يتأهب المقر الاوروبي للامم المتحدة في مدينة جنيف السويسرية لاستقبال الجولة الثانية من المفاوضات بين الحكومة والمعارضة السورية اعتبارا من بعد غد الاثنين. ويصف مراقبون هذه الجولة التي تأتي برعاية الممثل الدولي والعربي المشترك إلى سوريا الاخضر الابراهيمي بأنها مرحلة "ما بعد كسر الجليد" بين الحكومة والمعارضة التي يرى المجتمع الدولي انها قادرة على تجسيد طموحات الشعب السوري للخروج من الازمة. وتختلف اجواء تلك الجولة عن سابقتها التي انطلقت في ال24 من يناير الماضي وتواصلت دون توقف حتى الثالث من فبراير الجاري اذ يأتي الطرفان الى جنيف هذه المرة وقد ادرك المجتمع الدولي من هو الطرف المستعد للحلول ومن الذي يعرقل تقدم مسارها. ويعاني الوفد الرسمي السوري من موقف ضعيف امام المجتمع الدولي من ناحية وامام منظمات الاممالمتحدة المعنية بالازمة الانسانية السورية من ناحية اخرى وذلك لمواصلته القصف بالبراميل المتفجرة واستمرار حصاره لمناطق شاسعة من البلاد. ورغم امكانية التوصل الى حل في حمص المحاصرة منذ 600 يوم الى انه يبقى حلا جزئيا مشوبا بالعديد من المحاذير لاسيما ان من خرجوا من حمص لا يعرفون الى اين ومن ظلوا بها لا يعرفون ايضا ماذا ينتظرهم. كما يؤخذ على الوفد الرسمي السوري عدم تجاوبه مع الخطوات المطروحة لتطبيق بنود (جنيف 1) التي اتفق القاصي والداني على انها الحل الامثل للازمة السورية بل ذهب الى ضرورة معالجة الارهاب وما يصفها بالجماعات المتطرفة قبل البدء في اي خطوة تجاه العملية السياسية. في الوقت ذاته لا تزال سوريا ترفض الاعتراف بالتقارير الموثقة التي اعدتها لجنة التحقيق المستقلة المعنية بانتهاكات حقوق الانسان منذ اندلاع الثورة السورية في مارس 2011 اذ تؤكد تلك التقارير وقوع انتهاكات انسانية جسيمة ترقى الى جرائم حرب واخرى ضد الانسانية. ويؤخذ ايضا على الوفد الحكومي السوري لهجته العدائية تجاه دول عربية واقليمية باستثناء ايران لموقفها الداعم للحل السلمي الذي تنظر اليه دمشق على انه "ليس حلا بل تقويضا لآخر معاقل الممانعة ضد المشروع الصهيوني في المنطقة". وتواجه دمشق مأزقا آخر مع مجلس الامن التابع للامم المتحدة الذي اعرب عن استيائه ازاء عدم السير في عملية التخلص من ترسانة سوريا من الاسلحة الكيماوية وفق الجدول الزمني المتبع بطريقة منهجية ومتسارعة. كما رفض مجلس الامن المزاعم السورية التي قدمتها مبررا ذلك لعدم تمكن دمشق سوى من تسليم اقل من خمسة بالمئة من الاسلحة في حين ان الموعد النهائي للتخلص من كامل المخزون الكيماوي هو نهاية يونيو المقبل. في المقابل يتوجه وفد المعارضة السورية الى الجولة الثانية بدعم ربما اكثر من ذي قبل بعد ان اثبت قدرته على التفاوض بشكل جدي لاسيما وانه لم ينصع الى المحاولات "الاستفزازية" اثناء الجولة الاولى من المفاوضات بل قدم الحجة والبرهان الامر الذي عزز موقفه كطرف يسعى الى حل الأزمة الآن قبل الغد. كما اكتسب وفد المعارضة السورية مصداقية اوسع نطاقا منذ جولة المفاوضات الاولى لاسيما بعد اجتماعه الاخير مع وزير الخارجية الروسي سيرغيه لافروف في موسكو والذي استغرق اربع ساعات كاملة ما يعكس تحولا كبيرا في الموقف الروسي. وبتحليل تعليقات الاخضر الابراهيمي اليومية على سير الجولة الاولى من المفاوضات يظهر بوضوح ان وفد المعارضة اثبت قدراته التفاوضية العالية برغم افراطه في التصريحات الصحافية التي وصفها الابراهيمي بأنها "مبالغ فيها" ولكنه لم يتهم المعارضة بعرقلة التفاوض. يذكر ان الجولة الاولى قد تمكنت من كسر الجليد بين طرفي الازمة السورية بجلوسهما على طاولة مفاوضات واحدة تحت سقف الاممالمتحدة الا أن الهوة واسعة بين مواقف الطرفين تجاه مستقبل السلطة الانتقالية في سوريا. ب