والوصاية، وليس بالإنقلاب كما يشتهي البعض؟! وكيف لمن لا يتحمل عيوب الديمقراطية ويصبر علي نواقصها، أن يتسني له تحمل أخطاء الإنقلابات الكارثية؟ (إلا إذا أدمن دور الضحية او التلذذ بتحمل العذاب، وهذا في حال إفتراض حسن النية او البراءة من نصرة الإستبداد والمستبدين والإرهاب!) ويكفيها شرا وغدرا وخسة، أنها إنقلاب علي إختيار الشعب أي عكس المسار الطبيعي للرغبة العامة! ومؤكد أن من لا يحترم خيار الشعب ليس هنالك حاجة للتأكد من الكيفية التي سينظر بها الي/او يتعامل بها مع الشعب بعد أن يحكم سيطرته عليه. وفي ذات السياق يمكن إدراج تجربة المملكة العربية السعودية، التي تحمل لواء تطبيق الحكم الإسلامي، فهي نفسها تقطع مع المشروع الإخواني وترفضه جملة وتفصيلا (رغم المرجعية الواحدة؟!) ونظام الحكم لديها هو خليط من الطابع القبلي والإرث العشائري المطعم بالقوانين المستمدة من الشريعة الإسلامية! وعامل الإستقرار في هذه المنظومة لا ينسب لصلاحيتها او حِكمة قادتها، بقدر ما ينسب للمال الريعي من عوائد البترول المهولة! وإنعكاس جزء من ذلك، علي شكل الخدمات المقدمة للرعايا وتأهيل البني التحتية للدولة وتمتين الصلات الخارجية (شراء حماية ورعاية الدول الكبري!) أي الإستقرار يعود لنوعية ودرجة الخدمات المقدمة و طبيعة الرعاية/الحماية المستجلبة، وليس لتطبيق الشرعية الإسلامية بحال من الأحوال! بل الشريعة لا تلعب أكثر من إضفاء نوع من الشرعية علي السلطة غير المكتسبة جماهيريا، في الوقت الذي تهدهد فيه روع كثير من المتشنجين دينيا! أي الشريعة تشكل نوع من الهوية الجامعة لفسيفساء لا يجمع بينها إلا النفور والتفاوت المناطقي والتراتبية المجتمعية، وتاليا هي نظام لحفظ الإمتيازات وتكريس الطبقية/التبعية والأوضاع علي ما هي عليه، أكثر من كونها نظام عدالة او آلية مساواة مجتمعية؟ او أقلاه هي نظام فرز مجتمعي وتهميش وإبعاد للأقل حماية، وحماية ورعاية للأكثر مكتسبات؟ أي الشريعة أكثر ما تكون نصيرة/مبررة للراسمالية (الإستغلال!) ونفور والأصح سيف مسلط علي رقاب الفقراء والكادحين، او آلية عقاب جماعي لا تستهدف أخطاءهم فقط! ولكنها مصممة حصرا لإحكام دائرة الفقر حولهم وحصار الكدح عليهم، مما يبرر طاقة تشغيلها؟! أي هي ليست نظام كسر وطاقة تحررية ولكنها وسيلة سيطرة وإستثمار في العبودية! وعليه، الشريعة ليست عقيدة تسمح بحرية الإختيار ولكنها معاملة يقوم عليها جبار. ويمكن ملاحظة وضعية الإستقرار بصورة أكبر في دولة كليبيا القذافي! يكاد يجمع الرأي علي عدم وجود دولة أصلا، لولا المال السائب الذي يتدفق علي مشاريع الحماية للسلطة القذافية في ليبيا، من خلال ما يقدم من رشاوي داخلية وخارجية لشراء الصمت وأحيانا المدح، للهوس والجنون القذافي! الذي يبدو أن مكانه الطبيعي الأدب الغرائبي وليس تسنم السلطة في القرن العشرين؟! المهم، لولا المال والذي يوظف حصرا في مشاريع الحماية الناعمة (خدمات) والخشنة (أسلحة وإرهاب) لما دانت السيطرة علي السلطة لمدة يوم واحد، في دولة مترامية وتشكلها عصبيات متناحرة، وتكاد تنعدم فيها ليس مقومات الحداثة ولكن حتي إستعدادتها؟! أي ليبية بيئتها العامة رعوية وعلاقتها بالحداثة إيطالية إستعمارية جلفة (أقل تحضر علي المستوي الأوربي!) ولذا هي أكثر تقبل لمشاريع الأسلمة والأدلجة من الإحتكام لقوانين وقواعد المنافسة الديمقراطية! وهذا ليس تيئِّس من تحديث دولة كليبيا، ولكن تقدير لحجم التحديات وإحترام كم الصعوبات وما تحتاج إليه من جهود! وهذا دون الحديث عن تجريف القذافي لدولة مجرفة أصلا، ومشروع حكمه الذي يصعب إدراجه حتي في خانة المشاريع الأشد تخلفا وعبثية؟! أي هو نظام ما بعد العبث والجنون والتخلف والقسوة، او نظام موازٍ لحالة داعش الأغرب والأفظع من الخيال في الوقت الراهن! والخلاصة، إن المال قادر علي جلب الإستقرار ولكنه ليس قادر علي خلق الحداثة، علي إعتبارها صيرورة مجتمعية معقدة ومتداخلة العوامل والظروف، ولو أن ذلك لا يمنع أن المال قد يدفع بها خطوات الي الأمام إذا ما أحسن توظيفه، وهو ما يستوجب أن تؤول إمرته ليد الشعب؟ وهو ما يعني في النهاية، أن المال ليس وحده هو المخرج، وهذا في حال لم يتحول لأداءة لتكريس التخلف، وكذلك الدين ليس هو الحل كما يحلو للإسلامويين تصوير الأمر، وهذا بالطبع إن لم يكن وسيلة لنشر الإرهاب وإلغاء ليس متطلبات الحياة ولكن الحياة ذاتها؟ وعليه، ليس هنالك بارقة أمل واحدة ترتجي من هذه المشاريع الإسلاموية المفوتة تاريخيا، فيما يخص تحديث الدولة او القيام بأعباء النهوض او قيادة المجتمع لمرافئ الرفاه، وذلك بالتزامن مع حفظ حقوق الإنسان؟! وبناءً عليه، ليست هنالك صلاحية أصلا لهذه المشاريع حتي يتم إصلاحها، فالإصلاح الوحيد الجائز في حقها هو مغادرة مربعها المأزوم، وتاليا قفل النافذة التي تطل منها مثل هذه المشاريع الفاسدة ودعوات إصلاحها الماكرة! وذلك من خلال إجبار كل من يتطلع للإسهام في الشأن العام (أفراد جماعات منظمات أحزاب) أن يلتزموا ليس مبدأ الديمقراطية ومنهج المؤسسية فقط، ولكن حيادية الشأن العام وإبعاده عن أي تجاذبات دينية او عرقية او تراتبية إجتماعية! أي المنافسة المطلوبة هي لمشاريع ترتضي مبدئيا قانون المشاركة العامة في الشؤون العامة والإقتسام العادل للثروات والخدمات، بل وحتي النقص في الثروات والخدمات! وتاليا، تحريم الإحتكار للشأن العام والإستفراد بإدارته والإستمتاع حصريا بامتيازاته، مهما كان شكل الإحتكار او عنوان شعاراته أرضية كانت أم سماوية! والسبب في ذلك بسيط، وهو أن هذه الأرض/الحياة، قائمة علي المنافسة/الصراع، وتاليا إنصراف الجهود يجب أن تتوجه نحو
كيفية تنظيم وإدارة هذه الوضعية/الحالة/الطبيعة، وإحاطتها بالسلمية، او تأمين ضمانات عدم إنحرافها نحو النفي والنفي المعاكس، أي إبعادها عن لغة العنف وإخراجها من منطق الحروب! وعليه، هي ليست يوتوبيا متوهمة او مثالية محلقة في فضاء الخيال او عقيدة خلاصية لها قدرات سحرية، ليس علي تغيير طبيعة الحياة او معالجة تعقيداتها، بلمسة سحرية او نظرية شاملة ومحيطة، ولكن إمتلاك القدرة علي إعادة تكييف الإنسان بكل تعقيداته وتناقضاته وتنافر ميوله، في قالب واحد، لا يفعل شئ سوي التناغم مع تلك المثالية/الوهمية، وإلا حكم عليه بالعصيان واللعنة ومن ثم الخروج من عالمها مشيَّع باللعنات ووصمة الطرد وتلاحقه تهديدات التصفية! حيث لا حياة لمن ينكر العقائد، أي العقائد ونكرانها لا يتعايشان! وهذا بدوره لا يعني أن نكران العقائد وتسفيهها دائما صحيح، وأصحابه أبطال وشجعان ونوابغ علي الدوام، لأن هذا بدوره موقف عقدي ومغلق وإطلاقي او ضد التفكير، فما هي مشكلة العقائد سواء أنها تضع حد للتفكير إن لم تمنعه، لكونها معطي جاهز ومكتمل، أي لا تفكير مع العقائد، قبول وإيمان وتجريد فقط! ومن ثم هكذا موقف أخير يرقي لكونه عقيدة معاكسة وتاليا هي أكثر بطلان من سابقتها! لأنها لا تفعل أكثر من السعي للحلول محلها، أي تأبيد اللأتحرر وتكريس القمع (المعنوي بخاصة وهو الأخطر) او أقلاه تمنع فرص ترشيد العقائد وعقلنتها! ولذا المطلوب هو الدفاع عن حق الإختيار وحريته من غير ضغوط وإحتقار، مع النأي بالشأن العام عن الإقحامات الخاصة.
