سمية عبد النبي تشكل ظاهرة إنتاج وتعاطي المخدرات مشكلة عالمية لا يكاد يخلو مجتمع أنساني من آثارها المباشرة وغير المباشرة ولان المخدرات من أكثر القضايا الماثلة التي تواجه المجتمعات لتأثيراتها العميقة والمتشعبة وقد أصبحت تشكل هاجسا اقتصاديا واجتماعيا وصحيا وثقافيا خاصة للشريحة الشبابية واللذين تقع عليهم مسئولية تقدم الأمم . باعتبار ان الإدمان علي المخدرات يمثل حالة تسمم دورية تنتج من تكرار التعاطي وتمتاز بميل إلي زيادة جرعات المخدر، والإدمان علي بعض المواد المخدرة من شانه ان يؤثر بصورة واضحة لكنها متدرجة علي الجهاز العصبي المركزي للإنسان مما يفقد المتعاطي المقدرة علي تمييز الأحجام والأزمنة والأمكنة. كما تكلف الإجراءات الدولية والمحلية لمكافحة انتشار المخدرات والتوعية بإضرارها ويكلف علاج المدمنين حوالي 120 مليار دولار سنويا وتمثل تجارة المخدرات 8% من مجموع التجارة العالمية . وقد كشفت دراسة حديثة لطلبة الجامعات بولاية الخرطوم حول نسبة تعاطي المخدرات إن أعلي نسبة تعاطي المخدرات31,4 %واقل نسبة للتعاطي1,5%وقالت الدراسة التي أجريت علي 5% من المجموع الكلي لطلاب 13 جامعة حكومية وخاصة في الفترة من يونيو وحتى أكتوبر من2009 علي عينة بلغت 8255 طالبا وطالبة توصلت الدراسة إلي إن نسبة المتعاطين بالجامعات بلغت 5,10 % وبلغت نسبة الذكور المتعاطين 7,89%بينما بلغت نسبة الإناث اللاتي يتعاطين 2,61% من مجتمع الدراسة وبلغت نسبة المتعاطين لمرة واحدة 15,9% من الذين شملهم البحث ونوهت الدراسة التي تحصلت سونا علي نسخة منها أن المادة المخدرة الأكثر انتشارا هي الحشيش التقليدي (البنقو) حيث بلغت نسبة المتعاطين 8,36% وبلغت نسبة تعاطي المنشطات 7,4% الكوكايين 6%والهيروين 4,6% . وأكدت الدراسة أن أكثر أنواع المخدرات المستخدمة داخل الجامعات هي الحشيش والحبوب المنومة والكوكايين وهيروين وحبوب منشطة وأنواع أخري مؤكدة بأنه لا تخلو جامعة من الجامعات التي شملتها الدراسة بولاية الخرطوم من تعاطي المخدرات وسط الطلاب والطالبات . وفي دراسات أخري وقفت لجنة البحث علي دراسة حول العلاقة بين تعاطي الحشيش ومستوي الاكتئاب النفسي وسط طلاب الجامعات بولاية الخرطوم وكانت الدراسة قد تعاملت مع طلاب أربعة جامعات من المساقين العلمي والأدبي وقد وظفت مقياس (كاى وسيبيد مان) لمعرفة نتائج الارتباط وجاءت محصلة النتائج الدراسية أن انتشار إدمان الحشيش بين الطلاب الذكور يفوق انتشاره بين الإناث . وأن طلاب السنوات النهائية يدخنون اكثر من المبتدئين . وأن طلاب الكليات العلمية يقبلون علي الحشيش أكثر من طلاب الكليات الاخري . وهناك ارتباط وثيق بين تعاطي الحشيش ومستويات الاكتئاب لدي طلاب جامعات ولاية الخرطوم . و في دراسة حول أكثر مضادات التوتر Anxiolytics يتم استخدامها بوصفات أو بدونها في احدي الجامعات السودانية في العام 2007م شملت عدد (300) طالبة و(10) أخصائي طب نفسي ، خلصت النتائج إلي أن التوتر يؤثر علي سير دراسة أفراد العينة وان الطلاب لايلجاون إلي الأخصائيين للعلاج بل يحاولون الحصول علي الأدوية خاصة مشتقات البنزوديازيين (مثل الفاليوم) ، وان أكثرهم لا يستخدمون المؤشر (Scale) في تشخيص المرض وان بعضهم يلجأون إلي مضادات الاكتئاب Antidepressant في علاج التوتر (Hussein and taha 2007) . وفي بحث هدف لمعرفة سبل مكافحة استخدام المنشطات في الرياضة بالسودان في نوفمبر 2009م أشارت النتائج إلي قلة ومحدودية معرفة الرياضيين بالمنشطات وهي مواد بعضها مدرج في قوائم المخدرات المحظورة وذلك من خلال دراسة بحثية ضمت (316) مشاركاً . وتعتبر إساءة استخدام العقاقير والمخدرات مشكلة صحية عامة تؤثر علي المجتمع والأسرة ويترتب عليها أمراض خطيرة خاصة عندما تعود إلي الاعتماد (الإدمان) ، وأكثر الأنواع استخداما في العالم الآن هي الكوكايين والهروين والماراجوانا وال(LSD) والمورفين والباربتيوريت والاكستس والمذيبات