تحتفل القارة الأفريقية اليوم الثالث من مارس من كل عام بيوم البيئة الأفريقي إثر قرار المجلس الوزاري لمنظمة لوحدة الأفريقية خلال الدورة (76) بمدينة ديربان بجنوب أفريقيا في يوليو 2002م ، حيث دعا القرار الدول الأعضاء في المنظمة للاحتفال بهذا اليوم ، وتوظيفه في نشر الوعي البيئي وتعزيز الإدارة البيئية السليمة علي المستويين الوطني والإقليمي والقاري .وقد ظل هذا الاحتفال معلما بارزا في التقويم السنوي لأحداث الإتحاد الأفريقي ويوفر فرصة للمراجعة والتقويم من خلال الأنشطة التي يتعين تنفيذها، من أجل الحفاظ علي البيئة وتحقيق التنمية المستدامة. وكانت القمة رقم (18) للاتحاد الأفريقي بأديس أبابا في يناير 2012م قد أعادت تسمية هذا اليوم وأطلقت عليه يوم "وانغاري ماثاي" تكريما للناشطة البيئية الكينية الراحلة والتي اشتهرت برحلة كفاح طويلة في الدفاع عن البيئة وحقوق الإنسان والمرأة إضافة إلي إنشاء جائزة وانغاري للإنجازات المتميزة في مجال المحافظة علي البيئة والتنوع الإحيائي تخليدا لذكري ماثاي. كما دعت القمة دول القارة إلي إطلاق أسم ماثاي علي معالم وطنية . واصفة هذا التكريم بالمحفز للجيل الحالي في المحافظة علي كوكب الأرض. وبهذه المناسبة أكد وزير البيئة والغابات والتنمية العمرانية على اهمية الاحتفال بهذا اليوم لنشر الوعي البيئي وتعزيز الادارة البيئية السليمة وإتاحة الفرصة للمراجعة والتقييم للانشطة البيئية على المستوى الوطني والافريقي والقاري. مشيراً الى ان هذا اليوم أقره المجلس الوزاري لمنظمة الوحدة الافريقية في دورته السادسة والسبعين التي عقدت في مدينة ديربان بجنوب افريقيا في يوليو 2002 بموجب القرار 685 ،مضيفاً ان المشكلات البيئية الجسيمة والمُلِحّة محليا وإقليمياً تكمن في الجفاف والتصحر وتدهور الاراضي الزراعية والغابات والمراعي والحياة البرية وشح وتلوث المياه الامر الذي يدعونا لتشخيص بيئي متكامل ووضع خطط عملية لادارة وحماية البيئة والموارد الطبيعية ولا بد من استصحاب البعد البيئ في برامج التنمية لتحقيق الازدهار الاقتصادي وصون وترقية البيئة . وأوضح سيادته ان القارة الافريقية عانت من الصراعات والحروب الاهلية ونقص الغذاء والفقر وانتشار الاوبئة والامراض مع قلة المساعدات الدولية الموجهة للقارة غير ان بعض المبادرات الافريقية التي طرأت مؤخراً من شأنها رسم طريق جديد للتنمية نذكر منها الشراكة الجديدة من أجل تنمية أفريقيا "نيباد" NEPAD والسياج الاخضر الافريقي محور قضيتنا اليوم الذي يعوِّل عليه السودان كثيراً في تحقيق العديد من المكتسبات والفوائد المتمثلة في الوقاية من موجات الجفاف والتصحر وزيادة الرقعة المزروعة وحماية حزام الصمغ العربي والغابات والمراعي والمناطق المحمية والاستفادة من حصاد المياه. مما يجدر ذكره انه تم مؤخرا إنتخاب السيد حسن عبد القادر هلال السودان ممثلاً في وزير البيئة والغابات والتنمية العمرانية رسمياً لرئاسة المجلس الحاكم لبرنامج الأممالمتحدة للبيئة (UNEP) في دورته السابعة والعشرين 2013-2015م ،وذلك في مستهل اجتماع الجمعية العامة للبرنامج بمقره بالعاصمة الكينية نيروبي. وقال سفير السودان لدى كينيا ومندوبه الدائم لبرنامج الأممالمتحدة للبيئة كمال إسماعيل سعيد ،إن الاجتماع حضره أكثر من مائة من وزراء البيئة ورؤساء وفود من جميع دول العالم، مشيراً إلى ان هذه الدورة برئاسة السودان تعتبر الدورة الأولى للبرنامج حيث أصبح برنامجاً عالمياً تشمل عضويته جميع دول العالم الأعضاء في منظمة الأممالمتحدة بدلا عن (58) دولة فقط كما هو الحال في الدورات السابقة ،موضحاً ان اجتماع الجمعية العمومية إنتخب المجلس الحاكم للبرنامج برئاسة السودان وعضوية كل من اليابان والنرويج والبرازيل وبولندا مقرراً، ان السودان حاز على ثقة جميع دول العالم ما عدا دولتين فقط هما الولاياتالمتحدةالأمريكية وكندا حيث عزلتا نفسيهما من الإجماع العالمي.