العصب السابع تووم آند جيري...! شمائل النور ظاهرة جديدة "لنج" في مسلسل الصحافة والأجهزة الأمنية، بعد أن استنزفت سياسة مصادرة الصحف ثم تعليق صدورها.. ابتكرت سياسة جديدة هي أن تواصل الصحيفة صدورها مع توقيف بعض الكتاب أو الصحفيين الذين يمارسون إزعاج السلطات، قبل حوالي أسبوع تداولت الأخبار أن صحافييْن تم توقيفهم عن ممارسة العمل الصحافي في صحيفة بعينها، لكن لم يستبن بعد أيم توقيفهم نهائياً من ممارسة المهنة أم مجرد فك ارتباط بين الصحافيين وصحيفة ما.. ثم تبعتها صحيفة "الجريدة" التي تعرضت للتوقيف في وقت سابق، لكن هذه المرة لم يتم توقيف إصدارها بل توقيف الكاتب زهير السراج، الصحيفة فضلت الصدور بزهيرها لكنها صودرت.. ظاهرة توقيف أسماء بعينها دون توضيح أسباب ودواعٍ موضوعية أخطر على الحريات من توقيف صحف كاملة. العام الفائت وعندما اجتهدت الحكومة عبر البرلمان إلى "ابتكار" قانون جديد للصحافة لم تكن خطوة مطمئنة أبداً، خاصة في غياب أهل الصحافة أنفسهم الذين لم يطالبوا أصلاً بقانون جديد أو حتى تعديل في القانون بل كانت إشعاراً بأن الحكومة ليست لديها أدنى رغبة في الانفتاح تجاه الحريات إلى الأفضل إن لم تكن راغبة في الانتقال إلى الأسوأ، فعندما قالت وزيرة الإعلام سناء حمد أمام الجموع: إن الحكومة "زعلانة شوية" من الصحافة ولذلك سوف تستصدر قانوناً جديداً، وعندما اشتكى وزير المالية علي محمود أن الإعلام يترصده دون غيره.. وعندما احتجّ عبد الرحمن الخضر بأن الإعلام "ما راكب عدلو" والإعلام المقصود هنا هو الصحافة.. أظنها كانت كلها إشارات إلى وضع قادم أكثر خنقاً.. لكن قطعاً لم نتوقع أن الوضع مقصود به أمر آخر غير الخطوط الحمراء المعروفة للصحافة السودانية دون صحافة العالمين، فبدأت المعركة بإغلاق الصحف أو تعليق صدورها، والآن دخلت حيز تحديد الأسماء. لماذا كلما اقتربت المسافة بين الصحافة وسلطتها التي هي مهمتها الأساسية، ضاقت السلطات ذرعاً، لماذا تجتهد السلطات في خلق عداء بينها والصحافة.. الانفتاح الذي طال كل العالم لم تعد بفضله معلومة محجوبة، ما مُنع نشره الآن في الخرطوم يُشاهد الآن في سدني، الفضاء يسع الجميع ويسع كل الآراء وكل التوجهات بل كل المعلومات، لعبة تووم آند جيري لم تعد تخدم أمن الدولة الذي تهدده الأقلام، وهذا ليس حلاً، وبالتأكيد السلطات تعلم ذلك علم اليقين، فقط لأنها جربت هذه السياسة كثيراً ولم تنجح، بل إنها تدرك حقيقة أن هذه الطريقة تؤدي إلى نتائج بأي حال غير إيجابية ولا تخدم "الهدف الوطني" الذي تتطلع إليه السلطات من خلال توقيف الكتابات والأقلام المهددة للأمن القومي.. المزيد من التضييق والخناق يعني مباشرة أن هناك خللاً كبيراً، وبسط الحريات يعني دون اجتهاد أن الأمور جيدة، ولا شيء يُخشى عليه من الخروج إلى الضوء. التيار