نظم البرلمان السوداني، اول أمس الخميس، ورشة عمل حول مسودة قانون الصحافة والمطبوعات السوداني لعام 2012م، والتي سيتم التداول حولها وتقديمها للبرلمان كمشروع قانون للصحافة والمطبوعات لعام 2014م. وكشف خبراء وأكاديميين، شاركوا في الورشة، أن مسودة قانون الصحافة والمطبوعات السوداني، لعام 2012م فرضت عقوبات خارج نطاق المحاكم القضائية من بينها عقوبات جزائية على الصحفيين تصل لحد الإيقاف عن الكتابة لمدة تصل الي شهرين تخفيفا للمسئولية التقصيرية عن رئيس التحرير مع توازنها مع المسئولية الأصلية للصحفي. ورفعت المسودة – التي تم التداول حولها – مدة تعليق الصحف من (4) أيام إلي (10) ايام، ونصت على إعتقال الصحفي أثناء اداء مهامه الصحفية. وأستحدثت المسودة إيقاف والغاء ترخيص المطبعة، او الصحيفة ، او مركز الخدمات الصحافية في حالة مخالفة شروط الترخيص – التي لم توضحها المسودة. واتهم المشاركون، في ورشة مسودة قانون الصحافة والمطبوعات الصحفية لعام 2012م التى نظمها البرلمان ، أمس الخميس، اتحاد الصحفيين بحشد مفردات في لائحة الصحفيين تقمع الحريات، وتذل الاقلام مثل لفت النظر والتأنيب والتوبيخ والانذار والغرامة وتجميد العضوية والفصل. ورفعت مسودة القانون سن رئيس التحرير من (35 الى 40) عاماً مع خبرة لا تقل عن 10 سنوات. واشار المشاركون الى ان مشروع القانون اغفل حقوق الصحفيين واجورهم حتي اصبحت المهنة طاردة لايصبر عليها الا المتدربين والمتعاونين. ومنع مشروع القانون، الصحفي من تلقي اي اموال او تبرعات من جهات أجنبية تؤثر على نزاهته وحياديته، وجوّز القبض على الصحفي في اي تهمة في مهنتة بعد اخطار اتحاد الصحفيين كتابة فيما عدا حالات التلبس. ولفت المشاركون إلي أن ( 62 %) من تشكيلة المجلس القومي للصحافة والمطبوعات الحالي من شخصيات خارج العمل الصحفي بينما (8) فقط يمثلون الصحفيين يتم انتخابهم بواسطة اتحاد الصحفيين وعضوان يمثلان الناشرين واصحاب المطابع ودور التوزيع. وأشاروا إلي ان مسودة القانون الجديد سارت في نفس هذا الإتجاه الذي يقلص من وجود الصحفيين بمجلس الصحافة. وطالب المشاركون في الورشة بعدم التسرع في اجازة مسودة القانون لحين الفراغ من وضع دستور دائم للبلاد، وشددوا على عدم ايقاف الصحف او مصادرتها من قبل السلطات إلا بموجب قرار قضائي، وان تتناسب الاحكام مع الجزاءات، وأوصى المشاركون بمراجعة تكوين مجلس الصحافة والمطبوعات، ورفع نسبة عدد الصحفيين في المجلس وتنويع تخصصات الاكاديميين واساتذه الجامعات، وعدم اعتقال الصحفي اثناء أداء مهمته الصحفية سواء بإذن من النقابة او المجلس، وعدم ايقاف اي صحفي او صحفية الا بقرار قضائي، واحالة السجل الصحفي للمجلس القومي للصحافة، وتحسين شروط خدمة الصحفيين. وشدد المشاركون في الورشة – من اساتذة الجامعات والخبراء الاعلاميين – بإستثناء خريجي كليات الإعلام من الجلوس لامتحان السجل الصحفي، واستيعاب الصحافة الإلكترونية في القانون. وقدم استاذ الاعلام بجامعة ام درمان الاسلامية، عثمان سيد احمد خليل، ورقة بعنوان إبداء الرأي حول "مسودة مشروع قانون الصحافة" ووافق في ورقته علي سن قانون للصحافة والمطبوعات الصحفية لمواكبة المستجدات الحادثة في السودان في المجالات السياسية والاقتصادية ولتغيير الخارطتين السكانية والجغرافية، ومواقع التفاعل الاسفيري (الانترنت) بما يفرض وجود جهات رسمية متخصصة لمراقبة الاداء الاعلامي وتحاسب الخارجين عن دين وعقيدة وقيم المجتمع السوداني. واتهم خليل بعض الكتابات الصحفية في الآونة الاخيرة بارتكاب تجاوزات خطيرة تسببت في اثارة النزاعات والفتن وتأجيج النعرات القبلية واعتبر ان استخدام القانون من شأنه وقف تنامي هذه التجاوزات. وأيدت الورقة جملة فقرات في المسودة منها الفقرة التي تنص علي ضمان الحد الادني المناسب لأجور العاملين بالمؤسسات الصحفية، وطالبت المجلس بوضع حد للظلم والتشريد الذي يتعرض له الصحفيون في المؤسسات الصحفية. ووافقت الورقة علي المادة التي تحفظ للصحفي حصاناته وحقوقه عبر الحصول علي المعلومات من المصادر الرسمية وفقا