لندن كاتيا حداد إن تناول ثلاث وجبات يوميًا - هذا ما علمتك إياه أمك واتفق خبراء التغذية إلى حد كبير عليه. في الماضي، كان هناك بعض الكلام عن أن الأكل بكميات قليلة غالبًا ما يساعد في الحفاظ على نسبة السكر في الدم ومستويات الطاقة ثابتة، ولكن كان هذا الكلام بالنسبة إلى معظم الناس غير عقلاني. إلا أن الأبحاث الجديدة تشير إلى أن الأكل بكميات قليلة غالبًا ما يكون صحيًا أكثر بالنسبة إلينا، ويجب علينا أن نقسم أكلنا إلى ما يصل إلى تسع وجبات في اليوم، فإن هذا قد يساعد على خفض ضغط الدم ونسبة الكولسترول، ويساعد حتى على فقدان الوزن. وقالت رئيس مجلس إدارة بحوث التغذية البشرية الطبية الدكتورة سوزان جيب: "إن تناول الطعام بتقسيمه على مرات عدة في اليوم له فوائد كثيرة على التمثيل الغذائي يفوق ما يحدث من خلال تناول كمية الطعام نفسها في وجبات أقل عددًا. وفي واحدة من أحدث الدراسات، قارن العلماء من كلية "إمبريال" في لندن، وجبات أكثر من 2،000 شخص من المملكة المتحدة واليابان والصين والولايات المتحدة في حين أن كل الوجبات كانت تحتوي على نفس السعرات الحرارية ونفس المواد الغذائية كان نصف المشاركين في الدراسة يأكلون أقل من ست مرات في اليوم، في حين أن النصف الآخر كانوا يأكلون أكثر من ست مرات. أظهرت النتائج أن المجموعة الأولى أن نسبة الكولسترول في الدم أعلى من أولئك الذين يأكلون مرات أكثر، كما أنهم كانوا يعانون من ارتفاع ضغط الدم. كما لوحظ أن وزنهم كان أثقل بكثير من المجموعة الأخرى. ويخطط الباحثون الآن إلى تجربة سوف تشمل 50 مريضًا بارتفاع ضغط الدم، وسوف يقسمون إلى مجموعتين واحدة سوف تأكل ثلاثة وجبات، والأخرى تسع وجبات في اليوم لتقييم الآثار المترتبة على النظم الغذائية المختلفة. وسوف يقاس للمرضى مستويات الجلوكوز والأنسولين والأحماض الدهنية. إن تلك الدراسة الجديدة ومتابعة التقارير تشير إلى أنه ينبغي علينا أن تتخلى عن فكرة التمسك بالإفطار والغداء والعشاء. على سبيل المثال، وجدت دراسة من جامعة أثينا، أجريت على أكثر من 2،000 طفل تتراوح أعمارهم ما بين تسعة إلى 13عامًا، وأولئك الذين يأكلون خمس مرات في اليوم، وجاءت النتيجة مبينة أن نسبة إصابتهم بمستويات الكولسترول العالية تقل بمقدار 32.6 % عن أولئك الذين يأكلون عددًا أقل من وجبات الطعام. وفي الوقت نفسه، فإن تناول أربع وجبات صغيرة في اليوم على الأقل يعمل على تسريع عملية التمثيل الغذائي وخفض مخاطر الإصابة بالسمنة، وذلك وفقًا لدراسة جامعة "ماستريخت". في دراسة سابقة، بلغ متوسط السعرات الحرارية بالنسبة إلى أولئك الذين يأكلون ست مرات في اليوم حوالي 300 سعر حراري - وهو ما يعادل وجبة صغيرة من الأرز والدجاج والخضروات. لم يعرف لماذا تقسيم الطعام على وجبات أكبر لديه هذه الفوائد، ولكن إحدى النظريات تقول إن وجبات الطعام المتكررة تمنع تدفق الأحماض الدهنية – تلك المركبات التي يمكن أن تؤدي إلى تراكم الدهون في الشرايين، وتسهم أيضًا في ارتفاع مستويات الكولسترول. ويمكنها تضييق الأوعية الدموية أيضًا، مما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم. إن