وسائل الاعلام والتكنولوجيا جزء من الثقافة والمجتمع , و هي كذلك الناقلة للثقافة والمحركات التي تحقق عولمة الثقافات مع القدرة علي إعطاء قوة دفع التنمية الاجتماعية . هناك تقاطع واضح بين تمكين المرأة وتطوير وسائط الاعلام وقد وفر انفجار التكنولوجيا الجديد وظهور وسائل الاعلام الاجتماعية في أجزاء كثيرة من العالم مصادر متعددة للوصول الي المعلومات ونشرها . ونظم مكتب اليونسكو بالخرطوم بالتعاون مع وزارة الإعلام والسفارة الإيطالية، واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم واتحاد الصحفيين السودانيين بفندق السلام روتانا ورشة عمل حول تعزيز دور المرأة في وسائل الإعلام السودانية بحضور ومشاركة عدد كبير من الخبراء والمختصين , حيث تداول الحاضرون بالنقاش عددا من الاوراق العلمية تناولت موضوعات تعزيز مقدرات ومهارات المرأة الإعلامية ورفع كفاءتها عبر التدريب للحصول علي المعرفة والمعلومات والتكنولوجيا الحديثة. المساواة بين الجنسين وبناء قدرات المرأة واحدة من الأولويات الشاملة لليونسكو،و "المساواة" هنا تعنى الاعتراف بإمكانيات المرأة في كل المجالات حيث دعا مدير مكتب اليونسكو بالسودان د. فاول كروبكن الى الاهتمام بحقوق المرأة فى المجال الاعلامى ضمن منظومة الاحتفال باليوم العالمى لحرية الصحافة , مشيرا الى ان حرية التعبير حق اساسى لكل العاملين فى هذا المجال , وأكد على ضرورة تعزيز دور المرأة الاعلامية خاصة فى مناطق النزاعات. إن مبادرة اليونسكو حول دور المرأة والذي ينعقد سنوياً تهدف إلى رفع الوعي والمساواة بين الجنسين من خلال الإعلام لتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تجعل العالم أفضل في ال15 عاماً القادمة واضاف د. كروبكن" أن مكتب اليونسكو مفتوح لكل القضايا ونوه إلى التنسيق بين كل وكالات التنمية المختلفة واتحاد الصحفيين السودانيين لبناء المؤسسة التي تحمي حقوق الصحفيين فضلاً عن ضرورة الحصول على المعلومات وحرية التعبير" . من جانبه ثمن الاستاذ الصادق الرزيقي رئيس الاتحاد العام للصحفيين السودانيين دور المرأة في مجال الصحافة والإعلام , مشيرا الى أنها لعبت دوراً مهماً في قضايا المجتمع متحملة في سبيل ذلك العبء الأكبر وتعرضت إلى انتهاكات وعانت من ويلات الحرب في مناطق النزاعات و خاصة معاناة المرأة الصحفية من اجل الحصول على المعلومات. وقال الرزيقي إن الاتحاد يولي المرأة الإعلامية اهتماما كبيرا من حيث تأهيلها وتطوير قدراتها حتى تقوم بواجبها كاملا ، مؤكداً أن المرأة السودانية متقدمة في مجال عمل الصحافة على كثير من نظيراتها في أفريقيا والدول العربية و بلغت نسبة العاملات في الصحف والمؤسسات الاعلامية أكثر من 60% ونسبة تمثيلها في اتحاد الصحفيين السودانيين 25%. الاستاذ عبدالقادر محمد حسن الأمين العام للجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم قال إن تخصيص يوم الخامس من مايو من كل عام احتفاء بالمرأة الإعلامية هو تكريم لدورها وإعلاء لشأنها، باعتبارها عضواً فاعلاً في المجتمع خاصة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وأشار إلى أن اللجنة الوطنية تعمل مع نظرائها وأجهزة الدولة المختلفة من أجل تعزيز دور المرأة في كافة المجالات خاصة المجال الإعلامي حتى تنهض عمليا ومعرفيا وذلك اعترافا بدورها في المجتمع. وأكد لوباسا فابريديو السفير الايطالى في الخرطوم أهمية الحرية الصحفية في إظهار الحقائق ومجابهة الاكاذيب التي تنقلها الكثير من وسائط التواصل الاجتماعي. وقال إن حرية التفكير