اعداد: عاكفة الشيخ الخرطوم 20-4-2020 ( سونا)- كثيرا ما سمعنا وكثيرا ما قرأنا وكثير ما كتبنا (جائحة كورونا، هذه العبارة التي ترددت كثيرا على الأفواه عرف كورونا بهذه الصفة الصغير والكبير القاصي والداني فما هي الجائحة وما هي كورونا وكيف ومتى ظهرت وإلى أين امتدت وما تأثيرها. وحين دخلت في بلادنا السودان دون استئذان كيف تعاملنا معها مواطنين وسلطات ؟ للإجابة على هذه الأسئلة وأسئلة كثيرة تعمقنا كثيرا لعل ما يكتب يستفيد منه المتعاملون معها ويبقى تاريخا للأجيال. بدءا وقفنا مع معنى جائحة فما هي الجائحة؟
لغة فان الجائحة جمعها جوائح وهي وباء ينتشرعلى نطاق شديد الاتساع يتجاوزحدود الدولة مؤثرا على عدد كبير من الأشخاص في عدد من الدول أوعدد من القارات أو في العالم أجمع. وقد يعني مصطلح جائحة أن المرض يتعدى السيطرة مما يؤدي لانتشاره بين الدول والقارات وربما العالم بأثره .والجائحة قد تؤثر في البيئة أو الزرع أوالكائنات البرية أو البحرية أوالإنسان .
والفرق بين الوباء والجائحة أن الوباء يتفشى في منطقة جغرافية محصورة في دولة أوعدد قليل من الدول، بينما تنتشر الجائحة في عدد كبير من الدول والقارات. ووفق منظمة الصحة العالمية فهناك مراجع للانتشار للوصول لمرحلة الإعلان عن أي مرض بأنه أصبح جائحة،وتبدأ المراحل بظهور فيروس يصيب الحيوان ثم ينتشر للبشر في حالة أوحالات محدودة لا تصل لمرحلة الوباء في المجتمع المحلي ثم زيادة الحالات بشكل يجعلها تصبح وباءا في المجتمع المحلي ثم انتقال الحالات لبلدان كثيرة مختلفة ثم انتقاله لأكثر من إقليم وفق توزيع الأقاليم بالمنظمة فيصبح بذلك الوباء جائحة .
ومنذ القدم شهد العالم عددا من الأوبئة والجوائح والتي خرج منها بخسائر متفاوتة لكنها ليست باليسيرة وما الدرن، الطاعون، الأنفلونزا الاسبانية، الكوليرا، داء النوم، أنفلونزا الطيور،حمى التايفويد،الجدري، الحصبة، السل، الجذام، الحمى الصفراء، الايبولا، الجمرة الخبيثة والسادس الا نماذج ما تزال في الذاكرة بعض اثارها المدمرة والقاسية
وفي هذا العام 2020 م انتشر داء سببه فيروس كورونا المستجد وهومن الفيروسات التاجية وأول أنواعه التي ظهرت كانت في بداية التسعينات وقد تنبأت منظمة الصحة بتطوره وظهر النوع الثاني في بداية الألفية الثانية ومات جراءه الكثيرون ،ثم النوع الثالث والأكثر صعوبة من سابقيه وعرف بالسارس وشمل عددا من الدول وتم تعريفه بالمتلازمة التنفسية الحادة التي تنتمي لعائلة كورونا، والنوع الرابع ظهر في العام 2012 م وعرف باسم فيروس كورونا المتسبب في الملازمة الشرق-أوسطية والنوع الخامس والذي يأتي الاختلاف بينه والسارس في تسلسل الأعراض .
وفي يناير من العام 2019 م ظهرت اول حالة لكورونا المستجد، ويدور جدل واسع حول ما إذا كان الفيروس مستحدث أو أنه اخترق حاجز الجنس وانتقل من الحيوان للبشر وتناقلت عدواه بعد ذلك بين البشر وكان أول ظهور له بمدينة يوهان بالصين ثم تخطى الصين إلى دول عديدة و من ثم انتقل بين القارات . واعلنت منظمة الصحة العالمية في مارس الماضي أن المرض أصبح جائحة مشيرة لزيادة الحالات خارج الصين وامتداداتها بين الدول والقارات وارتفاع الحالات وتوقعت زيادة حالات الوفيات مع اختلاف الوضع عن انتشار السارس لأن السارس ظل تحت مستوى محدد فلم يكن بذلك جائحة.
ودعت المنظمة لاتباع نهج يشمل الحكومات والمجتمع وتفعيل وتوسيع آليات الاستجابة لحالات الطواريء الخاصة بهذا المرض من حيث التواصل مع المواطنين حول المخاطر وكيفية حماية أنفسهم، وعزل الحالات المؤكدة وحماية وتدريب العاملين في مجال الصحة.
وبعد ظهور الأعداد المهولة وزيادة انتشار المرض بين الدول والقارات وازدياد معدلات الوفيات وزيادتها واجتياحه للعالم آثارهذا المرض حالة من الرعب والهلع حول العالم وما زاد من ذلك عدم وجود لقاح وعلاج له رغم الاجتهادات التي تقوم بها حاليا إعداد كبيرة من المراكز البحثية وقد تواترت الأنباء عن إمكانية العلاج منه وفق بعض التجارب عن طريق بعض أدوية الملاريا والربط بين هذا المرض وداء السل والعمل على استخدام لقاحه كوقاية. وتجري مساعي حثيثة من العديد من الجهات البحثية لإيجاد علاج و من ثم لقاح للكورونا . ال انه ومع ازدياد حدة الجائحة وانتشارها من المتوقع أن تكون لها آثار سلبية على كافة الأصعدة .
