تقرير: صالح علي سر الختم الخرطوم 28-8-2021 (سونا)- انعقد اللقاء التفاكري حول برنامج الإصلاح الاقتصادي رؤية نقدية يوم 27 الجاري الذي خاطبه رئيس الوزراء دكتور عبد الله حمدوك، واعلن في كلمته أن السودان مؤهل بما لديه من إمكانات ليكون رافعة اقتصادية لكل دول جواره الاقليمي، منوهاً أنه يتحتم على القيادات أن تغير من نمط تفكيرها في المعالجات والتباطؤ في إتخاذ القرارات، كي تخطو البلاد إلى الأمام. فماذا قال الخبراء الاقتصاديون في أوراق العمل المقدمة؟ الحكومة ترث وضعا اقتصاديا هشا قال دكتور عبدالحميد إلياس الاقتصادي المعروف في ورقة في الملتقى التفاكري بعنوان "سياسات وإجراءات الاصلاح الاقتصادي على المدى القصير والمتوسط" إن الحكومة الإنتقالية ورثت وضعاً اقتصادياً هشاً للغاية يعاني من شبه إنهيار نتيجة للأزمات المتراكمة وسوء الإدارة الاقتصادية التي استمرت لعدة عقود، فخلفت تلك الأزمات المستفحلة من تباطؤ في النمو، وسوء إدارة السياسة الكلية، والتي تسببت في إرتفاع معدل التضخم المفرط، وتعدد تفاوت أسعار الصرف للعملات الأجنبية، مقابل إنخفاض العملة الوطنية المستمر في السوق الموازي، وعدم توفر العملات الأجنبية في النظام المصرفي، الأمر الذي أدى لندرة السلع الضرورية، كالمحروقات والأدوية والخبز. وأشارت الورقة إلى أن الاقتصاد يعاني من إختلال في توازن القطاع الخارجي، وضعف في القطاع المصرفي بجانب المشكلات الهيكلية، المتمثلة في ضعف الانتاج والانتاجية وتهالك وعدم كفاية البنيات الأساسية، والتدهور في البنيات في قطاع الخدمات الاجتماعية، وضعف الحوكمة المالية، وضعف البيئة المحفزة للقطاع الخاص، والتدهور في الخدمات الاجتماعية، وقد إمتد أثر هذا التدهور حتى الفترة الأولى التي تلت الثورة، وتغيير النظام بسبب هذه التركة المثقلة، وإستشراء الفساد وتأخر الصلاح بسبب عدم التوافق السايسي على المنهج، إضافة إلى تعرض الاقتصاد أثر الصدمات التي نتجت عن الظروف، التي إرتبطت بأمراض كوفيد 19، والفيضانات التي صاحبت ذلك وغمرت أجزاء واسعة من البلاد، بينما كان السودان على وشك إستئناف النموالاقتصادي الايجابي في العام 2020. وذكر الدكتور عبد الحميد إلياس في ورقته أن عامل انتشار الفقر أدى إلى إعاقة إدارة الاقتصاد خلال العقود الماضية، وإلى زيادة الفقر حيث إرتفعت نسبة الفقر بين المواطنيين الذين يعيشون تحت خط الفقر الدولي الذي يعني أنه من بين كل خمسة أفراد، يوجد ثلاثة أفراد منهم تحت خط الفقر خاصة قطاع الشباب من البطالة . النموالاقتصادي لا يتماشى مع الموارد الضخمة : وأشارت الورقة إلى أن النمو الاقتصادي في السودان لا يتماشى حسب معدل الموارد الضخمة التي تزخر بها البلاد، حيث سجل السودان خلال الفترة من 2012- 2020 معدل نمو سنوي يبلغ 0.1 في المتوسط، وهي نسبة نمو أقل بين الدول النظيرة في افريقيا جنوب الصحراء والدول التي خرجت من نزاع مثيلة، فمعظم تلك الدول حققت نتائج اقتصادية باهرة رغم أن تلك الدول تقل مواردها البشرية والاقتصادية عن السودان كثيرا، فدول مثل اثيوبيا وروندا وتنزانيا والكنغو وغانا حققت معدل نمو أكثر من 5% في المتوسط خلال تلك الفترة . كما أن اختلال الموازنة وإرتفاع التضخم نسبة لأن حصيلة تحصيل الارادات ظل منخفض للغاية بسبب سياسات وإرادات منخض للغاية، بسبب نظام ايرادات غير فعال مع حصيلة إيرادات لا تتجاوز في المتوسط 6%، من الناتج المحلي الاجمالي، ويصنف السودان في المستوى الأدنى مقارنة بالدول الافريقية جنوب الصحراء، بينما ظلت حصيلة