المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    بيان هام من السفارة السودانية في تركيا للسودانيين    "بناء الدولة وفق الأسس العلمية".. كامل إدريس يدعو أساتذة الجامعات للاسهام في نهضة البلاد وتنميتها    مونديال الأندية.. فرصة مبابي الأخيرة في سباق الكرة الذهبية    نبيل عبد الله: قواتنا بالفرقة 14 مشاة صدّت هجومًا من متمردي الحركة الشعبية بمحطة الدشول    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    بلاغ بوجود قنبلة..طائرة سعودية تغيّر مسارها..ما التفاصيل؟    أكثر من 8 الاف طالب وطالبة يجلسون لامتحانات الشهادة الابتدائية بسنار    كيف تغلغلت إسرائيل في الداخل الإيراني ؟!    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    أردوغان: الهجوم الإسرائيلي على إيران له أهداف خبيثة    "خطوة برقو" تفجّر الأوضاع في دارفور    الصادق الرزيقي يكتب: الدعم السريع وشهية الحروب التي فُتحت في الإقليم    أنباء عن اغتيال ناظر في السودان    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    فيكم من يحفظ (السر)؟    افتتاح المرحلة النهائية للدوري التأهيلي للممتاز عصر اليوم باستاد الدامر.    في السودان :كيف تتم حماية بلادنا من اختراق المخابرات الإسرائيلية للوسط الصحفي    من الجزيرة إلى كرب التوم..هل دخل الجنجويد مدينة أو قرية واستمرت فيها الحياة طبيعية؟    هيمنة العليقي على ملفات الهلال    الحرب الايرانية – الاسرائيلية: بعيدا عن التكتيات العسكرية    نشاط مكثف لرئيس الوزراء قبل تشكيل الحكومة المرتقبة    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    شاهد بالصور والفيديو.. الفنان حسين الصادق ينزع "الطاقية" من رأس زميله "ود راوة" ويرتديها أثناء تقديم الأخير وصلة غنائية في حفل حاشد بالسعودية وساخرون: (إنصاف مدني النسخة الرجالية)    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    من حق إيران وأي دولة أخري أن تحصل علي قنبلة نووية    أول دولة عربية تقرر إجلاء رعاياها من إيران    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    بالصور.. زوجة الميرغني تقضي إجازتها الصيفية مع ابنتها وسط الحيوانات    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    فجرًا.. السلطات في السودان تلقيّ القبض على34 متّهمًا بينهم نظاميين    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    محمد دفع الله.. (صُورة) تَتَحَدّث كُلّ اللُّغات    في سابقة تعد الأولى من نوعها.. دولة عربية تلغي شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام لهذا السبب (….) وتحذيرات للسودانيين المقيمين فيها    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    تراجع وفيات الكوليرا في الخرطوم    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود "إماراتية"    "الحرابة ولا حلو" لهاني عابدين.. نداء السلام والأمل في وجه التحديات    "عشبة الخلود".. ما سرّ النبتة القادمة من جبال وغابات آسيا؟    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا؟ لو ترشح اسود/نوبي للرئاسة في الانتخابات المصرية القادمة
نشر في السودان اليوم يوم 12 - 01 - 2012


مقال كتبه عبد المنعم سليمان في مصر واعتقلوه بسببه
بسرعة فائقة سيقول المصريون : "يا خبر اسود" ؛و ربما تحول ذلك بمرور الوقت الى شعار مصري هتافي يردد بمكبرات السود " خبر اسود ؛ نهار اسود" . و الإجابة ببساطة انه لن يفوز.
اذا حلم احد النوبة /السود بوزارة أو ان يكون بطل لسيناريو فلم مصري أو درامة تلفزيونية ستعد تلك في مصر الغالبية البيضاء كارثة كبرى . ما باله لو حلم بالترشح للرئاسة ؟.
يعبر المصريون عن صدمتهم لدى وقوع الكوارث العرضية (من هذا النوع ) بعبارة مدمنة " يا خبر اسود " ؛ " ايه اليلة السودة دي" . وهم يدمغون الحظ العاثر وما يتشاءمون منه أيضا كذالك بالسواد .
