الخرطوم 15 نوفمبر 2017 اتسعت وتيرة مقاومة ورفض الصحفيين السودانيين للتعديلات المقترحة على قانون الصحافة والمطبوعات لسنة 2009، في وقت تعهد حزب المؤتمر الشعبي المشارك في الحكومة بمقاومة التعديلات والدفع بمقترحات بديلة. صحفيون يحتجون على تعديلات قانون الصحافة..الأربعاء 15 نوفمبر 2017 ونظم عشرات الصحفيين في الخرطوم وقفة احتجاجية، الأربعاء تزامنت مع ورشة عقدها مجلس الصحافة والمطبوعات لمناقشة التعديلات. واقتحم الصحفيون الذين منعتهم السلطات من مواصلة الوقفة الاحتجاجية، قاعة الورشة رافعين لافتات تطالب برفض التعديلات وتدعو لأن تكون الصحافة حرة بلا تدخلات من السلطة التنفيذية. وقاطع المحتجون أكثر من مرة المنصة بهتافات "صحافة حرة او لا صحافة"، مؤكدين أن السلطات الأمنية اقتادت الصحفية شمائل النور أثناء الاحتجاجات قبل أن تطلق سراحها لاحقاً. وتحتوي التعديلات المقترحة على عقوبات مشددة، بينها منح المجلس القومي للصحافة -الجهة المنظمة للمهنة-صلاحية تعليق صدور الصحيفة إلى فترة لا تتجاوز خمسة عشر يوماً، بدلا عن ثلاثة أيام في القانون القديم. ومنحت التعديلات المجلس كذلك سلطة إيقاف الصحفي عن الكتابة "للمدة التي يراها مناسبة"، بجانب سحب الترخيص مؤقتاً لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر. واعطت التعديلات المقترحة مجلس الصحافة أيضا سُلطة الترخيص لمزاولة النشر الالكتروني. ونصت التعديلات كذلك على تشكيل لجنة سجل تختص بعدد من الاختصاصات أبرزها شطب الصحفي من السجل بناءاً على قرار المحكمة أو أي جهة مختصة بمحاسبته. وانتقد الصحفي فيصل محمد صالح، الحائز على جائزة "بيتر ماكلر" للشجاعة والنزاهة، التعديلات على القانون بشدة، قائلاً خلال مداخلة في الورشة إن المناخ السياسي والتشريعي الذي أتت فيه يجعلها الأسوأ في كل العالم. واشار إلى أن التعديلات التي جرت على الدستور والقوانين بعد عام 2011 جميعها كانت تراجعاً إلى الأسواء لأن المناخ السياسي "سيئ جداً". وقال إن التعديلات تجعل من القانون "قانون نظام عام" للصحافة السودانية، لأنه قانون عقوبات وليس تنظيم، ولا يمكن مقارنته إلى بدول مثل أرتيريا وماينمار. وشدد على أن التعديلات تعد غير دستورية لجهة أن القوانين تنظم الحريات المنصوص عليها في الدستور ولا تصادرها كما في التعديلات على قانون الصحافة. وأضاف "لا يوجد قانون في الدنيا في أي دولة تحترم كيانها وقوانينها، تشرع نص قانوني لا يقاف الصحفي، سلطة الايقاف الإداري تتعارض من حيث المبدأ مع المعايير الدولية لحرية التعبير والتي أقرها السودان بنص دستوره". وأوضح أن التعديلات لم يطلبها الصحفيين ولم يشتركوا في اعدادها وإنما كانت بطلب السلطة التنفيذية، مشيراً إلى أن مسودة التعديلات ظلت سرية ولم تنشر إلا بعد إرجاعها من مجلس الوزراء. وضمت لجنة اعداد التعديلات على قانون الصحافة، بحسب الأمين العام لمجلس الصحافة والمطبوعات، عبد العظيم عوض، كل من رئيس اتحاد الصحفيين، ورئيس مجلس الصحافة، وممثلين للسلطة القضائية وجهاز الأمن، ووزارة الداخلية، ووزارة العدل، وأفراد بينهم أمين حسن عمر، وبابكر حنين. وقال رئيس اتحاد الصحفيين، الصادق الرزيقي، خلال حديثه في الورشة، إن الظروف التي عملت فيها اللجنة هي التي حددت مسار التعديلات. وأشار إلى وجود مخاوف للدولة من الأداء الصحفي التي ظهرت من خلال تصريحات المسؤولين واحتجاجهم على الأداء الصحفي، ما قاد إلى التعديلات على القانون. وأوضح أن التعديلات حذفت المادة التي ترفض "مصادرة الصحف وسجن الصحفي" واستبدلتها بنص فضفاض ليس له قيمة ولا يوضح المبادئ الأساسية لحرية الصحافة. وذكر أن العقوبات الموجودة في القانون الجنائي ما كان ينبغي أن تضاف لها عقوبات إدارية مشددة، قائلاً إن العقوبات الادارية لن توقف الإجراءات الاستثنائية بحق الصحافة إلا بتعديل قانون جهاز الأمن. (الشعبي) يتعهد بنصرة الصحفيين وفي غضون ذلك أعلن الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي، الذي يشارك في الحكومة والبرلمان، الأمين عبد الرازق رفض ومناهضة حزبه للتعديلات المقترحة. وقال عبد الرازق ل (سودان تربيون) الأربعاء، إن حزبه متمسك باستكمال الحريات في كل البلد. وأضاف " نحن ضد أي إجراء أو قانون يحد من حرية الصحافة .. ونعلن مناهضتنا للتعديلات المقترحة على القانون ووقوفنا مع المجتمع الصحفي في معارضته للقانون المقترح". وكشف عبد الرازق عن تشكيل حزبه لجنة تضم قانونيين وسياسيين واعلاميين لدراسة التعديلات. وتابع "سيخرج الحزب بموقف تفصيلي من خلال مسودة تحمل رؤية المؤتمر الشعبي وسيتم الدفع بمقترحات بديلة تبعد كل ما من شأنه الحد من حرية الصحافة". وشدد عبد الرازق على رفضهم تدخلات جهاز الأمن في الصحافة من خلال الرقابة القبلية أو البعدية، داعيا لأن يترك أمر محاكمة ومحاسبة الصحفيين للجهات القضائية. وأكد أن عرض التعديلات المقترحة على البرلمان سيجد مقاومة كبيرة من نواب الحزب. ودعا المؤتمر الشعبي الى ندوة تقام السبت المقبل حول التعديلات على قانون الصحافة، بمشاركة صحفيين وقانونيين على رأسهم نبيل أديب وأمين بناني، والصادق الرزيقي والطيب مصطفى وآخرين.