الضرائب متدنية خلال الفترة الماضية، فقد واصلت اتجاهها التصاعدي بقوة في معظم البلدان الافريقية جنوب الصحراء، اذ تراوحت بين 11% - 16%للدول النظيرة، أي بمعدل ضعفين إلى ثلاثة أضعاف، مقارنة بمعدل السودان ومع هذه النتائج المتدنية لمحصلات الايرادات ظلت الحكومة تنفق مبالغ طائلة على الدعم، حيث شكل الدعم غير المباشرعبئا ثقيلا، حتى قارب نصف الصرف على موارد الإنفاق العام في العام 2020ويوازي نصف الانفاق العام في المتوسط وثلاثة أضعاف الصرف على التنمية، وعلى الرغم من أن الفئات المحدودة كانت هي الفئات الفقيرة، ومحدودي الدخل كانت هي الفئات المستهدفة لتلقى الدعم الا أنها لم تستفيد من الدعم مقارنة، بما استفاد منه أصحاب الدخول المرتفعة، حيث يذهب 51%من دعم المحروقات إلى الشريحة الأعلى دخلاً من السكان، مقارنة بأقل من 3% فقط من الشريحة الأكثر فقراً، وينال القطاع السكني نسبة 70%، من دعم استهلاك الكهرباء، بينما حوالي 52% من السكان لايتمتعون بخدمات الكهرباء، بجانب التباين الجغرافي حيث تتاثر أربع ولايات فقط من الدعم بحوالي 70% من الدعم، بينما يقدر البعض أن 50% من دعم الوقود يستولى عليه تجار السوق السوداء والمهربون، ويعد تدني الإيرادات سبب رئيسي بجانب ارتفاع الصرف على الدعم في عجز الموازنة والاستدانة من النظام المصرفي وبالتالي التضخم، إذ وصلت معدلات التضخم أرقاما، غير مسبوقة تعد هي الأعلى مقارنة بالدول النظيرة للسودان. ضعف القطاع النقدي: تقول الورقة إن السياسات الاقتصادية المتبعة قادت إلى إنعدام إستقلالية البنك المركزي في إتخاذ السياسات النقدية الملائمة كما انه أقحم في مجموعة متنوعة من العمليات التجارية لمساعدة الحكومة في استيراد السلع الاستراتيجية مثل الوقود والأدوية والقمح بجانب مساهمته في العديد من المصارف المملوكة للدولة والتجارية، أدى كل ذلك إلى اضعاف سلطته النقدية كما يعاني البنك المركزي، من ضعف رقابته على البنوك مما زاد من المخاطر، التي تهدد الاستقرار المالي، وتعاني البنوك التجارية من ضعف حجم عملاتها، مقارنة بالبنوك الخارجية من حيث حجم معيار رأس المال أذا ان هناك (12 بنكا يمثل 25% من رأس مال البنك المركزي) ، كما تعاني البنوك من ضعف حجم الودائع وتدهور حجم الودائع وتدهور الأوضاع المالية، والمتمثلة في ضعف القاعدة الرأسمالية، وتدهور كفاءة الأصول، وارتفاع الديون المتعثرة وضعف العائد، على الودائع الاستثمارية والاسهام المستثمر، وضعف كفاءة النظم المحاسبية، وضعف نظم الرقابة المالية والإدارية والرقابة الداخلية لوحدات النظام المصرفي، كما أن هناك مخاوف تتعلق بجهود البنك في مكافحة عمليات غسيل الأموال، وإجراءات مكافحة الارهاب، كما شهد القطاع المصرفي انقطاع في عملية المراسلة مع البنوك الأجنبية نتيجة العقوبات على السودان وتأثر التحويلات بالنقد الأجنبي نتيجة لذلك. تبع ذلك عملية إهمال للتنمية البشرية فيما يتعلق بالنقص المريع في التعليم والصحة والمياه وقد احتل السودان المرتبة 168 من مجموع 189 يضاف إلى ذلك أن البيئة لعمل القطاع المصرفي غير مواتية، فضلاً إلى انهيار البنية التحتية للأنتاج وضعف إنتاج الطاقة، وقد زاد من الطين بلة أن عملية ضعف الحوكمة المالية قد اسهمت في ضعف الإدارة المالية السليمة الأمر الذي أدى لضعف وتعميق الأزمات المالية، وقد أدى كل ذلك حسب تقييم الورقة المقدم في هذا اللقاء التفاكري إلى أن يحتل السودان المرتبة الأخيرة في معظم مؤشرات التي تقيس أداء مؤشرات مؤسسات الحكم والقطاع العام .