كالمتخفي بأنينه كان الحاكم السابق لولاية النيل الأزرق الفريق مالك عقار يرفض الرد على مكالمات الصحفيين بحجة أن الوضع معلول وأن السماء حجبتها النيران، ولكن ممّا رشح من معلومات أن عقار أصيب في يده أثناء رحلة الكر باتجاه الكرمك، وتم إجلاؤه بطائرة تابعة للأمم المتحدة إلى كينيا، رغم تأكيدات الأمين العام للحركة الشعبية قطاع الشمال -غير المسجل-«ياسر عرمان» بعدم إصابة القائد عقار الذي لم يعد والياً للنيل الأزرق بعد أن أعلن رئيس الجمهورية المشير عمر البشير حالة الطوارئ وتعيين اللواء يحيى محمد خير قائد الفرقة الرابعة الدمازين حاكماً عسكرياً هناك. مؤكداً في أول تصريح له أمس (السبت) أنّه لا أنباء عن اشتباكات مسلحة منذ صباح اليوم (أمس السبت)، وقال إنّ الأجهزة الأمنيّة والعسكريّة تقوم بتمشيط المناطق المحيطة بالدمازين. ولكن هنالك من يتحدث عن شح في الجازولين والبنزين في مدينة الدمازين.. وبعد أن فرّ منها عدد كبير من السكان أصبحت الشوارع هادئة كأنها مدينة أشباح، بسبب النزوح خارجها مخافة اندلاع النيران فيها مرة أخرى، فيما يرجح أن تحصّل قالكرمك على الدعم من وراء الحدود. { تباين الروايات تباين الروايات بخصوص تصريحات المسؤولين في الحكومة والحركة الشعبية كان هو السمة الغالبة، فحتى امس تضاربت أكثر من رواية بخصوص ما حدث ومن ابتدر العدوان.. الحركة الشعبيّة قطاع الشمال كانت هي الأسرع في توضيح ملابسات الأزمة وأصدرت بياناً أكدت فيه أن المؤتمر الوطني هو الذي بادر بالهجوم، وقال مالك عقار: «عند حوالي الساعة الثانية عشرة ليلاً، وعندما كان قائد القوات المشتركة عن الحركة الشعبية أمام البوابة الرئيسيّة لمدينة الدمازين، حدث تراشق بالأسلحة النارية بين القوات المرافقة لقائد القوات المشتركة عن الحركة وعددها ثلاث عربات، وقوات الجيش السوداني المرابطة هناك، وسرعان ما عمّت الاشتباكات كل مناطق تمركز الجيش الشعبي بالولاية». ولكن الرواية الرسمية التي صدرت من ثلاث جهات حكومية كانت مناقضة تماماً لما ذكره عقار، بحيث تولت وزيرة الدولة بالإعلام «سناء حمد» الرد، وقالت إن القوات المسلحة تصدّت لهجوم منظم من الحركة الشعبية واستعادت الوضع الأمني في مدينة الدمازين، ومضت إلى أن قادة الحركة أجلوا أسرهم قبل يومين من الهجوم مما يعني تبييتهم النيّة للانفجار. { عقار يصفّي نائبه حصلت (الأهرام اليوم) على معلومات تؤكد تصفية نائب الوالي في الحكومة المقالة «علي البندر أسيس الشيمي» صباح أمس (السبت) من قبل مالك عقار نفسه، وتقول الرواية إن الجيش الشعبي صفّى البندر بعد أن اتّهمه بالعمالة للمؤتمر الوطني بصفته قائداً سابقاً للدفاع الشعبي، قبل أن ينضم للحركة الشعبية، و»البندر» هو القائد الميداني الذي كان يدير المعركة منذ يوم الخميس الماضي، و»البندر» المعروف بتصريحاته الحادة تجاه المركز هو برتبة العميد في الحركة الشعبية، وقد كان في السابق عريفاً في الجيش السوداني الفرقة الرابعة مشاة الدمازين وتمرّد في العام (2006) بقوة كانت تابعة للدفاع الشعبي، وهو ينتمي لقبيلة (برون الشيمي) بمحلية الكرمك، بينما هنالك رواية أخرى تشير إلى أن «البندر» أصيب نتيجة لقصف الطيران لمناطق الجيش الشعبي بالكرمك، كما تم اعتقال عدد من قيادات وكوادر الحركة الشعبيّة في الدمازين، من بينهم نائب رئيس المجلس التشريعي للولاية «مامون حماد»، و»عبد الله إبراهيم» السكرتير العام للحركة الشعبية، وعضو سكرتارية الحركة الشعبية «بابكر محمد آدم»، ويجري حصر المفقودين والمعتقلين الآخرين من قيادات وكوادر الحركة الشعبية. { السيناريو المتوقع من المعروف أن ولاية النيل الأزرق تتكون من (6) محافظات هي: الدمازين، الرصيرص، قيسان، باو، الكرمك، والتضامن، ومن المتوقع أن تشكل محافظة التضامن تهديداً كبيراً لأنها تتمتع بكثافة سكانية موالية لعقار، وتوجد بها مدينة «بوط».. المدينة التي ولد وتربّى فيها عقار نفسه، بالإضافة إلى قيسان التي تفصل بين الشمال والجنوب، كذلك فإنّ غالب قادة الجيش الشعبي ينحدرون من الأنقسنا، علماً بأن عقار شكل قوات (البروبر) الموازية للدفاع الشعبي، وهى قوات خاصة بمالك عقار تقارب ال (10) آلاف مقاتل، وأغلب معسكراتها جنوب الكرمك في منطقتي (بلاتوما) (ويابوس)، وقد استدعى عقار - بحسب مصادر الصحيفة - الشباب في تلك المناطق للقتال. { بين «عقار» و«أبشوتال» محمد سليمان «أبشوتال» المكنى بملك الفونج المتوج، هو الرجل الذي قاد التمرد مع عقار على الحكومة منذ بداية الإنقاذ، بحيث كان الأول يدير الجبهة الشرقية مع محلية الرصيرص التي كانت تتواجد فيها قوات التحالف بقيادة العميد معاش عبد العزيز خالد، بينما كان مالك عقار في الجبهة الأخرى، وقد انضم ابشوتال إلى المؤتمر الوطني بعد الاتفاقية وأصبح وزيراً للثقافة، ومن المتوقع أن يتدخل أبشوتال لإيقاف حالة الاستقطاب الكبير وسط أبناء الولاية. وحتى الآن يواجه الولاية توتر ربما يستمر لفترة بعد أن فرّ مئات النازحين بحسب روايات غير رسمية إلى مدن الشمال، ومن المتوقع في حالة استمرار المعارك أن تفتح المعسكرات لاستقبال النازحين.