ما إن تزايدت المواجهات العسكرية بولاية جنوب كردفان بين القوات المسلحة وأفراد الجيش الشعبي من أبناء المنطقة، حتى ارتفعت حدة التوتر بولاية النيل الأزرق وإن كانت بدرجة أقل من المتوقع كون الولاية تضم أعدادا كبيرة من قوات الجيش الشعبي ومؤيدي الحركة الشعبية. ورغما عن تحذيرات الجميع من مغبة خلافات المؤتمر الوطني والحركة الشعبية قطاع الشمال وإمكانية أن تقود تلك الخلافات لإدخال المنطقة في أتون حرب جديدة، عاد تبادل الاتهامات ولغة التهديد والوعيد بينهما إلى السطح من جديد. لكن تحركات من هنا وهناك ربما نجحت في حسم أمر ظل مرفوضا على الدوام، خاصة بعدما أشير إلى إمكانية عودة الأطراف المختلفة لطاولة التفاوض من جديد. فرئيس الحركة الشعبية بقطاع الشمال والي ولاية النيل الأزرق مالك عقار يرى أن الحل الحقيقي يكمن في تنفيذ الاتفاق الإطاري الذي وقعته حركته مع مسؤولين في الحكومة الشهر الماضي، راهنا تسريح قواته من الجيش الشعبي بنزع سلاح كافة المليشيات، حسب قوله. إسلامية عروبية وهدد عقار في تنويره لمسؤولي الولاية عن مستجدات الأوضاع بالولاية، بمقاومة من يصرون على جعل السودان دولة إسلامية عربية دون الاعتراف بالتعددية الإثنية والثقافة والدينية، مشيرا إلى أن أولئك "هم دعاة تفتيت السودان". وعلى الرغم من تأكيد تمسكه بالحل السلمي، فإنه اعتبر أن عدم مشاركة الحركة في السودان القادم "يعني عدم وجود سودان"، لافتا إلى حالة الاحتقان التي تعيشها الولاية. أما رئيس المؤتمر الوطني بولاية النيل الأزرق عبد الرحمن أبو مدين فيؤكد حرص حزبه على الحوار والسلام والاستقرار ومكاسب نيفاشا وإكمال المشورة الشعبية إلى نهاياتها، عازيا عدم تمكن حكومة الولاية من مناقشة مطلوبات المشورة الشعبية لعدم عقد اجتماعات مجلسها التشريعي لأكثر من ثلاثة أشهر بسبب مقاطعة الحركة الشعبية. ويقول للجزيرة نت، إن الحركة الشعبية تقف حجر عثرة أمام السلام "فهي تستعرض عضلاتها العسكرية في بعض المناطق بل رفعت علم دولة الجنوب وهو ما نعتبره إعلان حرب على السودان". واعتبر تمسك الحركة بمرجعية الاتفاق الإطاري في أديس أبابا تنصلا عن ما أقرته لجان الطرفين بضرورة الحوار والمضي قدما في المشورة الشعبية قضايا عاجلة لكن أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين حسن الساعوري رأى عدم وجود قضايا عاجلة بولاية النيل الأزرق غير قضية المشورة الشعبية "وهي الحل والآلية المثلى والمتفق عليها للتسوية السياسية بالمنطقة"، معتبرا مقاطعة الشعبية بالولاية عقبة أمام استكمال كافة بنود اتفاقية السلام. وقال إن تهديد الحركة بإسقاط النظام وفق رغبة قوى المعارضة ربما يشكل عقبة حقيقية في طريق معالجة الاحتقان الذي تعاني منه المنطقة منذ بداية أزمة جنوب كردفان. ولم يستبعد انتقال ما يحدث في جنوب كردفان إلى النيل الأزرق "فالحركة الشعبية تريد أن تستدرج الحكومة للمواجهة مع المجتمع الدولي في الولاية"، مشيرا إلى أن الأزمة "هي صراع حول السلطة المركزية وليس حول مصالح النيل الأزرق ومواطنيها". جبهة موازية أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة أفريقيا العالمية المعتصم أحمد علي فاعتبر في حديثه للجزيرة نت، أن الحرب غير مرغوبة خاصة من قبل الحكومة "لأنها لا تريد فتح جبهة أخرى موازية لجبهة جنوب كردفان". جبهة موازية أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة أفريقيا العالمية المعتصم أحمد علي فاعتبر في حديثه للجزيرة نت، أن الحرب غير مرغوبة خاصة من قبل الحكومة "لأنها لا تريد فتح جبهة أخرى موازية لجبهة جنوب كردفان". المعتصم: الحكومة لا تريد فتح جبهة موازية لجبهة جنوب كردفان (الجزيرة نت) وعلى الرغم من توقعه اندلاع مواجهات عسكرية بالنيل الأزرق بين الحكومة وقوات الحركة الشعبية، فإنه اعتبر ذلك أمرا بعيدا "لمحدودية الحركة في المناطق الكبرى"، مستبعدا أن تجد القضية أي اهتمام دولي بعد انفصال الجنوب. وتوقع أن تكون هناك حرب كبرياء من قبل الحركة "وهي رسالة بأننا موجودون ويمكننا أن نقاتل وقادرون على مواصلة الحرب والوصول إلى القصر الجمهوري". وأكد أن ذلك مجرد تهديد لإحراز المزيد من المكاسب السياسية في أي تفاوض محتمل بين الطرفين. ورأى أن التوترات أجهضت المشورة الشعبية التي لا يمكن إنقاذها إلا بتدخل إقليمي أو دولي، مشيرا إلى وجود ارتباك حكومي في معالجة الملفات العالقة بالنيل الأزرق.