إذا ما صدق أعلاه، تصبح محاولات الإصلاح الكيزانية هي مجرد ألعاب عبثية، إن لم تكن ممارسة صبيانية، حتي وإن كان قادتها يشارفون علي الرحيل! ولكن الأهم أنها في حقيقتها لا تسعي للإصلاح المفتري عليه، ولا لإعادة إنتاج أخطاءها كما هو متوقع فقط! ولكن هدفها الأول والأخير هو السلطة لا غير؟! أي ما يسمي إصلاح هو في حقيقته تعديل في إستراتيجية الوصول، وليس تغيير في بنية المفاهيم او إحلال مفاهيم مغايرة او أقلاه تصحيح الأخطاء والإنفتاح علي تجارب أكثر ثراء! وتاليا ما يتوهمه أصحاب مشاريع الإصلاح من ذكاء مفترض، هو في حقيقته نوع من الغباء المكشوف! بمعني، وبما أن المشروع الإسلاموي الإخواني نجح في خداع البسطاء والوصول الي السلطة بالمكر والدهاء، فهو قادر في كل الأحوال وتحت كل الظروف علي خداع الجميع وإحتكار السلطة! أي رهانهم ليس علي الدين كما يدعون ولكن علي عاطفة التدين، وكذلك ليس علي المبدئية والإتساق وطرح برامج واقعية او أقلاه التعلم من الأخطاء، ولكن علي فقدان الشعوب لذاكرتها عبر التركيز علي برامج الغسيل والتزييف والتغفيل! أي هم يفترضون مسبقا أنهم صادقون ومصدقون مهما فعلوا ويفعلون، ولا معني في عرفهم (تربيتهم الإيديولوجية المخادعة للذات!) للتجربة او إحترام الآخر او قوانين الواقع ومتطلبات الحياة! وبكلمة واحدة، هم ظاهريا من سلالة الأنبياء، وباطنيا من طينة الملوك والأباطرة والسادة الأنقياء الدماء! اي هم محكومون بأن يحكموا العالم والآخرين والسيادة عليهما مدي الحياة؟! وللتأكد من ذلك يمكن إلقاء نظرة عجلي علي ما يسمي بالمذكرة الصادرة عن المؤتمر الشعبي، وكبداية للكفر فإن المذكرة نفسها او كما أطلعت عليها، ليست منسوبة لجهة إعتبارية او معلومة (مذكرة مجهولة الهوية ومقطوعة النسب!) وفي هذا الجزء الأكبر من مصدر تشويشها وإضطرابها كما سنري لاحقا، وهذا إضافة الي توهان الشعبيين بعد رحيل الترابي مؤسس التنظيم ومحور حركته، ومعلوم سلفا طبيعة العلاقة الأبوية التي تربطه بأتباعه، وما يفضي إليه رحيل (الأب/الرمز!) من إنكشاف الحماية وعبء المسؤولية علي أتباع غير مسؤولين بالمرة؟ أما علامات الإضطراب والتشويش غير إنقطاع نسب المذكرة، فتتمثل في الخلط بين الجبهة الإسلامية والمؤتمر الشعبي مرة، والفصل بين المذكرة (أصحابها) والمؤتمر الشعبي مرة أخري، وثالث الأثافي الفصل بين الأمين العام المكلف وهيئة القيادة، بل والمؤتمر الشعبي ذاته! وهذا غير أن بداية المذكرة وطبيعة تطلعاتها، تتناقض مع خاتمتها وشكل التحديات التي تواجه المؤتمر الشعبي! وللتأكد من ذلك أيضا، يمكن إيراد نماذج من المذكرة، نجملها في الآتي:
اولا، تحدثت المذكرة عن تجارب الحركة الإسلامية في الحكم والمصالحة والتحالف والمعارضة، وتغلبها في كل ذلك علي قوي الإستهداف والمنع. وفي كل هذا مغالطات تاريخية بينة، فغير الجمع بين الحركة الإسلامية والمؤتمر الشعبي كما أسلفنا وهو ما سيتكرر كثيرا، فالمعلوم أن ما تعرضت له الحركة الإسلامية هو نفسه ما عاشته التنظيمات السياسية الأخري وغالبا بدرجة أشد، في ظل النظم العسكرية ومايو تحديدا! أما الأصح من ذلك، هو أن الحركة الإسلامية هي من فرض المنع والقهر علي الآخرين، بعد مصادرتها السلطة وإلغائها الحياة السياسية بالمرة، وذلك بعد مداهنتها نظام مايو وإستغلاله كحصان طروادة، وهو ما يظهر بدوره إستعداداتها المبكرة للتحول لسلطة شمولية غاشمة، وهو ما لم يتأخر كثيرا! وهذا بالطبع ليس خطأ الحركة الإسلامية وحدها، رغم براغماتية مشروعها السياسي وإنتهازية قادتها وطابع الغدر في ممارساتها وتحالفاتها! ولكن بصورة أكبر خطأ التنظيمات السياسية المعاصرة لها، وبالأخص حكومة السيد الصادق المهدي، وهو ما يشير بدوره لقلة حنكة السيد الصادق السياسية ومهاراته الرئاسية (التي يبدو أنه يعوضها بالقدرات الخطابية والغزارة الحضورية إعلاميا وتحالفيا داخليا وخارجيا!) وليس أدل علي ذلك من الثقة في جماعة غير جديرة بالثقة مطلقا! بمعني من الأجدر التحالف مع عدو من التحالف مع غادر، يستنزف التحالف معه كل الجهود في المراقبة والحذر، ولكن أن تثق فيه وتمنحه الأمان، فهذا نتيجته ليس خسران السلطة فقط، ولكن ضياع الوطن ذاته؟! أما حكاية البصمة الإسلامية الظاهرة في هوية الحزب، فغير أنها غريبة في حزب/جبهة تطرح نفسها كبديل إسلامي، إلا أن مصدر الغرابة الأكبر هي وضع الدين مقابل الحقوق السياسية والإقتصادية والثقافية! والحال كذلك، ما هي إضافة الدين تحديدا، حتي يصبح محرك ومحور للحزب؟!
