[email protected] خرجت الكثير من الكتب التاريخية والسياسية بتعاريف مختلفة للثورة أجمعت في أغلبيتها على أن الثورة هي لحظة تغيير كامل لواقع (لم يرض الشعب) بطرق مختلفة أكثرها شيوعاً تغيير أنظمة الحكم بالقوة إبتداء بخروج الشعب إلى الشارع ثم يتطور الأمر إلى حربا بينه والسلطة ولم يسجل التاريخ أن شعبا خسر معركته ضد الشر والظلم والتسلط.. فالثورة هي حدث خاص طارئ ولحظي في نشأته ينشد تغييراً يهدف أساساً لإسقاط نظام حكم..كما أنها حالة إنفعالية تلقائية خالصة ليس لها أي ضابط أو قانون يقوم بها المواطن من أجل إستعادة حقوقه الإنسانية في العدالة والمساواة والمواطنة.. ولازالت الطغمة الحاكمة عندنا ترفض فهم حقيقة أنه طالما هناك خلل في التوازن بين عناصر المجتمع وإنعدمت الأسس المدنية الحضارية للحكومة في التعامل مع شعبها وأحس الشعب هذا بأن حقوقه كلها تمت مصادرتها فلا بد من قيام الثورة لتغيير هذا الحال..وهذا أمر منطقي جداً نظراً لنفسية المواطن السوداني الذي يرفض هضم حقوقه والكذب عليه والتغييب الذي تقوم به السلطة تجاهه منذ 23 عاماً.. حزب اللصوص هذا ظل طوال تاريخه رمزاً للطغيان ومصنعا للظلم والقهر والتعذيب يحمية زبانية مهمتهم إسكات كل من طالب بالحرية أو تفوه بالنقد أو حتى بما ينفع الناس أو ينمي قدراتهم من أجل مستقبل أفضل.. ومن المفارقات الغريبة التي رافقت قيام ثورتنا المجيدة هي الإتهامات التي وجهت إلينا منذ تسميتنا من قبل المشير (بشذاذ الآفاق والشماسة ) وتهكمات مساعده نافع واستهزاء نائبية على والحاج آدم ونفي قادة حزبه أن مايحدث يمثل ثورة أو مطالبة بإسقاط النظام مع أنهمم جميعا يعرفون أسباب انتفاضتنا وأن ثورتنا هي الأكثر امتلاكاً لمقومات الثورات عبر التاريخ إنطلاقاً من تلاشي الطبقة الوسطى التي تمثل مركز ثقل المجتمع وعموده الفقري مروراً بتفشي العطالة والجوع والمرض والأُمية وفساد السلطة المالي والإداري سكوناً عند إنعدام الحريات والظلم والقمع والإعتقالات الغير قانونية وهو ما يعني تتسخير إنسان وموارد السودان لخدمة المشير وأعوانه.. كما أنه من المضحك المبكي في آن واحد معاً تسمية الإنقلاب العسكري الذي جاء بهؤلاء اللصوص إلى سدة الحكم في 30 يونيو من اللعام 1989 ثورة يحتفى بذكرى قيامها سنوياً فيما يطلق اللصوص وأبواقهم على انتفاضتنا الشعبية ضد الفساد والفقر والإستبداد والظلم (جوطة شماسة) ناتجة عن تآمر خارجي..مالكم كيف تحكمون؟؟ وبعض الجبناء يظنون أن الثورة آلات ميكانيكية لها نظم محددة تحتوي على مواصفات فنية وشروط لا يجب أن تتجاوزها كما يفعل المدعو محمد محمد خير بصحيفة آخر لحظة وهو يحدد شروطا جديدة للثورة ويتحدث عن حظوظ وقدرات المعارضة في إنجاحها ويرفض بوق جهاز الأمن والحكومة هذا الإعتراف بأن الشعب هو الذي يكون ويقود هذه الثورة وأنها شعبية خالصة لا شأن لأحزاب معارضة بها.. إننا أمام تحول سياسي وإجتماعي (لا مفر منه) لمفاهيم ظالمة كانت مثبتة فقط بقوة الحكم الدكتاتوري الفاشل..ونجد أن انفتاح المواطن على العالم الخارجي عن طريق الإتصالات والمعلومات أقعد اللصوص عن الإمساك بخيوط اللعبة الدائرة منذ أكثر من ثلاثة أسابيع وأبعدها عن مجاراة وفهم التغيرات النفسية في المجتمع وأجهزة الحكم بما فيها الجيش والشرطة ببل تعداها الأمر إلى عرابي النظام البائد ومفكريه الذين باتوا يقفون بعيداً عن النظام وإن لم يعلنوا ذلك بعد.. ونجد أن مايحدث في الشارع حاليا أفقد السلطة رغم مكابرة النظام الفاسد دورها التقليدي في أن تكون المحور الذي يدور حوله كل مابتعلق بالبلد سواء من الداخل أو الخارج ولم تعد حكومة المشير قادرة على أن تملك مفاتيح حركة الشعب وتوجهاته وليس أدل على ذلك من إختزال كل عمل السلطة في قمع وإعتقال وإغتيال المحتجين وإغلاق الصحف الحرة وحجب المواقع التي يلجأ إليها الشعب ليعرف الحقيقة (الراكوبة..حريات وسودانيزأونلاين) وهي كلها محاولات لقتل الثورة التي تخطت تماماً مرحلة الخطر وباتت تملك كل سبل وإمكانات النجاح.. ولم تعد هناك أي قوة قادرة على تدميرها.