اما محليا، السودان، ففي 13 مارس من العام الحالي 2020 م أعلنت وزارة الصحة الاتحادية ظهور المرض بحالة لرجل توفي في اليوم السابق لهذا التاريخ و كان قادما من خارج البلاد .مما استدعى وضع حزمة من التدابير وتكوين غرفة طوارئ دائمة لمراقبة الموقف ووضع الترتيبات اللازمة لوقف الجائحة التي عبرت الدول والقارات الى السودان
وقبل ذلك كان الاعتقاد السائد أنها لا تعيش في المناطق الحارة ورويدارويدا بدأ المواطنون يفهمون ما هي كورونا حيث اجتهدت وزارة الصحة في توصيل المعلومات عنها وكيفية انتقالها من شخص لاخر والوقاية منها باعتبار أن الوقاية هي العلاج لمرض لا يعرف له علاج رغم الاجتهادات والبحوث الجارية وتم تبصير المواطنين بما يتم فعله في حال ظهور الأعراض على أي شخص وأرقام الهواتف التي يتم التبليغ عبرها . صاحب ذلك توفير عنابر عزل للمصابين وإغلاق المعابر الحدودية باعتبار السودان دولة تحدها دول كثيرة.
وتتمثل أعراض الاصابة في الصداع الحاد وارتفاع درجة الحرارة والرشح والسعال المصحوب بالبلغم والإرهاق والتعب العضلي والإسهال أحيانا والمرحلة الأكثر خطورة هي الالتهاب الرئوي الذي يؤدي لصعوبة التنفس مما يستلزم وضع المريض تحت رعاية طبية وجلسات تنفس اصطناعي ومن مخاطرها المضاعفات المتمثلة في فشل بعض الأعضاء كالكلى ويرجح حاليا انها تؤدي لبعض الجلطات الأمر الذي قد يؤدي لاستخدام علاجات تمنع حدوثها .
واجتهدت الجهات الرسمية المختصة في تبصير المواطنين بكيفية انتقال العدوى حيث تم التوضيح بأن المرض يسببه فيروس كورونا المستجد وهو فيروس ثقيل لا يعلق في الجو ويعلق بالاسطح ويعيش فيها لفترة أيام وينتقل عبر رزاز المصابين عند السعال أو العطس وتمت مخاطبة الجمهور عبر وسائل الإعلام بمقاطع غنائية تعطي جرعات من التوصيات بصورة مفهومة للعامة من الناس والصغار- بل حتى ان اجهزة مثل وكالة السودان للانباء ان استخدمت مقاطع باللغات المحلية للتثقيف- مثل : ///سلام الايد انا خليتو بالاحضان انا جليتو صاحبي العيان انا ما غشتو/// و ///ما تبقى يا زول داقس كيشة خلي السهرات خلي الشيشة///
وتعدد المقاطع التي توضح كيفية غسيل الأيدي وتوضح الارشادات أن الوقاية تكون بنظافة الأيدي وتعيم ونظافة الأسطح وعدم المصافحة وتجنب المصابين . إلى ذلك جرت جهود لتعقبم الأسواق والمواقف وعلى الجانب الشعبي جرت جهود من عدد من الجهات كمبادرات لتصنيع المعقمات وتوزيعها واجهزة التنفس الصناعي والكمامات.
ورغم الجهود الرسمية وغير الرسمية بدأت حالات الإصابة في التزايد حتى فاقت 60 حالة وعند بلوغها أكثر من 32 حالة وتسجيل 10 حالات في يوم واحد تم فرض حظر كامل في ولاية الخرطوم بعد أن كان الحظر في الساعات من السادسة مساء إلى السادسة صباحا . وجرى تقييم اليوم الأول لتفادي السلبيات وتقرر التشديد في تطبيق الحظر في ساعات فك الحظر من السادسة صباحا إلى الواحدة بعد الظهر هذه الفترة التي يسمح فيها للمواطنين بقضاء حوائجهم وللبائعين بالبيع .
وتم الشروع في ترتيب بعض الأوضاع بأن يتم توزيع المواد الضرورية عبر لجان المقاومة لتقليل الزحام خاصة في المخابز وأماكن بيع غاز الطهي . وتحرص الجهات الرسمية على اطلاع المواطنين أولا بأول على الموقف الصحي في تقرير يومي وتمليك المواطنين المعلومات بكل شفافية الأمر الذي حد من نشر الشائعات.
ويتزايد القلق مع ظهور حالات بالولايات مما أدى للتأكيد على توقف المركبات بين الولايات وولاية الخرطوم .
ومع تزايد القلق والمخاوف من زيادة انتشارالمرض ينتظر الجميع بعد الالتزام بالتوجيهات وتضافر الجهود الرسمية والشعبية لدرء الجايجة وآثارها يأمل الجميع في الخروج بأقل الأضرار