الخرطوم فى 27-6-2012-سونا تتناول قوانين الشركات الأحكام المنظمة لإدارة الشركات التجارية حيث توجد اللبنات الأولي لتوضيح العلاقة بين ملاك الأسهم من جهة و مجلس إدارة الشركة من الجهة الأخرى. و هذه العلاقة تظل مستمرة تحقيقا لمصلحة الشركة بالرغم من أنها قد لا تخلو من الشد و الجذب بين الأطراف في بعض الأوقات. و من الناحية الشكلية، تنص قوانين الشركات (و كذلك اللوائح التأسيسية) علي اجتماعات مبرمجة للمساهمين و لمجلس الإدارة. مع العلم أن الاجتماعات، سواء كانت عادية أو فوق عادية، تحدد المسائل المدرجة للنقاش في الاجتماع المعني. و التفاصيل الخاصة بالدعوة للاجتماعات، توفر النصاب القانوني لانعقاد الاجتماع، إدارة الاجتماع، إصدار القرارات، تقارير أعمال اللجان... و غير هذا من التفاصيل تشكل النطاق الإداري النمطي الذي تحدده قوانين الشركات لحسن تسيير و إدارة الشركة. و لكن مع تطور الأنظمة الإدارية و تشعب أعمال الشركات و تداخلها مع الأنظمة الأخرى و ما قد ينجم عن ذلك من تقصير في الإدارة أو عدم تحقيق الأهداف المرجوة أو بعضها، تبين أن أحكام قوانين الشركات غير كافية أو قد لا تؤدي الغرض المنشود لتحقيق الدرجة المطلوبة من الطموحات في حسن إدارة الشركة. ولهذا، ضمن أشياء أخري، تم استحداث مبادئ إدارية جديدة تتمثل في "مبادئ حوكمة الشركات" بغرض الوصول إلي الإدارة المثالية في الشركات. و من أهم ما يميز هذه المبادئ وجود مجلس إدارة لدية القدرة و العلم و التأهيل لإدارة الشركة، مع النص علي ضرورة قيام كل عضو في مجلس الإدارة بدوره كاملا بصفته الفردية و في نفس الوقت العمل مع بقية أعضاء مجلس الإدارة في تناغم تام يوضح توفر الروح الجماعية في إدارة الشركة، مع مراعاة أنه يجب علي رئيس المجلس تعزيز هذا مع توفير الإمكانيات لتنفيذه. و أيضا، من مبادئ الحوكمة العمل علي تحقيق روح الانسجام بين مجلس الإدارة و المساهمين و تعزيز روح الوحدة بينهم لتحقيق المصلحة العليا لجميع الأطراف في الشركة و كل المجتمع. و من المعلوم أن مبادئ حوكمة الشركات أتت من رحم قوانين الشركات التجارية، و هي مكملة لبعض جوانب النقص أو القصور في الأحكام الواردة في قانون الشركات و هي تمثل تطورا طبيعيا للوصول لأقصي درجات الكفاءة في إدارة الشركات تحقيقا أو سعيا لتحقيق الكمال في إدارة الشركات التجارية. و لكن و بالرغم من كل هذه التطورات التي تم وضعها في مبادئ حوكمة الشركات، إلا أننا نلاحظ وجود بعض الأحكام في قوانين الشركات تسير في الاتجاه المعاكس لهذه التوجهات لأنها لا تصب في مصلحة حوكمة الشركات و فلسفتها بل قد تهدمها و تفرغها من محتواها. و لا بد من إعادة النظر في هذه الأحكام إذا أردنا لحوكمة الشركات البقاء للارتقاء بشركاتنا لتحلق عاليا مع بقية الشركات الرائدة في العالم. كما أوضحنا فان مبادئ الحوكمة تنادي بضرورة وجود أعضاء فاعلين و مؤهلين و مقتدرين لتبوء عضوية مجلس الإدارة، و لكن هناك معوقات داخل قوانين الشركات في المنطقة تحول دون ذلك ونذكر منها، مثلا، أن أي مساهم يملك 10% أو أكثر من رأسمال الشركة يحق له أن يكون عضوا في مجلس إدارة الشركة، أو تعيين من يمثله في مجلس الإدارة وفق النسبة التي يملكها في رأس المال. و هذا بكل بساطة يعني أن من يملك المال قد يسيطر علي مجلس إدارة الشركة بغض النظر عن مؤهلاته أو مقدراته أو أمانته ... بل يكفي أنه يملك الأموال الكافية للسيطرة علي رأسمال الشركة و بالتالي السيطرة علي مجلس الإدارة، وهكذا نضرب بالمبادئ التي ذكرناها في الحوكمة عرض الحائط لأن صاحب هذه الأموال الذي يمكنه القانون من عضوية مجلس الإدارة قد لا يملك أي مؤهلات تؤهله لإدارة متجر صغير أو مشروع متناهي الصغر ناهيك عن شركة كبيرة لها ما لها من حقوق و عليها ما عليها من التزامات. و هناك نقطة أخري تتمثل في أن القانون يمنح الحق للمساهمين في عزل أي من أعضاء مجلس الإدارة و هذا العضو، ولسوء الطالع، قد يكون أكثر الأعضاء مقدرة و كفاءة و أمانة و الماما بالمتطلبات المطلوبة وفق مبادئ الحوكمة وهذا قد يهدم بناء الحوكمة داخل الشركة و يضر بها ضررا بليغا. و نحن لا نطالب بالحد من الصلاحيات القانونية التي يمنحها القانون للمساهمين و لكن نطالب بمراعاة منح بعض الأفضلية، و لا نقول الحصانة، للأعضاء الملتزمين بتحقيق مبادئ الحوكمة ومنحهم الفرصة للاستمرار في المجلس كلما كان ذلك ممكنا. نري أن هذه النقاط، وغيرها، تحتاج للدراسة لتحقيق الانسجام المطلوب بين قوانين الشركات ومبادئ حوكمة الشركات من أجل تهيئة الساحة للوصول إلي المبتغي دون عوائق ظاهرة أو باطنة، و لنزيل هذه العوائق لنطبق ما نؤمن به. أق