عفواً أحبتي.. فقد أطلت عليكم كثيراً.. وأرهقتكم طويلاً.. ولكن رجاءً «طولوا بالكم عليّ» و «عليكم الله والرسول» أن تحتملوني قليلاً.. فأنا موجوع بل مفجوع.. وأعدكم وعد رجال هذا وإن غضبت مني النساء.. أوعدكم بأن كلماتي هذه وسلسلة مقالاتي تلك.. هي مقالات وداع.. وبعدها أقسم بأني قد نذرت للرحمن صوماً فلن أكتب في السياسة حرفاً واحداً.. السياسة هنا وفي كل الوطن العربي هي أشد فتكاً ليس من النيل الذي قال فيه ذاك المرتعد من التماسيح.. إني قد ضمرت للنيل هجراناً منذ قيل لي التمساح في النيل.. وهنا تأتي السياسة ويأتي معها ليس النيل بل الأمازون ذاك الذي تستوطنه وتعربد فيه التماسيح.. ولأني مثل سعد زغلول.. دعوني أقول «مافيش فايدة».. نعم «ما فيش فايدة».. في الأمل.. بأن تنصلح البلاد.. ليس بلادي وحدها بل كل بلاد الأمة العربية قاطبة وجمعاء.. وصدقوني إننا لن نلحق بأقل الدول الأوربية حضارة وفخامة ووسامة.. حتى وإن أطحنا بكل المتجبرين من الحكام.. وأقصينا وإلى الأبد كل الطغاة من الحكام.. لأن الشعب العربي هو من يصنع ذاك البؤس وهو المسؤول مناصفة في هذا الواقع الحزين مع الحكام ومع أنظمة الحكم.. وداعي لن يكون رحيلاً من الكتابة الراتبة في الصحف.. أبداً أنا لا أقوى مطلقاً عن بهاء عيونكم وهي تصافح كلماتي كل يوم.. كل يوم.. ولا خصاماً مع قلوبكم ومشاعركم وهي تحيطني في كرم حاتم بدفء المشاعر وتبادل الاحترام والعواطف.. فقط سأرحل من دنيا السياسة إلى ربيع دنياي حيث أجد ذاتي وفيها تحلق روحي.. أرحل إلى رياض الأزاهير والزنابق.. في حقول الرياضة وتحديداً الملاعب المكسوة بروعة العشب الأخضر.. وأحياناً أرحل إلى دنيا الأدب والشعر والقصة وروعة وبهاء الإبداع.. أكتب عن الغناء مع أني لست مطرباً.. أكتب لكم عن مطر الشعر مع أني أعجز من العجز نفسه عند كتابة حرف واحد في دنيا الأشعار.. أرحل من حقول السياسة المشتعلة بالجحيم إلى دنيا الأحلام والجمال والابتسام.. مردداً لأهل السياسة كلمات عباس محمود العقاد.. خذوا دنياكم هذي فدنياواتنا كثر.. ونواصل عن هم.. ونحن.. وهناك في الغرب الكافر.. ينتهي دور الحزب عند إقامة مؤتمراته التي تسبق الانتخابات.. وعند الهزيمة يكون طائعاً مقتنعاً وقانعاً بدوره في المعارضة وفي حالة النصر.. يكون الحكومة وينصرف لشؤونه الحزبية.. لا تجد له حساً ولا أثراً ولا ركزاً ولا خبراً في شأن إدارة الدولة في جهازها التنفيذي مطلقاً.. ونلتفت إلى خارطتنا العربية المدهشة.. لنرى عجباً.. ونسمع منكراً.. هنا يختلط حابل الدولة والحكومة بالحزب.. يمتزج الكل في مزيج لا هوية له مطلقاً.. وهل تريدون أمثلة.. هاكم أحد عجائب الدنيا ونكدها على كل ذي عقل وقلب.. دولة.. يقول دستورها بدون «خجلة» إن «حزب البعث العربي» هو الوحيد الذي يقود الدولة سياسة وثقافة و «أي حاجة».. «يا سلام».. إذاً لماذا الذين ليسوا في هذا الحزب يبقون في ذاك الوطن.. وسؤالي لكم.. عن بريطانيا.. وبالمناسبة إن بريطانيا هذه رغم هالتها الأسطورية وقدراتها الاقتصادية الهائلة.. وبحريتها الضاربة.. وديمقراطيتها الشاهقة الراسخة.. رغم كل هذا إن بريطانيا ليس لها دستور مكتوب.. إنه محفور في النفوس والقلوب والصدور.. والسؤال هو هل يمكن أن يكون حزب العمال هو الحزب الوحيد الذي يقود الدولة.. وليذهب حزب المحافظين وحزب الأحرار الدستوريين إلى الجحيم..؟؟ ونرسل البصر إلى مصر.. نجد أن رجالات الحزب الوطني الديمقراطي ورغم أنهم لا شأن لهم بالحكومة «يعني» ليسوا وزراء ولا دستوريين ولكنهم يتصدرون نشرات الأخبار ويصنعون كل حدث في مصر.. ونسأل هل صفة رئيس شورى الحزب الوطني الديمقراطي «صفوت الشريف» تمنحه تلك السلطة والسطوة والقدرة والإرادة التي تجعله أكثر خطراً من وزير الدفاع.. وأجل شأناً من وزير المالية.. وأرفع مكانة من وزير البترول؟؟.. مع السلامة و «بكرة» الأمثلة من بلدي الحبيب السودان.