مسيرة تحقيق الوحدة الوطنية مضنية و متواصلة كما ان إشاعة أسباب الوفاق بين أبناء السودان هدف وطنى ظلت الانقاذ ولمدة ربع قرن من الزمان هو عمرها تسعى اليه وتحاول بلوغه فصادفت النجاح فى بعضه وتعثرت خطاها احيانا اخر.وبالتالى هو هدف استراتيجي يضمن وحدة البلاد وتأمين مصيرها ومستقبلها في مواجهة المخاطر الداخلية والخارجية، ولانه يعد الفرصة التاريخية التي يجب اغتنامها لحماية البلاد من التدخلات الأجنبية . منذ مجئ ثورة الإنقاذ الوطني في يونيو 1989م، قامت بعدة جهود للوفاق الوطني، وبعد شهور قليلة في عام 1989 أقامت مؤتمراً للحوار الوطني. وفي إطار جهود الإنقاذ للمقاربة مع الأحزاب السياسية تم في يونيو 1990م لقاء القيادة العامة والذي جمع بين الرئيس عمر البشير ووفد من حزب الأمة بقيادة فضل الله برمة ناصر والفريق مهدي بابو نمر وعبد الرسول النور، ثم تواصلت اللقاءات وعقد الرئيس البشير لقاء مع الصادق المهدي في يوم 18/5/1991م بمنزل حسن صباحي وناقش اللقاء الحل السياسي الشامل في السودان. إضافة على ذلك قامت الحكومة بإصدار أكثر من عشرين عفواً سياسياً عن المعارضين، ونتيجة لتلك الإجراءات بدأت بعض قيادات المعارضة بالعودة للداخل، وكان أول من عاد هو اللواء الهادي بشرى الذي تولى مناصب حكومية عديدة منها منصب وزير اتحادي ووالي ولاية النيل الأزرق. كما عاد الشريف زين العابدين الهندي إلى الخرطوم في الأول من يونيو 1997م، وقد سبقه وفد المقدمة بقيادة الدكتور أحمد بلال عثمان (وزير الاعلام حاليا) إلى الخرطوم في 6 أبريل 1997م. في إطار السياسة الوفاقية التي كانت تنتهجها حكومة الإنقاذ، تم الإعلان عن تشكيل لجنة عليا للوفاق والحوار الوطني مع المعارضة في الثاني من نوفمبر عام 1999م، وأسندت رئاستها لرئيس الجمهورية عمر البشير وقامت باتخاذ عدداً من الخطوات لدعم جو الوفاق والمصالحة مع المعارضة ومنها إصدارها في 14/11/1999م قراراً بإعادة كل الممتلكات الشخصية المصادرة من قيادات المعارضة إلى أصحابها، وإلغاء قوائم الحظر السياسي والقيود على السفر بجانب العفو عن المحكوم عليهم في قضايا سياسية، وتعد هذه الخطوات بمثابة البداية الحقيقية لمسيرة الوفاق الوطني. وشهدت مسيرة الوفاق الوطني في السودان تقدماً منذ أوائل العام 2000م بعد أن بذلت الحكومة السودانية والمعارضة وشخصيات مستقلة وأطراف خارجية جهودا حميدة من أجل الوصول إلى اتفاق لحل مشكلة الحكم في السودان. ووفقا لذلك أصدر الرئيس البشير في مارس 2001م قراراً جمهورياً آخر بالعفو العام عن جميع الذين حملوا السلاح ضد الإنقاذ من يونيو 1989م وحتى صدور القرار. وقدمت الحكومة وعدداً من الشخصيات الوطنية العديد من المبادرات لدفع مسيرة الوفاق الوطني في السودان، لكن أغلب هذه المبادرات أغفل أمرين هامين وهما: كيفية معالجة التعددية الحزبية في التركيبة الوفاقية، والأمر الثاني هو معالجة الوفاق والتركيبة الجنوبية في السلطة، لكن هذا الأمر الأخير تم حسمه في برتوكول مشاكوس لتقاسم السلطة. ، قام الرئيس البشير في 22/12/1999م بزيارة طرابلسوالقاهرة في ضوء المبادرة المصرية الليبية ومسألة الوفاق الوطني. حيث دعا المعارضة السودانية للعودة والمشاركة