كلما أحاول تثبيت خارطة السودان الجديدة بعد إنفصال الجنوب على شاشة هاتفي المحمول أقوم بتغييرها ... لأنها ليست جميلة مقارنة بالخارطة الأم القديمة والتي تحتوي على تلك المتعرجات من أفريقيا الوسطى والكنغو ( زائير ) ومرورا بيوغندا وكينيا ومثلها المروف باسمها ثم أثيوبيا ... ولا أنسى المدن العريقة التي يضمها هذا الجزء ( الحنين ) فهنالك حاضرة الجنوب العريقة ( جوبا ) وقدر لنا الله أن نقضي فيها شهورا جميلة وعصيبة في نفس الوقت حيث قدمنا إليها ضمن محركات ( صيف العبور ) وما أدارك ما صيف العبور ...وهنالك مدن : واو ، وأويل ، وملكال ، وبور ، والبيبور ، وتوريت ،وكبويتا ، وياي ، ونمولي ... مدن عريقة وجميلة ... وللأسف فرطنا فيها ... كأن يمكن الوصول إلى تساومات دون حصول الإنفصال ...وقد كنت من المسبعدين جدا لهذا الإنفصال بعد تبشيرات النائب الأول للرئيس بأنهم إتفقوا مع رصفائهم في الحركة الشعبية على الوحدة الجاذبة ...وللأسف لم تقوم الحكومة بدورها بما يدعو للوحدة الجاذبة في الجنوب من تنمية وخلافها .. وحتى الدورة المدرسية التي كانت من المفترض تكون في واو إنعقدت في آخر سنة من الفترة الإنتقالية ... يعني نفس مسألة ( علوق الشدة ) التي يمارسها بعض أبناؤنا الطلاب مع إمتحاناتهم ... حيث يقضي الواحد منهم زمنه في أشياء فارغة ... كورة وحفلات ومعاكسات ... دون الإلتفات لواجباته الدراسية ... ولما يحين وقت الإختبارات يلملم أحدهم أطرافه ... ويصور هذه المذكرة من هذا الطالب أو تلك المذكرة من ذاك الطالب ... ومن هنا وهنا ...يجتهد للحاق بما فاتته من دروس وملخصات ... ولكن هيهات ... فهذا هو ( علوق الشدة ) يصنعه أحدنا مع دابته حين إقلاعه ... فهل يأتي بالمفيد ؟؟؟؟ أكيد ﻻ ... وألف ﻻ ... بل مليار ﻻ ...وهذا ما فعلناه تجاه مسوغات الوحدة الجاذبة مع إخواننا الجنوبيين ... أو ناس الجنوب كما يحلو للبعض .. التنمية لم تكن متوازية بين الشمال والجنوب ... فقد كان هنالك تقصير واضح ... و ﻻ أدري سبب هذا التقصير من المركز أم من إخواننا الجنوبيين أنفسهم الذين لعبوا بأموال الجنوب وعائدات البترول لصالح جيوبهم ... كما كانت تفعل مكاتب التتنسيق الخاصة بالولايات الجنوبية في كوتات السكر زمان ؟؟؟؟؟ إن مواطن الجنوب مظلوم ... وقد زج بهذا الإنفصال من غير رضاه ... بل إن مواطن الجنوب كان مكرها على هذا الإنفصال ... وهذا ما وضح جليا بعد تسلل الآلاف نحو الشمال ...فالحياة في الجنوب ﻻ تطاق كما حكى بعضهم وذلك لنقص المقومات الأساسية ... وكذلك ما وجوده من رخاء في الشمال رغم الظروف الإقتصادية الصعبة التي يمر بها الشمال ...بجانب المعاملة اللطيفة والجميلة التي وجودها من كثير من إخوانهم الشماليين ... وفي بلدتنا ( العريباب ) ضمن أحياء ود مدني أسس الجنوبيون حيا موازيا للشماليين فيه كل الخيرات وكل ما لذ وطاب لهم ... والحياة بين الحيين كانت تسير بوتيرة جيدة ... وهكذا في مناطق كثيرة من مناطق السودان الشمالي ...وهذا مؤشر جيد يرجعنا إلى سياسة الوحدة الجاذبة وبصورة شعبية أكثر فاعلية وعملية ...ففي إسلاميا : ﻻ فرق بين عربي و ﻻ أعجمي ... ولا أبيض على أسود أو أسمر إلا بالتقوى ....فيها نعمل جميعا حكومة ومعارضة ... وشيب وشباب ... ورجال ونساء ... في الشمال والجنوب للوحدة من جديد على أسس الدين والذي يحترم الجميع ...فليس هنالك مواطن درجة أولى .. وآخر درجة ثانية ... فآمل أن يتحقق ذلك قريبا والله المستعان ...