[email protected] بدأنا في تقديم تحليل بعنوان (خفايا تقرير الأممالمتحدة عن جنوب كردفان) ، و نشرنا جزء منه في موقع سودانيز اونلاين ، و قمنا بتوضيح بعض من خفايا التقرير المعني ، و انه صدر في نسخة اصلية و تم اجراء بعض التعديلات على تلك النسخة و بالتالي تقديم نسخة مختلفة و نهائية..و في مقدمة التحليل كتبنا نقول: (في 16 اغسطس 2011 ، اصدرت الأممالمتحدة تقريرها عن الأوضاع في جنوب كردفان ، التي وصفتها بأنها سيئة للغاية ، و انها انتهاكات لحقوق الإنسان قد تصل حد جرائم الحرب و الجرائم ضد الإنسانية..و طالبت الأطراف المتناحرة في المنطقة (المؤتمر الوطني و الحركة الشعبية) بالإنصياع للقانون الدولي و عدم ارتكاب تجاوزات ، و طالبت حكومة المؤتمر الوطني بالسماح لمنظمات الإغاثة الدولية بدخول المنطقة و تقديم اغاثة للمتضررين ، و السماح باجراء تحقيق عن اوضاع حقوق الإنسان في المنطقة ، و تقديم معلومات دقيقة و مضبوطة للنازحين حتى يتمكنوا من اختيار العودة الطوعية أو اختبار خيارات اخرى. في محاولة لإستباق الجلسة المتعلقة بذلك الشأن ، كان يفترض أن تكون في 18 اغسطس 2011 ، ابدى السودان حسن النية في الإستجابة للضغوط ، و وصرح بتكوين لجنة لبحث اوضاع حقوق الإنسان في جنوب كردفان ، و ذلك وفق تصريح ممثل السودان في الأممالمتحدة ووزير العدل السوداني ، و فوق ذلك اعلن السودان عن السماح لمنظمات تتبع للأمم المتحدة بالذهاب في بعثة سودانية لتقييم الإحتياجات الإنسانية في جنوب كردفان ، و في اخبار غير مؤكدة اعلن السودان رغبته في التفاوض مع الحركة الشعبية قطاع الشمال و في حضور وسيط محايد.) و بالرغم من حذف الفقرات ذات العبارات القوية و المطالب الأقوى من نسخة التقرير الأصلية و تقديم نسخة اخرى رسمية باهتة و ضعيفة ، الإ ان الشواهد تؤكد أن الخطوات العملية التي عجت بها الساحة السودانية هي رد فعل تجاه المزاعم و المطالب التي وردت في النسخة الأصلية ، مما يؤكد أن الحكومة السودانية وعت تماما ما يحدث. بالرغم من أن خطاب الحكومة العام يذهب الى المعاندة و عدم القبول بنتائج تقرير الأممالمتحدة عن جنوب كردفان ، الإ انها علميا استجابت للضغط و بدأت في تنفيذ بعض الإجراءات و الخطوات التي تؤكد انصياعها لمطالب التقرير..و سوف نوضح ذلك . مثلا تقرير الأممالمتحدة (في نسخته الأصلية) يطالب باجراء تحقيق دولي عن اوضاع حقوق الإنسان في جنوب كردفان ، و اقترح مشاركة مكتب المدعي العام الدولي..و هذه الخطوة رأت فيها حكومة الخرطوم ضغط كبير ..و استجابت لها بان اعلن وزير العدل عن تكوين لجنة لبحث اوضاع حقوق الإنسان في جنوب كردفان ، و الشئ الذي فات على حكومة السودان أن كل القوى الدولية تعلم ان هذه حكومة لا ذمة لها و انها سوف تقوم بالتحقيق الذي يذهب في خلاصاته الى عدم وجود انتهاكات لحقوق الإنسان في جنوب كردفان..و بالطبع سوف يخطو المجتمع الدولي خطوة اخرى في مواجهة ذلك . و من المطالب السماح لمنظمات انسانية بالوصول الى المنطقة و تقييم الإحتياجات الإنسانية ، و بالرغم من أن خطاب الحكومة العام يبتبجح برفض هذا المطلب ، الإ ان الحكومة استجابت لهذا المطلب ، و اكثر من ذلك صحب البشير عدد كبير من ممثلي تلك المنظمات في زيارته لكادقلي في يوم 23 اغسطس 2011 و هي الواقعة التي صمتت عنها صحف الخرطوم قاطبة. و من المطالب ايضا.. ان يقود المجتمع الدولي عملية تفاوض مباشرة بين الأطراف المتنازعة في جنوب كردفان ، و بالرغم من أن حكومة البشير اعلنت مرارا انها لا تقبل بتفاوض في وجود وسيط دولي ، الإ انها استقبلت مليس زيناوي في الخرطوم في 22اغسطس 2011 ، و في معيته مالك عقار رئيس الحركة الشعبية قطاع الشمال ، و عقب ذلك تصريح البشير بقبوله بمبادرة زيناوي (التي لم يكشف عن تفاصيلها بعد) ، و لأن التقرير في نسخته الأصلية طالب بوضوح ان تقود الحكومة السودانية حوار مباشر مع شعوب النوبة في جنوب كردفان بدلا عن المواجهة العسكرية و اكثر من ذلك كان هناك مطلب بان توقف قوات البشير القصف الجوي في جنوب كردفان ، ولقد استجابت الحكومة هي صاغرة لهذا الضغط و ذلك في مؤتمر الإدارة الأهلية في جنوب كردفان و الذي شرفه البشير و نافع . بالطبع لم تنسى الحكومة ان تحاول اضفاء مظهر الممسك بالأمور في ذلك المؤتمر ، الإ ان واقعها يؤكد انها انكسرت تماما . فمن النتائج المصاحبة لذلك المؤتمر اعلان البشير وقف اطلاق النار و من طرف واحد و لمدة اسبوعين. و بهذه الخطوات اكد المؤتمر الوطني بانه يخشى القوى الدولية اكثر من خشيته من مواطنيه في السودان ، و قد اثبتت التجارب انه لا قوى وطنية لها القدرة على ضغط المؤتمر الوطني ، و ان الضحايا يضيعون و حقوقهم تضيع تحت بصر القوى الوطنية دون تحرك يذكر. و مهما اجتهد البشير في تلميع وجه نظامه الكالح ، الإ ان الواقع يظل كماهو: البشير مجرم حرب و احمد هرون مجرم حرب و ارتكب جرائم في جنوب كردفان و يجب ان تضاف الى لائحة الإتهام ضده. و النظام بالخطوات التي ابداها كاستجابة لضغط الأممالمتحدة ، لازال يمارس الحرفنة و اللعب بالبيضة و الحجر..و ان كانت الحيلة ناجحة طيلة العشرين سنة الماضية فانها لن تنجح مستقبلا. و لو في النظام عاقل واحد فكان الأجدى به تنبيه النظام عن المدة القصيرة التي تمت فيها احداث جنوب كردفان و رد الفعل الدولي. نشر بتاريخ 24-08-2011