في الحوار الوطني وعاد نتيجة لتلك الجهود وفد المقدمة لحزب الأمة في 6 أبريل 2000م بقيادة الدكتور عمر نور الدائم ومبارك الفاضل وعدد من قيادات الحزب. وكما عاد السيد الصادق المهدي رئيس الحزب في 21 نوفمبر من عام 2000م. وتوالت عودة قادة المعارضة السودانية فعاد السيد محمد الحسن عبدالله يس عضو مجلس رأس الدولة السابق، والفريق معاش عمر محمد الطيب النائب الأول الأسبق ورئيس جهاز أمن الدولة في عهد الرئيس نميري، كما عاد في سبتمبر 2001م السيد عبد العزيز دفع الله نائب رئيس التحالف الوطني الديمقراطي، والذي تلته عودة السيد أحمد الميرغني رئيس مجلس رأس الدولة الأسبق وعدد من قيادات الحزب الاتحادي في نوفمبر 2001م. و تم طرح العديد من المبادرات للتوصل لحل المشكلة السياسية السودانية، وعلى الرغم من كثرة المبادرات إلا أن النتائج كانت أقل من حجم تلك المبادرات فأطلقت ليبيا ومصر مبادرة سميت باسميهما في أغسطس 1999م عقب الاجتماع بين الرئيس المصري حسن مبارك والليبي معمر القذافي في مدينة مرسى مطروح المصرية وهدفت المبادرة إلى إجراء عقد مؤتمر مصالحة وطنية يضم الحكومة وتشكيلات المعارضة الشمالية وكذلك الجيش الشعبي لتحرير السودان الذي قاتل الحكومة في جنوب السودان، لكن لأسباب كثيرة منها الضغوط الأمريكية وكذلك انسحاب قرنق من المبادرة في 8/8/1999م أدى إلى ضعف هذه المبادرة وموتها على الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلت في إطار إحياء هذه المبادرة. كما قامت إريتريا في نوفمبر عام 2000م بعد عودة العلاقات بين البلدين إلى طبيعتها في أكتوبر من نفس العام بتقديم مبادرتها عبر وزير خارجيتها وتطرح أفكاراً تشمل تأجيل الانتخابات وبحث إمكانية التوفيق بين المبادرات المطروحة إلا أن المبادرة لم يكتب لها النجاح. وفاقت عدد المبادرات أكثر من ثلاثين مبادرة تم طرحها بشأن الوفاق الوطني من قبل الحكومة والشخصيات الوطنية والأحزاب السياسية ومن بينها إعلان دمشق (مبادرة الشريف زين العابدين الهندي ) ولقاء جنيف بين الصادق المهدي ود. حسن الترابي في مايو 1999م بوساطة من د. كامل إدريس، وقد جرى لقاء جنيف، وتم الاتفاق فيه على الحل السلمي للمشكلات السودانية عن طريق الحوار،ثم اتفاقية نداء الوطن والتي تم توقيعها عقب اللقاء الذي تم بين السيد رئيس الجمهورية عمر البشير و الصادق المهدي رئيس حزب الأمة في 25 نوفمبر 1999م في جيبوتي بوساطة من الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر قيلي، وارتكز الاتفاق على أربعة محاور وهي اتفاقية السلام، نظام الحكم، العلاقات الإقليمية والدولية وآليات الحل السلمي. ثم جاء لقاء الرئيس البشير بالسيد محمد عثمان الميرغني بأسمرا وتم عقد اللقاء بوساطة من الرئيس الإريتري أسياسي أفورقي في 26/9/2000م واتفقت فيه الحكومة والتجمع الوطني الديمقراطي في الدخول في مفاوضات مباشرة بهدف الوصول إلى تسوية سلمية. ثم لقاء القاهرة في 29 يوليو 2002م بين الأستاذ علي عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية (السابق) والسيد محمد عثمان الميرغني زعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي ورئيس التجمع الوطني المعارض