حري بي أولاً أن أعلن بأني قد جئت متأخراً للإفصاح عن ما رزخ به من كاويات ملتهبة على جسد دولة الحزب الواحد الذي يدعى السودان ؛ ولكن ان تأتي متأخراً خيراً من ان الا تأتي ؛ ثانيا: من البديهي أن نعلم جميعا ما من أزمة أو محنة إنسانية إجتاحت دولة من دول العالم إلا وكانت آليات وبوادر الحلول تستدعى كل مهتم بالشأن العام أن يتسلح بسنان القلم لافتضاح وتعرية الحقيقة !! وهذا من شأنه يمكن أن ينجع بنتائج موضوعية و منطقية تستطيع مجابهة الواقع لدرء كوارثه ؛ ولكن نحن في السودان !! إذا ما حولنا أن نجري مقارنة ما بين حجم القضايا المتراكمة ومحمولة بظهر الدولة ‘ وكمية ونوعية الكتابة عنها بمختلف حقول المعرفة العصرية سوى أن كانت علي شكل تصوير الواقع في الجانب الغنائي أو الشعري أو الروائي أو المسرحي......الخ نجد أن المحصلة ضعيفة جداً أن لم نجده صفرا !! لذلك كان لزاماً علينا أن نبث مدادنا من غير ميعاد . وأنا باطلاعي واطلالتي الجامحة وإستقرائي لمعظم المقالات التي تناولت حالات الهضربة المرضية لنظام الحزب الحاكم إزاء إنتصاراته المزعومة ( الكاذبة ) على الحركات الثورية المسلحة وبالأخص التي كانت في أبوكورشولا في الأيام الفائتة تمخضت لي حقيقة أخرى عن هذا النظام ألا وهي أنها مبنية وتعيش وتحيا علي أساس كذبة كبيرة ليس لها أساس مادي أو أصل حقيقي و في ذلك يذكرنا عن كيف وهم أتوا في ذلكم اليوم المشؤوم بعباراتهم التراجيدية المتسخة !! عندما ذهب ( بشيرهم) إلي القصر رئيساَ و( ترابهم) إلي السجن (كوبر) حبيساً ‘ ولكن برغم ذلك استطاعت أن تبني قاعدة وعرف وتقاليد تجر به الشعب السوداني المقلوب على امره الي حيث لا يدري !! وفي هذا يمكن أن نطلق عليه مصطلح (الوهم) ، وهي التي يعرف في بعض مفاهيمها علي أنه : تشوه يحدث للحوس ويكشف كيف ينظم الدماغ ويفسر الاثارة الحسية ‘ وعلى الرغم من أنها أوهام تغبش الحقيقة ، يتشارك فيها عادةً معظم الناس ؛هذه الحقيقة البسيطة تحكي عن تجليات منعطف الواقع السوداني المؤلم اليوم حقيقة ‘ تعلن و بكل جدارة مدى صحة الأزمة التي تبادلت ما بين الإنسان السوداني والدولة الفاشية بالعباء الإنقاذي ؛ لا اريد إجترار تفسير الأسباب التي اجبرت جهابذة النظام المتمثلة في أجهزته العسكرية و الأمنية لاختلاف الاكذوبة التي أضحت أضحوكة و محل مسخره لدي الكثيرين مما سهل البحث عن ابجديات التحليل في الكشف و اثبات تدلس انتصاراتها المزعومة علي الجبهة الثورية ‘ وعلى ما أعتقد كل حصيف منا ادرا وأعرف بحقيقة الموقف ؛ ولكن ما أريده هو الحث عن أسباب برود وإستكانة مشاعر وغيرة الحس المجتمعي ‘ وهم بما فيهم النخب من الكتاب والفنانين والموسيقيين على حسب الكاتبة الافريقية الامريكية إليكس ووكر أليس هم الذين يبقون علي تحريك العالم (الواقع) اتجاه الأشياء ففي البداية يكونون الفكرة ثم ترسلها للمتلقين و بذلك تصبح ثورة ، والثورة تبدأ من فكرة بسيطة و حقيقية) لقد تبلورت حقيقة الواقع السوداني المذري وتفاقمت حدتها ومع ذلك الكل في إنتظار المنقذ وفي رجاء البطل المنقوش علي شرفاة المجد !!! كلا ثم كلا أن الأمر بعد ذلك لم تحتمل الاتكال و الخنوع ، وان الصبر قد ملا !! والواقع تستدعينا اللا نتقاعس بمستقبل اجيالنا القادمين لذلك حتماً علينا أن نقول كفى أيها الجبروت لقد أكل عليك الزمان وشبع وشرب وارتوا !!! فاذهب إلي مزبلة التاريخ من غير رجعة ؛ الشعب السوداني يعيش في حالة توهان والذي أصطنعته حثالة النظام وأبواقه الرخيصة حتى كادت أن تصبح حقيقة وهي بقاء هذا النظام يعني بقاء الهوية السودانية ( الإسلام عروبية )الملفقة ومع وجود هذا النظام تتوفر الأمن و....و......