أصل الحصانة المنع ولذلك قيل مدينة حصينة ودروع حصينة، وتنقسم الحصانة إلى نوعين حصانة موضوعية وحصانة إجرائية، وتختلف الحصانة الإجرائية في أنها تمنع من اتخاذ الإجراءات في مواجهة شخص قام بانتهاك القانون وتحول دون محاسبته ويكون اتخاذ إجراءات الدعوة الجنائية ضده مرهوناً بمنح من له السلطة الإذن لاتخاذ الإجراءات أما الحصانة الموضوعية فهي تمنع اتخاذ الإجراء الجنائي بالكلية بمعنى أنه يخرج الفعل من دائرة التجريم. جاء ذلك في الورقة التي قدمها المستشار الدكتور إبراهيم قسم السيد محمد بعنوان(الحصانة في القانون السوداني) في الورشة التي نظمتها إدارة الشئون الجنائية بوزارة العدل بالتعاون مع برنامج الأممالمتحدة الإنمائي(undp ) في الفترة من 45سبتمبر الجاري بفندق السلام روتانا حول(الحصانة من واقع التشريع وتحديات التطبيق) تحت رعاية وتشريف الأستاذ أحمد إبراهيم الطاهر رئيس المجلس الوطني. وقال في ورقته عن أسباب منح الحصانة إنها تمكن الشخص المشمول بها من أداء أعمال الوظيفة التي يشغلها باطمئنان دون خشية من تدخل السلطات سواء كانوا خصوماً سياسيين كما هو الحال في الحصانة الممنوحة للبرلمانيين أو عناصر سلطات الحكم والأفراد العاديين الذين يمس الإجراء المعنى مصالحهم، بالإضافة إلى أن الشخص الممنوح له امتياز الحصانة من الملاحقة القضائية بعد تركه للمنصب. وأشار الدكتور ابراهيم إلى أن للحصانة دوراً ايجابياً يتمثل في اطمئنان الشخص المشمول بها من اتخاذ قرارات معينة في عمله قد تمثل انتهاكاً للقانون أحياناً وبالتالي فإن ذلك ينعكس إيجاباً على أداء العمل وتسيير دولابه بالطريقة المطلوبة، واشار الى ان للحصانة سلبيات أيضاً تتمثل في أن مبدأ المساواة أمام القانون مبدأ دستوري تنص عليه الدساتير كواحد من الحقوق الأساسية ونص عليه دستور السودان الانتقالي لسنة2005م في الباب الثاني المادة(31) كالاتى: الناس سواسية أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية القانون دون تميز بينهم بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو العقيدة الدينية أو الرأي السياسي أو الأصل العرقي إذاً فإن الحصانة تخلق إحساس بعدم المساواة ، مضيفاً أن الحصانة تمنع أيضاً اتخاذ الإجراءات القانونية الجنائية عادة والمدنية أحياناً إلا بعد الحصول على إذن جهة معينة مما يعيق سير التحريات لاحقاً بعد الحصول على الإذن إذ غالباً ما تكون معالم الجريمة قد اختفت بفعل مرور الوقت. وأوضح أن الحصانة تمنع اتخاذ الإجراءات القانونية مباشرة فمن الممكن أن يؤدى ذلك لإحساس الشخص الممنوحة له بأنه فوق القانون مما يدفعه لارتكاب أفعال تشكل جرائم ما لم يكون لديه الوعي الكافي بأسباب منح الحصانة، كاشفاً عن أن السلبيات التي ذكرت تترتب عليها تداعيات منها زعزعت الثقة في العدالة خاصة مع التأخر مع التأخر أحياناً كثيرة في اتخاذ قرار بشأن طلب رفع الحصانة من الجهات المختصة بذلك عندما يرفع إليها فيظل المتضرر من الجريمة ينتظر زمناً طويلاً مما يدفعه لأخذ حقه بيده. وفيما يتعلق بالأساس القانوني لمنح الحصانة في القانون السوداني أبرز الدكتور إبراهيم أن المادة(35) من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991 تنص على أنه لا يجوز فتح الدعوى الجنائية الابإذن من وكيل النيابة في الجرائم التي لا يجوز القبض فيها بدون أمر أو المتعلقة بموظف عام إلا بناءاً على إذن من الجهة المختصة إذا كانت من الجرائم المخلة بسير العدالة أو التي يجوز فيها التنازل الخاص إلا من صاحب الحق أو من ينوب عنه بالإضافة إلى التي ينص أي قانون على اشتراط الإذن فيها من الجهة التي تتمتع بحصانة إجرائية أو موضوعية وفقاً لأحكام القانون