- أكدت دراسة إحصائية للفقر في البلاد أن البطالة تعد سبباً رئيسياً للفقر في السودان، حيث وجدت أن هناك شخصين يعيشان تحت خط الفقر، من بين كل أربعة أشخاص و رب الأسرة التي يعيشون في مظلته عاطل عن العمل. وبحسب النتائج التي أسفرت عنها دراسة (المسح القومي لميزانية الأسرة والفقر 2014-2015)، التي أعدها الجهاز المركزي للأحصاء فأن 50% من الأفراد الذين يعيشون في أسرة عائلها متعطلا، ينفقون فقط، خمسة آلأف ومائة وعشرة جنيهاً سودانيا في السنة كلها، إذا كانوا يقيمون في الحضر أي في المدن. وأربعة آلأف واربعة وأربعين جنيها إذا كانوا يقيمون في الريف. ويعنى ذلك ان هؤلاء الفقراء ينفق، على حاجاتهم الأساسية جميعها في اليوم مبلغ 14.1 جنيها، وينفقون مقابل غذائهم اي وجباتهم الثلاث في اليوم 8.2 جنيها سودانياً فقط. وبحسب الدراسة، تبلغ نسبة الفقر وسط الأشخاص غير الناشطين اقتصاديا 29.5%، والذين يعملون لدى الأسرة بدون أجر 59.8% والمتقاعدين 17.7% والذين يعملون لحسابهم 40.1% واصحاب العمال الخاصة 32.9% والمستخدمين بأجر 33.4%. وقد تم إعداد هذه الدراسة بالاتفاق بين وزارة المالية وبنك التنمية الأفريقي بهدف الأستفادة من البيانات الأساسية التي توفرها لاعداد ورقة إستراتيجية خفض الفقر في السودان، ومن ثم إستخدام الاحصاءات التي تخلص إليها في التخطيط للبرامج والسياسيات الاقتصادية والاجتماعية. ويشكل هذا المسح الرابع من نوعها، حيث تم إجراء دراسات مماثلة من قبل الجهاز المركزي للأحصاء في الأعوام 1968 و1978 و2009. وشمل المسح بمستوى أساسي العديد من أوجه الأنفاق والاستهلاك للأسر، والأستهلاك للسلع الغذائية والرفاه، والفقر ومعايير تحديده في المجتمع. واجريت الدراسة على 13 ألف و800 اسرة مثلت عينات لولايات السودان الثماني عشرة . وقد تم استخدام معدل الأستهلاك للفرد ، مؤشراً لقياس مستوى المعيشة، حيث تم تحديد خط الفقر القومي وفقاً لهذا المعدل وقت الدراسة والمسح. ويعرف معدل الأستهلاك السنوي للفرد وفقا للدراسة بالتكلفة النقدية للسلع والخدمات المستهلكة للفرد الواحد من المشتريات والانتاج الذاتي والأستهلاك من المخزون والهدايا العينية، خلال فترة الدراسة. ويشمل أيضا تقدير القيمة النقدية للسلع المعمرة مثل وسائل النقل والأجهزة المنزلية المختلفة وكذلك القيم النقدية للخدمات مثل إيجار المسكن. وكان الجهاز المركزي للاحصاء قد أعلن الخميس المنصرم نتائج هذه الدراسة وبين أن خط الفقر في البلاد، يبدأ بإنفاق خمسة آلأف ومائة وعشرة جنيها فما دون في العام في الحضر. وأربعة آلأف وأربعة وأربعين جنيهاً فما دون في الريف. فيما يبلغ خط الفقر الغذائي في الحضر 2.966 جنيها. وفي الريف 2.698 جنيها سودانياً فقط. وتعد نسبة الإعالة والانفاق على أخرين في السودان مرتفعة جدا إذ ظلت خلال العشر سنوات الماضية (2006-2015) شبه ثابتة وتراوحت ما بين 80.6% إلى 79.2%. أي أن 20% من السكان ينفقون على 80% منهم. وبمعنى أخر فأن 32 مليون شخص من التعداد الكلي للسودانيين البالغين حوالي 40 مليوناً، يعتمدون على دخول ومرتبات ثمانية ملايين شخص فقط، وفقا لاحصاءات نشرها البنك الدولي. وحوالي ثلاث من كل اربعة من الشباب في سن العمل يعتمدون على غيرهم في معيشتهم. فيما يعتمد واحد من كل خمسة من المسنين على غيرهم من السكان أيضا، خلال الفترة المذكورة. وسجلت البطالة من إجمالي القوى العاملة، بحسب إحصاءات البنك الدولي، نسبا عالية خلال السنوات المحددة، إذ بلغت (3) اشخاص من كل عشرين (20) شخصاً، وارتفعت عند الشباب حتى5 من كل 20 منهم. وبمستوى عام يعاني كل 9 من عشرين من السودانيين من الفقر، وفقا لآخر إحصاءات متوفرة للمؤشر العددي للفقر عند خط الفقر الوطني وكان أستاذ الاقتصاد بجامعة الخرطوم مسلم الأمير قد ذكر في وقت سابق ان هناك عدة أسباب متداخلة لهذا الارتفاع الشديد في معدل الإعالة أهمها ارتفاع البطالة وسط الشباب وخاصة خريجي الجامعات، وهناك سبب آخر هو تدني الأجور فحتي أولئك الذين يعملون يتلقون إجورا منخفضة لا تغطي تكاليف المعيشة المرتفعة الأسعار. ومن الاسباب ايضا الاعتماد على القطاع العام فقط في توفير فرص عمل جديدة وضعف القطاع الخاص وعدم فاعليته في مسألة الاستثمار وخلق وظائف جديدة في الاقتصاد بسبب عدم الاستقرار الاقتصادي وارتفاع تكاليف الانتاج وتذبذب سعر الصرف، وكذلك النمط الاستهلاكي للجيل الجديد والشباب عموما وميله إلى الآسراف أحد أسباب هذه المشكلة. رئيسة قسم الاقتصاد القياسي والاحصاء بكلية الاقتصاد جامعة الخرطوم بروفسور هدى محمد مختار أحمد، تقول "هذه حلقة مفرغة وإي حلقة مفرغة لا بد من كسرها" وتبين على المدى القصير بعض الحلول تتمثل في رفع سن المعاش لأولئك الذين تجاوزوا الخامسة والستين. واستمرار البقاء في الوظائف النادرة حتى نهاية العمر. وفتح وظائف جديدة من قبل الحكومة. وعلى المديين المتوسط والبعيد يجب الاستثمار في المجالات التي تؤدي إلى استيعاب أكبر قدر من العمالة. وإدخال برامج التنمية الاجتماعية في كل خطط التنمية العامة. والتنسيق والتكامل بين الوزارات ذات الصلة بالعمل السكاني. س ص