ثانيا، في نفس السياق تحدثت عن إعمال الشوري الداخلية وإتخاذ القرارات داخل المؤسسات والإستناد الي التقليد الجماعي..الخ وما يستتبعه من تدبير تشاركي في إتخاذ القرارات المصيرية. وعن موضوع الشوري وعلاقتها بالديمقراطية سال حبر كثير، ولكن يمكن تلخيص القضية في أن الشوري وبغض النظر إلزامها او عدمه ومطالبة الرسول بها حصر او غيره وكيفية القيام بها إذا ما تم قبولها..الخ إلا أنها يمكن فهمها وإحترامها في السياق الذي نزلت ومورست فيه بكفاءة، ولكن مقاربتها للديمقراطية او تشبيهها بها او تنسيبها إليها، لا يفيدها في شئ غير تشويه سمعتها وتحميلها ما لا تطيق، وهو لا يختلف كثير عن إلباسها بدلة بدلا عن العقال او العباءة والقول أنها تحولت لديمقراطية! وفي كل هذا ليس لي لعنق الحقائق فقط، ولكنه يهمل قرون من التجارب والتضحيات الإنسانية وملابسات لا حصر لها أحاطة بالتجربة الديمقراطية، حتي وصلت مرحلة الإغراء الذي يجبر الإسلاميين البراغماتيين علي التلفيق في شأنها والإلتصاق بها والتلصص علي منجزاتها! والأهم الديمقراطية مفتوحة علي الإضافة والتطور وهو ما أباح حتي للإسلاميين التعلق بأستارها ولكن علي ماذا تنفتح الشوري غير شغل جهود الحاضر بالإلتفات للوراء! وإحتمال المراوحة بين الديمقراطية والشوري القصد منها، جذب المتعلمين بالديمقراطية من ناحية، والمحافظين بالشوري من الناحية المقابلة؟! ولكن بعيدا عن الإسلامويين وتوظيفاتهم، لا أعتقد أن العلاقة بين الشوري والديمقراطية تبتعد كثيرا عن علاقة الشرق بالغرب وتوتراتها! إن لم تكن المشاريع الإسلاموية كافة أحد تعبيرات هذه التوترات او تواتر الرد الرجعي عليها! أي هي أقرب لضغط الحداثة وإنفجار إنجازاتها في مواجهة التقاليد وعجزها عن المجاراة! وعموما يزداد الإعتقاد أن هذه الجزئية (علاقة الشوري بالديمقراطية) لا تستحق كل هذا العناء الفكري والحفر التاريخي والعصف الذهني، أكثر من حاجتها للصفاء الذهني! أي عدم مجاراة الإسلامويين في لعبتهم وصرف الإنتباه عن الجهود والآليات والمناهج المطلوبة لتحديث الدولة، وأولها التصدي للإسلامويين والأسلمة! المهم، الإصرار علي أن الشوري هي الديمقراطية كما يشي نص المذكرة او أقلاه معاملتهما بصورة مترادفة او بالإنابة، فهذا ما يزيد من إضطراب وحيرة أصحاب المذكرة! بمعني، الإنبهار بالديمقراطية وملحقاتها من مؤسسية وجماعية في إتخاذ القرارات..الخ ولكن دون الإعتراف بذلك صراحة! وهو إعتراف لو تم دون إلتفاف، سيسحب من تحت أقدامهم جدوي المشروع الإسلاموي برمته، ويجعلهم علي قدر المساواة مع الآخرين و الأصح أقل، بوصفهم لا يحملون مشروع ذا قيمة مبرِّأة للوجود او التداول! ولذا لزم التمويه بإستخدام كلمة الشوري!؟ ولا يمنع ذلك أن هنالك سبب إضافي لإستخدام مفهوم الشوري الملتبس! فهذا المصطلح الأخير يختلف عن الديمقراطية، في أنه لا يستتبعه محاسبة او رقابة او ضبط للسلطة! ولذا فهو يناسب الإسلامويين وطبيعة ممارساتهم المطلقة للسلطة وتعاملهم الإستعلائي علي الجمهور. أما مصدر الدهشة الأكبر، فتظهرهه حقيقة أن الجميع يعلمون كيفية إدارة الجبهة الإسلامية في عهد الترابي، لدرجة يصعب فيها الفصل بين الجبهة والترابي، أو معرفة أين حدود الترابي وحقوق الجبهة وأعضاءها، في هكذا تنظيم أقرب للسرية (السرية المشتبهة هنا، بمعني تكريس الغموض وشيوع الإلتواء المعاديان للوضوح والشفافية كسمات أصيلة في التجربة الديمقراطية!) والدليل، كل القرارات المصيرية التي تتحدث عنها المذكرة، قام بها الترابي إما بصورة منفردة او بإيعاز منه، وهو من هو لا يرفض له طلب او ترد له رغبة، حتي وإن ثبت إنحرافها وأضرارها وفسادها! والتفسير الوحيد لذلك، إن الديمقراطية محض ألفاظ او بعض إجراءات او وسيلة إنتهازية لدي الإسلامويين، وليست مفهوم او ثقافة او مبادئ او أسلوب حياة او أنظمة وطريقة حكم.
ثالثا، في الجزء الثاني من المحددات المؤطرة لعمل المؤتمر الشعبي كما تقول المذكرة، تتجسد في الممارسة وتتعلق بالإنفتاح وروح المسؤولية والبناء علي ما راكمته الجبهة الإسلامية، بإعتبارها مدرسة سياسية ممتازة ومميزة، من تجربة جعلتها تنبذ الإنتهازية والمشاريع الفردية والجمود الفكري والتحجر وبممارسة منفتحة علي الآخر..الخ لتحقيق هدف أساسي هو جعل الحركة الإسلامية في قلب عملية التغيير إجتماعيا وشعبيا وسياسيا! آسف لطول الإستشهاد، ولكن من يصدق أن ما ذكر أعلاه يصدر عن إسلامويين؟ وإذا كانت هذه أهدافهم الحقيقية، فماذا تركوا لمعارضتهم؟ ولكن ما يذهب بالدهشة، هو موقع الإسلامويين من السلطة!! بمعني الإزدواجية التي نعيبها علي الترابي، يبدو أنه أورثها لأتباعه وجذَّرها في جماعته؟! أي خطاب الجماعات الإسلاموية المعارض، حتي وإن كان ضد سلطة إسلاموية كان جزءً منها ويتطابق معها في المنطلقات والأهداف وغالبا الوسائل، فهو خطاب يكاد يكون مطابق لخطاب كل المعارضين، بمن فيهم الذين صدروا عن خلفيات علمانية، بل ولا يستنكف هو نفسه إستخدام لغة علمانية فاقع لونها! بمعني أكثر وضوح، هم يتلونون بلون المعارضة ويتماهون في خطابها، حتي يصعب فرزهم، وتاليا إقصاءهم وحرمانهم من فرص الوصول الي السلطة نهائيا، كأقل جزاء علي ما إقترفته إيديهم وألسنتهم وأفعالهم المشينة ومسالكهم الإجرامية أثناء ممارستهم للسلطة؟! وهو ما يجعل التحالف مع هكذا جماعة او حزب او تنظيم هذه مواصفاته، هو بمثابة مجازفة في غاية الخطورة وعظيمة الأكلاف، إن لم تكن عاقبتها كارثية علي المعارضة بصفة خاصة والوطن بصفة عامة! مع التأكيد علي أن هنالك فرق بين التسامح الذي يسبقه الإعتراف والإعتذار ودفع ثمن الأخطاء ورد المظالم، وبين التحالفات التكتيكية التي تتوهم أن عدو العدو صديق وإن كانت دماء ضحاياه تقطر من خنجر برامجه وخططه المسمومة حتي الآن!؟ هذا ليس تحالف بحال من الأحوال، ولكنه أقرب لخيانة دماء الضحايا والإستهانة بأحزان الوطن. وعليه لا تحالف لا تسامح لا تعامل مع الإسلامويين حتي يلقوا بمشاريعهم التدميرية وأساليبهم الإجرامية الأرض وهم صاغرين.
