أكد السفير الصادق عبدالله الياس سفير السودان بكينيا ان العلاقات بين السودان و كينيا علاقات متجذرة منذ ما قبل التاريخ و بعده مشيرا الي أن البلدين يحتضنان حضارات قديمة مؤكدا بان العلاقات السياسية بين البلدين تمر في افضل حالاتها . وكالة السودان للانباء التقت بسفير السودان بكينيا من داخل سفارة السودان بيروبي في حوار لم تنقصه الصراحة و تم طرح عددا من القضايا الخاصة بالسودان وكينيا وأوضاع السفارة والجالية السودانية في دولة كينيا . فالي مضابط الحوار : المحاور :أنور بابكر محمد - السيد السفير بداية حدثنا عن العلاقات السودانية الكينية بشكل عام - العلاقات بين السودان و كينيا علاقات متجذرة منذ ما قبل التاريخ وبعد التاريخ وجزء حديث، ومعروف أن البلدين يحتضنان حضارات قديمة بها آثار موثقة موجودة كشفت عن وجود تواصل بين الشعبين، كذلك العلاقات في بعدها الاجتماعي علاقات متشابهة، فعدد كبير من القبائل الكينية هي ذات أصول سودانية، إن لم تكن تنحدر من السودان أو عبره لذلك فالتواصل بينهما يعد قديماً جداً وانتهى بآخر رحلة للقبائل النوبية الذي كان في بداية القرن التاسع عشر، واستقروا في كينيا. وعندما نقول قبائل النوبة فليس المقصود هم النوبة الموجودين في الشمال أو في جبال النوبة، بل هي تضم عدد من القبائل من كردفان ودارفور والنيل الأزرق، فهذه كانت آخر رحلات في التاريخ الحديث. في بعدها الثقافي.. هي علاقات أيضاً قديمة والسودان من الدول التي لديها انتشار ثقافي واسع، فالسودان ظل يقدم عدد من المنح الدراسية للمئات في كينيا وعدد كبير من الطلاب الكينيين الآن يدرسون بالسودان وعدد كبير جداً من 7 إلى 10 ألف طالب- تخرج من الجامعات السودانية. كذلك هناك علاقات موجودة بين المتاحف والأنشطة الرياضية. والعلاقات في بعدها السياسي تمر بأفضل حالاتها، وهناك تقارب كبير جداً في وجهات النظر بين البلدين في كثير من القضايا، هناك قضايا ثنائية وهناك تواصل بين القيادات وتواصل على المستوى الوزاري التي ، انتعشت اللجنة الوزارية وشهدت حراك واسع، وهناك تبادل زيارات بين وزراء الخارجية في البلدين ووزراء آخرين، كذلك في بعدها الرئاسي نجد الرئيس الكيني زار السودان وحضر تنصيب فخامة السيد رئيس الجمهورية في عام 2015م، كذلك قام بزيارة ثنائية في أكتوبر 2016م مصطحباً معه عدد من الوزراء ووقعوا علي عدد من الاتفاقيات في المجال الاقتصادي. وهناك عدد من الاتفاقيات الموقعة بين البلدين في المجال السياسي، وتجري مشاورات بين قادة الحكومتين فيما يتعلق بالأوضاع في الاقليم، خاصةً قضايا السلام عبر (الإيقاد)وكذلك على المستوى الثنائي فيما يتعلق بقضايا جنوب السودان والصومال والأوضاع في منطقة البحيرات، فالتشاور مستمر وتبادل الآراء مستمر والتنسيق مستمر، كذلك في القضايا الدولية كقضايا إصلاح مجلس الأمن والمحكمة الجنائية، وغيرها من القضايا التي تهم الأمن والاستقرار في العالم. وكذلك على المستوى الأفريقي حول الأجندة الأفريقية، حول دور الاتحاد الأفريقي، حول قضايا تهم منطقة الكوميسا والبحيرات، وقضايا الإيقاد، وكذلك السودان وكينيا يشتركان في العديد من المنظمات الدولية والأفريقية، منها: الكوميسا والإيقاد ودول حوض النيل والبحيرات والاتحاد الأفريقي وانتربول شرق أفريقيا ومنظمة حظر الأسلحة الصغيرة. ونحن نتوقع أن تتطور العلاقة وتصبح أكثر تقارباً. - السيد السفير كم حجم التبادل التجاري بين السودان و كينيا ؟ - السودان هو الدولة رقم 2 في استيراد الشاي الكيني، على الرغم من أنه يصدر إلينا بعض المنتجات إلا أن الميزان التجاري الآن في صالح كينيا؛ نسبةً لحجم الصادر من الشاي الكيني، ونحن بحاجة إلى تعديل الميزان التجاري حتى يتوازن، وذلك من خلال تشجيع حركة الصادر. - السودان أصبح في حالة انفتاح على العالم على المستوى الإقليمي والدولي. كيف تنظرون لعلاقات السودان الخارجية وخاصةً مع الدول الأفريقية؟ - في الحقيقة السودان يعطي أولوية واهتمام لعلاقته بالدول الأفريقية بجواره الحيوي ونحن نرى حركة الدبلوماسية السودانية سواء أكان على مستوى الدبلوماسية الرئاسية أو الدبلوماسية الخارجية، ونحن نعتبر أن كينيا حتى بعد انفصال جنوب السودان في إطار جوارنا الحيوي، وجميع توجيهات الدولة والمجلس التشريعي والبرلمان تصب في اتجاه تعزيز وتمتين العلاقات مع الدول الأفريقية؛ لأن المساندة والدعم اللذين وجدناهما من الدول الأفريقية طوال تاريخنا كان دعماً ملحوظاً، وكان هناك دائماً تقارب في وجهات النظر مع الأشقاء الأفارقة وانفتاح، ولكن ذلك لم ينسينا علاقاتنا مع بقية دول العالم، فهناك انفتاح كبير في علاقاتنا الآن مع دول أوروبا وأمريكا، والعالم أجمع يشهد على ذلك بالإضافة إلى رفع جزء من العقوبات على السودان. بالإضافة إلى أن علاقاتنا مع الدول الآسيوية ازدادت قوة ومتانة في الآونة الأخيرة، كما ازدهرت العلاقات مع الدول العربية . وباعتقادي ما تم من خطوات تقارب علاقات مع الدول العربية هي بشائر لعلاقات جيدة نتمنى لها الاستمرارية، وهذا الانفتاح يلقي على الدبلوماسية بصورة عامة عبئاً كبيراً للتقدم في جميع الجبهات في وقت واحد، وطالما أن الظرف مواتي يجب استغلاله جيداً للانفتاح على الدول .. - ما هي التحديات التي تواجه السفارة في الوقت الراهن؟ - بصورة عامة، تواجه السفارة تحديات لوجستية تتعلق بالكادر، فهذه السفارة تغطي كينيا بحجمها وأهميتها، وكينيا دولة مهمة جداً بالنسبة إلينا؛ نظراً لكونها دولة محورية في إقليم شرق أفريقيا، وهي الأقوى والأبرز والأكثر تأثيراً والأقوى اقتصاداً، وهي تحتضن ما يقارب ال 140 سفارة وعدد ضخم جداً من المنظمات الدولية والإقليمية لاحصر لها، وهي مقر لعدد كبير من المنظمات المشتركة بيننا، وتحتضن أيضاً أكبر تجمع للأمم المتحدةجنوب الكرة الأرضية، كذلك كينيا هي دولة إعلام من الطراز الأول بها رئاسات لعدد من المنظمات، وهي مركز معلوماتي و استخباراتي. ولها تأثير مباشر في قضايا دول شرق أفريقيا؛ ولذلك كينيا كدولة يجب أن يكون لدينا توسع بها، بالإضافة إلى ذلك، فإن السفارة تغطي برنامجين من أهم برامج الأممالمتحدة، وهي: برامج الأممالمتحدة للبيئة وبرامج الأممالمتحدة للسكان، الجمعية العامة للأمم المتحدة للبيئة ستنعقد آخر هذا العام في كينيا، فتغطية السفارة لحدث بهذا الحجم تحتاج منا لكادر أكبر على الرغم من قيام الكادر الحالي بدوره على أكمل وجه، إلا أن حجم العمل يفرض علينا أن تكون هذه البعثة بشكل كبير وإمكاناتها المادية واللوجستية. نحن الآن الحمد لله فيوضع أفضل بفضل تفهم الوزارة لظروف العمل، لكننا في نهاية الأمر نواجه بعض المشكلات، والآن جاري التشاور مع الجهات المختصة لمعالجة النواقص، ونأمل اكتمالها في الفترة القادمة .. - سعادة السفيرهل هناك مشاكل تواجه الجالية من خلال السفارة؟ قطعاً، ليس هناك مشاكل تذكر، فالذين دخلوا البلاد بطرق شرعية وأوضاعهم مقننة يتمتعون بحرية وغير مستهدفين ولا يواجهون أي مشاكل تتعلق بالإقامات، بل على العكس فكل من الشعبيين والرسميين مرحب بهم من قبل الشعب الكيني. ولكننا نطمع في المزيد من الاهتمام من قبل الأجهزة المختصة كجهاز المغتربين لزيارة الجالية السودانية بكينيا من وقت لآخر ومتابعة قضاياهم الخدمية والتعليمية. - السيد السفير في هذا الإطار هناك إشكاليات تواجه الجالية في الجوازات وبعض الإشكاليات الاجتماعية، وبعضهم قد يكون بالسجون.. هل هناك أي فرد من أفراد الجالية السودانية داخل السجون الكينية؟ - لا توجد مشاكل كثيرة مثل هذه والحمد لله، وعدد الجالية السودانية ليس كبيراً، يتراوح بين 300 إلى 350فرد، بعثة الجوازات قدمت مرتين إلى هنا واستخرجت عدد كبير من الجوازات وبالتالي اختفت جميع مشاكل الأوراق الثبوتية. أما بالنسبة للسجون، فليس هناك أي سوداني داخل السجون الكينية، ولكن في الآونة الأخيرة ظهرت حالات احتيال تعرض لها أفراد الجالية السودانية من قبل عصابات منظمة غير سودانية، ومن هنا أناشد جميع السودانيين بالاستعانة بالسفارة في حال تعرضهم لمحاولة احتيال حتى نتمكن من إنقاذ الوضع في الوقت المناسب واتخاذ الموقف الصحيح في الوقت الصحيح قبل أن تحدث إشكالية ويخرج الأمر عن السيطرة .. - سعادة السفير اليوم هو اليوم الأخير للأسبوع الثقافي السوداني في كينيا الذي ينظمه مجلس الصداقة الشعبية العالمية بالتعاون مع السفارة. في تقييمكم إلى أي مدى تسهم هذه البرامج في عملية تعزيز العلاقات وتقويتها بين البلدين علي المستوي الرسمي و الشعبي ؟ - حقيقة أنا سعيد جداً من هذه الزيارة وبرأيي أنها ستسهم كثيرا في تقوية العلاقات بين شعبي البلدين، فهذا الوفد الذي جاء كان متوازناً وكبيراً جداً من حيث التكوين والمضمون والتنوع، إضافة إلى رئيس مجلس الصداقة الشعبية وفريقه، كذلك ضم أعضاء البرلمان، وأعضاء مجلس الصداقة، وأساتذة جامعات وأعضاء جهاز المغتربين، وفرقة البالمبو الشعبية الرائعة، وخاطب الوفد أشواق كثيرة جداً، وأبرز إنجاز لهذا الوفد كانت اللقاءات التي نظمها الوفد بالجامعات الكينية، واستهداف الجامعات الكينية أراه استهدافاً ذكياً؛ لأننا شعرنا منذ فترة أن السودان ككل غير معروف لدى الأجيال الحديثة في كينيا وأن هنالك خلط كبير بين السودان وجيرانه من الدول، والسودان حضارة وتاريخ وتعليم وإمكانات ودولة راسخة، وبدأنا منذ سنتين الترتيب لمثل هذه الزيارة لإبراز السودان بشكله الفعلي، وبالفعل حققت الزيارة الهدف المنشود وأكثر باستهدافها للجامعات لاحتوائها على فئات الشباب الذين هم قادة اليوم وطاقة اليوم وقادة المستقبل. وجدنا بالجامعات أفكار مسمومة وخاطئة جداً لدى الطلاب والأساتذة عن السودان، وتمكنا من خلال العروض الثقافية والمعارض بمختلف أنواعها، إحداث تغيير ودهشة وسط الكينيين، سواء للذين حضروا الافتتاح في مركز المؤتمرات الكينية (KICC) أو الزائرين للمعارض والمناشط المختلفة؛ فالمعرض الذي أقيم كان متحركاً جال جميع المناطق الحيوية بالبلاد للفت النظر لمدى عمق جذور وتاريخ وثقافة السودان، وللتأكيد على ارتباط السودان كينيا ارتباطاً وثيقاً لا فكاك منه. وبرأيي أن ما تم تقديمه أسهم في تعزيز العلاقات الثقافية والسياسية بين البلدين، وسيساهم في فتح مجالات للاستثمار والبحث العلمي والتعاون. - سعادة السفير التطورات السياسية في السودان لفتت أنظار كثير من دول الجوار ودول المحيط الإقليمي والعالمي. كيف تنظر القيادة الكينية للتطورات السياسية بالسودان؟ - تنظر القيادات الكينية للتطورات السياسية في السودان باعتبارها تطورات في محيطها الحيوي أيضاً، وكينيا منذ الأزل تهتم بالاستقرار في السودان، ومما يؤكد ذلك توقيعها على اتفاقية السلام الشامل، ونحن نوجه لحكومة كينيا كل شكرنا وتقديرنا للدور الذي لعبته في استقرار السودان،و تجربة الحوار الوطني مثلت بالنسبة لها أول نموذج لحل أفريقي أفريقي، وكان مسار دهشة للجميع كيفية تمكن السودان بتنوعه العرقي والإثني والثقافي والديني واللغوي من التوصل إلى صيغة أفريقية لمخاطبة القضايا التي ظلت تواجه القيادة السياسية منذ الاستقلال، والرئيس الكيني عند زيارته للسودان في 2016 حرص على اللقاء بلجنة الحوار وأخذ نسخة من توصيات الحوار، وعند عودته لكينيا قام بتنويرنا بما يجري في السودان وكيفية تمكن القيادة السودانية من إدارة الأمر.. - السيد السفير كلمة أخيرة.. ماذا تقول للشعب السوداني والجالية السودانية بكينيا والقائمين على الأمور الرسمية بالدولة ووزارة الداخلية؟ - أولاً أؤكد على أن كينيا دولة مهمة جداً، تمثل جوار حيوي واستراتيجي لنا، وهي مهمة جداً في تشكيل علاقاتنا الخارجية في الإقليم؛ لذلك الكلمة للقيادة السياسية بضرورة بذل جهد أكبر في تعزيز العلاقة مع كينيا ومحاولة الاستفادة من موقعها وأهميتها في تعزيز علاقاتنا الأفريقية. دول كبرى في العالم ومحورية تتخذ من كينيا منصة للانطلاق نحو أفريقيا، فما بالك بنا نحن، ونحن من ساهم في مساعدة حركات التحرر بها، وعلاقتنا بها متينة للغاية ويجب توظيفها فيما يخدم قضايانا. ثانياً: كلمتي موجهة للشعب السوداني بصورة عامة، أن كينيا بلد جميل جداً وقريب جداً من السودان، ولكن للأسف الكينيين لا يرون السودانيين كثيراً، بمعنى أنهم يرغبون بتواجد السودانيين كسواح هناك، الإعلام ظالم جداً لصورة كينيا كما هو الحال بالنسبة للسودان، وأنا أوصي الشعب السوداني باتخاذها قبلة سياحية، واستثمارية، فلو طرقنا هذين المجالين سنجد ترحيباً وفائدة كبيرين، كما أناشد رجال الأعمال بالتواجد الدائم بالساحة. علاقاتنا السياسية واتفاقياتنا مع كينيا موجودة ولكن نود تعزيز جميع الجوانب الأخرى بما يخدم مصالحنا كدولة وشعب. - سعادة السفير دعني أعود بك إلى القس البورندي بالأمس في جامعة سان بول الذي قال بأن صورة السودان مشوهة في الإعلام وأن الحرب في السودان حرب دينية. هل باعتقادك أن إنشاء قنوات إعلامية رسمية ناطقة بالثلاث لغات الإنجليزية والفرنسية والسواحيلية، وموجهة نحو السودان قادر على تغيير صورة السودان؟ نعم، أتوقع أحداث تغييراً كبيراً. فباعتقادي أن إعلامنا بصورة عامة لم يفلح في إبراز السودان للخارج كما ينبغي وليس لدينا وسائل إعلام ناطقة بالإنجليزية تعمل على مدار 24ساعة، وجميع قنواتنا تخاطب الداخل فقط، وليس لدينا إعلام بلغات أجنبية مؤثر أو واصل، وهذا أعتبره تقصير كبير منا. وأقترح إنشاء قناة بلغة سواحيلية لأنها ستخاطب على الأقل 150مليون شخص حولنا، نحن بحاجة لصحف ومجلات وإعلام يخاطب الخارج. وحتى القس الذي تحدث عنه قبل قليل عندما خرج من الجامعة اعتذر للقس الآخر عن حديثه عن قضايا دارفور وغيرها لنقص توفر المصادر بالنسبة إليه، وهذا حال جميع الجاهلين بحقيقة السودان. نحن انكمشنا للداخل ولذلك ازدادت ضراوة الهجوم علينا، ووجود إعلام قوي وموجه لتحسين صورة السودان ليس بالأمر العسير علينا. هذه رسالتي لجميع الإخوة السودانيين..