جوبا 3 أكتوبر 2020 – تعهد قادة الحكومة السودانية بتنفيذ اتفاق السلام الموقع مع الجبهة الثورية، السبت، بصورة كاملة، في وقت أعلن رؤساء حكومات ومبعوثين دول دعمهم الكامل للاتفاق. وسيشارك قادة الحركات المسلحة المنضوية تحت لواء الجبهة الثورية بشكل فعال في مؤسسات الحكم الانتقالي في تنفيذ الاتفاق الذي أقر عودة ملايين النازحين إلى مناطقهم الأصلية. وقال رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، خلال حفل توقيع الاتفاق: "لن نعود للحرب، ونعتزم تنفيذ الاتفاق كامل في كل المسارات من حيث الترتيبات الأمنية والقضايا السياسية والاقتصادية". وأشار إلى أن الاتفاق يُعتبر حافزا لتقف جميع الدول مع السودان في سبيل رفع اسمه من قائمة الإرهاب. ووصف البرهان توقيع الاتفاق بانه "هو يوم عظيم في مسيرة السودان وتحقيق لأهم مطلوبات وشعارات الثورة المجيدة التي دفع فيها الثوار دمائهم من أجل حلم ظل يراود السودانيين سنوات طويلة عاشوا خلالها حروبا مدمرة مازالت آثارها السياسية والاقتصادية ماثلة، ونعمل على محوها بعزيمة وإصرار". وقال رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، إن اتفاق السلام يُعتبر أولي الخطوات لمشوار النباء والتنمية والتعمير للارتقاء بحياة السودانيين. وأضاف: "الاتفاق ليس معاهدة لاقتسام السلطة والثروة، بل هو صفحة جديدة في نهضة إنسان السودان، واستبدال فواتير الذخيرة والسلاح بمدخلات الإنتاج والتنمية لينعم كل سوداني وسودانية بلقمة عيش كريمة وتعليم مجاني متطور ومشفى مريح عند الحاجة، وحتى يشعر كل مواطن أن السلام أعطاه حياة كريمة". وأشار إلى أن حكومته ستعمل بكل همة لأن يصبح السلام شاملا ومستداما ل"ترفرف راياته فوق ما تبقى من أرض الوطن". وحضر مراسم توقيع الاتفاق، إضافة إلى رئيس جنوب السودان سلفا كير ميادريت الذي استضافت بلاده المفاوضات، كل من: رئيس تشاد إدريس ديبي، والرئيسة الاثيوبية ورئيس الصومال ساهل ورك ذوادى، رئيس وزراء جيبوتي إسماعيل عمر قيلي، رئيس وزراء مصر مصطفي مدبولي، رئيس وزراء أوغندا رهيقان روكندا، علاوة على ممثلين للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والإمارات والسعودية وقطر وكينيا. وقال رئيس الجبهة السودانية، الهادي ادريس يحيي، إن اتفاق السلام خاطب قضايا أصحاب المصلحة والنازحين واللاجئين والمهجرين والضحايا في كافة في كافة إنحاء السودان. وناشد أبناء الشعب السوداني بدعم الاتفاق لأن "السلام لكم وبكم ومنكم واليكم وهو الذي سيمنحكم الامن وسيضمن لكم العودة الطوعية الي مناطقكم الاصلية وبداية حياة جديدة". واعتبر الهادي إن الاتفاق سيعزز من فرص الحكم الديمقراطي والاستقرار الاقتصادي، مشيرًا إلى أن الجبهة الثورية ستعمل مع كافة القوى المؤيدة للثورة لاستكمال مهامها وإنجاح الانتقال. وطالب يحيى المجتمع الدولي بدعم تنفيذ اتفاق السلام وإعمار ما دمرته الحبر من خلال قيام مؤتمر المانحين والوفاء بالالتزامات تجاه استحقاقات السلام. وأضاف: "غياب الدعم كان سببا أساسيا في فشل اتفاقات السلام السابقة، وجميعنا نتطلع إلى أن تكون هذه آخر الحروب في البلاد، واستقرار السودان مسؤولية وطنية وإقليمية ودولية ويتطلب دعما وطنيا إقليميا ودوليا". من جانبه، طالب رئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي، بتوسيع القاعدة السياسية لحكومة الانتقال واجراء رتيبات منصفة تقود للديمقراطية وإنشاء آلية دائمة تستوعب آراء السودانيين لضمان سماع وجهات نظرهم والاهتمام بالقضايا الإنسانية الخاصة بتعويض النازحين وضمان عودتهم إلى مناطقهم. ونادي مناوي بمحاكمة المجرمين في نظام الرئيس المعزول عمر البشير، مشيرًا إلى المحاكمات لا تعني الانتقال، كما دعا إلى مراعاة حقوق أنصار النظام السابق الذين لم يرتكبوا جرائم والذين استغلوا من قبله. رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وبجانبه الرئيس سلفا كير تعهدات بالدعم وطالب رئيس دولة جنوب السودان سلفا كير ميارديت، الدول العربية والأوروبية بالالتزام بتنفيذ تعهداتها الخاصة بدعم تطبيق اتفاق السلام في السودان في ظل الأوضاع التي يمر بها. ويعاني السودان من أزمة اقتصادية حادة، تتفاقم يوما عن الآخر، خاصة في ارتفاع تكاليف المعيشة نظرًا لتدني قيمة العملة الوطنية وارتفاع معدل التضخم الذي وصل لشهر أغسطس 166%، إضافة