والخيال لا تؤذي أحدا بل يمكن للناس أن يستفيدوا من التنوع وحرية العمل. وأضاف أن الحد من الاعلام يعطى الفرصة لظهور الكثير من الأكاذيب واختفاء الحقائق مؤكداً دعم السفارة لكل الجهود التي تعزز من تطور المرأة عبر حرية الإعلام. فى ورقتها حول قضايا المرأة الاعلامية , تقول الاستاذة شادية عربى ان المرأة السودانية مارست الاعلام قبل التعليم عبر بعض الادوارالاجتماعية مثل الجدة التى تحكى قصص الخيال وقارئة الحظ ( الوداعية) و ( الدلالية ) البائعة المتجولة وسط النساء وكلها من اشكال التواصل الاجتماعى. وتشير الورقة الى ان تعليم المرأة فى السودان بدأ فى العام 1907 وتم قبول اول دفعه من الطالبات بكلية غوردون فى العام 1930 ، فيما تأسس الاتحاد النسائى السودانى فى 1952 ودخلت المرأة السودانية البرلمان لاول مرة فى العام 1965. واوضحت ان المرأة السودانية طرقت مجال الصحافة فى وقت مبكر عندما صدرت اول مجلة نسائية هى " مجلة الوادى الاجتماعية" وعملت اول مذيعه سودانية فى العام 1946. وعن العقبات التى تواجه المرأة فى مجال الاعلام تقول الورقة انها تنقسم الى تحديات مهنية و أخرى اجتماعية تتمثل الاولى فى ان بعض المناصب لا يزال الوجود النسائى فيها قليل مثل" محرر السهرة" فى الصحف لظروف يغلب عليها الطابع الاجتماعى كذلك تفضل بعض الدوائر الحكومية والخاصة تغطية مناشطها بواسطة الذكور بدلا عن الاناث خاصة تلك المناشط التى تتطلب السفر داخليا او خارجيا اضافة الى ضعف الكادر النسائى فى التدريب الصحفى الخارجى. الورقة الثانية التى جاءت تحت عنوان " التقنيات الحديثة وتأثيراتها على الاداء العام للاعلامية السودانية " اعدتها د. سلوى حسن صديق أشارت الى ان الاعلام بكل تطبيقاته قد تأثر كثيرا بالمتغيرات التقنية التى غزت العالم وقد ادى ذلك الى ظهور ما يعرف بثورة المعلومات او النشر الالكترونى كما وفر الانترنت تطبيقات مختلفة جعلت من النشر الالكترونى الاداة الاساسية فى كل مناحى العمل الاعلامى بدءا من التحرير ثم النشر ثم التفاعل عبر الوسائط. وتوضح الورقة ان المرأة السودانية لم تكن بعيدة عن هذا الحراك, و ان اداءها قد تميز بالواقعية فى الفترة ما بين 1990-2016 لانتشار كليات الاعلام ولاعتبارات العولمة التى نالت فيها المرأة حقوقها المهنية فى كافة التخصصات بل اصبحت منافسة للرجل دون عوائق تنظيمية او قانونية مرتبطة بالدستور او التشريع . ومن التأ ثيرات الايجابية للتطوير التكنولوجى انحسار التميز السلبى الذى كان مسيطرا على اداء الاعلامية العربية عامة والسودانية على وجه اخص كما اظهرت الاعلاميات تميزا واضحا فى بعض المجالات مثل التقديم الاذاعى والتلفزيونى - و التحرير وبذلك تزايدت قدرات المرأة فى هذه المجالات . واشارت الورقة الى بعض التحديات التى تواجه الاعلامية السودانية مثل "صنع الخبرة التراكمية التى تقودها للتنافس على المراكز القيادية " . ومن التوصيات التى نادت بها الورشة , خلق التوازن بين الجنسين في تعيين النساء والرجال ، بما في ذلك الإدارة والبرمجة والتعليم والتدريب والبحوث ، التعرف علي التحديات والقضايا التي تواجه المرأة السودانية العاملة في وسائل الإعلام لتحسين مهارتها الإدارية , تطوير برنامج تنمية القدرات الإعلامية واقتراح مشروع لاستقطاب الدعم المالي و التقني، تحديد العقبات والفجوات بين رؤي الكوادر النسائية العليا وكيفية الحصول علي الدرجات الوظيفية القيادية في وسائل الاعلام السودانية و اعداد مقترح لبرامج تدريبية في وسال الاعلام المختلفة وراديو المجتمع.