وضع مولانا أحمد هرون مدينة كاودا بجنوب كردفان على قائمة ورأس أجندته ويومياته هناك.. قدم مولانا لهذه المدينة ما لم تقدمه لها الحركة الشعبية، حيث شهدت حركة تنمية وإعمار لا مثيل لها في تاريخ المدينة الحديث والقريب.. لكن كاودا السياسية لم تبادل المؤتمر الوطني ولا الرجل الذي قدم لها ما لم يقدمه الآخرون الوفاء عندما حانت ساعة التصويت، حيث انحازت كاودا الى الحركة الشعبية وصوتت لصالح مرشحها بفارق أصوات مذهل حقاً!! خسر المؤتمر الوطني دائرة كاودا تماماً كما لم يحقق تقدماً في دوائر ومناطق أخرى، كانت الحركة الشعبية تعلم وتقدر أن مرشح الوطني سيكتسحها بلا منازع.. خسارة الوطني لبعض الدوائر أو فوزه فيها بفارق أصوات كان متوقعاً أفضل منه يطرح سؤالاً مهماً على منضدة التقييم والمراجعة لكسب الانتخابات في جنوب كردفان.. أيهما كان متقدماً على الآخر.. رافعة التنمية والإعمار أم عتلة البناء السياسي للحزب واصطحابه في كل مراحل العمل التنموي هناك!!.. الوقت لايزال مبكراً على تحديد نقاط الضعف ومكاسب ماحدث بجنوب كردفان.. لكن لابد من الإصغاء للأصوات التي ظلت تردد منذ فترة طويلة أن سرعة ايقاع مولانا أحمد هرون تجاوزت وسبقت في كثير من الأوقات والاحيان سرعة ومبادرة حزب المؤتمر الوطني بجنوب كردفان.. وللرجل مذهبه ومبرراته، وربما فقهه في هذه القضية، لكن الخسارة التي تترتب على إضعاف مؤسسات الحزب سيكون ثمنها باهظاً على المستوى البعيد ومحزناً على المستوي القريب!! فاز مولانا أحمد هرون وحق له أن يفوز.. فهو الأجدر بهذا وزيادة.. وسيسجل له التاريخ حركة التنمية التي شهدتها جنوب كردفان، فلم يسبق لغيره أن قدم ما قدم دون أن نغمض مجهودات غيره من الرجال، من لدن محمود حسيب وحتى عمر سليمان وغيره من الذين تعاقبوا علي حكم الولاية.. لكن ما كنا نتوقعه من مقاعد المتابعين والمراقبين أن يكون الفوز كاسحاً وبفارق أصوات أعلى وأكبر من الستة آلاف صوت، وهو رقم لا يرضي أحمد هرون قبل أن يكون مرضياً لمن تابعوا هذا الحدث.. بل يمكن القول إن الحركة الشعبية هيأت نفسها لخسارة مجلجلة، لكنها الآن تعد ما حصلت عليه نجاحاً أكد ضعف تقديراتها السياسية، ذلك أنها ستدخل الوطني في حسابات معقدة جداً لو أحسنت إدارة موضوع اعتقال اللواء تلفون كوكو وأخرجته من سجنه قبل الانتخابات!! لقد فوجئت حقاً بالهجوم الساخن والنقد اللاذع الذي قدمه مولانا أحمد هرون لياسر عرمان قبل يومين متهماً إياه بتخريب العلاقات التنسيقية بينه وبين نائبه عبد العزيز الحلو.. لم تسجل مضابط التصريحات الصحفية لمولانا هرون هجوماً كهذا على أصدقائه من قيادات ورموز الحركة الشعبية، إذ ظل الرجل يتعامل معهم بصدق واخلاص.. لكنهم في المقابل ظلوا يتعاملون بمكر ولؤم ملحوظ، وليس سراً أن بعضاً من قيادات حزب المؤتمر الوطني لم تكن على وفاق مع مولانا حول هذه الطريقة التي لم تثمر ما كان مرجواً منها في نهاية المطاف، لتكرر بذلك الخسائر في ملف التعامل المبدئي مع الشعبية التي ظلت دائماً تتعاطى الشأن السياسي ببراغماتية واضحة وصريحة !! طالعت التحليل العميق الذي خطه الأستاذ الصادق الرزيقي رئيس تحرير صحيفة الانتباهة، بعددها الصادر يوم أمس حول نتيجة انتخابات جنوب كردفان.. هناك الكثير لم يقله الرزيقي لصالح المناصحة والمراجعة الأمينة لما جرى وما نرجوه حقاً أن يجلس الجميع لقراءة عميقة لما بعد الفوز.. وليتنا نبدأ من المنطقة الغربية، حيث لم يكن التصويت لصالح مرشح الوطني مبشراً .. ولعل نتيجة منطقة أخرى مثل الدلنج تطرح أكثر من سؤال حول تأثير أبناء النوبة داخل الوطني هناك.. لامخرج من الإجابة بصدق على الأسئلة الصعبة عقب الاحتفال بفوز كان متوقعاً وإن جاء بفارق لم يكن متوقعاً!