وجرى خلاله التفاكر والتشاور حول رؤى الحكومة والتجمع المعارض حول قضايا السلام والوفاق الوطني. ثم اتفاق جدة الإطاري والذي تم توقيعه في ديسمبر 2003م بمدينة جدة السعودية بين الأستاذ علي عثمان محمد طه النائب الأول لرئيس الجمهورية والسيد محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الاتحادي والتجمع الوطني المعارض والذي جددت فيه الحكومة التزامها التام بإشراك كافة القوى السياسية في أية تسوية سياسية قادمة في السودان .ثم اتفاق مشاكوس بين الحكومة وحركة تحرير السودان 2005م ثم اتفاقية ابوجا بين الحكومة وحركات دارفور السلحة ثم اتفاقية الدوحة وهى ايضا لحل الصراع فى دارفور . اما مسيرة الحوار فقد تجددت مرة اخرى منذ السابع والعشرين من يناير الماضى لما دعا الرئيس البشير كافة القوى والتنظيمات السياسية الى حوار وطنى يهدف الى حل امهات القضايا الوطنية اعقبه مباشرة لقاء المائدة المستديرة فى السادس من ابريل الماضى مع زعماء الأحزاب والقوى السياسية بالبلاد للجلوس والتفاكر حول الآليات المناسبة للحوار الوطني الجامع ثم أنطلقت جلسات الحوار والتفاكر بحضور أكثر من 90 حزبا وتنظيما سياسيا في أجواء متفائلة وحضور كبير ورفيع للزعماء السياسيين وقادة الأحزاب والتنظيمات السياسية وقادة الاجهزة الاعلامية بالبلاد . وأصدر البشير عدة توجيهات وقرارت لضمان نجاح الحوار تمثلت في توجيه الجهات المختصة في الولايات والمحليات في مختلف أرجاء السودان بتمكين الأحزاب السياسية من ممارسة نشاطها السياسي داخل وخارج دورها بلا قيد لذلك النشاط ووفقاً لنصوص القانون كما وجه بتوسيع المشاركة الاعلامية للجميع , وتعزيز حرية الاعلام بما يمكن اجهزة الاعلام والصحافة من أداء دورها في انجاح الحوار الوطني بلا قيد سوى ما يجب ان تلتزم به من أعراف المهنة وآدابها ونصوص القانون وكريم أخلاق السودانيين النبيلة وأصدر قراراً باطلاق سراح أي موقوف سياسي لم تثبت عليه بعد التحقيق تهمة جناية في الحق العام أو الخاص وجدد رئيس الجمهورية ضمن القرارت والتوجيهات التزام الحكومة واستعدادها لتمكين الحركات حاملة السلاح من المشاركة في هذا الحوار الجامع معلنا تعهد الحكومة باعطائها الضمانات المناسبة والكافية للحضور والمشاركة. وقال البشير (لنا ولكم أيها الأخوة والأخوات فى العمل العام نجاحات وإخفاقات تعالوا نبنى على النجاحات ونعتبر بالإخفاقات تعالوا نبنى الوطن معا سائلين الله العلى العظيم أن يوفق المسعى بالنجاح وان يهدى خطانا لنبرم لأهلنا ولوطننا أمر رشد يدفع عنه الأذى والشرور ويسوق خطاه إلى سبيل العزة والمجد ) ورحبت القوى السياسية بقرارات وتوجيهات رئيس الجمهورية واكدت ان اللقاء التشاورى مع القوى السياسية يعد خطوة كبيرة وداعمة لحل قضايا البلاد مؤكدة ان الحوار يعد الطريق الامثل لحل قضايا السودان وتحقيق الوفاق الوطنى لمجابهة التحديات التى تواجه البلاد.. اذن الاتجاه العام السائد الان يشير الى ان الحوار ضرورة لابديل لها بعد موافقة سائر القوى والتنظيمات السياسية وانه السبيل الوحيد لعرض وتحليل ووضع الحلول لكافة القضايا الوطنية التى تعترض طريق النهوض والاستقرار والحكم فى هذا الوطن الشامخ . ====