وأضاف السفير ان برنامج البيئة العالمي سيعمل خلال دورته الجديدة على تعزيز وتقوية قدراته لمخاطبة جميع قضايا البيئة في العالم ،وذلك بمساهمة جميع الدول الأعضاء من كل أقاليم العالم. ويأتي الاحتفال بيوم البيئة الأفريقي هذا العام بالتزامن مع الاحتفال باليوبيل الذهبي للاتحاد الأفريقي الذي تستضيفه دولة تونس تحت شعار : الأفريقانية والنهضة الأفريقية " يومي 3و4 مارس 2013م. وفكرة النهضة الأفريقية تنبع من القناعة بأن شعوب وأمم إفريقيا قادرة علي التغلب علي التحديات الحالية التي تواجه القارة ، كما يمكنها أن تحقق التجديد الثقافي والعلمي والاقتصادي والبيئي. والتحديات المعاصرة التي تواجه القارة الأفريقية والمتمثلة في تفاقم حدة الفقر ونقص الغذاء وقضايا تغير المناخ والتصحر وانتشار الأوبئة والأمراض وضعف المساعدات الدولية وقلة التنمية وتهميش القارة في عملية العولمة والاندماج في الاقتصاد العالمي مما أستدعي تدخلا مباشرا من الرؤساء الأفارقة لتطوير رؤية جديدة تضمن نهضة أفريقيا عن طريق خلق توازن بين الأولويات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.وتمثل ذلك في وضع الشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا (نيباد) كمبادرة إنمائية مستدامة شاملة ومتكاملة لوضع الدول الافريقية في طريق النمو والتطور وفق المبادئ والأولويات المتمثلة في تأسيس الظروف الملائمة للتنمية المستدامة بالتأكيد علي :الأمن والسلام والحكم الراشد المؤسس علي الديمقراطية والاقتصاد والتنمية، التعاون والتكامل الافريقي ، بناء القدرات.وإصلاح السياسات الاقتصادية والاستثمار في القطاعات ذات الأولوية كالزراعة ، والتنمية البشرية بالتركيز علي الصحة، التعليم ، العلوم وتقنية الإتصالات، الطاقة ، المواصلات، الماء والصرف الصحي ، ترقية وتنويع الإنتاج والتصنيع والصادرات ، واستخراج المعادن والسياحة، تسهيل التجارة بين الدول الأفريقية وتطوير النفاذ لأسواق الدول المتقدمة، البيئة.وزيادة الأدخار والاستثمار المحلي، تحسين إدارة الدخل والصرف القومي ، تحسين مساهمة أفريقيا في التجارة العالمية ، جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة ، زيادة حجم تدفق رأس المال عبر زيادة حجم تدفق المساعدات الإنمائية الرسمية وإعفاء الديون. ويعتبر تقرير توقعات بيئة أفريقيا أداة من أدوات المؤتمر الأفريقي الوزاري للبيئة لمتابعة إدارة البيئة في القارة ، وهو يقدم تقييم متكامل للبيئة الأفريقية ، ويقوم بحصر الموارد المتاحة وتحديد الفرص الحالية والمستقبلية التي تمكنها من المساهمة في التنمية المستدامة وتحقيق أهداف الإتحاد الأفريقي والشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا (نيباد) .وقد تم حتي الآن إصدار تقريرين سابقين لتقرير الثالث والأخير في 2013م الذي انطلق من يونيب - نيروبي تحت عنوان : بيئتنا وصحتنا، جاء التقرير حاويا علي العديد من الرسائل والموجهات لصناع السياسات وأصحاب المصلحة في بيئة أفريقيا تلخصت في ان قضايا البيئة والصحة لها الأولوية في التنمية الوطنية.