أسماء كثيرة اطلقت على مدينة كسلا عاصمة اقليم شرق السودان سابقا، تمييزا ووصفا لجمالها الذي وهبته لها الطبيعة والموقع الجغرافي مثل درة الشرق وأرض الجمال ،نظرا لما تمتلكه من مقومات جعلت جمالها وسحرها عنوانا رئيسيا لها، لكن الأيام فعلت بها ما فعلت، حيث تحول كل ذلك السحر الذي وصفه الشعراء الى بؤس يصطدم به القادم اليها ،خاصة من طالت سنين زيارته للمدينة ،التي لم يتبق من سحرها غير جبال التاكا ،وضريح "السيد الحسن الميرغني " زعيم الطريقة الختمية الذي يرقد على سفح جبل توتيل الأشم ،وكلاهما صامد رغم اهمال السنين وجور الحاكمين . والزائر اليها الآن، تلجمه الدهشة وتسد عبرة الحسرة حلقه، لما لحق بها من دمارأجبر الآلاف من اهلها على تركها والهجرة بعيدا عنها رغم انها كانت قبلة الجميع للراحة والاستجمام والتجارة ،لموقعها المجاور لدولتي اثيوبيا وارتيريا .فالتجوال داخل سوقها يعكس للزائر مدى البؤس والفقر الذي تعيشه يجعل اطلاق كلمة مدينة عليها مجرد تعبير مجازي لأنه لا يحمل من المعنى أي شئ. يقول سائق التاكسي الذي اصطحبني في التجوال داخل كسلا انه ظل يعمل في مهنته بالمدينة منذ أكثر من 17 عاما، وتخصص في نقل "العرسان" الذين يمضون شهر العسل بالمدينة ،الا انه خلال السنوات الاخيرة ترك ذلك بعد ان فقدت المدينة معالمها السياحية وأصبحت لا تأوي غير أكوام القمامة عبر طرقها المتهالكة وأزقتها النتنة الرائحة. حكومة الولاية أزالت الكثير من المباني القديمة التي كانت تمثل جانبا مهما من تراث المدينة وأثارها التي تعود الى ما قبل الحقبة الاستعمارية، بحجة استثمارها بانشاء أبراج سكنية .غير انها فشلت في اقناع المستثمرين بعد ان اثبتت الدراسات عدم جدوى انشاء تلك الأبراج في المدينة، الأمر الذي افقدها الكثير من جمالياتها. وقال لي أحد السكان من الذين لهم باع طويل في العمل العام ،ان الحكومة التي تدير شئون الولاية تتسم بقصر النظر وتفتقر للعقول النيرة التي تحسن التخطيط، وضرب مثلا بصرفها ملايين الجنيهات لإنشاء كورنيش على الرمال ، لانه يطل على نهر القاش الذي يكون جريانه موسميا ،بينما هناك أولويات مثل الصحة والتعليم والطرق وغيرها من البنى التحتية التي دمرت بفعل الإهمال، وأكثر ما يثير سخرية مواطن المدينة ،ودهشة الزائر.ذلك الاعلام المكثف والترويج لمهرجان سياحي تسعى حكومة الولاية لاقامته على انقاض مدينة قتلها الاهمال واتخذت الفوضي منها مرقدا . البيان الاماراتية فيما يفتك السل بمواطنى كسلا ، مسؤولو الولاية ينهبون (50) ملياراً (حريات) كشف الكاتب الصحفى الطاهر ساتى عن وثيقة للمراجع العام توضح بان (الدستوريين) بولاية كسلا صرفوا دون وجه حق ما يزيد عن (5) مليار جنيه (اى 50 مليار جنيه قديم ) فى خلال عامين فقط . وبحسب الوثيقة بلغت المصروفات غير المستحقة للدستورين بحكومة الولاية (4043349 جنيه)، والمبالغ المنصرفة وغير المستحقة لبعض أعضاء المجلس التشريعي بالولاية (1029875 جنيه)، وعليه جملة المبالغ المنصرفة وغير المستحقة للدستورين بالحكومة والمجلس التشريعي (5073224 جنيه).. وصرف المبالغ غير المستحقة أكثر من أربعين مسؤولاً، يتصدرهم الوالي ووزراء حكومته وكذلك بعض رؤوساء اللجان بالمجلس التشريعي وبعض الأعضاء. وصرفت المبالغ بأمر الوالي (شخصياً). جدير بالذكر ان ولاية كسلا تنتشر فيها أمراض السل (الدرن) والملاريا وسوء التغذية نسبة للفقر الذي ينتشر في ولايات الشرق . وسبق ونشرت (حريات) انه يموت (3) من كل (5) من المصابين بمرض الدرن بالولاية. وعزا مصدر ذلك إلى الفقر الذي يعاني منه المواطنون إضافة إلى عدم وجود الرعاية الصحية وفقر المستشفى ونقص الكوادر والمعينات .وقال انه لا يوجد في كل ولاية كسلا اختصاصى واحد للصدرية ! . والفساد في الانقاذ فساد مؤسسي وشامل يرتبط بكونها سلطة أقلية ، تحكم بمصادرة الديمقراطية وحقوق الانسان ، وتحطم بالتالي النظم والآليات والمؤسسات الكفيلة بمكافحة الفساد ، كحرية التعبير ، واستقلال القضاء ، وحيدة اجهزة الدولة ، ورقابة البرلمان المنتخب انتخاباً حراً ونزيهاً . كما يرتبط بآيدولوجيتها التي ترى في الدولة غنيمة ، علاقتها بها وبمقدراتها بل وبمواطنيها علاقة ( امتلاك) وليس علاقة خدمة . وبكونها ترى في نفسها بدءاً جديداً للتاريخ ، فتستهين بالتجربة الانسانية وحكمتها المتراكمة ، بما في ذلك الاسس التي طورتها لمكافحة الفساد . ويجد فساد الانقاذ الحماية من رئيس النظام الذى يشكل مع اسرته اهم مراكز الفساد ، كما يتغطى بالشعارات الاسلامية ، ولذا خلاف ارتباطه بالمؤسسات ذات الصبغة الاسلامية كالاوقاف والزكاة والحج والعمرة ، فانه كذلك فاق فساد جميع الانظمة في تاريخ السودان الحديث ، وذلك ما تؤكده تقارير منظمة الشفافية العالمية – السودان رقم (173)من(176) بحسب تقرير 2012 ، وتؤكده شهادات اسلاميين مختلفين- كالدكتور الطيب زين العابدين و صادق عبد الله عبد الماجد والدكتور حسن الترابي. وحين تنعدم الديمقراطية ، لفترة طويلة ، كما الحال في ظل الانقاذ ، يسود أناس بعقلية العصابات ، ويتحول الفساد الى منظومة تعيد صياغة الافراد على صورتها ، فتحول حتى الابرار الى فجار ، واما أدعياء (الملائكية) فانهم يتحولون الى ما أسوأ من الشياطين !. (اقرأ عمود الطاهر ساتى والوثائق): http://www.hurriyatsudan.com/?p=103272