روما 22-3-2020م (الاقتصادية السعودية) - خضع مليار شخص حول العالم، من روما إلى نيويورك مرورا بباريس، لعزلة في بيوتهم في عطلة نهاية الأسبوع على أمل الحد من انتشار فيروس كورونا المستجد، الذي أسفر عن وفاة أكثر من 11 ألف شخص وهز الاقتصاد العالمي. ففي الولايات المتحدة، قررت ولايات كاليفورنيا ونيويورك ونيوجيرسي وإلينوي وبنسلفانيا ونيفادا إيقاف الأنشطة غير الضرورية، رغم استبعاد الرئيس دونالد ترامب فرض حجر عام حاليا في كامل البلاد. بذلك، يشمل التوقف أكبر ثلاث مدن في البلاد، نيويورك ولوس أنجلوس وشيكاغو، ويلتزم سكانها البالغ عددهم نحو 100 مليون شخص منازلهم. وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب البارحة في بيان موجز أن مجلس الشيوخ الأمريكي يتفاوض بشأن حزمة مساعدات يمكن أن تعزز الاقتصاد بمقدار تريليوني دولار وأن الاتفاق ربما يكون قريبا، حسبما ذكرت وكالة أنباء بلومبرج. وقال نائب الرئيس مايك بنس، خلال نفس البيان الموجز، إنه تم إحراز تقدم بشأن التوصل لإجراء من الحزبين الديمقراطي والجمهوري. وأضاف: "نعمل على تمرير هذا التشريع غدا الإثنين في مجلسي النواب والشيوخ". وتستعد إيطاليا البلد الأكثر تضررا في أوروبا بالفيروس، وكانت أول دولة في القارة العجوز تأمر بوضع جميع السكان في الحجر، لتعزيز إجراءاتها في مواجهة انتشار المرض، وستغلق كل الحدائق والمحميات أمام الجمهور على أن تفرض قيودا أخرى لدفع الإيطاليين إلى البقاء في بيوتهم. ووفق قاعدة بيانات وكالة الأنباء الفرنسية، دعي أكثر من 900 مليون شخص في نحو 35 بلدا لالتزام منازلهم، أغلب هؤلاء (نحو 600 مليون في 22 بلدا) يخضعون لقرارات غلق إجباري، على غرار فرنساوإيطاليا، فيما يخضع البقية إلى حظر تجول (على غرار بوليفيا) وحجر (مثل المدن الكبرى في أذربيجان وكازاخستان) أو دعوات غير إلزامية لعدم مغادرة المنزل (على غرار إيران). وبعد تسجيل 25 حالة في أستراليا مرتبطة بحفل زواج في جنوبسيدني، اتخذت السلطات إجراءات تضرب في الصميم قطاع تنظيم الزيجات المزدهر في البلاد، ما أرغم عدة أشخاص على إلغاء حفلات زواجهم. وقالت لارا بيسلي وهي منظمة حفلات زواج في سيدني "أنتم تقومون بإلغاء حدث كان يحلم به أشخاص، ولم يتوقفوا عن التفكير فيه منذ أيام وأشهر" مضيفة "نتلقى اتصالات من أشخاص وهم ينهمرون بالبكاء". وأغلقت السلطات أيضا شاطئ بوندي الشهير في سيدني، الذي كان يشهد ازدحاما رغم منع التجمعات الكبيرة، وأسواقا مكتظة هنا وشوارع خالية هناك، فهل ينقسم العالم إلى قسمين، بين أناس جديين يلتزمون منازلهم من أجل المصلحة العامة وأنانيين لا يفكرون سوى في متعهم الخاصة؟ تجيب أنجيلا سوتان أستاذة الاقتصاد السلوكي بلا، إذ ترى أنه يوجد عدد كبير من المترددين يشكلون الأغلبية، ويمكن أن يكونوا "الأخطر، ففي حال رأوا أن الآخرين لا يتعاونون، لن يواصلوا التعاون". وكشفت تقارير إعلامية في ألمانيا أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لم تتخل عن عادتها في التسوق حتى في ظل أزمة كورونا الحالية. ووفقا لما ذكرته صحيفة "بيلد" ومحطة (آر تي إل) الألمانيتان، فقد ذهبت ميركل مساء الجمعة للتسوق في السوبر ماركت الواقع في وسط العاصمة برلين، الذي تعتاد الذهاب إليه، حسبما ذكر العاملون هناك. وأوضحت هذه التقارير أن ميركل ذهبت أولا إلى قسم الخضار وقسم البقالة، وذكرت التقارير أن ميركل ملأت سلة التسوق بأشياء من بينها الكريز والصابون وأوراق التواليت، ودفعت ميركل حساب ما تسوقته عن طريق البطاقة الائتمانية. وتتفاقم خسائر الاقتصاد العالمي يوميا نتيجة تعليق الأنشطة، ولن يعوض توظيف كثيرين في المجموعات العملاقة للتوزيع وعلى رأسها و"ولمارتط و"أمازونط في مواجهة غزو المستهلكين للمراكز التجارية، عن الوظائف التي ألغيت. وفي أوروبا، أعلن الاتحاد الأوروبي تعليق قواعد الانضباط الميزانية، في إجراء غير مسبوق سيسمح للدول الأعضاء بإنفاق الأموال اللازمة للحد من التباطؤ الاقتصادي. وصادقت المفوضية الأوروبية أمس الخطة الفرنسية، التي تؤمن قروضا مصرفية للشركات المتضررة من كورونا المستجد وتصل قيمتها الإجمالية إلى 300 مليار