كشف تقرير رسمي للمؤتمر الوطني العام الليبي (البرلمان) عن خلل أمني جسيم في مدينة بنغازي، ثاني كبريات المدن الليبية ومهد الانتفاضة ضد نظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي، فيما طالبت دار الإفتاء الليبية بأن يتضمن الدستور المقبل لليبيا نصا غير قابل للاستفتاء بأن الإسلام دين الدولة وأن الشريعة الإسلامية مصدر التشريع فيها. ولاحظ تقرير أعدته لجنة خاصة مكونة من عضوين بالمؤتمر الوطني العام وجود ما وصفه بالتخبط الإداري الشديد وعدم التنسيق بين الأجهزة المختلفة بوزارة الداخلية بمدينة بنغازي، بالإضافة لوجود تيارات متشددة ومجموعات متربصة كأزلام النظام السابق، وتجار المخدرات والمهربين وغيرهم، موضحا أنه ليس من مصلحة هؤلاء قيام الأجهزة الأمنية للدولة. وقال التقرير الذي أعدته لجنة فرعية عن لجنة الداخلية بالمؤتمر إنها زارت مدينة بنغازي خصيصا لإعداد هذا التقرير بعد أقل من 24 ساعة من عملية اغتيال العقيد فرج الدرسي، مدير الأمن الوطني في المدينة، معتبرة أن استهداف القيادات الأمنية والعسكرية في المدينة يستهدف عرقلة جهازي الشرطة والجيش. ومن المتوقع أن يثير نشر هذا التقرير عاصفة سياسية وأمنية في ليبيا، على اعتبار أنه كان ينظر دائما إلى بنغازي معقل الثوار، على أنها أكثر أمنا نسبيا من العاصمة طرابلس. وفى إشارة إلى تعدد وازدواج الجهات المسؤولة عن حفظ الأمن واستقراره، كشف التقرير النقاب عن وجود وكيلين لوزارة الداخلية للمنطقة الشرقية بالإضافة إلى وجود مديرين اثنين لأمن بنغازي كل ا يمارس مهامه بشكل منفرد. ولفت التقرير إلى أن ونيس الشارف، وكيل وزارة الداخلية المقال بقرار من وزير الداخلية عقب قصف مقر السفارة الأميركية ببنغازي في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي ما أدى إلى مقتل 3 أشخاص من بينهم السفير الأميركي كريس ستيفنز، يرفض تسليم مهام عمله لخليفته المعين صلاح دغمان، مشيرا إلى رفض عدد كبير من ضباط وأفراد الشرطة العمل مع الوكيل الجديد، ليستمر الوكيل المقال في تأدية عمله بينما بقي الوكيل المكلف خارج مبنى الوزارة ببنغازي. وطبقا لنص التقرير الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، فقد أصدر دغمان تعميما بعدم التعامل مع الشارف وألغى توقيعه في المصرف الذي يوجد به حساب الوزارة وجمده بالكامل. وأوضح التقرير أن وزير الداخلية السابق فوزي عبد العال لم يتخذ أي إجراء لحل هذا الإشكال مما تسبب في تخبط إداري وعسر مالي لعناصر وزارة الداخلية بمدينة بنغازي، وعدم حصولهم على رواتبهم المتعلقة بالمصروفات اليومية (كالإعاشة والوقود والاتصالات وغيرهم). ورصد التقرير تعطل عمل الفرقة الأمنية المشتركة بالمدينة والمكونة من عناصر من الجيش الليبي ووزارة الداخلية وجهاز المخابرات العامة، بسبب التخبط الإداري وتوقف الدعم المادي. كما أشار التقرير إلى أن إحدى المشكلات تكمن في وجود رئيسين للجنة الأمنية العليا ببنغازي. وأوصى التقرير ب«فرض حماية على مديري الأمن والشخصيات الأمنية المهمة» خصوصا في بنغازي، بالإضافة إلى عقد اجتماع تشاوري بين مسؤولي الأجهزة الأمنية وضباط الشرطة بحضور وزير الداخلية ولجنة الداخلية بالمؤتمر الوطني العام للتوافق حول اختيار وكيل لوزارة الداخلية ومدير للأمن