الأكل بشكل متكرر خلال اليوم يعني عدم وجود طفرات مفاجئة من الأحماض الدهنية، وتمكين الجسم من التعامل مع الطعام بشكل أكثر فاعلية. "وتشير البحوث إلى أن مستويات الأحماض الدهنية في الدم تبقى أكثر استقرارًا مع الأكل المتكرر بكميات قليلة - وقد تم ربط زيادة وهبوط الأحماض الدهنية بزيادة خطر أمراض القلب والشرايين، ويقول الدكتور فاسانت هيراني، وهو باحث كبير في جامعة كلية لندن والمتخصص في التغذية الصحة العامة. "أنا آكل قليلاً وبشكل متكرر في غالب الأحيان"، فالأكل بشكل متكرر قد يعزز مستويات الطاقة. حينما أعطي لرجال إطفاء حرائق الغابات وجبات غداء قياسية مصممة لأن تؤكل على مدى فترة طويلة من الزمن، عملوا بنسبة 25%من العمال الذين يحصلون على وجباتهم الغذائية في صورة "صناديق طعام". ويقول الخبراء إن انتظام مواعيد أكل الوجبات الصغيرة قد يكون في قدر أهمية كميتها. أخيرًا، كشف العلماء الإسرائيليون أن تناول وجبات خفيفة على مدار اليوم يساعد على كسب المزيد من الوزن على عكس تناول وجبات صغيرة في أوقات محددة. أجرى الباحثون بحوثهم على الفئران حيث قدموا لفريق منهم حمية غذائية منتظمة وتركوا الآخرين يأكلون كلما أرادوا. مع مراعاة استهلاك الكمية نفسها من السعرات الحرارية. بعد 18 أسبوعًا، أظهرت النتائج أن الفئران الذين تناولوا الطعام بشكل عشوائي اكتسبت المزيد من الوزن، وارتفعت نسبة الكولسترول في دمائهم وكانوا أقل حساسية للأنسولين. إذا كنت تأكل بشكل عشوائي، فإن الجسم لا يعرف متى سيحصل على الوجبة التالية، وهكذا كآلية بقاء يبدأ في تخزين المزيد من الغذاء على شكل دهون. وقال صاحب كتاب "تاريخ التذوق" البروفيسور بول فريدمان: "في حين تناول ثلاث وجبات يوميًا كان بمثابة قاعدة لأجيال، إلا أنها لا أساس بيولوجيًا لها". وأضاف: "إنه أمر ثقافي بحت. بدأت فكرة تناول ثلاثة وجبات يوميا في القرن ال 19 حيث ظهرت الأضواء الصناعية التي جعلت الإنسان قادرًا على الطهي وتناول الطعام حتى بعد حلول الظلام". وواصل "أصبحنا نستريح لفكرة تناول ثلاث وجبات، ولكن التغييرات في أنماط الحياة والعمل أخلت بهذا المفهوم". وتابع "في القرن الماضي، أملت ظروف العمل علينا أن نأكل في أوقات محددة. فكانت تطلق صافرة الخامسة مساءً في المصنع معلنة وقت العودة إلى الديار وتناول الطعام، ولكن الآن نحن نأكل في أوقات لاحقة لأننا نعمل ساعات أطول. لم نعد نعتمد على فكرة ثلاث وجبات يوميًا، وذلك لأن أفراد الأسرة لديهم جداول مختلفة، ولأن الأطفال قد لا يريدون أن يأكلوا متى قرر والداهم تناول الطعام. أصبحنا نأكل الطعام في أي وقت من اليوم". وأردف "إن تناول وجبات متكررة ليس عذرًا لتناول كميات أكبر من الطعام، كما تقول الدكتورة سوزان جيب، وإنه من المهم أن يتم التحكم بالسعرات الحرارية إذا كنا بصدد تناول الطعام ما يصل إلى ست أو تسع مرات يوميًا". واختتم "إن الخطر يكمن في أن التشجيع على الأكل بشكل متواتر يصبح ترخيصًا لاستهلاك الكثير من السعرات الحرارية، والتي عادة ما تنطوي على المزيد من الدهون والسكر والملح".