رغم الحروب الأهلية والتمرد الذي يعيشه، ما يزال السودان يستقبل يوما بعد آخر عشرات بل مئات اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين من الأفارقة، في ظاهرة لم تعرف مبرراتها بعد. ويمثل الإثيوبيون والصوماليون والإريتريون النسبة الأكبر من الذين تعج بهم معسكرات اللجوء والمدن والقرى السودانية التي بدأ بعضها يعبر عن ضيقه من تدفق موجة شبابية إثيوبية -من الجنسين– اجتاحت كثيرا من البيوت. ولم تقنع مشكلات السودان المختلفة المهاجرين أو اللاجئين الأفارقة بالنظر إليه كدولة فقيرة ما زالت بحاجة إلى الكثير حتى تصبح قادرة على استقبال عمالة وافدة من الجوار. ويستقبل السودان بحسب مدير إدارة الجوازات السودانية اللواء أحمد عطا المنان عثمان أكثر من مائة لاجئ أو مهاجر غير شرعي يوميا، الأمر الذي يدفع بكثير من التساؤلات حول استعداد السودان لقبولهم من جهة، وإمكانية خروجهم عبر منافذ سودانية مختلفة لدول أخرى كالمملكة العربية السعودية أو ليبيا أو مصر أو حتى إسرائيل من الجهة الأخرى. فئات صغيرة وتبدو الموجة الأخيرة للشباب الإثيوبي على السودان محل التساؤل الأبرز لكونها تنحصر بين سن العشرين والخامسة والعشرين. وكانت الحكومة الإثيوبية قد احتجت على ما اعتبرته سوء معاملة يتعرض لها رعاياها الذين يتم ضبطهم داخل الحدود السودانية، مطالبة نظيرتها في الخرطوم بإيجاد معالجة "حقيقية" للأمر. أما الحكومة السودانية غير القادرة على وقف هذا المد الجديد، فتؤكد وجود مهربين أو من يعملون في الاتجار بالبشر لإدخال أعداد كبير من المهاجرين إلى البلاد، معلنة في الوقت ذاته "بداية تفعيل القوانين السودانية التي تحارب الظاهرة". فمدير الإدارة العامة للجوازات والهجرة السودانية أشار إلى وجود عدد من المنافذ التي يستغلها المهاجرون غير الشرعيين في دخول الأراضي السودانية، مؤكدا عدم معرفة الأعداد الحقيقية لأعداد اللاجئين أو المهاجرين غير الشرعيين في البلاد. ويقول اللواء عثمان في حديثه للجزيرة نت إن تفعيل القوانين سيساهم بصورة قاطعة في محاصرة المشكلة، مشيرا إلى قبض عدد من المهربين "الذين تمت محاكمتهم وإيداعهم السجون". أما مدير إدارة الدراسات السياسية والدولية بمركز السودان للهجرة والسكان خالد لورد فاعتبر أن "السودان من أكبر البلدان التي تستضيف اللاجئين في العالم، بل أصبح مركزا جاذبا للعمالة غير الشرعية". ووصف خالد لورد هذه الهجرة بالقسرية وأنها "تتم وفق عملية يمكن وصفها بالجريمة المنظمة"، مشيرا إلى وجود متعهدين في الخارج والداخل لإرسال واستقبال الوفود المهاجرة غير المؤهلة. ورأى أن المهاجرين يعتقدون بأن في العملة السودانية أفضلية على عملاتهم المحلية بجانب إمكانية إيجادهم لبعض فرص العمل"، معتبرا أن منطقة الحزام الشرقي للسودان موبوءة بالإيدز والالتهابات الرئوية والأمراض المعدية الأخرى، فضلا عن إدخالهم لملاريا ذات نمط غير معهود في السودان. (الجزيرة نت) خطر وقال لورد للجزيرة نت إن المهاجرين يشكلون خطرا كبيرا على الاقتصاد السوداني "لكونهم يساهمون في التعامل بعملات حرة خارج الدائرة الاقتصادية". كما يرى الباحث بمركز دراسات الهجرة صديق مضوي أن معظم الوجود غير الشرعي يأتي عن طريق التهريب عبر نقاط تجميع في إثيوبيا وإريتريا قبل ترحيلهم إلى البلاد بطرق ملتوية تتحاشى نقاط التفتيش. وأكد مضوي وجود متعهدين داخل السودان من "قدامى الإثيوبيين" الذين يعملون على تدبير شؤون السكن والعمل مقابل خمسة آلاف جنيه (نحو ألفي دولار)، مشيرا إلى تزايد أعدادهم بعد اتفاقية السلام عام 2005. وقال للجزيرة نت إن بعض المهاجرين غير الشرعيين يعملون تحت أسماء وهمية "مما يشجع على ارتكاب كثير من الجرائم"، مشيرا إلى انحصار المهاجرين في الفئة العمرية بين 13 و18 عاما. وأضاف مضوي أنه بالتالي يدخل البلاد فتيان وفتيات قصر يسعون لجمع المال بأي صورة "ولو كان ذلك عبر الممارسات غير الأخلاقية".