لو حدث – وليقدر الله- ان ترشح احد النوبيين /السود منافسا في سباق رئاسي ستكون بالنسبة للمصريين البيض الاغلية "الكارثة الاسؤ من نوعها في عالم اليوم " تعادل وصف الحالة في إقليم دارفور غربي السودان على السنة العالم المتحضر مطلع الالفية الجديدة . ان لم يقتلوه في الطرقات بالحديث سيقدمونه للمحاكمة بتهمة سينتجونها سريعا انهم بارعون ؛ لربما ضمنوا الواقعة مادة دستورية . والمحاكمة طبعا عادلة و نزيهة ومن له الحق في نقد محاكمات ضد السود في مصر ؟ .
والنوبيون بالرغم من إنهم سكان مصر الأصليون الاندجينوز (Indigenous )؛ ومصر رغم انها زنجية الاصل ؛ وبالرغم من عشق النساء- نوبيات وغير نوبيات- في مصر للبس الأقمشة السوداء في الافراح والأحزان معا وللزينة ايضا فان السواد حين يتعلق بالبشرة في مصر شعبيا ورسميا يعتبر مصدر شؤوم وقبح . وفي تلك تكمن الحالة القاسية لحياة ذوي البشرة السوداء في مجتمع يتميز بحديته الخاصة في النظرة التميزية :ينعكس جحيما في الاقتصاد والسياسية والثقافة والتداخل المعيشي .
ومصر اليوم رغم إنها لا تختلف في نظرتها لكل ما هو اسود عن مجتمعات البيض من جملة غير السود في العالم ؛ (وتلك مجتمعات بيضاء أكثر بياضا منها) لكنها لا تزال متأخرة كثيرا عن البيض في جوانب ذهنية واخلاقية لكونها ذات اصل اسود وهي ارض في قارة السود . تقول التجارب ان الجوانب المتعلقة بالتقدم في الذهن الجمعي في النظر الى السود عالميا تستمر تقدمه وتطوره لدى الشعوب الاكثر بياضا وتتاخر في قارتنا .
تستعد الساحة السياسية في مصر لخوض انتخابات رئاسية دافئة شتاء العام الحالي ؛ وبحلول شهر سبتمبر القادم من العام الحالي سوف يتقدم نحو ثماني مرشحون للمنافسة في انتخابات اتسمت بأنها خالية من الحرارة لكونها متهمة بتحكم مخابراتي وفق ترتيبات مسبقة معهودة لجهة واحدة . وهذه الانتخابات مقارنة بانتخابات اقلية الجلابة في الخرطوم -لا انتخابات أمريكية بالطبع - اقل ديمقراطية و اقل نزاهة بشهادة اهلها.
ستقدم أحزاب مصر الرئيسية مرشحيها للمنافسة : ؛ حزب الوفد ؛ التجمع الوطني ؛ حزب جماعة الإخوان المسلمين ؛ وحزب الغد وحزب الجبهة الشعبية الديمقراطية والحزب الناصري ؛ والجمعية المصرية للتغير ؛ عن اؤلائك الاحزاب مرشحون سينافسون مرشح الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم. هي في مقدمة فوق عشرون حزبا مصريا .
وجميع المرشحون عن تلك الأحزاب لمنصب الرئاسة في مصر هم من البيض -بياض أسيوي غربي أو جنوب أوربا- ويكاد يخلو حتى قوائم عضوية تلك الأحزاب من منتسبين سود من الزنج المصريين . علما ان السود المصريين ليس لهم حزبا سياسيا يعبّر عن آراءهم وتطلعاتهم ويحكي واقعهم التميزي المرير ؛ بل في بعض الاحيان يعبّر عن وضعهم العرقي –الثقافي الصعب جدا مجموعات مصرية بيضاء على استحياء وبلغة عصرية مستلبة.
ولم يحدث ان تقدم احد من الزنوج /النوبة المصريين لمنافسة في المنصب الأولى بالدولة طوال تاريخ مصر في عهد الدولة العربية الثانية (1952- 2010ف) ؛ ونسبة للوضعية القاسية التي يعيشها الزنج المصريين فإنهم يهتمون بمعايشهم فقط وثقافاتهم المغلقة في مساكن بعيدة في الجنوب قرب السودان وفي بيئات ثقافية مُحجرة . انهم يبعدون عن الخوض علانية في اربعة قضايا اساسية في بلادهم :
السياسية واقتصاد البلاد .
التاريخ الحضاري الزنجي والثقافي لبلدهم .
وحالة التميز العرقي واللوني الذي يعيشونه .
4.اي عمل نضالي على صعيد تغير الأوضاع.
