بعد الاعتذار للثلاثي المرح في جنوبالوادي، فإن الثلاثي المرح الذي زارني ذات أربعاء هم: (قرحة مُنفجرة، ومصران أظنه أعور، وأذن متطرفة) ومثلما زارني هذا الثلاثي بدون مقدمات فإني أدخل في الموضوع بدون مقدمات.وبدون مقدمات أيضاً، وفي صباح تلك الأربعاء كانت الأرض قد دارت ثم علت وجعلت السماء أسفلها في حركة وثورة (جندرية) من الجندر.. فهب أسامة والأمين، وعبد العزيز، ومجذوب وعفاف، ومحمد الصادق وآخرون لاسعافي وأنا أتقيأ دماً.ويسألني ثلاثة أطباء كل على حدا: أنت بتشرب؟! أشرب أيه يا جماعة والموية عندنا قاطعة!! وينضم اليهم الصديق الأستاذ مخائيل برسوم وهو يطمئن على صحتي: ياعلي أنت لا بتشرب ولا بتدخن ولا بتاكل شطوط الجاب لك القرحة شنو؟! يا اخوانا ليه ما أشرب؟! أنا ضب؟! بس الموية وين ألقاها، والمعارضة شايلة مفتاح أبو جلمبو وتقرِّط في البلوفة! (والله دا تصريح أبو جلمبو والبصدِّقوا ذاتوا أبو جلمبو..). وبعد توقف الأرض عن الدوران ورجوع السماء إلى وضعها الطبيعي، تبين لي أن الشراب المعني هو ليس الشراب الطبيعي الحلال، وإنما هو الشراب الصناعي الحرام (ناس تفكِّر في الماء القِراح وناس تفكر في ماء الأرواح). شكراً يادكتور سامي، ولكن حظي التعيس جعلني أدخل عليك وأنت في نهاية سهرة بمستشفى الفيصل حافلة بالأنين والطنين والوحيح والفحيح، فقد أحسنت التعامل معي، ولكن الدكتور(...) الذي استلم منك الوردية يبدو أنه رجل وردي ناعم، حيث خلف رجله على أختها وحولني إلى مركز النزيف المعوي دون أن يقترب مني، أو أن يتصل بمركز النزيف المعوي ويصف الحالة، ويستمع إلى نصحيتهم أو يستعين باختصاصي الباطنية في الفيصل.. لكنه قرر ذلك القرار (التجريبي) وسلمني إلى سائق الإسعاف الذي أصبح طبيباً بطول الصحبة!! هذا السائق لم يتحرك إلا بعد إيداع (100) جنيه في الخزينة لصالح الإسعاف!! ثم تولى السائق وضعي من الكرسي إلى النقالة بنفسه وجعل رأسي ناتئاً من طرف النقالة ودفع بها بقوة إلى الداخل، حتى اصطدم رأسي بالحديد الفاصل بين موضع النقالة وبين مقعد سيادة السائق، الذي تم تفويضه في أمري!! وقد ظهر لي إلمام هذا السائق بمهنة الطب، نعم فالسواقة مهنة والطب مهنة.. فبعد الوصول إلى مركز النزيف المعوي في ابن سيناء توجه سيادته إلى عربة الإسعاف ليعود فمنعه الطبيب المناوب من ذلك، ولما أصر أضطر الطبيب إلى أن يأمر الحرس بقفل الباب وحجز الإسعاف حتى إجراء الفحص اللازم، وبعد أن اتضح أنني لست مصاباً بالنزيف المعوي، أمر الطبيب بارجاعي إلى مستشفى الفيصل، فرفض السيد السائق-(نعم سائق الإسعاف)- رفض الصعود إلى عربة الإسعاف بحجة أنهم حجزوا العربة وهو ليس بصاحبها، وأصر إصرار (المتشفيِّ) أن أصحابها سيأتون لاستلامها.. وبعد تحانيس من مرافقيِّ ثم ملاسنات وتهديدات تكرم سيادته بالتنازل والصعود إلى(كرسي القيادة)، وأنا أتقيأ دماً ثم لم يتوقف عن الهدير وهو يصر على أني أعاني من نزيف معوي كلما تقيأت دماً!!.ولكن بعد خمس ساعات من العناء بدأت رحلة العلاج، فشكراً البروفيسور عبد المتعال محمد أحمد استشاري أمراض الباطنية وأمراض الجهاز الهضمي والمناظير، فهو مع ثقته في علمه، رجل خفيف الظل فعندما دخل علي ورأى (الخليقة في الجليليبية) قال لمن حولي: دا جاكم جديد من البلد ووقع عندكم هنا؟! فرد عليه الأخ عبد العزيز الخواض: يادكتور الزول دا عندنا هنا مدير وأنت حتعرفوا العصر لما تفتحو الزيارة.. وعندما أدخل المنظار إلى المعدة أحسب أن البروف عبد المتعال أدخل هواء إلى جوفي فتدافع الجشاء وأنا أعض (الماسورة) التي يمر من خلالها أنبوب المنظار، وكان البروف عبد المتعال يقول لي مع كل جشوة:ياعلي يا أخي الهواء دا دخلتو أنا وأنا عايزو..ياعلي يا أخي قلنا ليك ما تطلع الهواء دا..يا علي ياخي..المهم البروف عبد المتعال وصل إلى أصل الداء: قرحة منفجرة وفاجرة وبنت ستين ألف.. ستين الف إيه دا العلاج رغم التأمين يكلف الملايين!! ومع القرحة مصران (أعور)- دى من عندي- أعور إيه دا أعور من العوارة ذاتا.. وخاين كمان.. فهو يخونني ثلاث مرات كل يوم فكلما ملأته وجدته فارغاً، ثم أصر أن يرديني طريحاً على السرير الأبيض.أنا مؤمن بحكمة الأثر (خير الأمور أوسطها) إلا في الأذن الوسطى فهي (متطرفة)، و(لو ما أخاف الكضب أقول هي التي ضربت برج التجارة في نيويورك، فأفقدت أمريكا توازنها وجعلتها تضرب يمين وشمال كحالتي بالضبط.ولكن بارك الله في يد الدكتور أسامة محمد خالد أختصاصي الأذن والأنف والحنجرة.. ولأول مرة أعرف لماذا قدموا السيدة الأذن على الأنف والحنجرة.. طبعاً لأنها بتاعة مشاكل ونحن شايفين أي زول عايز يبقى وزير أو والي أو مستشار يقوم يعمل مشاكل!!.العين إذا عملت مشاكل بقلعوها ولكن الأذن ما سمعنا يوم قطعوها!! هذا بالضبط ينطبق على حال(المهمشين) إذا عملوا المشاكل من أجل المناصب.. وحال (المهشمين) إذا فعلوا ذلك.. كالأذن تعذبك ولا تقطع، و(المهشمون) كالعين تؤلمك فتُقلع!. وأخيراً: الشكر بعد الله تعالى لمستشفى الفيصل، ولا أنسى الدكتورة نبراس خضر التي أشرفت على علاجي بصبر جميل، والأستاذ كمال مدني بموقفه النبيل، والسيدة ماجدة محمد محمود المدير العام لصندوق المعاشات، والزملاء بالصندوق والزملاء، في مجالات العلاقات العامة، والصحافة والإعلام، والأهل والجيران والمعارف، وأسأل الله ألاَّ يريهم انفجاراً لقرحة ولا خيانة لمصران (أعور)، ولا مرجيحة لأذن (متطرفة) ولا سائق إسعاف مركب مكنة طبيب متخصص، ولا طبيب وردي ناعم يتفادى الاقتراب من مريضه.. آمين