تعتبر الحضارة المروية من أعظم الحضارات الإنسانية التي تجسد تاريخ وعظمة الإنسانية وتوضح بجلاء تقدم إنسان السودان وسبقه لعصره وخلود افكاره الخالدة ومكنوناته الثقافية وإرثه التليد الضارب في القدم ، وآثارحضارتنا تعد من الثروات القومية التي تتطلب رعايتها والترويج لها . وقد كشف خبراء في الآثار من ألمانيا وخاصة الحضارة المروية أنها حضارة لها تداخل وتلاقح مع حضارات أخرى مثل المصرية واليونانية وغيرها ويظهر ذلك في شكل المباني الأثرية الموجودة في المنطقة بيد أنها احتفظت بطابعها الإفريقي الخاص والذي تمثل في الإله الأسد (أبادماك) . وأكد خبير الآثار الدولي فلندوث مدير متحف برلين مدير البعثة الألمانية التي تعاقدت معها هيئة الآثار السودانية منذ العام 1995م على الترميم والحفريات بمناطق الآثار المروية في تصريحات صحفية أن الاكتشافات الأثرية تدلل أن حضارة مروي يرجع تاريخها إلى أربعة قرون قبل الميلاد وقد امتدت حتى القرن الرابع الميلادي . وقال إن اهتمامهم بالحضارة المروية منذ ما يقارب ال 20 عاماً تم فيها وبفضل التعاون المثمر بين حكومتي السودان وألمانيا تأهيل وترميم جزء من الآثار بجانب الحفريات المستمرة للكشف عن المزيد من معالم هذه الحضارة . وأعلنت الاستاذة نعيمة علي عبد الرازق مفتش اثار المرافق لبعثة متحف برلين التابع للهيئة العامة للمتاحف والآثار ( لسونا ) أن هناك جهودا مبذولة لان تشهد الفترة المقبلة إقامة متحف للآثار المروية بمنطقة النقعة يشتمل على قطع ومقتنيات ومطبوعات تتحدث عن أصل الحضارة المروية وتشكل العبادة وطقوسها والتعريف بحكام المملكة، مشيرة الي ان المتحف سيقام بالتنسيق مع البعثة الألمانية . فيما ذكر مدير متحف برلين ان ميزانية انشاء المتحف جاري السعي لتوفيرها من جهات عديدة ومن المؤمل النجاح في ذلك قريبا . وتحدث الخبير الألماني عن ذلك لوفد من الصحافيين الإعلاميين المحليين والأجانب بدعوة ورعاية من الأستاذة سناء حمد وزيرة الدولة بوزارة الإعلام للوقوف على آثار المرويين بولاية نهر النيل قائلا أن النقوش على معابد النقعة التي تظهر المرأة جنباً على جنب مع الرجل وفي نفس حجمه أن أصحاب هذه الحضارة تفوقوا على الحضارات الأخرى، لأنها تدلل على مكانة المرأة عندهم بينما حضارات أخرى تظهر النقوش فيها أن المرأة تكون بحجم أقل من الرجل . وذكر أنه بمنطقة النقعة الأثرية يوجد مبنى أثري قديم يدل علي تلاقح الثقافات ويرى ملامح أكثر من حضارة ففيه ما هو فرعوني مصري وكذلك يوناني مع الاحتفاظ بالملامح الإفريقية . وأضاف أن المبنى الآخر الذي بجانبه يختلف عن سابقه الذي يعد حديثاً مقارنة به، وهو مبنى فيه تجسيد لحضارة أهل المنطقة ويعرف المبنى بمعبد الإله الأسد كما يوجد على مسافة ليست بعيدة عن ذلك معبد الإله آمون وهو كما هو معروف كان يعبده قدماء المصريين . وتشير دراسات أن مملكة مروي وحضارتها لها مكانة مرموقة في المنطقة العربية والإفريقية وآثار النقعة ومعابدها تعتبر أحد المراكز الدينية الهامة لمملكة مروي . ويقول الدكتور عبد الرحمن على أحمد أمين الهيئة العامة للمتاحف والآثار إن مملكة مروي قامت خلال النصف الأول من القرن الأول الميلادي باعتباره العصر الذهبي لكل من الملك تكماني والملكة أماني تيرو . ويرى البعض أن حضارة مروي هي آخر حضارة تمت في منطقة حوض النيل التي تعرف بأراض النوبة التي كانت موطناً لثلاث ممالك كوشية حكمت من (2400-1500 ق.