بسم الله الرحمن الرحيم السودان سلة غذاء الوطن العربي, ولكن ذلك لا يؤكده واقع الحال, حيث تشير الأرقام إلى تدن واضح في إنتاجية الحبوب بما في ذلك محاصيل القمح والذرة والفول السوداني بنسب متفاوتة. ويمثل القطاع الزراعي في السودان رافعة أساسية لاقتصاد البلاد، إذ يعمل فيه بصورة مباشرة وغير مباشرة نحو40% من القوى العاملة، كما أنه يساهم بنحو 30% من إجمالي الناتج المحلي. وتمثل مساحة السودان حوالي 2.5 مليون كلم مربع منها 35% صالحة للزراعة, يستغل منها فعليا 20%, وتمثل الذرة والقمح والسمسم والفول السوداني المحاصيل الغذائية الرئيسية للبلاد. كما تتوفر أكثر من 18 مليار متر مكعب من مياه الأنهار خاصة نهر النيل، وكميات كبيرة من مياه الأمطار تصل معدلات هطولها في بعض المواسم معدلات قياسية. وحسب الخبراء فإنه تتوافر في هذا البلد الظروف الطبيعية المناسبة لتحقيق أهدافه الزراعية وأمنه الغذائي, لكنه في الواقع لا يختلف كثيرا عن باقي الدول العربية من حيث الفجوة الغذائية التي يحاول ردمها عبر الاستيراد. وبلغت فاتورة السودان من استيراد الغذاء في عام 2009 نحو1.5 مليار دولار, أما هذا العام فمن المنتظر أن تبلغ ملياريْ دولار. وهذا الواقع وإن أقرت الحكومة بوجوده نسبيا إلا أنها تحاول التخفيف منه معتبرة أنه لم يصل للحد الذي يخلف ورائه أزمات إنسانية أو مجاعات. وبناءاً علي ذلك، انقل لكم جزء من المقال الذي كتبة الاستاذ ادريس حسن في صحيفة الصحافة (14/6) بعنوان ( المواطن بين نارين.. حروب الحكومة وحروب الحياة!) المواطن العادي في اصقاع السودان المختلفة بات يعيش حالة من الذعر والفزع وهو يرى بان يعيش هذا المشهد القاتم الذي يلف الحياة السياسية في بلادنا ليس من باب الاهتمام بالسياسة كما كان يحدث في الماضي فهو قد زهد فيها وما عادت تعنيه، ولكن من باب مجالدة الحياة وما يمكن ان تجره السياسة على معاشه من ويلات واحزان وكوارث.. ظل يرقب في فزع اطلالة يوم التاسع من يوليو القادم بعد ان انذرته الحكومة صراحة بالويل والثبور وعظائم الامور الذي ينتظره على الجانب الاقتصادي جراء الانفصال وتبعاته على مورد البترول «وها هي بشائر» الضيق الاقتصادي والعنت المعيشي تلوح في حياته وتشعل النار في اسباب عيشه واحتياجاته اليومية المتواضعة.. جوال السكر يسعى سعره حثيثا نحو ال 200 جنيه ورمضان على الابواب.. طن الاسمنت يقفز بين ليلة وضحاها قفزة هائلة تتجاوز ال 300 جنيه مما يعني ركود سوق العمالة.. رغيف العيش يتضاءل حجمه وعدده ويرتفع سعره.. زيوت الطعام والخضروات تلتهب باسعارها.. الاسواق تعيش حالة ركود تام بعد ان خلت المتاجر تماما من الزبائن اللهم الا فرق الجبايات.. المعاناة المستمرة وربما الموت الكريم هو آخر ما تبقى للمرضى الموجوعين بعد ان تعذرت جرعة الدواء.. المدارس على الابواب والناس معظمهم لا يملكون لقمة العيش فكيف يتأتى لهم الوفاء بفواتير المدارس واحتياجاتها من رسوم دراسية وزي مدرسي وكتب ومواصلات التلاميذ والطلاب.. طلاب الجامعات تتقطع أكباد آبائهم وامهاتهم من اجل توفير مصاريف دراساتهم الجامعية لينتهي بهم الامر آخر المطاف الى صفوف العطالة والبطالة التي لا تستثني حتى صفوة الخريجين من الاطباء والمهندسين والمهنيين الذين لم يجدوا سبيلا الا امتهان قيادة الركشات والعمل «كماسرة» في الحافلات وغيرها كثير من الاعمال الهامشية التي لا تتناسب ومؤهلاتهم العلمية. الصحف تحمل كل يوم خطوطا ومانشيتاتٍ غريبة لم يعهدها اهل السودان طوال تاريخهم.. ام تبيع اطفالها.. ام اخرى تتجرع السم بغرض الانتحار بعد ان فشلت في اعاشة اطفالها لتتركهم في رقبة الحكومة علها تتكفل باعاشتهم.. الصحف ايضا تمتليء باعلانات المحاكم الشرعية التي تطلب فيها الزوجة الطلاق بسبب غيبة الزوج واعساره بعد ان هجر الزوجة والاطفال وآثر ان يتركهم هائمين في طاحونة الحياة القاسية. تلك هي بعض من حروب المواطن اليومية وهو يخوض معركة الحياة والبقاء ولكنها رغم فداحتها وقسوتها ما عادت تكفي لاشقاء الناس فتراكمت فوقها حروب الحكومة السياسية.. دارفور.. جنوب كردفان.. التداعيات الاقتصادية للانفصال المرتقب.. بالاضافة لى بؤر الاحتقان في النيل الازرق وفي شرق البلاد الى جانب المسرح الدولي وما يجود به من فخاخ والغام. واخيراً ، الي متي سيستمر هذا السيناريو؟. حسن الطيب [email protected]