سبق أن قامت البحرين بإصدار و اعتماد نظام مبادئ حوكمة الشركات الذي تمت صياغته وفق أحدث المتطلبات الدولية و بما يتماشي مع ما انتهي إليه الوضع في معظم الدول المتقدمة. و تم الشروع الفعلي في تنفيذ الشركات في البحرين لمبادئ حوكمة الشركات لتحقيق ما هو مطلوب لفائدة الشركات أولا ثم الدولة و كل القطاعات الأخرى ذات العلاقة. والأمر الآن يسير علي هدي مبادئ الحوكمة لتحقيق الإدارة الرشيدة في هذا القطاع الحيوي. و تلعب مجالس إدارة الشركات دورا هاما في تطوير نفسها و تطوير الأسس المؤسساتية للنهوض بالشركة وفق مبادئ الحوكمة المعتمدة. و لكن الأمر لم يقف عند هذا الحد.. بل تقدمت البحرين نحو الخطوة الإضافية لضمان تحقيق الفائدة القصوى في كل القطاعات بالبحرين.. و لهذا الغرض، تم إصدار قرار لتطبيق مبادئ الحوكمة في المؤسسات الحكومية.. القطاع العام.. و هذا تطور لافت للنظر لأن غالبية الدول ما زالت في مرحلة تطبيق الحوكمة للشركات.. القطاع الخاص.. فقط . و لقد تم إصدار هذا القرار الجرئ بالرغم من أن الجميع يعلم كيف يعمل القطاع العام الحكومي عندنا. و كيف تتحكم البيروقراطية مع التسلسل الهرمي في كل أعمال و خدمات القطاعات الحكومية. إن إصدار نظام للحوكمة للمؤسسات الحكومية، و الذي بدأته البحرين، يعني التفكير الجاد في قلب الموازين و خلخلة البيروقراطية المنغرزة و متأصلة في داخل المؤسسات والدواوين الحكومية. و هذه في نظرنا، كما قلنا، لخطوة جريئة لها ما لها من أبعاد لنفض الطريق أمام المؤسسات الحكومية للسير بكفاءة و اقتدار جنبا إلي جنب مع مؤسسات القطاع الخاص التي تم إعدادها لتعمل من أجل تحقيق الربحية للمساهمين و تعزيز مكانة و أصول الشركة. و بموجب القرار الخاص بالحوكمة في المؤسسات الحكومية، و الذي صدر حديثا، تم إنشاء لجنة تنفيذية علي مستوي عالي من الجهات الحكومية ذات الأثر في تنظيم و تطبيق الحوكمة. و لمنح هذه اللجنة القوة اللازمة تم تكوينها برئاسة وزير الدولة لشئون المتابعة وعضوية رؤساء ديوان رئيس الوزراء و ديوان الخدمة و الحكومة الالكترونية و معاهد الإدارة و التميز بالبحرين. و علي هذه اللجنة مباشرة أعمالها و تقديم التقارير الدورية لمجلس الوزراء مما يدل علي الأهمية التي تمنحها الدولة لهذا الموضوع. و من المهام الرئيسية لهذه اللجنة التنفيذية العليا، القيام بإعداد و إصدار كتيب يتضمن مبادئ الحوكمة للمؤسسات الحكومية مع الحرص علي تقديمه لكل الجهات الحكومية ذات العلاقة بصفتها الجهات المقصودة لانتهاج و تطبيق أسس و مبادئ الحوكمة في المؤسسات الحكومية. وإضافة لهذا، و حتى يتم تهيئة الفرصة التشريعية لتسهيل تطبيق الحوكمة في المؤسسات الحكومية تم منح هذه اللجنة الصلاحيات لمراجعة و دراسة و النظر في إمكانية تعديل القوانين و التشريعات لتحقيق هذا الغرض. و هذه مهمة جسيمة و متشعبة لأن هناك، من الناحية القانونية، قوانين كثيرة لا بد من النظر فيها مثل قانون الخدمة المدنية و غيرها من القوانين الإدارية والقوانين المالية ذات العلاقة... و من المهام الرئيسية لهذه اللجنة التنفيذية العمل علي إعداد و إقرار معايير الحوكمة المطلوب اعتمادها لتطبيقها في المؤسسات الحكومية، مع ضرورة وضع الضوابط و التي من عبرها يتم إتاحة تدقيق مدي تطبيق المؤسسات الحكومية لمعايير الحوكمة و كيفية تقييمها التقييم المطلوب لذلك. و لرفع كفاءة التنفيذ، يجب علي اللجنة التنفيذية، تقديم المقترحات المطلوبة لجهات التدقيق الخارجي المنوط بها تدقيق أعمال المؤسسات الحكومية فيما يتعلق بتطبيق مبادئ و أسس الحوكمة مع ضرورة رفع التوصيات المهنية لرفد الكفاءة المثلي في التطبيق. إن هذا العمل، في ظاهره و مجمله، قد يكون غريبا نوعا ما علي القائمين بأمر المؤسسات الحكومية لتعودهم، علي ما يعرف بالروتين الحكومي، و لكن الإرادة الحكومية المتمثلة في إصدار هذا القرار من قمة السلطة التنفيذية تستوجب الانصياع له و تذليل كل الصعوبات التي تعترض طريقه. و لهذا تم تكليف اللجنة التنفيذية ببذل كل الجهود المطلوبة من أجل نشر التوعية اللازمة و إقامة المؤتمرات لنشر ثقافة الحوكمة و تهيئة المناخ لتطبيقها في كل المرافق في البحرين بما فيها المؤسسات الحكومية. و بصفة إجرائية تكميلية تضمن القرار مدة عمل اللجنة التنفيذية، و كنا نتوقع أن تكون الفترة الأساسية لمدة أطول، كما تضمن دورة اجتماعاتها مع كيفية إدارة أعمال واجتماعات اللجنة. و نظرا للدور الجسيم المنوط بهذه اللجنة فإننا نناشدها الهمة في العمل و المهنية في التوجه حتى يتم تقديم أفضل الأسس للحوكمة في المؤسسات الحكومية في البحرين و بهذا ينهض دولاب العمل الحكومي و تعود الفائدة لكل ركن في البحرين. و كذلك فان نجاح اللجنة في عملها سيجعلها قدوة تحتذي في بقية دول المنطقة المتعطشة لرفعة و تطور عمل القطاع الحكومي عندها. و إصدار هذا القرار يعتبر سابقة، تحسب للبحرين، من أجل تطوير العمل الإداري بمؤسسات القطاع الحكومي عبر مبادئ الحوكمة. و لنبدأ في تنفيذ هذه المهمة الهامة بكل مهنية، مع الأمنيات بالتوفيق.. ع أ