التي ينص عليها، مشيراً إلى أنه في هذا الصدد أصدر السيد وزير العدل المنشور الجنائي رقم(1) لسنة 2005 الخاص بالأفعال التي تصدر من القوات النظامية أو الجهات الأخرى المكلفة من السلطة المختصة عند قيامهم بتنفيذ وأداء واجباتهم. وأشار المستشار إلى أن الأساس القانوني للحصانة يجد سنده في المادة(35) من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991 والتي تمنع فتح الدعوى الجنائية في الدعاوى التي ينص أي قانون على اشتراط الإذن فيها إلا بعد الحصول على هذا الإذن، موضحاً أن منشور وزير العدل نظم كيفية اتخاذ الإجراءات في حالة تقديم شكوى أو بلاغ ضد أفراد القوات النظامية فما يتعلق بالأفعال التي تصدر منهم عند قيامهم بتنفيذ واجباتهم للحصول على الإذن اللازم لفتح الدعوى في مواجهتهم علماً بان إغفال هذا الإذن يبطل إجراءات الدعوى أمام المحكمة لاحقاً. وقال الدكتور إن الحصانات المنصوص عليها في القوانين السودانية هي حصانة شاغلي المناصب الدستورية التنفيذية والتشريعية بالإضافة إلى حصانة الجهات العدلية، وحصانة الموظفين بجانب حصانة القوات النظامية ، مبيناً أنه وردت حصانات لبعض الموظفين العموميين في القوانين السودانية كقانون أمراض النباتات لسنة1913 وقانون البنك الزراعي السوداني لسنة 1957 بالإضافة إلى قانون مكافحة أعشاب الهايسنت لسنة 1960 بجانب قانون مركز تطوير الإدارة لسنة 1968 وقانون الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر لسنة 1983، وكذلك قانون ضريبة الإنتاج لسنة 1985، وقانون حصانة الجهاز التنفيذي للمحليات، وقانون الانتخابات القومية لسنة2008، وقانون ديوان المراجعة القومي لسنة2007م. وفيما يتعلق بالمشكلات العملية المتعلقة بطلب رفع الحصانة قال المستشار إنها تتمثل في الاتى: أولا عدم قدرة النيابة علي استكمال إجراءات التحري الأولي بسبب عدم تسليم المشتبه بهم لأخذ أقوالهم في هذه المرحلة. ثانياً التأخير الشديد في البت في طلب رفع الحصانة، مشيراً إلي أن أسباب التأخير تتمثل في أن تركيز قرار رفع الحصانة للوزراء مثلاً يعني ارتباط نظرهم للطلبات بوجود فرصة لذلك مع انشغالهم الشديد بأعبائهم السياسية والإدارية الاخري بالإضافة إلي عدم وجود زمن محدد يجب خلاله اتخاذ قرار برفع الحصانة من عدمه، مبيناً أن كل النصوص المنظمة للحصانات قد خلت من ذلك لان التأخير يؤدي إلي ضياع معالم الجريمة مما يعيق إكمال التحري لاحقا. ثالثاً إن وجود حصانة لبعض الجهات تمنع من اتخاذ أي إجراءاً مدنياً كان أم جنائياً مثل حصانة أفراد جهاز الأمن الوطني. وأوصت الورقة بالاتي: 1/ضرورة مراجعة القوانين المنظمة لمسائل الحصانة لإلغاء الحصانات وقصرها علي جهات محددة تتطلب أعمالها إسباغ الحماية علي العاملين بها مثل شاغلي المناصب الدستورية والجهات العدلية والقوات النظامية. 2/ النص في القوانين المنظمة لمسائل الحصانة على تحديد وقت تبت فيه الجهة في الطلب وإلا اعتبرت الحصانة مرفوعة بعد مرور هذا الوقت. 3/ التدرج في مسائل رفع الحصانة بتقسيمها بين الجهات الإدارية داخل الجبهة المعنية براع الحصانة وعدم تركيزها في قمة الهرم الإداري. 4/مراعاة أن تكون حصانة الشخص المشمول بها متعلقة بعمله فقط ولا تتعداه إلى ما سواه 5/ النص دائماً على أن حالة التلبس تجيز القبض على الشخص المشمول بالحصانة 6/ تبصير الناس بثقافة إمكانية الطعن الادارى ضد قرارات عدم رفع الحصانة 7/ تبصير الجهات التي تنص قوانينها على إمكانية محاكمة أفرادها أمام محاكمها الخاصة بإعادة محضر التحري الأولى للنيابة في حالة قررت هذه الجهة المحاكمة لفتح الدعوى الجنائية وتوجيه التهمه ومن ثم إعادة الأوراق لها لمباشرة المحاكمة. ع أ