تمثل الاسرة المكون الاساسى للامة بل والعمود الفقرى للبناء الاجتماعى للوطن وكلما كانت الاسرة متماسكة وفاعلة ومنتجة كان الوطن اكثر قوة واستقرارا وتنمية ومن الحقائق التى لاخلاف عليها بين علماء الاجتماع والتربية والفكر الاسلامى ان الاسرة عماد المجتمع وقاعدة الحياة الانسانية اذا اسست على دعائم راسخة من الدين والخلق والترابط الحميم. ولاهمية الاسرة كان الاهتمام الكبير الذى اولته الشريعة الاسلامية بها فقد قرر الاسلام المبادئ والقواعد التى تؤسس لها والتى تكفل حياة فاضلة لافرادها وللامة جمعاء الا ان الاسرة المسلمة المعاصرة اليوم .تواجه الكثير من التحديات والمؤتمر الدولى حول الاسرة المسلمة ومتغيرات الواقع المعاصر والذى ينعقد تحت شعار ( اسرة رائدة لامة قائدة ) برعاية الاستاذ حسبو محمد عبد الرحمن نائب رئيس الجمهورية خلال الفترة من 25 الى 26 يناير الجارى بمركز الشهيد الزبير محمد صالح للمؤتمرات والذى تنظمه جامعة ام درمان الاسلامية ممثلة فى كلية الشريعة والقانون ومعهد دراسات الاسرة بالتعاون مع رابطة الجامعات الاسلامية يهدف لبيان مفهوم الاسرة فى النظام الاسلامى واستلهام موقعها فى البناء الاجتماعى فى ضؤ الوحى الالهي ولتأكيد اهمية تربية الوالدين والاسرة بما يعين على تكوين الاسرة وقيامها بمهمتها فى التنشئة الاجتماعية وفهم طبيعة التغيرات التى طرأت على الاسرة وموقعها فى المجتمع الحديث والمعاصر بجانب تشخيص التحديات التي تواجه الاسرة المسلمة الان وضرورة مواجهتها والحد من تأثير الاستلاب والاختراق الثقافي . ويرمي المؤتمر لتحقيق هدف حماية الاسرة فى المجتمع المسلم من الاثار السلبية للعولمة والحداثة والتيارات الفكرية الغربية وابراز خطورة التشريعات المحلية المتغربة والعالمية الخاصة بالاسرة على الخصوصيات الثقافية للمجتمع المسلم عبر بناء برامج عملية للتربية الاسرية قادرة على النهوض بالاسرة لتمكينها من بناء الشخصية الاسلامية المنشودة لبناء الامة ، وذلك عبر محاور ثلاثة يتناولها المؤتمر هى محور بناء الاسرة المسلمة (منظومة الحقائق والواجبات ) ويشمل الزواج احكام وحكم ومسئولية الزوجين والبناء ومفهوم القوامة فى الاسلام والمحور الثانى حول تحديا ت تواجه الاسرة المسلمة ويشمل الاسرة وتحديات العولمة ( ثقافى واجتماعي واعلامي وسياسي والاسري وتحديات الواقع المعيشي والاسرة والاتفاقيات الدولية والنزاعات الاسرية.والاسرة فى ظل النزاعات المسلحة والحروب . والمحور الثالث حول معالجة التحديات التى تواجه الاسرة المسلمة ويشمل حقوق الطفل وحمايته ومناهج الارشاد الاسري ومؤسساته وحماية الاسرة فى ظل القوانين الشخصية وفقه نوازل الاسرة تقنينا وقضاءا . وقد قدمت للمؤتمر مجموعة من الاوراق العلمية تجاوزت الاربعين قدمها ثلة من الاساتذة والمختصين من داخل وخراج البلاد ،وتم تقديم مستخلصاتها فى الجلسة الافتتاحية للتعريف باهدافه ومقاصده ومحاوره وما تضمنته اوراقه من مادة علمية والتى ستتولى الجامعة عقب اكمال تقديمها ومناقشتها وبالتنسيق مع الرابطة لطباعة الكتاب ليمثل مرجعا فى قضايا الاسرة المسلمة و بالتالي المساهمة فى معالجة مشكلاتها من مدخل تأصيلى يتأسس على ميراث الامة العظيم وعبر منحى معاصر يلاحق المتغيرات ويسهم في ابراز التميز الحضارى للامة المسلمة . ومن ضمن مستخلصات البحوث اورد الكتاب ملخص ورقة دكتور الطيب ابراهيم محمد خير الامين العام لمركز التنوير المعرفي التي جاءت بعنوان ( حماية الاسرة محور سورة النور ) والتى ابان خلالها ان الاسرة الان والنظام الاسرى والمجتمع يواجه تحديات تؤدي الى انحرافه عن الانموذج والمثال الذى شرحه وبينه الوحي وقد يكون الانحراف بسيط لايخرج المجتمع ونظامه الاسرى بعيدا عن المثال مشيرا الى المجتمعات التى نحت كثيرا عن نظام الاسرة الفطرى والثمار المرة التى جنتها وتجنيها مؤكدا مبادئ الحماية التى توفرها سورة النور للنظام الاسرى فنظام الحماية محمول فى ثنايا السورة وهى تقرر حماية الاسرة والمجتمع حديا ووقائيا وتطويعا تربويا على قواعد الايمان بالفلسفة التوحيدية. واختتم دكتور ابراهيم الورقة بتوصيات تعين فى تضييق درجة الانحراف وتمكن المجتمعات من مقاومة عاديات الزمن التى تزحف عليها . اما مرتكزات التجديد فى نظام الاسرة والذى اعده استاذ كرسى الامتياز بروفيسور على احمد محمد بابكر ابان ان التجديد هو اعادة الامر لحاله الاول وهذا هو المقصد بما روى عنه صلى الله عليه واله وسلم ( ان الله يبعث للامة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها ) كما رواه ابو داؤود وهى ايضا تعنى فتح الباب لاستقبال المستجدات من الاحداث واستيعابها بناء على الضوابط المتفق عليها وهذا يعنى الاستنباط والتنقيح والتفسير وفقا للضوابط وهو فى مجمله يعنى الاجتهاد . وابان بروفيسور بابكر ان الاسرة عدها الاسلام الاساس القوى الذى تقوم عليه الامة المسلمة فبناها على اسس متينة ومبادئ تقود الى غايات عظيمة واحاطها بتعاليم تحفظ مسيرتها لتكون مجتمعا مصغرا يخرج للمجتمع الكبير عناصر صالحة ومصلحة تسعد الانسانية وقد فصل القران الكريم احكام الاسرة وقضاياها تفصيلا دقيقا ولم يترك ركائزها ومسائلها المهمة من غير بيان بروفيسور ابراهيم احمد محمد صادق الكارورى عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة ام درمان الاسلامية جاء فى بحثه بعنوان الارشاد الاسرى قراءة فى المنهج انه برز كعلم متميز له مناهجه واهدافه وينال اهميته ايضا لاتصاله بقضايا الاسرة وقد اهتم الشرع الاسلامى بالاسرة ايما اهتمام واتضح ذلك فى الاصول الهادية ةوالحاكمة لحياة المسلم وسعيه من القران الكرينم وسنة النبى الخاتم محمد صلى الله عليه واله وسلم و مبينا ان ماشهده ال تطور الحضارى للانسان فى هذا العصر وما اكتنف حياته من مشكلات وتعقيدات قد اثر على الاسرة بصورة مباشرة كما ان ازدياد المشكلات وتزاحمها وبروز مجتمع الاستهلاك اظهر اجيالا ضعفت عندها القيم الاسلامية المتوراثة الامر الذى استدعى الاجتهاد فى واقع الاسرة والعمل على تحصينها والمحافظة عليها فى ضؤ هذة المتغيرات ومن هنا برزت مناهج الارشاد الاسرى لتحقق هذة الاهداف من خلال منظور علمى منهجى . التحديات الاجتماعية للانترنت واثرها على الاسرة المسلمة والذى اعد بحثها دكتور ماجد العصيمى من المملكة لعربية سعودية بين مستخلصها ان البناء الاجتماعى يعد احد الاسس التى تصب فيه قيم الامة وسلوكياتها وهو يعطى الصورة النهائية لمظهرها وشكلها الحضارى فقد اقتضت حكمة الله تعالى الا يستقيم للانسان شأن والا تتهيأ له الحياة الامنة السعيدة والنهوض باعباء خلافته سبحانه فى الارض واداء الامانة الا بالعيش فى الاطار الاجتماعى وعلى الرغم من تماسك وضع الاسرة نسبيا فى المجتمعات العربية والاسلامية الا ان السنوات الاخيرة ادخلت كثيرا من المتغيرات التى اربكت نظام الاسرة سواء على مستوى العلاقات او على مستوى الوظائف والادوار مما فرض نوعا جديدا من التحديات التى ربما لم تأخذ حظها من التأمل والدراسة .