رابعا، أما الحديث عن الزخم الذي جلبته المشاركة في الحوار الوطني، فهو يخص المؤتمر الشعبي وأهدافه المضمرة فقط، ولذا لا أعتقد أن هنالك زخم ولا يحزنون سواء علي مستوي الإنفراج الوطني العام، او علي مستوي زحزحة صخرة الإنغلاقات السياسية والإستعصاءات الإقتصادية وغيرها من الأخطاء والمصائب التي رُزئنا بها مع مقدم موكب الظلام او مركب الظلم والضلال الإسلاموعسكري؟! اما الحديث المخجل عن المشاركة دون شروط مسبقة! فغير أنه يعبر عن نفسه مما يغني عن التعليق، إلا أنه يشكل هرولة مفضوحة وإندلاق مهين للكرامة الحزبية والسياسية! وهذا مما لا يغري أحد للإنضمام، ناهيك عن الإحترام لهكذا مسالك حزب! ولا يخفف من هول حجم الواقعة مبررات من شاكلة الحرص علي دفع حركة التغيير ومباشرة الإصلاحات الكبري الضرورية وتأمين إستقرار البلاد! ولكن بأي كيفية والحزب يأتي للحوار مستسلما خائرا منبطحا؟ وهذا غير أنها جميعا وغيرها ومن ودون إستثناء، مرتبطة ليس بشروط الحوار كمقدمة جادة فقط، ولكن بمشروطية الجدوي من الحوار وتفعيل مخرجاته ذاتها؟! وفي نفس الإتجاه حديث المذكرة، عن التحليل الموضوعي علي أساس أرضية توافقية متفق عليها لدي كل الفرقاء. فهذا ما يصح وصفه بالكذب الصراح، ليس بدلالة تغييب أمهات القضايا، مثل تفكيك دولة الحزب والتي آلت بدورها لدولة الفرد لصالح دولة الديمقراطية، وإعادة تاسيس الهيكلة السياسية والإقتصادية والإجتماعية ..الخ السودانية، علي أسس حديثة ومواكبة، وغيرها من أمهات الهموم والمطالب، وكذلك إبتعاد أهم الفرقاء عن الحوار وتشكيكهم عن حق في جدواه! ولكن بدلالة تعبير المذكرة ذاتها، من خلال تصريحها في خاتمة الفقرة، بأن وحدة الإسلاميين هي الغاية والهدف! وهنا مربط الفرس، وتاليا نسف لكل الهراء والمبررات السابقة التي تتلاعب بألفاظ الوطن وتعبيرات الشراكة.
خامسا، تخاطب المذكرة الأمين العام المكلف الشيخ/ إبراهيم السنوسي مباشرة، وهو ما كان يتطلب تحديد هوية أصحاب هذه المذكرة، خصوصا وهي تتحدث عن إستدعاء إعتناء جديد ومجدد لتدبير ما ينتصب من تحديات جديدة وضرورية أمام إعادة طرح المؤتمر الشعبي نفسه في ثوب جديد ومسمي جديد ثم إستحضار المقاربة السياسية الواقعية. فكما نلاحظ هذه المرة هنالك صراحة في تحديد المؤتمر الشعبي وليس الجبهة الإسلامية، التي ورثها أغيار كثر، كل يدعي أحقيته بميراثها وكأنها ما يستدعي الإفتخار وليس العار والشنار؟ إلا إذا كان المقصود إعادة تدوير الإستثمار في أصولها وممتلكاتها المادية وبصورة تقارب العدم المعنوية، والتي راكمتها الجماعة الإسلاموية من خلال إستيلاءها الغادر علي السلطة ونهبها الممنهج لموارد الدولة! ولكن السؤال، إذا كان المؤتمر الشعبي يستحق كل هذه الإستدعاءات، فماذا تبقي منه؟ ولماذا لا يحل ويفكر في بديل آخر لا يرث كل هذه النواقص! وهذا بالطبع في حال أن الإشكالية لم تتخطَ مسمي الحزب او تخلخل بناه التنظيمه او شكل ممارساته او إهتراء تماسكه، ولكن المؤكد أنها أعمق من ذلك بكثير، وتطال إفلاس مكونات الحزب (أفراد وقضايا وأصول ومناهج!) وإبتذال شعاراته الإسلامية، وهو ما يستحيل علاجه! وكما نلاحظ مرة أخري كم التعارض ما بين تردي الخاتمة الحزبية وإشراق ومكتسبات الجبهة الإسلامية! وكأن السلبيات تُلحق بالحزب والإيجابيات تُلصق بالجبهة كيفما شاء، او ما شاع تسميته صدق/صحة المنهج وضعف/سوء التطبيق، او شئ من هذا القبيل، والذي لا يعدنا بأكثر من منحهم صكوك مجانية لإعادة المحاولة والتجريب، وهكذا دواليك الي أن يرث الله الأرض ولا أعتقد أنه سيجد أحد عليها، إذا ما أجبرنا علي السير في هكذا درب عدمي.