اوباما والامل
اسهم فوز الرئيس الأمريكي الاسود باراك اوباما بالرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية -وهي اكبر بلد في العالم معروف بالتقدم والرقي في الأخلاق والمفاهيم اليوم بعد تاخره الشديد بالامس - في نشر طاقة معنوية هائلة اشاع جسم (المهمشين) في العالم ؛ لكن الطاقة المنبعثة من فوز الرئيس الاسود في البيت الابض منحت أملا زائدا للزنوج/النوبيين/ السود في كل دول العالم وحيثما يتواجدون ولا سيما شمال القارة الافريقية ؛ غدا بإمكانهم ان يفكروا في الترشح وخوض الانتخابات في بلدانهم بكل المستويات؛ و هناك إمكانيات كبيرة للفوز في أي استحقاق انتخابي برلماني او رئاسي او ولائي للسود .
في العام الماضي حين فكر زنجي عراقي يدعى (عبد الحسين ) بالظهور علانية لأول مرة في تاريخ مليوني زنج في العراق مخبرا العالم بحالة الملايين من السود في سلم الاعتبار الإنساني الادني في اسيا الغربية ؛ كانت تلك من ىثار الطاقة المعنوية التي منحها بارك اوباما من أمريكا اقصى غرب الكرة الارضية .
وفي مصر لا بد انه الآن يفكر ويسعى احد السود/النوبة من سكانها الاندجنوز للترشح في الاستحقاق الرئاسي القادم منافسا الرئيس مبارك أو مبارك الابن في نوفمبر القادم .
وعلى الأقل التفكير والسعي للعمل من قبل السود في بلدان العالم المتأخرة نوعا ما ولا سيما مجتمعاتنا و مصر منا – قد تعطي إشارة جيدة للحياة في المجتمعات التي لا تزال تعاني من حالة خلل إنساني مجحف ؛ وتشويش تام في الوعي والمفاهيم تجاه الإنسان في ظل تعتيم اعلامي ضابط ؛ وانه آن الأوان لمجتمعاتنا ان تتقدم إلى الإمام وتناقش قضايا العرق واللون والأصل الثقافي ضمن أوضاعها ؛ وتسعى جادة للتغير نحو الافضل . وعلى المثال في دول إفريقيا الشمالية.
في الانتخابات المصرية المقبلة لا يبدو فقط ان أقوي مرشحي الأحزاب المتسابقة هو مرشح الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم بل في الحقيقة – وبشهادة غالبية الساسة المصريين- ان الوطني هو الفائز بالانتخابات دون شك . المرشحون الاخرون فقط من اجل اعطاء العملية شكل الانتخابات كما الاسم .ومصر الانتخابات هي تكرار لممارسات مكشوفة للخديعة باسم الديمقراطية في ادول افريقية عديدة ؛ بل هي ادمان تعاطي خديعة النفس في عملية معروف سلفا عنها انها محسومة للجهة الاقوى .
تقول اخبار مصرية ان كتلة من احزاب المعارضة سحبت ترشيحاتها عن خوض الاستحقاق الرئاسي القادم وراء زرائع طاعنة في نزاهة العملية الانتخابية ؛ ضمن تلك الاحزاب جمعية التغير المصرية والجبهة الشعبية الديمقراطية.
تشير التوقعات الى ان الحزب الحاكم قد يرشح السياسي الشاب مبارك الابن ( جمال محمد حسني مبارك) وهو النجل الثاني لرئيس الحالي محمد حسني مبارك ويذكر ان مبارك الاب قضى في السلطة نحو ثلاثين عاما وذلك منذ وصله في عام 1981 ف غداة اغتيال سلفه الرئيس السادات ؛ وظل مبارك الاب في الحكم يجدد ولاياته دوريا في انتخابات مشابهة طوال تاريخه .
يترشح مبارك الابن وهو (مثقف نشط وخطيب بارع في منتصف الأربعين من عمره) خلفا لوالده الذي ناهز الثمانين عاما . وهذا ما اقنع بعض المرشحين عن الأحزاب المعارضة برفض ما نعتوه حالة توريث للسلطة في مصر ؛ وبادرت بعضها بسحب مشاركتها. وترفض الغالبية السياسة في مصر مبدأ التوريث هذا. غير ان المصريون السود/ النوبيون هم الوحيدون الذين لا يهتم احد بمعرفة رأيهم في هذه المعضلة بقدر تجاهل أحوالهم وآراءهم في قضايا وطنية وثقافية كبرى كما يقولون ؛ انهم غير معنيين بالعملية الجارية برمتها الا قليل ؛ ويمثل مسالة توريث بالنسبة لهم هو تدول امر يخص البيض بين الاباء والابناء .