الطيارة. وفي العصر الحديث ظهر نوع من تعاطي المواد المخدرة وذات التأثير النفسي مثل المشمومات مثال البنزين والسلسيون والغراء والذي ينتشر بين المشردين "ولقد أوصت الدراسة بضرورة "مواصلة اجراءالمزيد من الدراسات المسحية للجامعات وجميع قطاعات المجتمع لتكوين صورة شبه متكاملة عن تعاطي المخدرات بالبلاد . و"تكثيف الحملات التوعوية حول خطورة تعاطي المخدرات خاصة وسط القطاعات الشبابية مع توظيف المؤسسات التعليمية والتربوية وإدخال منهج التوعية بإضرار المخدرات ، وتكثيف الحملات الإعلامية لرفع الوعي المجتمعي حول القضية ، وتوظيف المساجد لنشر الوعي الديني والتربوي . بجانب تنبيه الأسرة بخطورة ومناشدة أولياء الأمور لتمتين العلاقة بين الأبناء وأولياء أمورهم وأمهاتهم . و"تمتين علاقات اللجنة القومية لمكافحة المخدرات باللجان المماثلة بالدول العربية والإفريقية باعتبار أن السودان دولة عبور لهذه السلعة المدمرة لشباب الوطن العربي . "تشييد عدد من المراكز الثقافية والرياضية والفنية لاستيعاب طاقات الشباب والاهتمام بالرياضة بالبلاد والمناشط التي تفرغ وتستوعب طاقات الشباب والمصادقة علي اتفاقية اليونسكو لمحاربة المنشطات في الرياضة . "توفير فرص العمل للخريجين من الشباب والفاقد التعليمي والاهتمام بالتعليم الفني والحرفي Vocational "تشبيك Networking المنظمات العاملة في مجال مكافحة المخدرات بالبلاد وتنسيق جهودها . وتم عمل شراكات قائمة بين اللجنة القومية لمكافحة المخدرات ووزارة التربية والتعليم وولاية الخرطوم ومنظمة نوافذ الأمل في تنفيذ مشروع توعوى لطلاب المدارس يغطي كافة محليات ولاية الخرطوم وكل ولايات السودان سواء في مجال التوعية أو الدراسات المتعلقة بالمخدرات . ولقد وضعت اللجنة إستراتيجية قومية لمكافحة المخدرات وتم تنفيذها من خلال برامج مختلفة لتخصيص المحاور في المجالات الصحية والأمنية والاجتماعية القانونية الجنائية تقوم بها عدة مؤسسات وقد حرصت اللجنة علي تنفيذ هذه الإستراتيجية علي أن يتم إشراك جميع الشركاء وتمر عبر قنوات لتصل مرحلة الاعتماد والتنفيذ . وتهدف رسالة اللجنة القومية الى تعزيز القدرات البشرية والمادية لحماية المجتمع ورفع الوعي القومي بمخاطر المخدرات والمؤثرات العقلية لتقليل العرض والطلب مع توفير العلاج التاهيلي وإعادة الدمج ، وتوفير الرعاية الصحية والاجتماعية المتكاملة ، وإشراك أصحاب المصلحة ومؤسسات المجتمع المدني والجهات ذات الصلة بمكافحة المخدرات ، وتكوين الشبكات واللجان الأهلية والطوعية . واقر بروفيسور الجزولي دفع الله رئيس اللجنة القومية للمخدرات - فى الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة المخدرات الذي يوافق ال26 من يونيو- بضعف مجهودات اللجنة وبعدم وجود اختصاصي لعلاج الإدمان محملاً وزارة الصحة الاتحادية المسؤولية وتعمل اللجنة للتنبيه بظاهرة المخدرات التي تفشت وسط المجتمعات والجامعات . اللواء احمد عوض الجمل مدير مركز السموم وعميد معهد الأدلة الجنائية أكد علي أن اللجنة وضعت إستراتيجية للمكافحة للوصول إلي تقليل الطلب ومعالجة المدمنين (وأعلنت إدارة مكافحة المخدرات عن إضافة عقاقير طبية تستخدم بصورة سيئة جديدة للائحة الممنوعات) . الفريق شرطة الدكتورة نور الهدي محمد الشفيع عضو اللجنة في كتابها عن العلاج اشارت الي أن العمل الطبي النفسي في الإرشاد والتأهيل وتعزيز الدافع للعلاج من أهم العوامل المساعدة علي نجاح هذا العمل فهناك وحدات طبية في جميع المستشفيات النفسية بولاية الخرطوم تقوم بعلاج المدمنين إذا كانت لديهم الرغبة في ذلك ، ويعتبر العلاج من العوامل المساعدة علي تقليل الطلب ومحاربة الجريمة المرتكبة والبطالة .والإدمان يفكك الروابط الأسرية ويقلل المشاكل الاجتماعية الناجمة من الإدمان وتبصير المريض المدمن بأهمية العلاج حتى لا يفقد توازنه النفسي ، ومايعانيه من فقدان العلاج وانقطاعه يعرض المدمن إلي الأعراض الانسحابية .