سادسا، تحدثت المذكرة عن مؤتمر عام يعقد في قادم الأيام، علي إعتباره إختبار يحدد تمسكهم بالديمقراطية او الشوري؟ لا تعليق إضافي علي جزئية الديمقراطية والشوري، ولكن الحديث عن إنتظار المنعطف (المؤتمر العام) وأنهم نضجوا (لا نعلم المقصود هل هم أصحاب المذكرة او كل عضوية المؤتمر الشعبي، ام كلاهما شئ واحد وهو ما يصعب تصديقه!) لتحمل المسؤولية؟! ثم بعد ذلك إستعطاف الأمين العام المكلف، الذي لا يكرس في طريقته للإنتقال المؤسسي! والحال كذلك، لا أعتقد أن الأمر يستقيم بهذه الكيفية؟ ليس لأن أصحاب المذكرة أجبن من أن يواجهوا الأمين العام المكلف (والذي يبدو أنه لم ينجح في شئ بقدر نجاحه في إلغاء شخصيته وتقليد شيخه لدرجة الإستنساخ، وهو ما يمنحه قصب السبق علي النعجة دولي بأجيال!) فقط، ولكن لأن حديثهم عن الإنتظار يتنافي مع النضج وتحمل المسؤولية والتي بدورها تأنف من الإستعطاف والإستجداء! وكل هذا دون قول كلمة واحدة عن تراكم الخبرات والإستفادة من تجارب الحركة الإسلامية والمؤسسية وهلم جرا والتي تملأ المذكرة طولا وعرضا، لدرجة تشعر وكأنك أمام عدد من الحركات الإسلامية والمؤتمرات الشعبية، من شدة تباين التصورات والمواقف، والفوارق الشاسعة بين الطموحات والقدرات والضيقة بين الواقع والخيال! أما ما يدعوا للإشفاق علي المؤتمر الشعبي قبل الرثاء، هو حديث المذكرة عن أن الرأي العام يتحدث عن مماطلة وعزوف الأمين العام المكلف عن تحديد أجل المؤتمر! والسؤال، ما دخل الرأي العام في إجراء من أخص خصوصيات المؤتمر الشعبي، حتي يُعطي كل هذا الوزن؟ وهل الرأي العام ملزم للمؤتمر الشعبي، أكثر من عضويته الداخلية؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهذه فرصة لتبشيِّر المؤتمر الشعبي وعضويته، أن أغلبية الرأي العام لا ترغب في رؤية لا مؤتمر شعبي ولا وطني ولا إصلاح ولا أي مشروع إسلامي آخر مطروح في الساحة السياسية، بعد المحنة التي مر بها الوطن والكابوس الذي عاشه المواطنون وما زالوا يعانون من تبعاته وجرائره، من تحت رأس الإسلامويين ومشاريعهم التخريبية؟! أما ما يلي الشيخ إبراهيم السنوسي، وبعيدا عن إهانة المشيخة وإبتذالها علي يد الجبهة وأنصارها! إذا كان أسلوب المذكرة هو وسيلة المعارضة داخل المؤتمر الشعبي، فأبشر بطول قيادة مطلقة للمؤتمر الشعبي حتي الرحيل؟!
سابعا، أما عن مقترحات أصحاب مذكرة (العشرة المائة الواحد الحزب كله لا ندري!) فهي لم تحدد الجهة التي يحق لها الشروع في قيام مؤتمر الشوري العام، والذي أعد له من أيام حياة الشيخ الترابي (لماذا لم يقم أثناء حياته؟ ولماذا هو مُلزم الآن بعد وفاته؟!) وكذلك ليس هنالك تحديد للجهة التي تدعو الهيئة القيادية للإجتماع، ومناقشة القرارات الفردية التي إتخذها الأمين المكلف في تجاوز متعمد للنظام الأساسي (لماذا يحرم منها وقد كانت مباحة للترابي كما أسلفنا، يعني ما جابه من برة!) مع أن الأوفق والحال كذلك، هي محاسبة الأمين العام المكلف وليس مناقشة تجاوزاته؟! المهم، وبعيدا عن تدني سقف المطالبات وتأدبها والأصح خجلها وكسوفها (الحياء والحجب في آن!) في حضرة الأمين العام المكلف، إلا أنها صدرت بصورة مواربة، أي بطريقة (أياك أعني فأسمعي ياجارة او بسخرية بروف ود البوني أنا ما بفسر وأنت ما تقصر!) وبتعبير وأضح، وكأن المقترحات تحمل شفرة او كلمة سر خاصة بعضوية المؤتمر الشعبي وحدهم؟ وعليه من الأوفق ان تلحق هذه المذكرة بمذكرة تفسيرية تحل رموزها، حتي يعلم الرأي العام (طالما كان رأيه بهذه الأهمية!) رأسه من رجليه! أما هذا الغموض الي يحيط بالمؤتمر الشعبي، والذي يشي بأن المؤتمر الشعبي يدار بأساليب الدجل والشعوذة والقيل والقال او أقلاه بأسلوب الإشارة الذي لطالما كان مصدر إستهزاء من جانبهم في حق الأحزاب التقليدية وأنصارها، فهذا ما لا يبشر بخير او إطمئنان او يرسل دلالة علي أنه وعي الدرس! بتعبير آخر، هذه الطريقة الجبانة في إدارة الصراع، او غياب ثقافة المواجهة وحق الإعتراض، بين الأمين العام او المكلف من جهة، وبين الأعضاء وبما فيهم هيئة القيادة من الجهة المقابلة! هي جزء من تربية السمع والطاعة او شيوع ثقافة الإستكانة والقبول المطلق، التي درج التربي علي بثها بين الأتباع وزرعها في القيادات! وهي تربية بدورها معادية للجدل ومسفهة للنقاش ومحرمة للإختلاف، قبل أن تكون مكرسة للتدجين و مبررة للذل والهوان؟!