إلى النقص الحاد في النقد الأجنبي والخبز والوقود. وأشار سلفا كير إلى أن العمل على اتفاق السلام لم ينتهي، حيث أن هناك عمل آخر كبيرا ينتظر الأطراف الموقعة على الاتفاقية في جعل السلام واقعا معاشا، داعيًا رئيس الحركة الشعبية – شمال عبد العزيز الحلو وقائد حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد للانضمام إلى مفاوضات السلام. واستضافت جنوب السودان مُنذ أغسطس 2019، مفاوضات أجرتها الحكومة مع الجبهة الثورية تكللت بتوقيع الاتفاق اليوم السبت، فيما لا تزال المباحثات مع الحركة الشعبية متعثرة، بينما رفض عبد الواحد الانضمام إلى المفاوضات. من جانبها، قالت حركة العدل والمساواة قيادة بخيت دبجو، إن تحقيق السلام الشامل في البلاد يحدث بتنفيذ كافة الاتفاقيات الموقعة، مشيرة إلى أن السلام يُعد خيار استراتيجي لإنهاء الحرب بوقف النزاع وتحقيق الأمن والاستقرار. وأضاف المتحدث باسم الحركة محمد جابر، في بيان، تلقته "سودان تربيون": "اتفاق السلام يواجه بالعديد من التحديات أبرزها الأوضاع السياسية والاقتصادية التي ربما لا تساعد على الإيفاء بمتطلبات الاتفاق وعلى الاطراف بذل مجهود أكبر وخاصة الحكومة لتنفيذ الاتفاق". ودعا المتحدث الحكومة الانتقالية للتعامل بجدية في تنفيذ "ما تبقى من اتفاقيات جارية حسب ما هو متفق عليه على رأسها وثيقة الدوحة للسلام في دارفور". ووقعت حركة العدل والمساواة قيادة بخيت دبجو، اتفاق سلام مع نظام الرئيس المعزول عمر البشير، في مفاوضات استفاضتها قطر. وأعلن رئيس تشاد إدريس ديبي، عن دعم بلاده الكامل للاستقرار في السودان، مشيرًا إلى أن البلدين يربطهما مصير مشترك، وأشار إلى أن الأفارقة والشركاء ملتزمون بدعم اتفاق سلام السودان، نظرًا لتأثيره على المحيط الإقليمي والدولي. وأكد رئيس جيبوتي إسماعيل عمر قيلي على أن حكومته تدعم اتفاق السلام، الذي اعتبره حُلم طال انتظاره. وأضاف: "إن السودان دولة مهمة وتتبوأ موقعا مهما في المحيط الاقليمي الافريقي والعربي، واستقرارها ينعكس ايجابا على دول المنطقة". من جانبه، قال رئيس وزراء مصر، إن بلاده لديها قناعة "بأن تنفيذ اتفاق السلام الشامل، يعد أكثر أهمية من التوقيع عليه"، حيث يطلب تنفيذه الوفاء بالتزامات سياسية واقتصادية وتنموية وأمنية واجتماعية، مشيرًا إلى أن ذلك "يحتم على الأطراف الموقعة والحريصين على مصالح السودان في المجتمعين الاقليمي والدولي، بذل كل جهد ممكن دعما لاستحقاقات ما بعد السلام". من جهته، قال ممثل دولة الإمارات، إن بلاده "لن تتردد في ترسيخ اتفاق السلام وتعزيزه بالدعم والرعاية من أجل استقرار السودان. وقال رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، إن توقيع اتفاق السلام بين الحكومة يعتبر إنجاز تاريخي يمهد الطريق لسلام شامل في البلاد. وتعهد بوريل، في بيان، تلقته "سودان تربيون"، بمواصلة الاتحاد الأوروبي دعم التحول السياسي والاقتصادي. وأشارت دول الترويكا – الولاياتالمتحدة والنرويج وبريطانيا – إلى أن توقيع الاتفاق يمثل خطوة مهمة نحو تلبية دعوات الشعب السوداني للحرية والسلام والعدالة، وخاصة للمتضررين من الصراع في دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق. وقالت في بيان، تلقته "سودان تربيون"، إن السلام الدائم يتطلب جهود مكرسة بقيادة السودانيين لتنفيذ الاتفاق بروح التعاون، مشيرًا إلى أن الترويكا تتطلع إلى مواصلة دعمها لجميع السودانيين في تحقيق السلام. من جانبه، قال رئيس بعثة الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي (اليوناميد)، جيريمايا ماما بولو، إن البعثة ملتزمة برغبة الأمين العام في دعم مسيرة السودان. وأشار رئيس البعثة الذي حضر مراسم التوقيع إلى أن اتفاقية السلام تعد "علامة فارقة تاريخية لشعب السودان على طريق تحقيق السلام والتنمية المستدامة". ويتطلب تنفيذ اتفاق السلام مبالغ مالية طائلة لا يملكها السودان في ظل الأزمة الاقتصادية التي يُعاني منها، حيث ينتظر إيفاء شركاءه بقيام مؤتمر مانحين، كما يأمل أن تقوم البعثة السياسية الأممية التي ستُنشر بحلول العام المقبل بدعم اتفاق السلام. ويمثل أكبر تحدي يمكن أن تواجهه الحكومة السودانية في اتفاق السلام في عودة ملايين النازحين إلى مناطقهم الأصيلة التي فروا بها هربًا من الحرب التي كانت دائرة في إقليم دارفور.