السود في مصر
يشار الى انه يعيش بمصر اليوم نحو ست الى سبعة مليون نسمة من العرقالاسود/ الزنج؛ وينقسمون إلى ثلاث كتل ضخمة وهم : الزنج المصريون / النوبة الاندجنوز . الزنوج القادمون من داخل القارة . الزنج العابرون بصفة دائمة . ويكوّن تلك الكتل مفرقة خمس مجتمعات سوداء متباعدة غير متقاربة وغير متعاونة .
الزنوج المصريين ؛ وهم يحملون اللقب الحضاري للعرق الأسود داخل القارة (النوبة) ويعيشون في الجزء الجنوبي من مصر ؛ ويمثلون السكان الأصليين الاندجنوز للارض التي عرفت تاريخيا باسم (كميت Kimit) واشتهرت بمصر في الكتب الدينية لشرق الاوسط بدا بالتوراة . في عام 1960 ف هجر النوبة من قسرا قراهم الأصلية على ضفاف النهر في الصعيد بسبب فيضان بناء السد العالي في مدينة أسوان وقد تضررت من الفيضان زنج شمال السودان أيضا وتضرر التاريخ الزنجي بشدة. ويبلغ تعدادهم نحو مليوني ونصف المليون.
ويقال في مصر ان الزنج /النوبة المصريين يسكن بعضهم الجبال في القرى الجنوبية منعزلة عن الحضر في واقع معيشي أشبه "زنج فلادلفيا " في رواية أي . دبليو . دي بوا ( ارواح زنوج فلادلفيا ) . و لا يسمح لهم بدخول المدن الشمالية التي يسكنها البيض من ذوي الأصول الأسيوية و الأوربية .
الزنوج القادمين من داخل القارة : و ينقسمون إلى ثلاث مجموعات : مهاجرون مستوطنون . لاجئون . والطلبة السود . ويقدر عددهم بنحو خمس مليون بالتقريب .
المهاجرون السود : ويمثلهم المستوطنون السودان خلال الاحتلال المصري الالباني-الانكليزي للسودان (1899-1956 ف )؛ وهم مجموعتين : المسرحين من بقايا الجيش الأسود المصري (مصر التركية الألبانية) . وبقايا الرقيق الذين جلبتهم مصر التركية الألبانية والانكليزية من السودان لخدمات الزراعة والحراسة. ويسكنون في تجمعات معزولة عن اللاجئين السود و الطلبة السود والعابرون . وبالرغم من إنهم تماهوا ثقافيا مع البيض إلا إنهم معزولون اجتماعيا ولم يمصروا بالجنسية بعد .
اللاجئون السود : يمثل غالبهم اللاجئين من السودان ؛و مقاطعة جنوب السودان التي تتمتع بالحكم الذاتي . ودول القرن الإفريقي من هضبة الهبشة ( ارتريا والصومال وإثيوبيا ) .
الطلبة السود : و هم من الزنوج المسلمين في إفريقيا الغربية والوسطى ؛ ويدرس الطلاب السود التراث العربي الديني الإسلامي وغالبهم في جامعة الأزهر .
العابرون السود : هم زنوج من داخل القارة و من الولايات المتحدة الأمريكية والبحر الكاريبي ؛ يعبرون بمصر مؤقتا لأغراض السياحة والزيارة والتسوق ويقضون عطلات الدراسة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة . أو مندوبي سفارات افريقيا . فالأمريكيين السود والكاربيين يأتون أيضا لأغراض الحج في قدس الأقداس للعرق الزنجي في مجمع الأرباب في ( معبد الكرنوك ) بمدينة الأقصر جنوبي مصر حيث محط الحضارة الافريقية الاولى .
ويعيش الجميع باستثناء الأمريكيين السود العابرون واقعا تميزيا متساويا كون الأسود يحتل السلم الأسفل من المكانة الاجتماعية في مقياس حالة الزنج المصريين ؛ وفي التعامل الرسمي . وتعد قضية الفصل العرقي والثافي لذوي البشرة السوداء احد اهم القضايا السياسية و الاخلاقية للبعض وقضية دستورية ببعد أخلاقي للبعض الأخرى سيكون حتما في أجندة الرئيس المصري القادم ؛ والرئيس القادم حين يكون اسودا سيكون ممن تعايشوا مع تلك المشاكل بصورة فعلية وسعيه للحل سيجد توفيق .
