لا أحد يتصور وجود الإنسانية بعيدا عن الكيمياء والصناعات الإنسانية بعيدا عن الكيمياء والصناعات المرتبطة بها لأنها تعتبر المحرك الأول للإقتصاد العالمي ، رغم أن سمعة الصناعات الكيمائية عند أصدقاء البيئة سيئة علي مستوي الإتحاد الأوربي. ومن التعاون مع قطاع الصناعات الكيميائية لا يستطيع الاتحاد الأوروبي أن يتوصل إلى هدفه بحلول عام 2050 بأن يخفض من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون إلى نسبة 80 بالمائة من معدله الحالي". هذا ما أدلى به البروفيسور أوفه لال، الذي أمضى مدة ثماني سنوات في عمله في وزارة البيئة كمفوض لسياسة البيئة ومن الداعين للمضي قدماً فيما يسمى "بسياسة الكيمياء الخضراء" في دراسة له بعنوان "البيئة والكيمياء الخضراء " أنجزها لمؤسسة هاينريش بول، وضع أوفه لال حجر البناء فيما يتعلق بالصناعات الكيميائية المستدامة وكيف تتم بشكل مختلف عن ذي قبل. ويطالب أوفه لال بإدخال إلزامية صناعة اللدائن التي تتحلل بشكل طبيعي بعد مرور بعض الوقت على استخدامها. ويضيف قائلاً "نحن نتساءل ببساطة لماذا يجب أن تبقى العبوات الصناعية قابلة للاستعمال أكثر من 100 سنة". لذلك يجب على الساسة أن يحددوا للصناعات مسبقاً عمر العبوات، علاوة على ذلك يجب أن تكون هناك إمكانية تفتيت البلاستيك وإعادة تصنيعه. ويقول مطالباً: "يجب أن يكون من الممكن تفتيت المكونات الأساسية للمواد البلاستيكية المستخدمة ومن ثم إعادة تصنيعها مرة أخرى دون فقدان النوعية الجيدة للبلاستيك" ويضيف: "إذا كلل هذا العمل بالنجاح، سوف تكون هذه المواد البلاستيكية من أكثر المواد مبيعاً في العالم." الهدف الأول عند أوفه لال هو تخفيض استهلاك الطاقة والمواد الخام في قطاع الصناعات الكيميائية. لذلك ينبغي على الشركات الكيميائية أن تعتمد في إنتاجها على محفزات أكثر فعالية وأكثر كفاءة، وأن يستخدموا الطاقة الشمسية ويُعّولوا على المواد الطبيعية بشكل أكبر، وأن ينتجوا المواد الكيميائية الأساسية المستخدمة في المنتجات الصناعية من جذوع الذرة وبقايا الخشب. عدا عن ذلك ينبغي تفعيل استعمال البكتريا والخمائر التي يتم إنتاجها في مصافٍ بيولوجية مناسبة بها. وأوفه لال يعتقد أنه بحلول عام 2050 يمكن أن يكون أكثر من 80 في المائة من جميع المواد الكيميائية مستخرجة من موارد خام متجددة، حيث وصلت إلى الآن نسبة المواد الأولية المستخدمة في الشركات الكيميائية في ألمانيا والمستخلصة من النباتات والأشجار إلى عشرة في المائة، وهي تُعد خصيصاً لاستخدامها بشكل كبير في صناعة المواد اللاصقة والمنظفات. ويعتبر اتحاد الصناعات الكيميائية رؤية أوفه لال مثالية، وبهذا الخصوص صرح أوتز تيلمان رئيس الاتحاد بأنه بالإمكان إنتاج المواد الكيميائية الأساسية مثل زيت الأثير من السكر أو السليلوز في المختبرات ولكن هذا سوف يكون مكلفا جداً"، ويضيف أن المواد الطبيعية لا يمكن أن تبدل الكمية المستخدمة من البترول. ويوضح بمثال قائلا: "بعض المصانع الكيميائية الحديثة تستخلص من البترول 800 ألف طن من زيت الأثير. ولكن لاستخلاص هذه الكمية من هذا الزيت من قصب السكر البرازيلي نحتاج إلى مساحة 2200 كيلومتر مربع لزراعة هذه النبتة. وهي مساحة تعادل مساحة لوكسمبورغ. ولإنتاج مثل هذه الكمية من زيت الأثير من الخشب سوف نحتاج إلى مساحة زراعية أكبر بكثير". يعارض البروفيسور أوفه لال هذه الحجج، فوفقاً لحساباته تكون مساحة مليونا كيلومتر مربع، كمساحة المكسيك مثلاً، كافية لتوفير المواد الخام المتجددة للشركات الكيميائية في جميع البلدان ومع هذا كله يرى الخبير الكيميائي أنه ليس هناك أي تضارب مع الصناعات الغذائية. حاليا يستخدم المزارعون حوالي 15 مليون كيلومتر مربع لإنتاج محاصيل الأغذية والأعلاف. ولكنهم تخلوا في السنوات الأخيرة بسبب انعدام الدخل أو بسبب الإدارة الغير صحيحة عن حوالي 4 مليون كيلومتر مربع من هذه المساحة الإجمالية. وبعبارة أخرى يقول "أوفه لال": "إذا كان هناك سياسة سليمة ومعقولة في استخدام الأراضي الزراعية سوف يكون هناك مساحات كافية لذلك." وبالنسبة للخبير الكيميائي "أوفه لال"، فإن الأمر واضح بأن تحويل موارد المواد الخام للصناعات الكيميائية يستغرق وقتاً طويلاً، حيث تحتاج مختبرات الجامعات والشركات إلى الكثير من البحث والتطوير في هذا المجال. ولكنه ينتظر إشارة من أصحاب القرارات السياسية. "يجب عليهم أن يدفعوا باستخدام المواد الحيوية في الصناعات الكيميائية إلى الأمام". "وينبغي استخدام المواد الحيوية ليس لمرة واحدة بل إعادة استخدامها إلى أن يتم توظيفها في مجال الطاقة قبل نهاية دورة حياتها". يريد أوفه لال أن يعطي الأولوية للصناعات الكيميائية في استخدام وتوظيف المواد الحيوية قبل توظيفها في مجال الطاقة، فعنصر الكربون الكيميائي لا غنى عنه في تصنيع منتجات مثل البلاستيك والمواد الصيدلانية والمبيدات الحشرية والمنظفات. من ناحية أخرى هناك إمكانية توليد الطاقة عن طريق الرياح والشمس والماء وأيضاً عن طريق الحرارة الأرضية الباطنية. وبما أنه تستخدم حالياً جذوع الذرة والمخلفات الخشبية في توليد الطاقة، يدعو أوفه لال إلى إعادة النظر بذلك ويحث أصحاب القرار السياسي على اتخاذ التدابير والقرارات لتفعيل استخدام المواد الحيوية في الصناعات الكيميائية بشكل تصاعدي.