ثامنا، تحدثت المذكرة بلسان إسلاموي مبين، عن حالة إحتقان وأزمة يعيشها المؤتمر الشعبي، وهي توشك علي الإنفجار؟ ولكن وبدلا من التعرض لأسباب هذه الإختناقات والأزمات، حتي يوضع المتابع في الصورة او أقلاه يزداد وعي الأعضاء بها، خصوصا وأن المذكرة فضلت الإطلال علي الجميع من منبر عام، فضلا عن حساسيتها المفرطة تجاه آراء الرأي العام! نجدها إختارت (أن تتواري خلف فقه السترة!) أي أن تغوص مباشرة في غمار طرح الحلول، والأصح إثارة الغبار بما يشبه تقديم روشتات للعلاج، مما يُعتِّم علي الرؤية بدلا من جلاءها او تطبيب جراحها ومكامن مرضها، مثل إعتماد الشوري بدلا عن الصراعات والسماح بتداول الآراء وعدم معاملة كل إختلاف كأنه تكتل او إنقسام، وعدم مطاردة المختلفين بحملات الدعاية السوداء وإغتيال الشخصية وتشويه مواقفهم إستنادا علي خلافات سياسية وفكرية! ومصدر إثارة الغبار المشار إليه، أنها غيَّبت جذور هذه المشاكل، او ما يبدو أنها حلول ومعالجات هي مجرد مسكنات لداء مستحكم، يتجسد في النهج الشمولي الذي يدار به الحزب ويتحكم في ثقافة قادته وتدجين أعضاءه! وبتعبير آخر، كلما ذكر أعلاه هو سمة أصيلة في كل الأحزاب العقائدية، وعليه تصبح المعالجة الحقيقية ليست في الحلول المطروحة أعلاه، بغض النظر عن صحتها او خطأها او توافر او إنعدام بدائلها، ولكنها تكمن في فك الإرتباط بين الحزبية والعقائدية، والأصح تحرير الحزبية من العقائدية وإدراجها في قوانين عصرها التي تنكرها/تسفهها العقائدية! ولكن بما أن العقائدية أعلي مرتبة وأسمي مكانة من الحزبية، في عرف سدنتها وقوانين حراسها وحماتها ومن يملكون مفاتيح تفسيرها وهالة تقديسها، فتاليا أي إنفصال او فك إرتباط بينهما هو بمثابة إنتحار لتلك الأرثوذكسية المسيطرة علي العقيدة/الحزب! لأن الإرتباط يقدم لها خدمة جليلة، من خلال إبطال قوانين التداول، أو يرفعها فوق مستوي الإجراء العادي والطبيعي؟! ولكن المفارقة أن عدم الإنفصال هو نفسه إنتحار وأقعي وإن ببطء! أي في كونه مجافٍ لسنة التغيير التي فطرت عليها ليس سنن الكون فقط، ولكن حتي وجود الإنسان وطبيعة نشاطاته، والذي يبدو أن ثابته الوحيد هو التغيير والتبدل بإستمرار، وإلا لفسد الكون وقبله الوجود الإنساني ذاته؟! ولكن المتضرر الأكبر ليست العقائد الأقرب للماضي والطفولة والأحلام ولكنه الحزب الأقرب للنضج/المسؤولية والواقعية والمستقبل! والنتيجة المنطقية، هي حدوث تشققات وإنشقاقات بسبب ضيق العقائد وتسلطها وإتساع الحزب وأبعاد تطلعاته ومواكبته، مما يؤدي حتما لإضعاف الحزب من ناحية، وتجاوز القضايا والأحداث المستجدة لطبيعة العقائد الجافة والمتكلسة من الناحية المقابلة؟! والخلاصة، تحول الحزب العقائدي الي مجرد يافطة تحدد وجهة أعضاءه، والأصح تاريخية أعضاءه! ولكن من دون فاعلية حقيقية علي أرض الواقع، الذي يتفلت ليس بسبب غربته علي العقائد وسرعته في حضور سلحفائيتها فقط! ولكن لتعذره علي الضبط والحصار! أي الواقع ذاته محكوم بالتبدل والتغير والإنفتاح علي المجهول! وقد يكون في هذا مصدر شغف الإنسان وهلاكه؟! وهما ما يحددان الفرق البيِّن بين الحزبية والعقائدية المشار إليه أعلاه! ولذا نجد الحزب العقائدي حتي وإن كان عمره صغير كالمؤتمر الشعبي، إلا أنه تحاصره المتاعب وتخترقه أمراض الشيخوخة من كل إتجاه! أي بدلا أن يكون فرصة لمعالجة إشكالات الواقع، يتحول هو نفسه الي عبء إضافي علي الواقع؟ ولكن أن تنحدر عقيدته او تنحصر أسباب وجوده حول شخص او فرد، حتي وإن كان متضخم الذات كالترابي! فالمؤكد أن وظيفة الحزب تنحط لدرجة لا تتعدي كونها آلية يخوض بها رب الحزب معركته الختامية او العدمية! ضد أبناءه الذين غدروا به! وكل من إلتف حوله كان يؤمن بقدراته الخارقة وإنتصاره في النهاية وأيلولة الأمر إليه، أليس يوم الحساب بقريب، وفيه تمنح الجوائز للمطيعين وتنفذ العقوبات في حق الجناة والمذنبين، وهل هنالك ذنب أكبر من إزاحة الملك عن ملكه! ؟! ولكن بمرور الوقت أصبحت تتضح محدودية قدرات الترابي وفقر خطابه وتتضاؤل حضور او جاذبية أفكاره، خصوصا بعد فقدانه بريقه (بسبب بؤس حصاد التجربة وذهاب السلطة وفقدان إمكانية ممالة السلطان!) وهزيمته الساحقة أمام أبناءه، وإستحالة حسم المعركة أمامهم مهما تعددت الجولات (بسبب معرفتهم نقاط ضعفه والأصح محاربته بنفس سلاحه مع إستخدامهم أدوات السلطة التي حرم منها بسبب غروره، وليس بسبب تدينه او ديمقراطيته او وطنيته كما ظل يردد ويوحي بذلك هو أتباعه!) الشئ الذي أوغر صدره وصدر أتباعه، ليتحولوا من طامعين في السلطة الي حاقدين علي أصحاب السلطة؟! ومؤكد تواضع الطموحات الي هذا الحد بالتزامن مع حرق مراكب العودة الي السلطة، يصحبه إلحاح إجرامي وتطلع لإستخدام كل الوسائل، وتاليا يصبح المبدأ المعمول به ليس الغاية تبرر الوسيلة، ولكن لابد للوسائل ذاتها أن تشفي الغليل، قبل نيل جائزة الغاية علي طبق من إذلال العدو وسحقه! بمعني نحن ليس حيال نهج سياسي وإن تلبس لبوس الدين وإستعار لغة السياسة، ولكننا بالأحري أمام حملة دفتردارية إنتقامية، وإن رفعت راية المؤتمر الشعبي وشعاراته؟! وبما أن رحيل الترابي لا يعني رحيل أسلوبه ومنهج عمله، فعليه يتحول سلوك التنظيم تجاه الأعداء والخصوم، الي سلوك الأعضاء تجاه بعضهم البعض، والي أسلوب عمل في إدارة خلافاتهم الداخلية! وعليه يبدو وكأن إنقساد الجبهة الي مؤتمر وطني وشعبي يعيد نفسه في كل مرة! أي نفس تركيبة الأعضاء ونفس النهج، فكيف نتوقع أن تختلف النتائج؟! وطريقة صدور المذكرة مقطوعة النسب تقرر ذلك، قبل أن تكون عرضحال لكم الخواء والوهم واللؤم الذي يعيشه التنظيم ويعشش في جنباته! لتظهر لنا حقيقة المؤتمر الشعبي عارية، وهي أن كل حصيلة الحزب السياسية، ليس لها علاقة لا بالوطن ولا بالإسلام ولا بغيرها، ولكنها تتلخص في البكاء علي الأطلال والبحث عن مجدٍ غابر تحت ركام أعداء اليوم إخوة الأمس، ولله في سننه عبر؟!
آخر الكلام
أعتقد أن أنسب شعار يتبناه المؤتمر الشعبي، هو الفردوس المفقود، وعندها يمكن أن يتحلوا بالحكمة ك(متعدد المواهب) المرحوم محمد أحمد المحجوب، ويكتفوا بقرض الشعر الإسلامي والتوسع في نقد الآداب السلطانية وفقه الطهارة الداخلية والخارجية! ولو أن قامة المحجوب من العلو بمكان تتصاغر دونه قامة الإسلامويين كافة ومن كل الأوجه، بفقر مواهبهم وحدة سلوكهم وتجهم وجوههم، كأنهم خلقوا لعكس التعاسة وجلبها للآخرين من العدم! أما إذا أرادوا النصيحة من غير حريصٍ علي الحزب وأتباعه وكل أتباع الإسلام السياسي! لمصلحة الإسلام والسياسة، أرفعوا أياديكم عنهما وكفي؟!
وأخيرا، نسأل الله أن يتغمد البروف الطيب حاج عطية بواسع رحمته، ويلهم أهله وأصدقاءه وعارفي فضله الصبر الجميل وحسن العزاء. فرحيل قامة كالبروف بكل أعماله الجليلة وعطاءه المتدفق دون من أو أذي، وفي وقت أشد ما تكون البلاد لحكمته وجهوده الوطنية المخلصة، لهو مصدر ألم وحزن ممض يضاف لأحزان الوطن الدفينة وإحباطاته المتناسلة بمتوالية هندسية تطَّرِد مع بقاء الإنقاذ كل يوم! وما يزيد القلب حسرة وفجيعة علي رحيل البروف، أنه يمثل أحد الركائز لآخر جيل من الرجال العظماء الذين أنجبتهم هذه البلاد، ليس لحيازته المجد من كل أطرافه الأكاديمية والوطنية والإنسانية فحسب، وإنما لأنه ظل وفيا لمبادئه ولم يبدل تبديلا. وتتصل الدعوات لله بقبول الصحفي حسن البطري قبولا حسنا، وتمتد التعازي لأسرته وأسرة الصحافة والوسط الإعلامي بصفة عامة، ولكل من فقد عزيزا لديه في سابق الأيام، ونودعهم جميعا ولسان حزننا يردد، إنا لله وإنا إليه راجعون! ودمتم في رعاية الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.