م) وتلك التي تمركزت حول نبتة (1000-3000ق.م) وآخرها مروي من (225 ق.م) والبعض يقول من (330 ق.م) إلى (300 ميلادية) . وكانت قد بدأت رحلة الصحفيين والإعلاميين لمنطقة الاثار بصحبة قيادات من ادارة الاعلام الخارجي علي رأسهم الاستاذه سمية عبد الصادق الأمين العام للمجلس بدأت رحلتها بمنطقة المصورات التي يوجد بها مبنى شاهقاً من الحجارة سمي بمعبد الأسد . وقال مصطفى عبيد الله المرشد السياحي الذي اتخذ هذه المهنة عن أبيه وأجداده (لسونا) إن جدران المعبد تتزين برسومات للإله ابادماك الذي يأخذ شكل الاسد لذلك سمي بالإله الأسد . وأضاف: هذا المبنى هو مبنى معبد الأسد الذي يرجع تاريخه إلى (225 ق.م) وقد تم إعادة البناء والتشييد للمبنى من 1958 وانتهى في 1969 بالتضامن بين السودان وألمانيا الاتحادية وفي أكثر من جدران تجد رسماً بالنحت لارنخ امن الذي بني هذا المعبد ( وتوجد نقوش للآله علي لوحات الحائط بالترتيب تبدأ ب ايزيس يليه ارنخ امني وليله اركل يقدم شعار البخور للإله ابادماك وبعد اركل ابادماك وبعده امون وبعده سوبا مكر وبعده نوفيس الذي هو متجول بين مصر والسودان ) واللغة المستخدمة هي بحسب جامعة برلين اللغة الهيلوغروفيه . وبالمصورات أيضاً تعرف وفد الإعلاميين والصحافيين على عدد من المعابد في مكان واحد بالحوش الكبير . وقالت الأستاذة منجدة خالد من الهيئة العامة للمتاحف والآثار إن هذه المبنى فيه ثلاثة معابد الأول المعبد الكبير والثاني معبد سوبامك والثالث معبد أنفوس . وأشارت أن العبادة كما هو واضح على رسومات ونقوش المباني للإله أبادماك . وزادت الأستاذة منجدة خالد: إن هذه المدافن بها أربعة وأربعون هرماً ويتم الدفن لملوك المرويين بداخلها وأنه يتم الآن ترميمها من أجل البدء في حفرها للتعرف على ما بداخلها واكتشافه لكن ايضا تظل اللغة المروية لغزا يحتاج لفك طلاسمه، والمعلومات المتوفرة أن ملوك مروي لا يقومون بحفر مدافنهم في شكل هرم أو خلافه مثل المصريين بل أن الشخص الذي يخلف الملك على العرش هو الذي يقوم بدفن الملك السابق له وبناء أهرام عليه وعادة يدفن الجسد ومعه مقتنيات الملك . وبعد الوقوف على معابد وآثار المصورات والنقعة زار وفد الصحافيين والإعلاميين المدافن الملكية في منطقة البجراوية وهي بها ثلاث مجموعات الشمالية والغربية والنوبية . ومن السياق الذي ذكر تتضح أهمية الآثار القومية التي يجب الحفاظ عليها وتعريف العالم بها باعتبارها سجلاً ناصعاً لحضارة أهل السودان وبها ممارساتهم الحياتية وطقوسهم الدينية وفنونهم وعاداتهم وتقاليدهم، وعلى الدولة في أجهزتها المختلفة لا سيما الإعلام بالمركز والولايات أن تتكامل أدوارهم في سبيل أن تأخذ الحضارة السودانية موقعها الذي تستحقه في الخريطة العالمية وحق لاهل السودان الافتخار بها وهلموا لتشجيعها وبث الروح فيها وتجديد ميلادها لاستهاض تاريخ امتنا وبناء نشء وجيل قوي استنادا عليها، وجذب العلماء والمفكرين والمهتمين والسياح واستقطابهم لزيارة السودان للترويج والاستثمار للمساهمة في ايرادات الدولة ورفد الخزينة العامة بعملات حرة من النقد الأجنبي دعما لتحقيق النهضة العامة للوطن ويبقى القول رغم مرور اربعة قرون علي ميلاد حضارة مروي فهي انتظار ميلاد جديد ولا شك فك رموز اللغة المروية مدخلا وبابا ينتظر الطرق عليه بقوة فهل يفتح ويتجدد الميلاد . م ب/ط ي