الخرطوم 17 أغسطس 2020 – فضت الشرطة السودانية الآف المتظاهرين السلميين الذين خرجوا بالعاصمة الخرطوم، الاثنين رافعين شعار" جرد الحساب"، للمطالبة باستكمال الثورة، في الذكرى الأولى لتوقيع الوثيقة الدستورية التي مهدت لبدء الفترة الانتقالية. وأطلقت قوات من الشرطة عبوات كثيفة من الغاز على المتظاهرين الذين احتشدوا أمام بوابة مجلس الوزراء مطالبين رئيس الحكومة عبد الله حمدوك بالخروج لتسلم مذكرة تحوي حزمة من المطالب. وقوبل تصرف قوات الشرطة باستهجان واسع وسط المتظاهرين الذين حاولوا ارجاع عبوات الغاز الى القوة التي تطلقها وسط حالة من الغضب الشديد. وقال شهود عيان ل"سودان تربيون" إن رجال بزي مدني على متن سيارات مكشوفة اعتقلوا العديد من المتظاهرين في مشهد أعاد للأذهان تصرفات جهاز المخابرات في العهد السابق حيث كانت عمليات الاعتقال تتم بكثافة أثناء المواكب الاحتجاجية. وقبل ساعات من انطلاق المواكب الجماهيرية، بدأت قوات مشتركة من الجيش والشرطة، في تنظيم حركة المرور، وتحويل بعض الشوارع عن مساراتها الطبيعية، لفك الاختناق المروري، وتسهيل حركة المواطنين، كما أغلق الجيش الطرق المؤدية إلى مقر القيادة العامة. وكانت حكومة الخرطوم أصدرت بياناً صباح الإثنين تعهدت فيه بحماية موكب المتظاهرين انطلاقاً من الحق في حرية التعبير لكنها نبهت الى ضرورة التزام المحتجين بالمواقيت المعلنة من منظمي المواكب والالتزام كذلك بحظر التجوال الصحي الذي يبدأ عند الساعة السادسة مساء مع مراعاة الاحترازات الصحية لمجابهة جائحة كورونا. وحمل المتظاهرون، وفقا لرصد "سودان تربيون"، الأعلام الوطنية، ورددوا هتافات تطالب بتحقيق العدالة، من قبيل "الشعب يريد قصاص الشهيد"، و"حقنا كامل ما بنجامل". كما رفعوا لافتات مكتوب عليها، "الثورة مستمرة"، "أوقفوا العبث بالثورة"، "أوقفوا العبث بحياة الناس"، "أوقفوا الحرب"، "هذه الشوارع لا تخون". وقابلت الجماهير الغفيرة، قوات الشرطة، بإرجاع عبوات الغاز المسيل للدموع، ورددت هتافات مناوئة تجاه العنف المفرط في مواجهة المتظاهرين السلميين. ويطالب المتظاهرون الذين خرجوا استجابة لنداء لجان المقاومة في الخرطوم بتكوين مفوضية السلام فورا، وتوليها لملف السلام تحت الرعاية المباشرة من مجلس الوزراء، والحل الفوري للمجلس الأعلى للسلام، وأيلولة الشركات الاقتصادية للأجهزة الأمنية إلى وزارة المالية، وقيام المؤتمر الاقتصادي على أسس قومية في فترة زمنية لا تتعدى أسبوع. ودعت المذكرة التي تضمنت هذه المطالب لإعادة هيكلة تحالف الحرية والتغيير، وتوسيع قاعدة المشاركة عبر مؤتمر تنظيمي جامع يشمل جميع قوى الثورة الحية الموقعة وغير الموقعة على إعلان الحرية والتغيير للتوافق حول هياكل التحالف وسياساته وأهدافه بما يضمن تنفيذ كافة استحقاقات الثورة. كما شددت المذكرة على ضرورة الشروع في تشكيل المجلس التشريعي فورا وفق رؤية واضحة وشفافة يضمن المشاركة العادلة لكل قوى الثورة الحية بعيدا عن المحاصصة. وحثت رئيس الوزراء على تطبيق مبدأ الشفافية وتنظيم مؤتمر صحفي للإجابة على الأسئلة المتعلقة بالتحقيق في ملفات قضايا الشهداء، وتوضيح مجرى التحقيقات مع القتلة والمجرمين وتسريعها، ورفع الحصانة فورا عن المتهمين من الأجهزة النظامية. ودعا البيان الحكومة للشروع في أيلولة الشركات الاقتصادية المملوكة للأجهزة الأمنية والعسكرية إلى وزارة المالية، كما نادى بقيام المؤتمر الاقتصادي في فترة لا تتعدى أسبوع. وأعلن عضو تنسيقية لجان المقاومة، أزهري الحاج، استمرار التظاهرات والمواكب للضغط على الحكومة الانتقالية إلى حين تحقيق مطالب وأهداف ثورة ديسمبر. وشدد في خطابه أمام الجماهير أمام مقر مجلس الوزراء، على أن مليونية "جرد الحساب"، هدفها متابعة إنجازات وإخفاقات الحكومة خلال عام من تشكيلها العام الماضي. بيان حمدوك وقال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، في بيان بمناسبة مرور عام على توقيع الوثيقة الدستورية، التي تشكلت على إثرها هياكل الحكومة الانتقالية، وتعيين الولاة المدنيين، وعدها خطوة في طريق إكمال بناء الحكم المدني. وأوضح أن الاتفاق السياسي والوثيقة الدستورية جاءتا بهدف وقف نزيف الدم السوداني الغالي، وأن نفتح للشعب والوطن آفاق لمستقبل أفضل تظلله رايات شعارات الثورة حرية، سلام وعدالة. وشدد على أن قضايا تحقيق العدالة وإنصاف الضحايا أحد أهم المهام التي تواجههم ويعملون من أجلها لإنتاج نموذج سوداني للعدالة الانتقالية يفتح الأبواب للمستقبل ويعبد الدروب للانتقال. وأوضح أن جهاز الدولة يحتاج الي إعادة بناء وتركة التمكين تحتاج إلى تفكيك والخدمة المدنية تحتاج لتحديث وتطوير ليصبح محايد بين المواطنات والمواطنين وخدمي وفاعل. وختم بالقول: "هذه المهمة تحتاج إلى كل الدعم السياسي والشعبي الممكن والعمل بروح الوحدة، والعمل من أجل إحداث التغيير وإنجاز مهام البناء والتعمير".