و وبالمقابل بذهاب الحكومة تحل الكوارث والفوضى، والعريض من المسميات الهستيرية التي استجلتها من نفايات خيالها المسرطن، بإيمانكم أي خزعبلات وخرافات أكثر من ذلك التي تستحيل أن تتماشي مع عقلية ستصحبها ثورة معلومات عارمة وحداثة قرون خلت والأن تعيش في عصر نهاية التاريخ (فوكوياما) هذه تفاهات لا تليق أن تتسرب بعقل شعب حفل تاريخه السياسي والاجتماعي بكسر اغلال المستبد وهتك عروش الديكتاتوريات الزج بهم في مراحيض التاريخ ، أن اشداد وطأة حرمان الحياة الكريمة في كل بقاع أرض السودان يستوجب وقفات تأمل ولو من باب محاكاة الشعوب التي نالت حقوقها أو بالأحرى انتزعتها ‘ بلا مأربة أو تردد وانتظار إذن على الشباب السوداني الا تنكسر عزيمتهم لاقتلاع هذا المارد (حكومة البشير) التي جثمت على سدة السلطة ما يقارب الربع قرن عاثة فيها خراباً ودماراً وفساداً وممارسة دعارة الانحلال الاخلاقي بالسلطة في كل مرافق الدولة والذي ترتب عليه ذهاب جزء أصيل من الدولة السودانية وهلمجرا من المصائب التي يعيشها السودان اليوم ‘ والتي تعتبر من أعظم انجازاتهم (ثورة الإنقاذ) الناسفة اذن لا مجال لوجود هذا النظام بعد هذا الفشل السياسي الماحق ؛ لا بد من ثورة شعبية شاملة تتباين فيها كل ألوان الطيف السياسي والاجتماعي والثقافي لإسقاط ذلكم اللعين وهي قادمة عاجلاً أم اجلاً لا محال . علي شباب الجيل السوداني أن يضع في تصوراته ان هناك اخفاقات في مسيرة السياسة السودانية والتي تعد جريمة تاريخية وهي كانت ولم تزل مسؤولية النخب السياسية والفكرية هذا (ان وجدوا) ساهموا في ترك الوضعية التاريخية المأزومة هذه... والتي أصبح يدفع ثمنها الباهظ هذا الجيل المظلوم !! وبدلاً ان يخلوا طرفهم هؤلاء (الهرم) ويفسحوا الساحة لمن هم أكثر حرصا لمستقبلهم (جيل اليوم) واعتقد هم على اهبة الاستعداد من الامكانيات والقدرة علي تصحيح الاثار السالبة التي خلفتها الحكومات التي تعاقبت علي الحكم في (الخرطوم) وبرغم ذلك نجد هؤلاء الكهول سياسيا و(بيولوجيا) مهرولين بالتمادي في غطرستهم يظنون انهم احرص إصلاح فيما تبقي من سودان ‘ وتختلف وتعيد المسميات الهلامية المتمثلة في تجمعاتهم المستهلكة للوقت والمساهمة بلا شك في اطالة عمر النظام في السلطة ؛ السؤال البريء الذي يمكن أن يطرح نفسة ان هذه الأحزاب المترهلة والمخرفة هل لها الاستعداد الكامل لإحداث نقلة تصحيحية (بيروستريكا) نوعية من إشعاع الديمقراطية وكسر سطوة الزعيم الاوحد والكف عن ممارسة الوصايا الأبوية بما في داخلها (أي في بئتها التنظيمية) ؟ حتى تستدعي لها القدرة في التحدث عن مطالبة الشعوب المنكوبة بسبب فشلها التاريخي وهي الآن تفتقد للإرادة السياسية ومع ذلك تنعت نفسها أنها معارضة مدنية شريفة موحدة تسعي لدحر النظام واسقاطه ، أنا اعتقد ليس فيهم العشم وهم بمثل هذا الحال الهزيل المريض ؛ وفقاً لهذه الحيثيات نجد أن المواطن العادي لقد ارتبكت فكرته في تميز الاصلح أهو النظام ام معارضة النظام ؛ وفي هذه المتاهة الذي نتحدث عنه والتي استحوذت علي مخيلة الوعي الجمعي ، وحتي يمكن ان يتحقق المرجو (الثورة) ليس هناك من آلية مدنية جباره وقوة مهولة يمكن ان تجتث جزور هذا النظام غير جيل الشباب وهذا بالتعاطف والتضامن مع آلية الخيار الثوري المسلح كضرورة مرحلية ووسيلة عبور للوصول الي الهدف المنشود وليتحقق تطبيق المبادئ الذي نسعي جاهدين لترسيخه ومعايشته علي أرض الواقع السوداني؛ من احترام الإنسان أولاً كإنسان ثم تثبيت حقوقه وصنع الحرية والعدالة والمساواة في وطن يسع الجميع و الكل في أمان وسلام حقيقي شامل وكامل. هذه الأقوال المأثورة في حق أحزاب المعارضة وزعمائها العشائرية ليس القصد منها طردهم من حلبة الصراع السياسي والاجتماعي بقدر القصد منه هو الفرض عليهم ان يفسحوا المجال قليلاً لجيل اليوم حتى لا تمت إبداعاتهم و خيالهم الخصب ‘ وفي هذه المنحى عبر ودروس !! انظروا إلي من خلقوا ثورات الربيع الديمقراطي (الربيع لعربي) ماذا كانت المحصلة النهاية ؟ كانت عبارة عن مسرحية دراماتيكية فوضوية اخرجتها ببراعة احزاب وجماعات كانت علي منأى عن المسرح النضالي استيقظت من غفوتها ثم قطفت ثمار الثورة ولم تستطيع تنميتها ؛ حتي لا نلدغ من ذاك الجحر في السودان يجب ان نأمن ان المستقبل لا يوجد بقدر ما هو من صنعها وحتي نتقنها يستلزم ويستوجب علينا الاستفادة من أخطأ التاريخ. ولنا لقاء [email protected]