العرب قضية العرق واللون
قضية اللون والعرق والثقافة ؛ وفيما يتعلق بحالة العرق الزنجي: وهم حملة البشرة السوداء والثقافات الإفريقية العريقة فان مصر تمثل حالة متطابقة لحالات كثيرة لبلدان عربية في أسيا الغربية والمستوطنون العرب في الجزء الشمالي من إفريقيا ؛ في تلك العربية من الدول لا تزال مسالة لون البشرة والعرق والثقافة هو المظهر المتدهور على مقاس الوعي والتحضر الإنساني ؛ في العراق واليمن والمشيخات الخليجية ؛ وفي بلاد الشام والعربية السعودية.
لربما اخلاق متوارثة عن التاريخ منذ ظهور العرق العربي على الحياة الحضارية في خارطة الجغرافية البشرية عند المائة السابعة لانطلاقة التاريخ الإفرنجي . ودونما استثناء لبنان التي يبدو إنها تستنسخ باستمرار اوضاع مجتمعات أمريكا البيضاء قبل الستينيات من القرن الماضي في العنصرية فان جميع تلك البلدان لم تتوفق حتى اليوم في نقاش علني تلك المسائل على قالب من التحضر والمسئولية الاخلاقية بمستويات اجتماعية او سياسية ؛ اي انها غير مستعدة في الانتقال متجاوزة دوامة انتهاكات حقوق الإنسان على الصعيد الهوية الوطنية و والثقافية لسكانها إلى مجتمع مدني إنساني راقي .
لا يجرؤ السود في العراق مثلا -وعددهم نحو مليوني اسود -من التفكير في ترشيح اسود للرئاسة الجمهورية بقدر عدم طمعهم في الاندماج الانساني في المجتمع العربي العراقي. والحالة مشابهة في العربية السعودية واليمن التي لا تزال تحتفظ بكوم وافر من المستعبدين السود كما لو كانت الحالة في القرون الوسطى من تاريخ البشرية؛ وفي العربية السعودية العنصرية داخل مكة حيث الصلاة لله بقيادة بيضاء فقط . مصر بالنسبة لتك البلدان هي الولايات الأمريكية لأوربا الشرقية في التطور الاقتصادي الاجتماعي ؛ لكن السود/ النوبيين لا يترشحون ايضا فالأوضاع الاجتماعية في مصر رغم حراكها لا تتغير بل تدور في النقطة ذاتها على مور ثابت.
حالة مصر والتي تعرف رسميا "بجمهورية مصر العربية " و هي (مصر العربية الثانية) قبالة العرق الزنجي وثقافته- لمن يعيش بها يعايشها ؛ ويلعق التجربة عن قرب وبعمق ؛ تعد حالة متفردة في السياق العربي المشرقي ذاته .فمصر جزء من الأرض الطبيعية للعرق الأسود منذ ظهورهم عليها قبل الفرعون الأول (نعرمر) زحفا من السودان الحالي (ارض السود) في جنوبه عند الألف الثامن قبل ظهور التقويم الإفرنجي . وبموقعها تشكل (كميت) (التي صارت مصر منذ ثلاث الف سنة) في الجزء الشمال الشرقي من القارة الإفريقية رائدة في التميز والاستغلال والقهر للسود الافريقيين . اي تغيرت الحالة 180 درجة منذ نشأت ارض خصبة للهجرات والغزوات تباعا ( إغريقية ؛ رومانية ؛رومية ؛عربية أولى ؛ تركية ؛ أوربية متشاركة ؛ وعربية ثانية ) . فهي على مدار الفي ونصف عاما أسيوية طورا وأوربية تارة على حساب السكان الأصليين .الانقلاب منذ انتهت حضارة النوبة عند النصف الأخير من المائة الرابعة قبل ظهور التاريخ الإفرنجي (333ق .ف ) ذلك محاولة لتحديد جزور القمع التاريخي للنوبيية/ السود في مصر.