و ان قضايا التلوث علي النطاق المحلي تعتبر من المشاكل البيئية العميقة إلا أنه لم يتم تناولها بالقدر الكافي في أفريقيا . اضافة الي ان التنوع الحيوي يوفر السلع والخدمات كالغذاء والعقاقير التي تعزز صحة الإنسان في إفريقيا . كما استخدام الكيماويات له تأثيرات نافعة وأخري ضارة بصحة الإنسان. وان تغيرات المناخ تؤثر بشدة علي صحة الإنسان لمحدودية قدرة الأفراد والمجتمعات علي التأقلم. وان الموارد البحرية والساحلية مكملتان لصحة سكان السواحل ولذلك يجب الحفاظ عليها والعمل علي استدامة استخدامها. وان الحصول علي المياه النظيفة والصحية أمر حيوي ويجب ترقيته بإزالة كل المعيقات مثل البني التحتية الغير كافية وتلوث موارد المياه والعناية الصحية الضعيفة." كما ان الإدارة المستدامة للأراضي أمر مركزي لصحة الإنسان فهي توفر القاعدة الموردية التي بدورها توفر خدمات النظم البيئية كالغذاء والكساء والدواء. وان حجم عدم اليقين المحلي والعالمي في الكثير من قضايا البيئة لا يمكن إلا أن يفضي إلي الفشل في تحقيق الغايات والأهداف العالمية. وانه بالرغم من وجود عدد من السياسات الجيدة التي تتناول تحديات البيئة التي تؤثر علي صحة الإنسان إلا أن تنفيذها ظل ضعيفا ومن أجل صنع سياسات أكثر فاعلية فإن الأمر يتطلب إزالة معيقات التنفيذ . رائدات البئية الافريقية: من رائدات البيئة الأفريقية البروفيسور "وانغاري ماثاي" مؤسسة حركة الحزام الأخضر ومناضلة حماية البيئة ومدافعة حقوق الإنسان والمرأة استحقت عن جدارة جائزة نوبل للسلام في 13 نوفمبر 2004، كما حصدت العديد من الجزائر العالمية النادرة في حماية البيئة . كانت أول امرأة من شرق أفريقيا تحصل علي درجة الدكتوراه لتفتح الطريق أمام النساء لنيل هذه الدرجة المتميزة. اختارت وانغاري الأشجار رمزا لمبادئها وتجلي حبها للأشجار عندما بكت في تجمع عام علي سقوط شجرة طولها 50 مترا في غابة الكونغو ، مما قاد إلي جهود دولية للمحافظة علي أكبر غطاء غابي في القارة . ومنذ ميلادها في ابريل 1940 ورحيلها في أكتوبر 2011 ظلت أمينة علي مبادئها ومواقفها ، فريد لها سيرة عطرة مليئة بالصمود والتصدي والشجاعة والمثابرة والإقدام والتضحيات الجسام. ووريت الناشطة البيئية الثري في معهد وانغاري ماثاي للسلام والبيئة بنيروبي بناء علي رغبتها بعد جنازة رسمية ، ومن غرائب الصدق أن لجنة جائزة نوبل أعلنت في ذات يوم وداعها عن فوز ثلاثة نساء تقاسمن الجائزة، فيا له من وداع نبيل . مما يجدر ذكره ان "د. بلقيس العشا" الباحث بالمجلس الأعلى للبيئة والموارد الطبيعية التي نالت شرف جائزة نوبل للسلام في عام 2007م مع سبعة من الأخصائيين والعلماء السودانيين ضمن فريق الهيئة الحكومية الدولية لتغير المناخ التي استحقت الجائزة مناصفة مع آل جور نائب الرئيس الأمريكي الأسبق. كما تم اختيارها بواسطة برنامج الأممالمتحدة للبيئة كبطلة لكوكب الأرض في العام 2008 عن قارة أفريقيا ضمن عدد من القادة والعلماء يمثلون بقية القارات وقال عنها في برنامج الأممالمتحدة للبيئة في تقديمه للجائزة: الدكتورة بلقيس عثمان العشا هي من كبار العلماء في السودان وعضو في الفريق القومي الدولي المعني بتغير المناخ، وقد أنتجت أعمالا كانت فتحا في مجال الإحترار الحراري العالمي في شمال أفريقيا وشرقها، ويعتبر تشديد الدكتورة بلقيس علي الاحترار العالمي والتكيف معه في السودان أمرا ذا أهمية حيوية نظرا إلي الروابط المتشابكة القائمة بين تغير المناخ والصراع الدائر في البلد، أما عملها كباحثة بارزة في تغير المناخ فيجعلها نموذجا مثاليا تحتذيه نساء أفريقيا وتعترف الجائزة أيضا بجهود الدكتورة بلقيس في تثقيف طلبة الجامعات السودانية في مسألة تغير المناخ وإرهاف وعي الجيل الجديد في البلد لهذه القضية. ن ف