بتنا نتحسر على ضعف الأصوات الغنائية النسائية التي ظهرت مؤخراً، فالإشراقات فيها تعد على أصابع اليد، وتوقف بذلك امتداد تواصل الأصوات الجميلة بعد أن كانت الساحة مشبعة بها عبر عدة أجيال، إبتداءاً من منى الخير، وعائشة الفلاتية، ومهلة العبادية، واستمر حتى جيل حنان النيل التي آثرت الابتعاد، وعابدة الشيخ الحاضرة الغائبة، وسمية حسن، وآمال النور.. ولكن هذا الامتداد توقف عند محطة إيمان توفيق، وهاجر كباشي التي تأثرت بها معظم الأصوات التي ظهرت بعدها، فهاجر حباها الله موهبة استثنائية وامتلكت ناصية الطرب لنداوة وجمال صوتها، الذي يدخل القلوب قبل أن يلامس الآذان، فتُوجت ملكة على الساحة الغنائية النسائية، رغم أن بداياتها لم تخلُ من بعض الاخفاقات المتمثلة في بعض الأعمال التي كانت ترددها، ولكنها سرعان ما تداركتها وخصت مسيرتها بأعمال قمة في الروعة مازالت تعطر أسماعنا بها حتى الآن، ولكن هاجر جنت على جمهورها المتعطش لسماعها دوماً قبل أن تجني على نفسها بانشغالها بمشروعاتها الخاصة، حيث كادت أن تصبح سيدة أعمال أكثر من فنانة، وبعدت بذلك عن المناسبات الكبيرة وعن الأجهزة الإعلامية المختلفة، وفتحت الباب (للاشكال الجميلة) فقيرة الموهبة، ولم يتوقف عند ذلك الحد وامتد زمن هوان الغناء النسوي ليشمل موديل الإعلانات اللاتي أصبحن بقدرة قادر مغنيات، أمثال مونيكا وإيمان لندن، لا نسمع أصواتهن إلا على صفحات الصحف ومنتوجهن الغنائي صفر كبير، معتقدين أن الجمال وحده تصاحبه آخر تقليعات الموضة بأشكالها المختلفة يصنع فنانة!... ولكن أي فنانة.. فمن أقنع مثل هذه الأصوات الفقيرة بأنها يمكن أن تكون فنانة؟.. ... وفتح الباب واسعاً لدمار الأغنية النسائية وتسبب في هذا الهوان الذي تعيشه.. فأين أنت يا هاجر كباشي حتى تعيدي للأغنية النسائية هيبتها والقها وبريقها.. ليتك تسمعين لتدركي مدى فداحة ابتعادك.. وحقيقة دهشت عندما قرأت أحد حوارات المغنية مونيكا والذي يمثل سقطة كبيرة جداً في مسيرة الأغنية السودانية، فالذي يقرأ كلامها يشعر بأنها سيدة الأغنية السودانية، حيث ذكرت مغنية زمن الغفلة بأن هناك من يحيك لها المؤامرات لتتوقف عن الغناء، لأن وجودها في الساحة يسبب له إزعاج؟.. وأقول لمونيكا كم تمنيت أن أكون أنا هذا الشخص الذي يهمه أمر الساحة الفنية، ويسعى لايقافك عن الغناء الذي لا تتوفر لك فيه أدنى مقوماته، ولكن للأسف الشديد مازلت موجودة في الساحة بصورك وتصريحاتك الغريبة، فإذا كان هناك إنصاف عادل لما سمعنا صوتك.. وواصلت مونيكا هذيانها بقولها إنها لا ترى فنانة في الساحة تستحق منافستها، وإذا نافست فإنها تنافس نانسي عجرم، وأليسا، وشيرين عبد الوهاب.. أولاً أحي مونيكا على هذا الطموح والثقة بالنفس، ولكن يحزنني أن أقول لها إن ثقتها في غير محلها، فماذا تمتلك مونيكا من مؤهلات حتى تنافس هذه الأصوات، فلا صوت ينافس ولا أعمال تنافس- سبحان الله- ولكنها مع ذلك يمكن أن تنافسهن ولكن في أحلامها فقط!! فمن ينقذنا من مدعيات الفن أمثال مونيكا وإيمان لندن وغيرهن. خارج النص: الاسبوع القادم نحدثكم بإذن الله عن المبادرة الكبيرة التي يقودها الزميل والصديق الحبيب الأستاذ أمير أحمد السيد والمتمثلة في إنشاء متحف الغناء السوداني الذي يوثق لمسيرة الأغنية السودانية بمختلف أجيالها.