ببنغازي. وطالب التقرير بالإسراع بتنفيذ مشروع تركيب منظومة المراقبة الأمنية بالمدينة والذي قال: إنه تم اتخاذ الكثير من الإجراءات حوله ولا ينقصه سوى التنفيذ فقط، داعيا إلى الإفراج عن الحساب المجمد لوزارة الداخلية. من جهته، طالب مجلس دار الإفتاء الليبية بأن ينص الدستور الليبي الجديد على أن الشريعة هي مصدر التشريع وأن أي نص يخالفها يعتبر باطلا. وقال المجلس في بيان نشره أمس عبر صفحته الرسمية على موقع ال«فيس بوك» على ضرورة أن يكون ذلك النص غير قابل للاستفتاء، مع التأكيد على دور علماء الشريعة في صياغة الدستور وبيانه للناس. وأوصى المجلس لدى انتهاء اجتماعه الثاني في طرابلس، المؤتمر الوطني، باتخاذ التدابير اللازمة لإصلاح القضاء وتفعيله، لكي يطمئن الناس على أرواحهم وممتلكاتهم، وردع كل من تسول له نفسه المساس بالوطن وقيم الأمة. كما طالب كل الجهات الحكومية بالإسراع في إيقاف جميع المعاملات الربوية في المصارف بشكل خاص وفي الدولة بشكل عام، وبين الأفراد، وتجريمه، داعيا إلى إصدار قانون خاص برد الممتلكات التي اغتصبت من أصحابها في عهد القذافي. من جهة أخرى، وافق المؤتمر الوطني العام على إنشاء وزارة للإعلام في الحكومة الانتقالية التي يقودها الدكتور علي زيدان، وفقا لما أعلنه عمر حميدان، الناطق الرسمي باسم المؤتمر. ونقلت وكالة الأنباء الليبية عن حميدان قوله إن المؤتمر صادق بعد نقاش مطول على استحداث وزارة للإعلام، لكنه نفى في المقابل طرح أي أسماء لتولي هذه الوزارة أمام المؤتمر، معتبرا أن هذا يعد اختصاصا أصيلا لحكومة زيدان. وأدت حكومة زيدان المكونة من 29 وزيرا اليمين الدستورية مؤخرا أمام المؤتمر الوطني في غياب تسعة من وزرائها، لكن حقيبة الإعلام ترفع عدد وزارات الحكومة إلى ثلاثين من بينها وزيران للدولة. في غضون ذلك، سلم فوزي عبد العال، وزير الداخلية في الحكومة المنتهية ولايتها مهامه إلى نائب رئيس الوزراء بالحكومة المؤقتة، الصديق عبد الكريم. وما زال عاشور شوايل، وزير الداخلية الذي اختاره زيدان مع ثمانية آخرين غائبين عن الحكومة التي استلمت رسميا أعمالها الأسبوع الماضي، بسبب اعتراض بعض أعضاء البرلمان ورفض الهيئة العليا لتطبيق معايير الوطنية والنزاهة. وقال عبد العال إن مراسم الانتقال السلس للسلطة بين الحكومة الانتقالية والحكومة المؤقتة، يحصل لأول مرة في تاريخ ليبيا، لافتا إلى أن الليبيين الذين أثبتوا للعالم جدارتهم في إسقاط النظام السابق لديهم القدرة على بناء دولتهم الجديدة على أسس ديمقراطية. ونفى بالنور ناصر بالنور، الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا لتطبيق معايير النزاهة والوطنية، عقد أي اجتماعات مع بعثة الأممالمتحدة في ليبيا لغرض تعديل قانون النزاهة. وقال بالنور في تصريحات له أمس بطرابلس إن تعديل القانون هو اختصاص أصيل من اختصاصات المؤتمر الوطني العام السلطة التشريعية المنتحبة في ليبيا وليس من اختصاص الهيئة أو بعثة الأممالمتحدة في ليبيا. وأضاف: «إن أي مقابلة بهذا الشأن لن تكون إلا عن طريق المؤتمر الوطني العام إذا طلب منا ذلك»، مشيرا إلى أن الاجتماع الذي عقد مع بعثة الأممالمتحدة في ليبيا كان لغرض بحث بعض الأمور الفنية والعملية المتعلقة بعمل الهيئة ولا علاقة له بتعديل القانون.