العصب السابع حريات \"مسار\"..! شمائل النور الوزير عبد الله مسار كان أكثر وزراء الحكومة العريضة حظاً في النشر الصحفي صبيحة أداء القسم.. ليس لأنه وزير للإعلام، بل لحديثه المثير المدهش عن إعلام المرحلة المقبلة الذي قاله مباشرة بعد أداء القسم الرئاسي.. مسار أرغى وأزبد وهو يتحدث عن تفاصيل برنامجه الوزاري الأكثر جاذبية، وأدرك من أين يؤكل كتف النشر الصحفي حتى يصبح نجماً صبيحة يوم القسم وقد كان.. بدأ مسار بالحريات الصحفية بل كانت موضوع حديثه الأساسي، التزم برفع سقف الحريات وقبول الرأي الآخر مهما كان، وأعلن إنهاء القبضة الحكومية على أجهزة الدولة، وقال: نريد أن نسمع رأي المعارضة في الأجهزة الحكومية.. رغم إيماننا القاطع بأن ما قاله وزير الإعلام سيذهب جفاءً لأنه لن ينفع الحكومة بل هو في الواقع لا يتعدى كونه فرحة قسم ومسار يدرك تماماً أن حديثه لن يتنزل أرض الواقع حتى لو كان الرئيس نفسه وزيراً للإعلام.. الحديث هذا لم يكمل شهراً حينما أغلق جهاز الأمن قبل نحو يومين صحيفة رأي الشعب وعلق صدورها وأحال الملف إلى تحقيق.. هذا هو منبر المعارضة التي تريدون سماع رأيها في أجهزة الإعلام الحكومية،، الحكومة لم تحتمل رأي المعارضة في صحفها الخاصة فكيف بها تحتمل ذات الرأي عبر إعلامها.. عندما بدأت الحكومة تهرول عبر البرلمان وجهاز الأمن إلي خلق قانون جديد للصحافة لم تكن خطوة مطمئنة في غياب أصحاب المصلحة الذين لم يطالبوا أصلاً بقانون جديد أو تعديل في قانون بل كانت إشعار بأن الحكومة ليست لديها أدنى رغبة في التغيير إلى الأفضل إن لم تكن راغبة في التغيير إلي الأسوأ، فعندما قالت وزيرة الإعلام سناء حمد أمام الجموع: إن الحكومة \"زعلانة شوية\" من الصحافة ولذلك سوف تستصدر قانوناً جديداً يجعلها على الأقل غير \"زعلانة\"، وعندما اشتكى وزير المالية أن الإعلام يترصده دون غيره، وعندما احتج عبد الرحمن الخضر بأن الإعلام \"ما راكب عدلو\" كانت كلها إشارات إلى وضع قادم أكثر سوءاً.. لكن قطعاً لم نتخيل أن الوضع مقصود به أمر آخر غير الخطوط الحمراء المعروفة للصحافة السودانية دون صحافة العالمين. صحيفة رأي الشعب أُغلقت بناء على حيثيات أكدت لمتخذي القرار أن الصحيفة تتلاعب بأمن الدولة ذلك بإتاحتها للحركات المتمردة، منبراً للرأي على خلفية الحوار الصحفي الذي أجرته الصحيفة مع قيادي من حركة العدل والمساواة.. ولم يذكر سبباً آخر، ولا أظنّ أن هناك سبباً آخر.. من قرأ أن الحوار سوف يتأكد أنه أقلّ من عادي ولم يأت بجديد أكثر مما هو منشور إلكترونياً ومتداول لكل العالم بكل هذا الكم من المعلومات الاستخبارتية والأمنية.. أعتقد أن خطوة إغلاق الصحيفة لفتت النظر أكثر إلي موضوع لم يكن في حسبان الناس أنه يمس أمن الدولة مثلاً أن المعلومة التي كُتب لها الحرمان من نشرها ورقياً دون أقل اجتهاد سوف تجد طريقها إلي النشر الإلكتروني الذي لا يحتكم إلي قانون الأرض، وسوف يطالعها كل العالم دون جهد. التيار