يورو. وورد في بيان للمفوضية أنه تمت المصادقة على هذا الدعم من الدولة الفرنسية "بمقتضى الإطار الموقت الجديد لمساعدات الدولة" الذي يضفي مرونة على قواعد الاتحاد الأوروبي بهدف مواجهة التداعيات الاقتصادية للوباء. وتبنى الاتحاد الأوروبي الخميس إطارا جديدا، ليكون أكثر مرونة مع الشركات وقت الحاجة، وأشار برونو لومير وزير المالية الفرنسي إلى أن الضمانة الفرنسية التي أعلنها الرئيس إيمانويل ماكرون يوم 16 مارس تشمل "جميع القروض المصرفية". وأضاف أن هذا الإجراء "يهدف إلى ضمان الحفاظ على سيولة الشركات"، متابعا "لم يعد للمصارف سبب لرفض منح قرض لأي شركة مهما كانت". وقالت المفوضية في بيانها إن "التدابير الفرنسية مطابقة للشروط الواردة في الإطار الموقت، لأنها توفر ضمانات لقروض قيمتها وفترتها محدودتان"، ووصفت التدابير بأنها "ضرورية، ملائمة ومتناسبة لمواجهة الاضطراب الكبير في الاقتصاد". وحذرت منظمة العمل الدولية من أن غياب رد منسق على المستوى الدولي يهدد عددا قد يصل إلى 25 مليون وظيفة، وفي مواجهة هذا الوضع، يسود حذر كبير أسواق المال، فبعد أسوأ أسبوع شهدته منذ أزمة 2008، أغلقت البورصات الجمعة بنتائج متفاوتة إذ تراجعت سوق المال في وول ستريت، بينما سجلت البورصات الأوروبية ارتفاعا. ويخشى بعض الخبراء من أن تكون الأزمة الاقتصادية الناجمة عن الوباء أسوأ من أزمة الرهن العقاري التي حدثت في 2008، ولا سيما إذا طال أمد عزل السكان. وأبدت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب اعتزامها إلغاء الرسوم الجمركية المفروضة على المستلزمات الطبية الواردة من الصين، حيث أعربت السلطات الصحية والشركات الأمريكية عن حاجة ملحة إلى توفير مزيد من الكمامات وأجهزة التهوية وغيرها من المعدات لمكافحة الوباء. ودعا روبرت لايتايزر الممثل التجاري للولايات المتحدة، السكان والشركات والوكالات الحكومية لتقديم "تعليقات بشأن تعديلات أخرى محتملة من أجل إلغاء الرسوم المفروضة على منتجات رعاية طبية إضافية". أما بوينوس آيرس العاصمة الأرجنتينية المعروفة بحيويتها بوجود حانات ومسارح ومكتبات، فقد تحولت إلى مدينة أشباح بعدما قررت الحكومة فرض العزل على السكان حتى نهاية مارس. لكن يصعب تطبيق الإجراءات الوقائية في أماكن بالغة الحساسية مثل الأحياء العشوائية في آسيا أو السجون المكتظة والمتهالكة في جميع أنحاء العالم. ولا يملك ثلاثة مليارات نسمة الحد الأدنى من وسائل مكافحة الفيروس مثل المياه الجارية والصابون حسب خبراء الأممالمتحدة الذين يخشون موت الملايين. وحثت بريطانيا المواطنين على التحلي بالمسؤولية عند شراء المواد الغذائية والتوقف عن تخزينها حتى يكون لدى العاملين في مجال الصحة ما يكفيهم أثناء التصدي لتفشي فيروس كورونا. وقال جورج يوستيس وزير البيئة والغذاء والشؤون الريفية "عليكم التحلي بالمسؤولية عند التسوق وفكروا في الآخرين.. شراء أكثر مما تحتاج إليه يعني أن الآخرين لن يتمكنوا من الحصول على احتياجاتهم، ما يجعل الحياة أكثر صعوبة بالنسبة لأولئك العاملين في الخطوط الأمامية، مثل أطبائنا وممرضاتنا وموظفي دعم هيئة الخدمات الصحية الوطنية"، مشيرا إلى أنه خلال أزمة كورونا، زاد إنتاج المصنعين بنحو 50 في المائة من الغذاء عما كانوا ينتجون في الأوقات العادية. وأجبر "كورونا" شركة جون لويس البريطانية على إغلاق متاجرها وعددها 50 متجرا مؤقتا بدءا من الإثنين لأول مرة منذ 155 عاما، وقالت الشركة إن عملها على الإنترنت سيستمر كالمعتاد. يأتي هذا، فيما بدأت الشركات البرازيلية تشعر بتأثير الوباء في أكبر دول أمريكا اللاتينية، التي لديها نظام صحي متخلف. واتخذت الشركات الكبرى في البرازيل إجراءات، مثل سلسلة متاجر التجزئة "ماريزا لوجاس" للملابس التي أعلنت إغلاق جميع متاجرها في البرازيل بدءا من 22 مارس. وكان لدى الشركة 354 متجرا في نهاية 2019. وأعلنت شركة (بي كيه برازيو أوبيراساو إي إيفالوريا آ ريستاورانتشيس)، التي تدير نحو 900 منفذ بيع، أن مطاعم بيرجر كينج وبابايز في البرازيل ستتلقى الطلبات فحسب في حال تسلمها من المتجر أو توصيلها للمنازل فقط بدءا من يوم غد الإثنين.