اوباما المصري
طريق السود/النوبة إلى حدائق قصر عابدين او حدائق القبة ( حيث مقر رئيس الجمهورية في مصر) بعيد.. بعيد جدا ؛وانه في ظل الاوضاع القائمة وفي ظل الوعي المدرسي المنعرج القائم في حق تاريخهم فان النوبة من الزنج المصريين وفي حدود التاريخ المنظور يكونون في حاجة ماسة للسير طويلا على أقدامهم حفاة؛ عراة الأجساد وجياع الأكباد وأعينهم تفيض من الدمع حزنا وشوقا إلى ماضيهم التليد والى مستقبل يجدون فيه انفسهم في وضع افضلو في عدل ومساواة مع غيرهم .
المسيرة المنتظرة لا تقل في روعة شقائها عن مسيرة إخوانهم السود في الولايات المتحدة الأمريكية في الغرب البعيد ؛ إذن هم في حاجة إلى اخراج أصوات مستنيرة جهيرة ملهمة كنبينا مالكوم اكس ومارتن لوثر كنج على درب دبليو اي .دي. بوا وماركوس قارفي واليجا محمد ؛ ذلك كلهم من اجل خلاصة في باراك اوباما جديد في غضون سنين من اليوم . اوباما بعقل إفريقي لا بعقل أمريكي كحالة ابننا ( مبارك حسين ابو عمامة ) في البيت الأبيض اليوم ؛ ويبدو انه من المبشر ان المسيرة المرفقة بالغناء والدموع للنوبة المصريين قد بدأت .
فالمسيرة النوبية للتغير بدأت بنموذجين عالميين ملهمين اول القرن الحالي :
فالإلهام الذي خلقه الرئيس بارك اوباما كان كبيرا ولملايين المضطهدون من كل الأعراق حول العالم لكن للسود كان ذى معنى خاص ؛ ومع ان الزنج/النوبة المصريين بعيدون عن أمريكا التي يطوق إلى سماع صوت رئيسها الأسود وتقبيل وجنتيه والسلام عليه بلقب "يا باشا" في مصر هم من يرون أنفسهم بيض مصر وفوق سودها. ورغم ان النوبيون لم يلتقوه وربما سمع أنينهم من بعيد ؛ ولن يسمح له ان يسمع أصواتهم من قريب إلا ان بارك اوباما رغم الأنوف سيمثل للنوبة في مصر شعاع يهتدون بضياءه الى مصاف التغير العظيم .
والإلهام الثاني يأتي من الصعيد الصعيد الأقرب للسود المصريين؛ فبعد ثلاث شهور من اليوم سيحصد السودانيون الأكثر سوادا من شعب جنوب السودان ثمار نضال عاشوا له خمسين عاما من عنق السودانيون الاقل سوادا (جلابة بتعريف الانكليز ) ؛ سيستقلون عن استعمار الخرطوم الجلابية التي ترى في مرآتها الخاصة إنها بيضاء جدا في السودان . الشهور الثلاث المتبقية هي العهد الأخير لشعب جنوب السودان في العلاقة الإنسانية المزلة للكرامة مع سلالات تجار الرقيق الحاكمون في الخرطوم. ذلك نبا ملهم للسود/ النوبة المصريين بلا شك ؛ فالزنج جنوبيون صحيح ؛ بعضهم أكثر سوادا في بشرته عن زنج مصر إلا إنهم اصعد منهم في الجغرافية والجغرافية البشرية ورغم ذلك تمكنوا من إحداث تغير جليل لأنفسهم عبر النضال بوسائل متعددة.
تمثل المسيرة المليئة بالبكاء والغناء والصلوات حتى الحرية لشعب جنوب السودان ؛ والطويلة إلى الاستقلال مثالا ملهما لأي شعب مضطهد في العالم من كل الأعراق ؛ لكن بالنسبة لعرقنا الإفريقي هي مصدر فخر واعتزاز كبيرين في العالم كله . السود/ النوبة المصريون هم الأقرب إلى وجداننا شعب السودان الجديد وان كانوا الأبعد في الذهن المدرسي المصطنع في البلدين ؛ إنهم بلا شك سيستفيدون من التجربة السودانية الرائدة في النضال ؛ و يوما ما سيفوزعنهم رئيسا جديدا في مصر ؛سيكون نبا الفوز " يا خبر اسود " بمفهوم جديد ؛ فالسواد هي الحكمة والاصالة والجمال .
سيقول قائل يومئذ " و انحنا مالنا ؟ الله! ؛ ما البلد بتوعهم يا عم ؛ بتوع السمارة دول "
منعم سليمان
اكتوبر 2010
موقع السودان الجديد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.