للقانون الذي ينظم حرية تلقي المعلومات وتساءلت الورقة هل تم توزيع نسخ من القانون الذي ينظم حرية تلقي المعلومات على جميع الصحفيين بالسودان كي يعرفوا حقوقهم القانونية في الحصول علي المعلومات من المصادر الرسمية. وتشير ( الطريق) إلي انه لا يوجد قانون يكفل حق الحصول علي المعلومات في السودان. وقال خليل ان مسودة القانون " منعت الصحفي من تلقي اي اموال اوتبرعات من جهات اجنبية من شأنها التأثير علي نزاهته اوحياديته"، لكنه انتقد المسودة لعدم ذكرها ل " واجبات الصحفي المتعلقة بالدعوات الخاصة الفردية او الجماعية التي يتلقاها عدد من الصحفيين للسفر الي دول اجنبية تحت ضيافتها الكاملة او المشاركة في رحلات سياحية مدفوعة القيمة والضيافة او الترويج للمرافق السياحية"، داعيا لمراجعة المسودة في هذا الصدد. واعترضت الورقة علي الفقرة التي تقيد القبض علي الصحفي بشأن اي تهمة تتصل بممارسته لمهنته الصحفية بعد اخطار الاتحاد العام للسودانيين كتابة فيما عدا حالات التلبس، وتساءل مقدم الورقة عن الحالات التي يكون الصحفي فيها متلبساً من ناحية قانونية هل حين يكون ممسكا بالقلم ام في حالة اعداد لمقالة او اجراء حوار مع شخصية معارضة للدولة وجها لوجه ام استخدام وسائط كالهاتف او الفيس بوك، واعتبر ان ماورد في البند يفتقر الي الدقة والصياغة المطلوبة. ورأي خليل ان مشروع القانون توجد به اخطاء عديدة من حيث قواعد النحو والاملاء والصياغة. من جهتها، اعتبرت استاذ الاعلام بجامعة امدرمان الاسلامية، ناهد حمزة محمد صالح، التي قدمت ورقة ( الجزاءات والعقوبات في قانون الصحافة والمطبوعات السودانية) ان جميع القوانين التي تمت اجازتها بميلاد مسودة وسعت القوانين واتت بجزاءات "ما انزل الله بها من سلطان" واشارت الي ان قانون 2009م خفض مدة تعليق الصحف من (7) إلي (3) ايام بينما رفعت مسودة 2012م التعليق الي 10 ايام. وفي مجال بند الجزاءات ترى ناهد تراجع المشرع، ففي قانون 2009م رتبت الجزاءات كالآتي، الاعتذار ثم الانذار ثم التأنيب ثم تعليق الصحيفة لمدة لاتتجاوز (3) ايام ، بينما رفعت مسودة 2012م سقف السلطة الادارية التي كان يمارسها المجلس ومكنته من تنفيذ عقوبات خارج نطاق المحاكم القضائية بالرغم من وجود نص في قانون الصحافة السابق يستوجب على رئيس القضاء ان يحدد محكمة مختصة بقصايا الصحافة. وتوضح الورقة ان المشرع استحدث جزاءاً بايقاف الصحفي عن الكتابة لمدة لا تتجاوز الشهرين وايقاف المطبعة او إلغاء الترخيص لتخفيف المسئولية التقصيرية عن رئيس التحرير. واتهمت ناهد الاتحاد بحشد مفردات في لائحته لقمع الحريات وتتمثل في لفت النظر والتأنيب والتوبيخ والانذار والغرامة وتجميد العضوية. ودلفت الى ان مسودة القانون رفعت سن رئيس التحرير الي (40) عاما مع خبرة لا تقل عن (10) سنوات واعتبرت ان التشدد في حساب عمر الصحفي بالميلاد لايفيد في شئ لان الانجاز الحقيقي هو الانتاج والمساهمة في حل مشاكل الناس، واكدت ان مشروع القانون اغفل حقوق الصحفيين واجورهم حتي اصبحت المهنة طاردة لايصبر عليها الا المتدربين والمتعاونين. وفيما يتعلق بعضوية المجلس قالت ناهد، ان المجلس يتكون من (21 ) عضوا، (6) اعضاء منهم يعينهم رئيس الجمهورية من الخبراء والمختصين ويمثلون (29% ) من عضوية المجلس بجانب (5) ينتخبهم البرلمان من بين اعضائه، ويمثلون (24%) من عضوية مجلس الصحافة وبالتالي فان (62%) من عضوية المجلس تتكون من شخصيات خارج العمل الصحفي بينما (8) اعضاء فقط يمثلون الصحفيين يتم انتخابهم بواسطة الجمعية العمومية لاتحاد الصحفيين ويمثلون (38%) فقط من عضوية المجلس وعضوان يمثلان الناشرين واصحاب المطابع ودور التوزيع. من جهتها، قالت رئيسة لجنة الإعلام بالبرلمان السوداني، عفاف تاور، " ان الدعوة لحضور هذه الورشة قُدمت لكافة المهتمين بالعمل الإعلامي والصحفيين والأحزاب السياسية لكن الغالبية العظمي من المدعووين لم يحضروا". وألمحت إلي أن الإنتقادات اللاحقة للقانون غير مقبولة لجهة ان المدعووين لمناقشة مسودته غابوا اليوم عن الورشة التي خصصت لهذا الأمر.