حديث المدينة إيران والسودان عثمان ميرغني إيران دولة مسلمة صديقة للسودان.. بهرتنا بثورتها الكاسحة التي أنجز فيها الشيخ الخميني إعجازاً سياسياً عندما أطاح بأعتى ديكتاتورية في الشرق الأوسط.. الشاه رضا بهلوي.. وسارت إيران على نهج تعددي حزبي رغم بعض المآخذ عليه. مع ذلك.. اقترابنا سياسياً من إيران مضر للغاية بنا.. ولا يفيد إيران في شيء.. وإيران لها ملفات كثيرة مدججة بالحساسيات مع دول الخليج العربي.. ومصالح السودان مع دول الخليج هائلة غير قابلة للمقايضة أو المخاطرة.. وإيران حالياً في حالة مواجهة حادة مع الدول الثماني الصناعية الكبرى.. حول قضية برنامجها النووي.. ورغم أننا نؤيد حق إيران في التمتع بالطاقة النووية السلمية والعسكرية أيضاً.. إلا أن ارتباطنا معها لا يقوي موقفها ولا يضعفه في مواجهتها الدولية.. لكنه يضرّ للغاية بنا لأننا دولة غير ثقيلة الميزان دولياً، وبالكاد نلهث لتطبيع علاقتنا مع الولاياتالمتحدةالأمريكية وغيرها.. منذ عقود علاقتنا الدبلوماسية مع إيران في أصفى حالاتها.. وزارنا في السودان غالبية الرؤساء الإيرانيين.. ورغم قوة إيران الاقتصادية لكنها لم تنفذ مشروعاً واحداً ذا بال في السودان.. فقط تحتشد الشعارات والعواطف (النبيلة) في تصريحات المسؤولين في البلدين.. وزيارات متبادلة لا تكاد تنقطع.. ثم لا شيء.. بينما دول أصغر من إيران وأقل قوة اقتصادية قدمت لنا الكثير بلا عواطف مسكوبة أو شعارات مرفوعة.. نحن في حاجة ماسة للنظر بعقلانية لسياستنا الخارجية.. فكثير من المطبات التي نقع فيها لم يكن لها ما يبررها.. ومعيار قوة الدول اليوم في استقرارها الداخلي و(الخارجي!).. لأن عالم اليوم متشابك في مصالحه بصورة تحتم النظر بعين الاعتبار لما يعزز التماسك الاقتصادي للبلاد.. وفي محاضرته أمس في قاعة الصداقة تحدث الرئيس الإيراني أحمدي نجاد على ما يشبه التحالف بين البلدين.. بل بشرنا بحكومة إقليمية واحدة.. تجمع كل البلدين وبقية الأقطار المسلمة.. وهذا ما نخشى منه.. الكلمات المعلقة في الهواء مثل السراب بعيداً عن المنطق والعقلانية.. إن أكثر ما يحتاجه العالم الإسلامي اليوم ليس حكومة واحدة.. بل حكومات غير متعادية.. وشعوب قادرة على النطق بكل حرية برغباتها وطموحاتها.. وبكل أسف كل هذا غائب عن عالمنا الإسلامي.. الشعوب تنظر لحكامها وكأني بها تقول لهم: (نشوف فيكم يوم).. والحكام يحرسون كراسيهم بأعتى وأشرس مما يحرسون به حدود بلادهم.. وبعض جيوش الدول الإسلامية قتلت من شعوبها عشرات أضعاف ما تقتله من العدو الإسرائيلي.. المطلوب الآن استنباط منهج حكم إسلامي رشيد.. قريب الشبه بما في تركيا.. يقوم على الديمقراطية والحرية والعدالة والشفافية وحقوق الإنسان.. التيار نشر بتاريخ 27-09-2011