تحيرت فيما يدور بين ظهرانينا وعجزت عن أجد تفسيراً لما يحدث، فقد استشرى الفساد وطال الجميع دون استثناء، وفاح برائحته النتنة على صفحات الجرائد، وحتى بعض المسؤولين أصبحوا يتحدثون عنه في المحافل العامة دون حرج أو مضايقة!!!!. كما كشف الرئيس السوداني عمر البشير عن قيام الحكومة بإقامة مفوضية لمحاربة الفساد، لن تتسامح مع المفسدين، داعياً المواطنين إلى تقديم المعلومات والوثائق التي يمكن أن تدين المفسدين. ما يحيرني هو مجرد سماعي لمثل هذه التصريحات، أعتقدت أنه ربما آن الآوان لتصحيح الأوضاع وأن خير الخطآئين التوابين، وأن الله يغفر الذنوب جميعاً، وأن الحج يجبّ ما قبله!!!!!، وقلت في نفسي عفا الله عما سلف، ومن الخير فتح صفحة جديدة . ولدهشتي وتعجبي، وجدت أن الطين قد زاد بله وخاصة فيما يتعلق بالفساد القانوني والقضائي فيما يخص قضايا الصحفيين، وأن تصريحات الرئيس لم تجد لها صدى، أو آذاناً صاغية لمن ألقى السمع وهو شهيد!!!!!. وقلت في نفسي، وكيف يُحارب الفساد والقضاء السوادني يرسخ ويرسي أحكاماً فاسدة أصبحت حجة على رأس الصحفيين، يجرجرون بها إلى المحاكم كل يوم ؟؟ وكيف يُحارب الفساد وجهاز الأمن يتحرش وينكل بالصحفيين ويقوم بفتح البلاغات تلو البلاغات دون أن يرعى إلاً ولا ذمةً؟؟؟؟ وكيف يحارب الفساد والحصانات القانونية تحمي ضباط جهاز الأمن؟؟؟ وكيف يحارب الفساد وهنالك اعتقالات غير مشروعة من جهاز الأمن للصحفيين؟؟؟ كيف يمكن أن ينتهي الفساد، بعد أن تشوهت سمعة القضاء والمحاكم والنيابات؟؟؟ كيف يمكن تصحيح الأمور ووضعها في نصابها الصحيح، وما زال هنالك خلط كبير بين ما هو سياسي وقانوني؟؟؟ كيف يمكن أن يُحارب الفساد وقد يؤتي بك للمحاكم بشبهة سياسية ويقتصوا منك، ويقدمونك للاعدام؟؟؟؟ كيف يمكن أن ينتهي الفساد وما زال بالمعتقلات والسجون أبرياء لا ذنب لهم سوى أن شهروا بآرائهم؟؟؟. ألم يسمع السيد الرئيس بما حدث ويحدث؟؟؟ ألم يتناهي لعلمه وسمعه ثأرات وانتقامات جهاز الأمن من الصحفيين العزل لمجرد إبداء الرأي؟؟ ألم يعلموه كيف يتم استغلال القانون والقضاء وحشد كل سلطات الدولة للثأر والاقتصاص من الصحفيين الأبرياء؟؟؟ ألم يبلغ سمعه، كيف تُحاك المؤامرات والدسائس وكيف يعتقلون الناس من منازلهم ويعرضونهم للتعذيب؟؟؟ ألم يعرف كيف قام جهاز الأمن والقضاء ونيابة أمن الدولة بإدانات الصحفيين في قضايا رأي؟؟؟ ألم يبلغوه بأن هنالك قضايا جديدة وتهم لصحفيين تم توجيهها تصل في عقوبتها للإعدام وللمؤبد في قضايا رأي؟؟؟ ألم ينهى لعلمه كيف تمت محاكمة مقال تسبب في تقويض نظام البلاد الدستوري؟؟؟ ألم يعرف كيف أثار ذات المقال الفتنة الطائفية في البلاد؟؟؟ ألم يسمع بالمقال الذي أرهب الناس؟؟؟ وأساء لعلاقات السودان الخارجية بجيرانه؟؟؟ ألم يعرف أن كل ذلك حدث من جهاز الأمن ومن نيابة أمن الدولة ومن المحكمة دون إثبات للتهم الموجهة؟؟؟؟ ألا يعلم كيف يُساق الصحفيين لحتفهم أمام المحاكم كما تًساق الضأن لحتفها؟؟؟؟ ألم يسمع بالكم الهائل لقضايا الرأي الآخذة في التزايد أمام المحاكم؟؟؟ قلت في نفسي، إن كان السيد الرئيس يعلم بكل ما حدث ويحدث من فساد قانوني وقضائي فهذه طامة كبرى، وإن كان لا يعلم فهذا ألعن وأضل سبيلاً، لأنه حينها سوف يستمر القضاء في محاكمات الصحفيين بالقانون الجنائي وستزيد البلبلة والفتن على الصحفيين وخاصة أن قانون الصحافة والمطبوعات قد وضع على الرف، طالما أن الاختصاص الأصيل للقانون الجنائي، وخاصة باب الجرائم الموجهة ضد الدولة، وتصبح بذلك قضايا الرأي العام هي جرائم موجهة ضد الدولة، لأنها جرائم كبيرة وخطيرة وتصل عقوباتها للاعدام والمؤبد!!!!!. وسيواصل جهاز الأمن في فتح البلاغات والقيام بمزيد من الاعتقالات والضرب التعذيب للصحفيين والمزيد من الجرجرة للمعتقلات والنيابات والمحاكم، ولا ننسى الصعق بالكهرباء للصحفيين!!!!!!. لم أعرف ماذا أقول تجاه كل ما يحدث أمامي، من كم القضايا المتزايدة التي تُعرض أمام المحاكم كل يوم من جهاز الأمن ضد الصحفيين وتحت سمع وبصر الجهاز القضائي بسلطته المهيبة، وتحت جناح وكنف سلطة القانون والعدالة، ولا حياة لمن تنادى!!!