[email protected] ....... طرحة رأس تفضح الأجهزة العدلية برمتها في السودان إبتداءاً من الشرطة، النيابة، القضاء، وقبل ذلك الجهاز التشريعي. وتقدم نموذجاً آخراً لإهانة الدولة برمتها للمرأة السودانية. قضية أميرة عثمان – المتعلقة بعدم ارتدائها طرحة تغطي رأسها – ليست قضية شخصية بقدرما هي أزمة أخلاقية وتشريعية وقضائية تواجه المرأة في سودان اليوم. سودان الإنقاذ وجحافله من علماء التجهيل وجهلاء التشريع والمستمتعون في سادية بالتنفيذ. ومثلما كانت أميرة عثمان ضحية اليوم، ستكون سودانية أخرى الضحية القادمة ما لم يتم التصدي لهذه الأزمة العميقة: صيانة حقوق المرأة في السودان ضد عسف السلطة. الواقع التشريعي في السودان يدعو للحسرة. وكذلك الواقع القضائي. والشرطة التي تسمح لمنسوبيها باستهداف النساء هي شرطة غير جديرة بالاحترام وعليها وضع ضوابط تكبح الموتورين والمهووسيين من منسوبيها بقمع المرأة، خاصة ما يُسمى بشرطة النظام العام. تخريجات نواب البرلمان السوداني حول المرأة توضح بجلاء كيف تعمل عقلية الإنقاذ على إهانة المرأة على مستوى هيئة تشريعية يُفترض فيها حماية المرأة وصيانة حقوقها. تتعدد الإهانات الصارخة ضد المرأة، من منع عمل النساء في مهن معينة في عهد الراحل مجذوب الخليفة عندما كان والياً للخرطوم, إلى جلد متظاهرات، إلى استهداف النساء بحجة إرتداء الزي الفاضح. والهدف هو إهانة المرأة. معيار الزي الفاضح هو معيار غير منضبط ولا يمكن التعويل عليه. وفي الحقيقة هو ليس بمعيار بقدرما هو آلية لإهانة المرأة السودانية وتعطيلها. ومن الواضح أنه يستخدم كسلاح ضد كل من يُشتبه أنها لا تنتمي لفصائل المؤتمر الوطني المتعددة. واستخدامه ضد المعارضات لنظام الإنقاذ لا يحتاج لدليل. وللأسف تنخرط الشرطة بكل طاقتها في تنفيذ هذا المخطط القبيح. فالرجل الذي يثيره شعر إمرأة في الطريق هو مريض ولا شك، مثله مثل الرجل الذي يرى في ارتداء إمرأة بنطالاً جريمة. للأسف لا يوجد قاضِ شجاع ينحاز للعدل. صارت النصوص جامدة يطبقها قضاة أكثر جموداً وخوفاً على مواقعهم. ولا أرى قاضياً سوياً وله ضمير أخلاقي ومهني يمكنه تطبيق قانون النظام العام السيء الصيت والمهين للقضاء قبل المتهمين/ات. ويُنسب أنَّ الخليفة الثاني عمر بن الخطاب عطَّل في عام الرمادة حداً شرعياً قمة في القطعية النصية، فلماذا لا يعمل قضاة السودان من منطلق عدلي على عدم إعمال النصوص التشريعية التعسفية البليدة والتي تهين المرأة – وتعتمد أساساً على فهم مشرعين من شاكلة دفع الله حسب الرسول – وذلك لمخالفتها البائنة لدستور الإنقاذ نفسها ولمفارقتها الصارمة لمباديء حقوق الإنسان؟ لن تضع أميرة عثمان طرحة على رأسها بأمر السلطة الغاشمة وأجهزتها القمعية – من نظام عام وقضاء غير مؤهل – ولن تفعل ذلك الكثيرات من بنات السودان. تطير طرحة – وطرح – السلطة الطالبانية في الخرطوم بفعل رياح الوقفة القوية وصمود أميرة عثمان ومثيلاتها. * العنوان مقتبس من قصة بشرى الفاضل، حكاية البنت التي طارت عصافيرها